- حفر 12 بئرا جديدا تسهم فى زيادة الإنتاج.. واستثمارات المشروع تصل لـ 16 مليار دولار
- إنتاج الكبريت يصل لـ25 طن يوميا ويتضاعف مع تشغيل الوحدة الثانية
- الحقل ينتج 3500 برميل متكثفات يوميا
- ظهر يحقق الاكتفاء الذاتى لمصر من الغاز ويضعها على خريطة العالمية
بينما كانت الانقطاعات المتكررة للكهرباء تؤرق ملايين المواطنين ، والمئات من المصانع والمخابز تعمل بأقل من طاقتها الإنتاجية، ودائنون أجانب ينتظرون مستحقاتهم لدى مصر، كانت تلوح فى الأفق بوادر اكتشاف عظيم يعيد للقاهرة هيبتها المفقودة مع تحولها من مُصدر للغاز إلى مستورد له لسد الفجوة المتنامية بين الاستهلاك والإنتاج المحلى.
هكذا كان حقل ظهر بمثابة الأمل الذى وضع مصر على خريطة العالمية فى تنفيذ المشروعات البترولية العملاقة وإنتاج الغاز منه فى زمن قياسى لم يتجاوز 26 شهرا.
حقل ظهر
وفى منتصف عام 2012 طرحت الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "ايجاس" التابعة لوزارة البترول مزايدة أمام الشركات العالمية للبحث والتنقيب عن الغاز الطبيعى ليس فقط بالمياه العميقة بالبحر المتوسط وإنما على أقصى نقطة ممكنة على حدود مصر البحرية مع جيرانها قبرص وإسرائيل، فى محاولة من مسئوليها لتفنيد أكاذيب وشائعات ترددت حينها حول سرقة دول الجوار للغاز المصرى فى مياه البحر المتوسط، فبحسب ما قاله المهندس محمد شعيب رئيس شركة إيجاس وقت طرح مزايدة المناطق التى تضم حقل ظهر "حينما طرحنا فى شركة إيجاس هذه المزايدة كنا نستهدف فى المقام الأول حفظ حقوق مصر الاقتصادية وثرواتها الطبيعية، وحتى نتأكد تماما من أن الدول المجاورة لحدود مصر البحرية لا تنتج غازا من خزانات ممتدة إلى حدودنا".
وتبعد منطقة امتياز شروق البحرية التى تضم حقل ظهر نحو 190 كيلو متر عن السواحل المصرية شمال مدينة بورسعيد.
"لا أحد كان يتوقع أن يضم هذا الحقل هذا الحجم الهائل من الغاز.. نعم هناك غاز لكن من يخطر فى باله أو يتوقع أن يكون هناك حقلا مصريا به 90 تريليون قدم مكعب"، بهذه التصريحات، تحدث شعيب لـ"اليوم السابع"، قائلاً: "كنا نتوقع وجود الغاز فى هذه المنطقة، لكننا لم نكن نتوقع هذا الحجم الضخم من الغاز".
محطة المعالجة ببورسعيد
تجربة فاشلة للبحث والاستكشاف
وخلال الفترة من عام 99 حتى عام وحتى نوفمبر 2011 كان لمصر تجربة غير ناجحة بالتنقيب والبحث عن الغاز الطبيعى فى المياه العميقة المصرية بالبحر المتوسط عبر شركة شل العالمية التى تخلت عن العمل بمنطقه امتياز نيمد البحرية - تضم منطقه امتياز شروق فيما بعد، لعدم قناعة مسئوليها بأن منطقة نيمد تضم احتياطيات اقتصادية من الغاز الطبيعى، فما تم الإعلان عنه لم يكن يتجاوز واحد تريليون من الغاز الطبيعى.
وبعد ترسية منطقة شروق على شركة إينى الإيطالية الشركة الفائزة بحقوق البحث والتنقيب عن الغاز الطبيعى والبترول بهذه المنطقة، كانت الأوضاع السياسية والأمنية مضطربة إلى الحد الذى فشلت معه وزارة البترول وقتها من التوقيع على أى اتفاقية جديدة خلال الفترة من بداية 2011 وحتى نوفمبر من عام 2013، وهو ما وضع ضغوطا شديدة على مسئولى وزارة البترول لضرورة حث الشركات العالمية وإقناعها على بأهمية ضخ استثمارات جديدة من أجل إنتاج الغاز الذى تناقص تماما ولم يعد يكفى الاستهلاك المحلى.
وفى أغسطس 2015 كان النبأ السار الذى أعلنه المهندس شريف إسماعيل وزير البترول وقتها للرئيس عبد الفتاح السيسى "مصر لديها حقل غاز يستطيع إنتاج أكثر من 2 مليار قدم مكعب يوميا"، وهو ما أعلنته أيضا شركة إينى الإيطالية، أنها حققت اكتشاف كبير للغاز الطبيعى فى المياه العميقة بالبحر المتوسط، وأن المعلومات السيزمية الخاصة بالحقل تشير إلى أنه يتضمن احتياطيات أصلية تقدر بحوالى 30 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعى تعادل حوالى 5.5 مليار برميل مكافئ، ويغطى مساحة تصل إلى 100 كيلو متر مربع.
المنصة البحرية لحقل ظهر
حقل ظهر حقل الأرقام القياسية
"الخبراء العالميين الذين تحدثوا عن كشف حقل ظهر قالوا انه وفقا للخطط الفنية فإنه من المتوقع أن يبدأ إنتاج الغاز من الحقل فى عام 2023 أو لو تم تسريع وتيرة العمل فإن مصر ستبدأ الإنتاج قبل نهاية 2022، إلا أننا نجحنا فى بدء الإنتاج فى 2017 هو ما يعد رقمًا قياسيًا عالميا يدرس فى كافة مناطق العمل البترولى فى العالم"، بحسب ما قاله المهندس مصطفى عرافية، مدير حقل ظهر، الذى أضاف "نجحنا فى بدء الإنتاج من الحقل بعد 18 شهرا فقط من توقيع الاتفاقية، حيث بلغ عدد ساعات العمل فى حقل ظهر منذ بداية المشروع حتى الآن 65 مليون ساعة عمل، كما بلغ عدد العاملين فى المشروع منذ بدء العمل وحتى الآن نحو 15 ألف عامل".
وفى جولة نظمتها وزارة البترول لعدد من الصحفيين فى موقع حقل ظهر، كان "اليوم السابع" على موعد مع العديد من التفاصيل الهامة التى ترسم ملامح مستقبل مصر ودورها المرتقب كمركز إقليمى للطاقة، فوفقا لمدير الحقل فإن الشركة "مدت خطوط نقل الغاز من البحر إلى البر على امتداد مسافة 220 كيلو متر، وذلك على الرغم من ابتعاد الآبار عن الشاطئ بمسافة تصل لـ190 كيلو متر، فالخطوط لم تمد بشكل مستقيم ولكن هناك منحنيات نتيجة لوجود جبلين تحت سطح البحر، مما أدى إلى وصول أطوال خطوط الأنابيب إلى نحو 220 كيلو متر".
المهندس مصطفى عرافية
وتابع أن الشركة حفرت أبارا يصل أعماقها إلى نحو 1500 متر تحت سطح المياه فى البحر المتوسط وهى اكبر أعماق فى مصر.
وتعمل الشركة بحسب مدير الحقل حاليا على حفر نحو 12 بئر ليصل عدد آبار المشروع إلى 20 بئرا تنمويا ليساهم فى زيادة إنتاج الحقل ليصل إلى ذروته خلال العام المقبل بنحو 3 مليارات قدم مكعب من الغاز الطبيعى، بزيادة تصل لـ300 مليون قدم مكعب يوميا من الغاز عن الخطة المعلنة لشركة إيني مُكتشفة الحقل، والتى كانت تقدر ذروة إنتاج الحقل عند مستوى 2.7 مليار قدم مكعب يوميا.
وقال "عرافية" إن الشركة أنشئت منصة بحرية تبعد عن محطة المعالجة فى شاطئ بورسعيد بنحو 60 كيلو متر، وتابع: "قمنا بمد خطوط كابل هيدروليكى للتحكم فى الآبار الخاصة بالحقل بطول 160 كيلو متر"، بالإضافة إلى أنه قد تم مد 8 خطوط بحرية لنقل الغاز الطبيعى والمواد الكيماوية للآبار.
جانب من محطة المعالجة
وبلغ حجم الخرسانات التى تم استخدامها فى المشروع نحو 850 ألف متر مكعب خرسانة، وتم استخدام 34 ألف طن حديد لحمل خطوط الغاز، و 14 ألف خازوق خرسانى، ورفع 3 ملايين متر مكعب تربة طينية لبناء المعدات الخاصة بمحطة معالجة الغاز الطبيعى.
استثمارات الحقل
ويقول مدير مشروع حقل ظهر، أن الاستثمارات الخاصة بالمشروع من المخطط أن تصل إلى نحو 12 مليار دولار نهاية عام 2019، حيث تم إنفاق نحو 7.7 مليار دولار منذ بدء المشروع وحتى نهاية العام المالى الماضى، على أن ترتفع على مدار المشروع لتصل إلى نحو 16 مليار دولار.
شاشة التحكم
التحديات
وعن التحديات، قال مدير حقل ظهر: "نعلم حجم الضغوط التى يمثلها تناقص الانتاج ولذلك كان العامل الزمنى من أكبر التحديات التى واجهتنا فكان لدينا إصرار على إنجاز المشروع فى أقل زمن ممكن وهو ما تحقق فى مدة لم تتجاوز الـ 28 شهرا ليبدأ الإنتاج فى ديسمبر من عام 2017، حيث تتطلب الاكتشافات المماثلة من 6 إلى 8 سنوات على المستوى العالمى حتى تصل إلى مرحلة الإنتاج.
وعن التحدى الأخر، يقول مدير مشروع حقل ظهر، ان التكنولوجيا قد مثلت تحديا فى إقامة المشروع، حيث أن الشركة لجأت إلى استخدام احدث التكنولوجيا لاستخراج الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى معالجته خاصة وانه يحتوى على نسبة كبيرة من الكبريت.
شعلة بمحطة المعالجة
تطور إنتاج حقل ظهر
بدأ الإنتاج المبكر لحقل ظهر خلال ديسمبر 2017 بنحو 350 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعى، وشهد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى نهاية يناير الماضى الافتتاح الرسمى لحقل ظهر، والذى بدأ ضخ الغاز الطبيعى الفعلى من الآبار البحرية إلى المحطة البرية الجديدة بمنطقة الجميل ببورسعيد.
وفى أبريل الماضى، أعلنت شركة إينى زيادة إنتاج الغاز من حقل ظهر إلى 800 مليون قدم مكعب يوميا، بعد نجاحها فى تشغيل وحدة الإنتاج الثانية من الحقل عقب 4 أشهر فقط من التشغيل، وأعلن وزير البترول فى مايو الماضى عن ارتفاع الإنتاج ليصل إلى 1.2 مليار قدم مكعب من الغاز يوميا، ثم أعلنت الشركة الايطالية، فى يوليو بدء تشغيل وحدة المعالجة الرابعة من محطة معالجة غازات لمشروع حقل ظهر، ليصل معدل إنتاج الحقل إلى نحو 1.6 مليار قدم مكعب من الغاز يوميا.
خطوط استقبال الغاز
وفى أغسطس الماضى، قال وزير البترول، أن إنتاج الغاز الطبيعى من الحقل بلغ 1.75 مليار قدم مكعب من الغاز يوميا، ليرتفع فى سبتمبر الماضى ليصل إلى 2 مليار قدم مكعب غاز طبيعى يومياَ.
ظهر ليس لإنتاج الغاز فقط
بعد تدفق كميات هائلة من الغاز من حقل ظهر ووصوله لـمعدل 2 مليار قدم مكعب يوميا من الغاز الطبيعى، فإن ذلك يزيد معه الإنتاج من المتكثفات التى تستخدم فى إنتاج البوتاجاز وتحسين جودة المنتجات البترولية الأخرى، فبلغ إنتاج المتكثفات من الحقل إلى نحو 3500 برميل يوميا، بالإضافة إلى نحو 25 طن من الكبريت طن يوميا، وهى الأرقام المتوقع زيادتها مع الإعلان عن زيادة الإنتاج من حقل إلى نحو 3 مليارات قدم مكعب يوميا من الغاز قبل نهاية 2019.
تخصيص عائدات بيع الكبريت لصالح بورسعيد
من المتوقع زيادة إنتاج الكبريت من المشروع إلى نحو 50 طن فى اليوم مع بدء تشغيل الوحدة الثانية لمعالجة غاز "H2S" الذى ينتج منه الكبريت ،بحسب ما قاله المهندس محمد السقا مشرف العمليات البرية والبحرية بحقل ظهر ، الذى أضاف أن ذلك يعنى زيادة عائدات الكبريت التى يتم تخصيصها لصالح محافظة بورسعيد.
ووفقا لتعليمات الرئيس عبد الفتاح السيسى فان قيمة مبيعات الكبريت سيتم تخصيصها لأعمال المسئولية المجتمعية بمحافظة بورسعيد.
محطة معالجة غازات حقل ظهر بمنطقة الجميل ببورسعيد
ظهر يساهم فى إيقاف استيراد الغاز المسال
ووفقا لتصريحات وزير البترول والثروة المعدنية، فان مصر حققت الاكتفاء الذاتى من الغاز نتيجة زيادة إنتاج حقل ظهر باضطراد منذ يناير الماضى حتى الآن 6 أضعاف، حيث زاد من 350 مليون قدم مكعب غاز يوميا إلى 2 مليار قدم مكعب يوميا ودخول حقول أخرى على الإنتاج، ليصل إجمالى إنتاج مصر من الغاز إلى 6.6 مليار قدم مكعب غاز يوميا، مشيرا إلى ان مصر قد توقفت بنهاية الشهر الماضى عن استيراد الغاز المسال من الخارج، حيث تسلمت مصر آخر شحنة مستوردة من الغاز الأسبوع الماضي.
وتابع الوزير أن تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز يساهم فى توفير إمدادات الغاز لجميع القطاعات الاقتصادية المستهلكة، سواء الكهرباء أو الصناعة والمنازل وغيرها من القطاعات.
توزيع غاز ظهر
واتفقت الشركة القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس مع اينى على حصول إينى على نسبة 40% من الغاز المنتج من حقل ظهر وذلك مقابل قيمة الاستثمار فى البحث والتنقيب والدراسات والبحوث، و تحصل مصر على نفس النسبة بعد استرداد الشركة الإيطالية لاستثماراتها.
المهندس محمد السقا
ومن المتوقع أن تسترد الشركة الإيطالية قيمة استثماراتها خلال 5 سنوات من بدء الإنتاج، حيث يتم توزيع نسبة الـ 60% الباقية من الإنتاج بين الحكومة المصرية والشركة الإيطالية، لتحصل الأولى على 65 % و35% لصالح الشركة الإيطالية.
تحالف دولى يعمل فى ظهر
فى عام 2016 باعت شركة اينى الايطالية، حصة نسبتها 10% فى امتياز شروق مقابل 375 مليون دولار، لصالح شركة بى بى البريطانية، وباعت الشركة الايطالية باعت حصة تبلغ 30% منه إلى شركة روسنفت الروسية مقابل 1.125 مليار دولار العام الماضى، كما باعت حصة 10% الى شركة مبادلة للبترول الإماراتية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة