المديرية العامة للوظيفة العمومية فى الجزائر قررت يوم أمس الأول الخميس، منع ارتداء النقاب أو أى لباس يمنع إظهار هوية الفرد فى أماكن العمل، وطلبت من الوزراء والولات «جمع والى» الالتزام الصارم بتطبيق هذه الأوامر، التوجيهات تنص على أن «الموظفين ملزمون باحترام قواعد ومقتضيات الأمن والاتصال على مستوى مصالحهم والتى تستوجب تحديد هويتهم بصفة آلية ودائمة لا سيما فى أماكن عملهم».
القرار الجزائرى الصارم جاء تاليا لقرار شجاع من وزارة التربية الجزائرية فى أكتوبر 2017، يحظر ارتداء النقاب فى المدارس، سواء للتلميذات أو المعلمات والموظفات، وحمل القرار الوزارى مادتين تنصان على منع أى لباس يحول دون التعرف على هوية التلاميذ والموظفين داخل المؤسسات التعليمية.
ولايزال النقاب مضروبا على الوجوه فى مصر، وعلى خجل مجتمعى وخشية حكومية يدور جدل صامت حول منع النقاب، صحيح هناك خطوات استثنائية تمنع النقاب فى مهن التدريس والطب فى جامعة القاهرة كمثال، ولكن الإرادة المجتمعية والشجاعة الحكومية دون المستوى لخوض هذه المعركة التى خاضتها الحكومة الجزائرية بشجاعة لافتة.
لن نخوض جدلا دينيا على أرضية زلقة تنتهى عادة بالتكفير، الشارع بات موقنا أن الحجاب عبادة والنقاب عادة، مع اختلافنا جذريا مع هذه المقولة القاعدة على قلوبنا، دعنا من حديث الحجاب أقله هناك وجه مكشوف، ولكن النقاب هو ما يستاهل جدياً التوقف أمامه فى ظل تراكم الحوادث والأحداث التى تستحل النقاب كغطاء لجرائم متفرقات، وبالسوابق من خطف الأطفال إلى تنفيذ سرقات وعمليات إرهابية.
متى تواتى الحكومة المصرية الشجاعة لتقرر منع النقاب فى الوظائف العامة والجامعات والمدارس على إطلاقها، أليست القواعد الحاكمة للموظف العامة تلزمه إلزاما بلباس لائق ومحترم يعكس القواعد والمبادئ التى تحكم الوظائف العامة فى المرافق العامة ومنها الحياد والشفافية، كيف حال الحياد فى ظل انحياز سافر يؤشر عليه النقاب يغطى الوجوه، وأين هى الشفافية والنقاب يشى بالغموض الذى يؤثر بالسالب على الأداء الوظيفى.
القضية هنا ليست تعصبا ضد النقاب، ولكنها وظيفة عامة تستلزم أفصاحا يحول دونه النقاب، بالله عليك كيف يتلقى تلميذ دروسه على معلمة منقبة، هذا يقيناً ضد كل القواعد التربوية المرعية ، وكيف يطمئن مريض لممرضة منقبة تحقنه بمخدر، كيف يسلم مريض حياته لمن تتخفى عنه، وكيف يأتمن مواطن منقبة على مصلحته فى الشهر العقارى وتطلب منه إفصاحا من وراء نقاب، وتتفحص وجهه ملياً وتطابقها بالصورة أمامها وهو لا يعرف من وراء النقاب، وهكذا دواليك، وعشنا وشفنا المنقبات يقدن السيارات على الطرق والنقاب يغطى وجوهن ما يعوق الرؤية أو التحقق من هوية من يقود السيارة، ويا داهية دقى لو أوقفها رجل مرور فى مخالفة سير، وقرر بحكم وظيفته التحقق من شخصية صاحبة رخصة القيادة، ستكون وقعة سودة تسود صفحات الفيس.
أخشى أن النقاب صار مألوفا، ولفنا عليه، وصمت عجيب يلف المجتمع على ظاهرة تتحدى القواعد والمبادئ الوظيفية، للأسف تسامحنا مع النقاب فى الشارع فدخل إلى المدارس والمعامل والجامعات والمستشفيات ودوواوين الحكومة، ويجد دعما إخوانيا/ سلفيا لأسباب سياسية تمكينية، ومن بعض النخب العبثية التى ترى فى النقاب حرية شخصية أو دينية، وتنسى أو تتناسى أن أول قواعد الحرية الشفافية التى يحول دونها النقاب.
يلزمنا أخيرا التذكير بمنطوق الحكومة الحزائرية فى حيثيات منع النقاب فى أماكن العمل نصا: «منع كل لباس من شأنه عرقلة ممارستهم لمهام المرفق العام، لاسيما النقاب الذى يمنع ارتداؤه منعا باتا فى أماكن العمل».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة