يلزم التوقف والتبين أمام تقرير شهر سبتمبر الصادر عن هيئة الرقابة الإدارية، توقف أمام الأرقام المحققة التى حفل بها التقرير، وهى متنوعة وفى قطاعات ما كان معروفا للرقابة الإدارية دور فيها، خلاصة التقرير الذى يشبه دفتر أحوال إذا جاز لنا التشبيه، أن الهيئة دخلت على الخط التنموى وبجدارة، فلم تعد جهة تحريات تقدم توصيات فحسب، بل وجهة ابتكار الحلول الواقعية والإتاحة المعلوماتية.
الهيئة لم تقعد ساكنة عن إدراك معوقات الاستثمار، وبتكليف من رئاسة الجمهورية تتصدى لأعقد المشاكل التى تواجه المستثمرين فى مواقعهم، تضطلع الهيئة بتوفير حلول لمشاكل استثمارية تعقدت بيروقراطيا، وكلفتنا ضياع فرص عمالة نحن أحوج إليها.
مثلاً وفرت الهيئة البيئة الاستثمارية التى ذللت لشركة «سوميتومو» العالمية العقبات أمام إنشاء واستصدار تراخيص مصنعها بمدينة 6 أكتوبر لدى بعض قطاعات الدولة، مما أدى إلى ضخ استثمارات جديدة تقدر بنحو مليار جنيه وتوفير 2000 فرصة عمل، وهو ما شجع مسؤولى الشركة للتوسع فى نشاطها بمصر.
توقف وتبين لدور الهيئة فى سياق الخطة التنموية العابرة للمحافظات، ما يعرف بـ«الرقابة المانعة» التى تمنع بلاء الفساد قبل وقوعه، وفى مجال تحقيق الرقابة المانعة تم تصويب الإجراءات المعيبة التى شابت طرح وإسناد بعض المناقصات والتعاقدات الحكومية التى كان يمكن أن يحدث من خلالها شبهات فساد نتيجة عدم اتباع القوانين واللوائح وبلغ إجماليها 2.5 مليون جنيه، كادت تضيع فى مسارب فساد المناقصات والتعاقدات الحكومية التى تعد الباب الموارب الذى ينفذ منه الفساد إلى مبتغاه فى الربح الحرام من المال السايب، لم يعد المال الحكومى «سايب ويعلم السرقة» كما كانوا يقولون، على كل مناقصة ومزايدة حسيب رقيب من الرقابة الإدارية التى يتحرك رجالها وفق منظومة رقابية يقوم عليها المؤتمن اللواء شريف سيف الدين بوعى وإدراك لمهمته على رأس هيئة بمثابة رأس الحربة فى حرب الفساد.
هذا كما يقولون مضاف إليه، فالهيئة قائمة بجهدها المعتبر فى رقابة دولاب العمل الحكومى، والضربات الأخيرة التى طالت الفساد فى شخوصه فى مواقعها فى قمة الجهاز الإدارى جذبت الأضواء قليلاً عن بيان حصاد المهمة الرئيسية للهيئة فى الرقابة اللصيقة ليوميات الفساد فى أجهزة الدولة والمحليات، وفى هذا يقول التقرير المهم: «تمكنت الرقابة الإدارية من تحقيق عائد مادى لمصلحة الخزانة العامة للدولة بلغ 56.140 مليون جنيه، من خلال ضبط التهرب من سداد الرسوم الجمركية والتمغات والرسوم الأخرى والجرائم الجنائية».
للهيئة وجه رقابى آخر، مواجهة انحراف الموظف العام، وهى مهمة تتطلب تحريا معلوماتيا مدققا، ولا تعتمد الهيئة على الشبهات بل على توثيق الانحرافات بالصوت والصورة وبالوثيقة، ورغم ثغرات القوانين، واحترافية كبار صغار الموظفين فى تستيف الأوراق، فإن رجال الرقابة تمكنوا من رصد 22 موظفاً عاماً فى مختلف قطاعات الدولة ممن ثبت ارتكابهم مخالفات مالية وانحرافات إدارية، حيث تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيالهم، وأبرزها إحالة 13 موظفا إلى النيابة العامة، والإدارية، ونقل 3 موظفين من مواقعهم الوظيفية إلى مواقع أخرى بديلة، وكذلك تنحية موظفين عن وظائفهم، وقبول استقالة 3 موظفين من جهات عملهم، وإحالة موظف إلى جهاز الكسب غير المشروع.
تتبقى مهمة الرقابة الإدارية فى تقديم الأفضل بين المرشحين للوظائف القيادية، وفى هذا تعتمد تقارير الرقابة الإدارية فى شأن هذه الترشيحات لدقتها المعلوماتية التى جعلتها قبلة لمراجعات قبلية لملفات المرشحين، وفى مجال التحرى عن المرشحين لشغل الوظائف القيادية بالدولة تم اتخاذ إجراءات لفحص ترشيح 314 مرشحا والتوصية باستبعاد البعض منهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة