ينفرد "اليوم السابع" بنشر تقرير حركة النشر فى الوطن العربى، والذى أعده اتحاد الناشرين العرب عن العام الماضى 2017، حول النشر والمضمون، والذى أكد أن شبكات التواصل الاجتماعى أحدثت دعاية للكتاب دون النظر إلى المضمون.
وقال التقرير إن هناك إشكالية كبيرة فى حركة النشر فى العالم العربى تتمثل فى العلاقة بين مضمون ما ينشر وحجم ما ينشر وطبيعة النشر ذاته، وإن الحراك الذى حدث مع بداية القرن الحادى والعشرين والمرتكز على الرواية بشكل أساسى كمصدر لحراك النشر، إنما قام على عدة معطيات أبرزها التفاعل عبر شبكات التواصل الاجتماعى، فأجيال الكتاب الجدد نجحوا فى بناء شبكة للدعاية لهم والترويج لأعمالهم عبر هذه الشبكات، بغض النظر عن مضمون إنتاجهم والذى يصل فى بعض الأحيان إلى التعبير عن خواطر شخصية، حتى أن دور النشر العربية الكبرى نشرت مدونات على الإنترنت، واجتذبت شبابًا لهم صفحات رائجة وعدت هذا نجاحًا كبيرًا، لقد ساهمت شبكة التواصل الاجتماعى بصورة أو بأخرى فى ظهور أجناس مختلفة فى عالم النشر، وظهور نجوم لهذه الأجناس، حتى ظهرت القصة القصيرة جدًّا والتى أتت كمواكبة لطبيعة الشبكة العمودية.
وأوضح التقرير أن دور النشر العربية بدأت تنتبه لهذا الاتجاه من أدب الشباب، فتبنت دار الكتاب العربى فى بيروت برنامجًا كبيرًا لنشر الروايات لأدباء من مصر والمغرب والخليج العربى. لكن يخالط هذا ظهور عدد من دور الشباب التى بلغ عددها عام 2012 فى مصر 30 دار نشر، لترتفع فى 2013 إلى 50 دار نشر ويتجاوز الأمر القاهرة إلى الإسكندرية التى اشتهرت دور النشر فيها بصورة أساسية بنشر الكتب الجامعية، لتظهر دار نشر كلمة وغيرها لنشر أدب الشباب، ويواكب هذا تلاعب دور النشر العربية بأرقام الطبعات، وكذلك بأرقام التوزيع تحت ضغط حملات إعلامية للأعلى مبيعًا حتى صارت بعض دور النشر تعلن عن تعدد طبعات أحد أعماله.
وأشار التقرير إلى أن ذلك يؤشر إلى ضرورة بناء مرصد عربى للكتاب، وهو مشروع أساسى يجب أن يقوم عليه اتحاد الناشرين العرب ليكون مرجعًا فى الحكم فى هذه المسائل الخلافية، والتى قد تؤثر مستقبلاً على صناعة النشر العربى بالسلب، إذ أن استمرارية الخداع بلعبة الأرقام سيؤدى إلى فقدان المصداقية بين القارئ والناشر، لكن بوجود قواعد حاكمة وتسجيل حقيقى على المرصد الخاص بالكتاب والذى سيرتبط أيضًا بمنافذ التوزيع، سيؤدى هذا إلى بناء مصداقية لحركة النشر.
وأضاف التقرير أن أكثر الأمور التى جرى بحثها خلال إعداد هذا التقرير وهو مضمون النشر ومدى تقديمه خدمات للباحثين والقراء، بل مدى امتداده إلى نقل وترويج المعرفة. وفى حقيقة الأمر إن قوائم دور النشر العربية التى توزع فى المعارض، كانت هى محل التحليل للوصول إلى نتائج محددة فى هذا الاتجاه.
كما أوضح التقرير أنه خلال السنوات الماضية وبالتحديد منذ 2012 ارتفعت معدلات إصدار الكتب الدينية. ويأتى فى التقرير أن هناك نسبة محددة هى 60% من حجم ما ينشر فى الوطن العربى ينحصر بين 40% للكتاب الدينى و20% للروايات الأدبية، ويعنى هذا أن الكتب الدينية خلال الأعوام 2012 و2013 و2014 احتلت المرتبة الأولى فى مضمون النشر العربى.
وأوضح تقرير حركة النشر فى الوطن العربى أن هذه النسبة ليست ثابتة بل كانت 43% فى العام 2012، وفى عام 2013؛ وصلت لـ 40% وفى عام 2014؛ 44%.
وأشار التقرير إلى أن تصاعد هذه النسبة يعود ليس فقط إلى وزارات الأوقاف العربية والمؤسسات الدينية التى تمتلك برامج نشر وميزانيات كبيرة، بل إلى ظهور رغبة عربية عارمة لفهم ظاهرة الإسلام السياسى والتيارات الدينية المتطرفة والفكر الإسلامى والتاريخ الإسلامى والصراعات السياسية الإسلامية والتصوف والحركات الإسلامية وغيرها من الموضوعات كالجدل السنى الشيعى، كل هذه الموضوعات كانت سببًا فى زيادة الكتب الدينية إلى حجم ما يطبع على الصعيد العربى.
وحققت دور نشر مثل الشبكة العربية للأبحاث ومركز دراسات الوحدة العربية فى بيروت والمركز العربى فى الدوحة وسلسلة مراصد التى تصدر عن مكتبة الإسكندرية وغيرها إقبالاً من القراء العرب، خاصة فى ظل حالة التقاذف الإعلامى بين أنصار الحركات الإسلامية ومناوئيها، وانعكس ذلك أيضًا على نشاط كتب محددة لاقت إقبالاً لدى القراء على غرار مؤلفات الدكتور رضوان السيد وعبد الجواد ياسين وطه عبد الرحمن ومحمد الحداد والطهر سعود وعبد الغنى عماد وهشام جعيط وغيرهم.
ويكشف تقرير حركة النشر فى الوطن العربى أن كتب الأطفال تدعمها بصورة أساسية الحكومات العربية، وأن 5% من حجم دور النشر متخصصة فى كتب الأطفال.
وقال التقرير: "إذا اتجهنا إلى كتب الأطفال سنجد أن دعمها يأتى بصورة أساسية من دعم الحكومات العربية لها ومن حرص الأسر على تعليم أطفالهم، فضلاً عن أن 5% من عدد دور النشر العربية متخصصة بصورة أساسية فى كتب الأطفال، فى حين أن 36% من دور النشر العربية تضع كتب الأطفال ضمن أولوياتها، لذا يمثل كتاب الطفل نسبة تتراوح بين 15- 20 % من حجم ما تم نشره فى الوطن العربى للأعوام 2012 و2013 و2014".
كما استعرض تقرير المشكلات التى تواجه نشر كتاب الطفل وهى: "اعتماد الأجيال الجديدة على أجهزة الهواتف اللوحية الحاسوبية IPad وغيره فى التعلم والترفيه، مع توافر برمجيات تعليمية وأفلام كارتون مسلية أقل كلفة وأكثر تفاعلية، ويؤكد هذا ضرورة تحول دور النشر العاملة فى هذا المجال إلى إنتاج هذه البرمجيات وإنتاج نوعية جديدة من كتب الأطفال تفاعلية مع الفضاء الرقمى.
وقال التقرير: "هنا يمكن إنقاذ صناعة كتاب الطفل فى الوطن العربى وبدون هذا تركد هذه الصناعة، خاصة أن الصناعات الجديدة الخاصة بالترفيه وتعليم الأطفال تتحول إلى صناعات متساندة أى متعددة الإنتاج ما بين: القصة المصورة والتفاعل الرقمى، والنتيجة المستمدة مما سبق، ما سيجعل هذا الإنتاج له مستقبل هو شرط أن يعكس الروح الوطنية والتراث الشعبى، إن أكبر الكوارث التى بدأت أن بعض دور النشر التوجه إليه هو مجال لعب الأطفال واستيرادها من الصين دون بناء صناعة متكاملة فى هذا المجال، وهو الأمر الذى يتطلب جهودًا حثيثة طويلة المدى".
يذكر أن الكتب الدينية تسيطر على 40% من حالة النشر، بينما تسيطر الروايات على 20% من حجم الكتب المنشورة فى العالم العربى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة