عرف فاروق شوشة كإذاعى محنك وشاعر قدير، وكانت له العديد من المؤلفات الإبداعية، التى تناولات أشعار الحب عن كبار الشعراء العرب، بجانب بعض أبياته العاطفية، لتكون دليلا للعاشفين والمحبين، لمعرفة أجمل أبيات الحب فى الشعر العربى.
وتمر اليوم الذكرى الـ82 على ميلاد الشاعر الراحل فاروق شوشة، إذ ولد فى 9 يناير من عام 1936، وغاب عن عالمنا فى 14 أكتوبر عام 2016، عن عمر ناهز حينها 80 عاما. ونقدم لكم 20 قصيدة حب اختارها شوشة فى كتابه الشهير "أحلى 20 قصيدة حب":
قصيدة المنخل اليشكرى
إِنْ كُنْتِ عَاذِلَتِي فَسِيرِي = نَحْوَ الْعِرَاقِ وَلاَ تَحُورِي
لاَ تَسْأَلِي عَنْ جُلِّ مَا = لِي وَانْظُرِي حَسَبِي وَخِيرِي
وَإِذَا الرِّيَاحُ تَكَمَّشَتْ = بِجَوَانِبِ الْبَيْتِ الْكَبِيرِ
أَلْفَيْتِنِي هَشَّ النَّدَى = بِشَرِيجِ قِدْحِي أَوْ شَجِيرِي
وَفَوَارِسٍ كَأُوَارِ حَـ = ـرِّ النَّارِ أَحْلاَسِ الذُّكُورِ
شَدُّوا دَوَابِرَ بَيْضِهِمْ = فِي كُلِّ مُحْكَمَةِ الْقَتِيرِ
وَاسْتَلْأَمُوا وَتَلَبَّبُوا = إِنَّ التَّلَبُّبَ لِلْمُغِيرِ
وَعَلَى الْجِيَادِ المُضْمَرا = تِ فَوَارِسٌ مِثْلُ الصُّقُورِ
يَخْرُجْنَ مِنْ خَلَلِ الْغُبَا = رِ يَجِفْنَ بِالنَّعَمِ الْكَثِيرِ
أَقْرَرْتُ عَيْنِي مِنْ أُولَـ = ـئِكَ وَالفَوَائِحِ بِالعَبِيرِ
يَرْفُلْنَ فِي المِسْكِ الذَّكِـ = ـيِّ وَصَائِكٍ كَدَمِ النَّحِيرِ
يَعْكُفْنَ مِثْلَ أَسَاوِدِ الـ = تَّنُّومِ لَمْ تُعْكَفْ لِزُورِ
وَلَقَدْ دَخَلْتُ عَلَى الفَتَا = ةِ الخِدْرَ فِي الْيَوْمِ الْمَطِيرِ
الْكَاعِبِ الْحَسْنَاءِ تَرْ = فُلُ فِي الدِّمَقْسِ وَفِي الْحَرِيرِ
فَدَفَعْتُهَا فتَدَافَعَتْ = مَشْيَ الْقَطَاةِ إِلَى الْغَدِيرِ
وَلَثَمْتُهَا فَتَنَفَّسَتْ = كَتَنَفُّسِ الظَّبْيِ الْبَهِيرِ
فَدَنَتْ وَقَالَتْ يَا مُنَـ = ـخَّلُ مَا بِجِسْمِكَ مِنْ حَرُورِ
مَا شَفَّ جِسْمِي غَيْرُ حُـ = ـبِّكِ فَاهْدَئِي عَنِّي وَسِيرِي
وَأُحِبُّهَا وَتُحِبُّنِي = وَيُحِبُّ نَاقَتَها بَعِيرِي
يَا رُبِّ يَوْمٍ لِلْمُنـ = ـخَّلِ قَدْ لَهَا فِيهِ قَصِيرِ
فَإِذَا انْتَشَيْتُ فَإِنَّنِي = رَبُّ الْخَوَرْنَقِ وَالسَّدِيرِ
وَإِذَا صَحَوْتُ فَإِنَّنِي = رَبُّ الشُّوَيْهَةِ وَالبَعِيرِ
وَلَقَدْ شَرِبْتُ مِنَ الْمُدَا = مَةِ بِالْقَلِيلِ وَبِالْكَثِيرِ
يَا هِنْدُ مَنْ لِمُتَيَّمٍ = يَا هِنْدُ لِلْعَانِي الأَسِيرِ
أَمِن آلِ نُعمٍ أَنتَ غادٍ فَمُبكِرُ لـ عمر بن أبى ربيعة
أَمِن آلِ نُعمٍ أَنتَ غادٍ فَمُبكِرُ غَداةَ غَدٍ أَم رائِحٌ فَمُهَجِّرُ
لِحاجَةِ نَفسٍ لَم تَقُل في جَوابِها فَتُبلِغَ عُذراً وَالمَقالَةُ تُعذِرُ
تَهيمُ إِلى نُعمٍ فَلا الشَملُ جامِعٌ وَلا الحَبلُ مَوصولٌ وَلا القَلبُ مُقصِرُ
وَلا قُربُ نُعمٍ إِن دَنَت وَلا نَأيُها يُسلي وَلا أَنتَ تَصبِرُ
وَأُخرى أَتَت مِن دونِ نُعمٍ وَمِثلُها نَهى ذا النُهى لَو تَرعَوي أَو تُفَكِّرُ
إِذا زُرتُ نُعماً لَم يَزَل ذو قَرابَةٍ لَها كُلَّما لاقَيتُها يَتَنَمَّرُ
عَزيزٌ عَلَيهِ أَن أُلِمَّ بِبَيتِها يُسِرُّ لِيَ الشَحناءَ وَالبُغضُ مُظهَرُ
أَلِكني إِلَيها بِالسَلامِ فَإِنَّهُ يُشَهَّرُ إِلمامي بِها وَيُنَكَّرُ
بِآيَةِ ما قالَت غَداةَ لَقيتُها بِمَدفَعِ أَكنانٍ أَهَذا المُشَهَّرُ
قِفي فَاِنظُري أَسماءُ هَل تَعرِفينَهُ أَهَذا المُغيريُّ الَّذي كانَ يُذكَرُ
أَهَذا الَّذي أَطرَيتِ نَعتاً فَلَم أَكُن وَعَيشِكِ أَنساهُ إِلى يَومِ أُقبَرُ
فَقالَت نَعَم لا شَكَّ غَيَّرَ لَونَهُ سُرى اللَيلِ يُحيِي نَصَّهُ وَالتَهَجُّرُ
لَئِن كانَ إِيّاهُ لَقَد حالَ بَعدَنا عَنِ العَهدِ وَالإِنسانُ قَد يَتَغَيَّرُ
رَأَت رَجُلاً أَمّا إِذا الشَمسُ عارَضَت فَيَضحى وَأَمّا بِالعَشيِّ فَيَخصَرُ
أَخا سَفَرٍ جَوّابَ أَرضٍ تَقاذَفَت بِهِ فَلَواتٌ فَهوَ أَشعَثُ أَغبَرُ
قَليلاً عَلى ظَهرِ المَطِيَّةِ ظِلُّهُ سِوى ما نَفى عَنهُ الرِداءُ المُحَبَّرُ
وَأَعجَبَها مِن عَيشِها ظِلُّ غُرفَةٍ وَرَيّانُ مُلتَفُّ الحَدائِقِ أَخضَرُ
وَوالٍ كَفاها كُلَّ شَيءٍ يَهُمُّها فَلَيسَت لِشَيءٍ آخِرَ اللَيلِ تَسهَرُ
وَلَيلَةَ ذي دَورانَ جَشَّمتِني السُرى وَقَد يَجشَمُ الهَولَ المُحِبُّ المُغَرِّرُ
فَبِتُّ رَقيباً لِلرِفاقِ عَلى شَفا أُحاذِرُ مِنهُم مَن يَطوفُ وَأَنظُرُ
إِلَيهِم مَتى يَستَمكِنُ النَومُ مِنهُمُ وَلى مَجلِسٌ لَولا اللُبانَةُ أَوعَرُ
وَباتَت قَلوصي بِالعَراءِ وَرَحلُها لِطارِقِ لَيلٍ أَو لِمَن جاءَ مُعوِرُ
وَبِتُّ أُناجي النَفسَ أَينَ خِباؤُها وَكَيفَ لِما آتي مِنَ الأَمرِ مَصدَرُ
فَدَلَّ عَلَيها القَلبُ رَيّا عَرَفتُها لَها وَهَوى النَفسِ الَّذي كادَ يَظهَرُ
فَلَمّا فَقَدتُ الصَوتَ مِنهُم وَأُطفِئَت مَصابيحُ شُبَّت في العِشاءِ وَأَنوُرُ
وَغابَ قُمَيرٌ كُنتُ أَرجو غُيوبَهُ وَرَوَّحَ رُعيانُ وَنَوَّمَ سُمَّرُ
وَخُفِّضَ عَنّي النَومُ أَقبَلتُ مِشيَةَ ال حُبابِ وَرُكني خَشيَةَ الحَيِّ أَزوَرُ
فَحَيَّيتُ إِذ فاجَأتُها فَتَوَلَّهَت وَكادَت بِمَخفوضِ التَحِيَّةِ تَجهَرُ
وَقالَت وَعَضَّت بِالبَنانِ فَضَحتَني وَأَنتَ اِمرُؤٌ مَيسورُ أَمرِكَ أَعسَرُ
أَرَيتَكَ إِذ هُنّا عَلَيكَ أَلَم تَخَف وُقيتَ وَحَولي مِن عَدُوِّكَ حُضَّرُ
فَوَ اللَهِ ما أَدري أَتَعجيلُ حاجَةٍ سَرَت بِكَ أَم قَد نامَ مَن كُنتَ تَحذَرُ
فَقُلتُ لَها بَل قادَني الشَوقُ وَالهَوى إِلَيكِ وَما عَينٌ مِنَ الناسِ تَنظُرُ
فَقالَت وَقَد لانَت وَأَفرَخَ رَوعُها كَلاكَ بِحِفظٍ رَبُّكَ المُتَكَبِّرُ
فَأَنتَ أَبا الخَطّابِ غَيرُ مُدافَعٍ عَلَيَّ أَميرٌ ما مَكُثتُ مُؤَمَّرُ
فَبِتُّ قَريرَ العَينِ أُعطيتُ حاجَتي أُقَبِّلُ فاها في الخَلاءِ فَأُكثِرُ
فَيا لَكَ مِن لَيلٍ تَقاصَرَ طولُهُ وَما كانَ لَيلى قَبلَ ذَلِكَ يَقصُرُ
وَيا لَكَ مِن مَلهىً هُناكَ وَمَجلِس لَنا لَم يُكَدِّرهُ عَلَينا مُكَدِّرُ
يَمُجُّ ذَكِيَّ المِسكِ مِنها مُفَلَّجٌ رَقيقُ الحَواشي ذو غُروبٍ مُؤَشَّرُ
تَراهُ إِذا تَفتَرُّ عَنهُ كَأَنَّهُ حَصى بَرَدٍ أَو أُقحُوانٌ مُنَوِّرُ
وَتَرنو بِعَينَيها إِلَيَّ كَما رَنا إِلى رَبرَبٍ وَسطَ الخَميلَةِ جُؤذَرُ
فَلَمّا تَقَضّى اللَيلُ إِلّا أَقَلَّهُ وَكادَت تَوالي نَجمِهِ تَتَغَوَّرُ
أَشارَت بِأَنَّ الحَيَّ قَد حانَ مِنهُمُ هُبوبٌ وَلَكِن مَوعِدٌ مِنكَ عَزوَرُ
فَما راعَني إِلّا مُنادٍ تَرَحَّلوا وَقَد لاحَ مَعروفٌ مِنَ الصُبحِ أَشقَرُ
فَلَمّا رَأَت مَن قَد تَنَبَّهَ مِنهُمُ وَأَيقاظَهُم قالَت أَشِر كَيفَ تَأمُرُ
فَقُلتُ أُباديهِم فَإِمّا أَفوتُهُم وَإِمّا يَنالُ السَيفُ ثَأراً فَيَثأَرُ
فَقالَت أَتَحقيقاً لِما قالَ كاشِحٌ عَلَينا وَتَصديقاً لِما كانَ يُؤثَرُ
فَإِن كانَ ما لا بُدَّ مِنهُ فَغَيرُهُ مِنَ الأَمرِ أَدنى لِلخَفاءِ وَأَستَرُ
أَقُصُّ عَلى أُختَيَّ بِدءَ حَديثِنا وَما لِيَ مِن أَن تَعلَما مُتَأَخَّرُ
لَعَلَّهُما أَن تَطلُبا لَكَ مَخرَجاً وَأَن تَرحُبا صَدراً بِما كُنتُ أَحصُرُ
فَقامَت كَئيباً لَيسَ في وَجهِها دَمٌ مِنَ الحُزنِ تُذري عَبرَةً تَتَحَدَّرُ
فَقامَت إِلَيها حُرَّتانِ عَلَيهِما كِساءانِ مِن خَزٍّ دِمَقسٌ وَأَخضَرُ
فَقالَت لِأُختَيها أَعينا عَلى فَتىً أَتى زائِراً وَالأَمرُ لِلأَمرِ يُقدَرُ
فَأَقبَلَتا فَاِرتاعَتا ثُمَّ قالَتا أَقِلّي عَلَيكِ اللَومَ فَالخَطبُ أَيسَرُ
فَقالَت لَها الصُغرى سَأُعطيهِ مِطرَفي وَدَرعي وَهَذا البُردُ إِن كانَ يَحذَرِ
يَقومُ فَيَمشي بَينَنا مُتَنَكِّراً فَلا سِرُّنا يَفشو وَلا هُوَ يَظهَرُ
فَكانَ مِجَنّي دونَ مَن كُنتُ أَتَّقي ثَلاثُ شُخوصٍ كاعِبانِ وَمُعصِرُ
فَلَمّا أَجَزنا ساحَةَ الحَيِّ قُلنَ لي أَلَم تَتَّقِ الأَعداءَ وَاللَيلُ مُقمِرُ
وَقُلنَ أَهَذا دَأبُكَ الدَهرَ سادِراً أَما تَستَحي أَو تَرعَوي أَو تُفَكِّرُ
إِذا جِئتِ فَاِمنَح طَرفَ عَينَيكَ غَيرَنا لِكَي يَحسِبوا أَنَّ الهَوى حَيثُ تَنظُرُ
فَآخِرُ عَهدٍ لي بِها حينَ أَعرَضَت وَلاحَ لَها خَدُّ نَقِيٌّ وَمَحجَرُ
سِوى أَنَّني قَد قُلتُ يا نُعمُ قَولَةً لَها وَالعِتاقُ الأَرحَبيّاتُ تُزجَرُ
هَنيئاً لِأَهلِ العامِرِيَّةِ نَشرُها ال لَذيذُ وَرَيّاها الَّذي أَتَذَكَّرُ
وَقُمتُ إِلى عَنسٍ تَخَوَّنَ نَيَّها سُرى اللَيلِ حَتّى لَحمُها مُتَحَسِّرُ
وَحَبسي عَلى الحاجاتِ حَتّى كَأَنَّها بَقِيَّةُ لَوحٍ أَو شِجارٌ مُؤَسَّرُ
وَماءٍ بِمَوماءٍ قَليلٍ أَنيسُهُ بَسابِسَ لَم يَحدُث بِهِ الصَيفَ مَحضَرُ
بِهِ مُبتَنىً لِلعَنكَبوتِ كَأَنَّهُ عَلى طَرَفِ الأَرجاءِ خامٌ مُنَشَّرُ
وَرِدتُ وَما أَدري أَما بَعدَ مَورِدي مِنَ اللَيلِ أَم ما قَد مَضى مِنهُ أَكثَرُ
فَقُمتُ إِلى مِغلاةِ أَرضٍ كَأَنَّها إِذا اِلتَفَتَت مَجنونَةٌ حينَ تَنظُرُ
تُنازِعُني حِرصاً عَلى الماءِ رَأسَها وَمِن دونِ ما تَهوى قَليبٌ مُعَوَّرُ
مُحاوِلَةً لِلماءِ لَولا زِمامُها وَجَذبي لَها كادَت مِراراً تَكَسَّرُ
فَلَمّا رَأَيتُ الضَرَّ مِنها وَأَنَّني بِبَلدَةِ أَرضٍ لَيسَ فيها مُعَصَّرُ
قَصَرتُ لَها مِن جانِبِ الحَوضِ مُنشَأً جَديداً كَقابِ الشِبرِ أَو هُوَ أَصغَرُ
إِذا شَرَعَت فيهِ فَلَيسَ لِمُلتَقى مَشافِرِها مِنهُ قِدى الكَفِّ مُسأَرُ
وَلا دَلوَ إِلّا القَعبُ كانَ رِشاءَهُ إِلى الماءِ نِسعٌ وَالأَديمُ المُضَفَّرُ
فَسافَت وَما عافَت وَما رَدَّ شُربَها عَنِ الرَيِّ مَطروقٌ مِنَ الماءِ أَكدَرُ
قصيدة المؤنسة لـ قيس (مجنون ليلى)
تَذَكَّرتُ لَيلى وَالسِنينَ الخَوالِيا وَأَيّامَ لا نَخشى عَلى اللَهوِ ناهِيا
وَيَومٍ كَظِلِّ الرُمحِ قَصَّرتُ ظِلَّهُ بِلَيلى فَلَهّاني وَما كُنتُ لاهِيا
بِثَمدينَ لاحَت نارُ لَيلى وَصُحبَتي بِذاتِ الغَضى تُزجي المَطِيَّ النَواجِيا
فَقالَ بَصيرُ القَومِ أَلمَحتُ كَوكَباً بَدا في سَوادِ اللَيلِ فَرداً يَمانِيا
فَقُلتُ لَهُ بَل نارُ لَيلى تَوَقَّدَت بِعَليا تَسامى ضَوءُها فَبَدا لِيا
فَلَيتَ رِكابَ القَومِ لَم تَقطَعِ الغَضى وَلَيتَ الغَضى ماشى الرِكابَ لَيالِيا
فَيا لَيلَ كَم مِن حاجَةٍ لي مُهِمَّةٍ إِذا جِئتُكُم بِاللَيلِ لَم أَدرِ ماهِيا
خَليلَيَّ إِن لا تَبكِيانِيَ أَلتَمِس خَليلاً إِذا أَنزَفتُ دَمعي بَكى لِيا
فَما أُشرِفُ الأَيفاعَ إِلّا صَبابَةً وَلا أُنشِدُ الأَشعارَ إِلّا تَداوِيا
وَقَد يَجمَعُ اللَهُ الشَتيتَينِ بَعدَما يَظُنّانِ كُلَّ الظَنِّ أَن لا تَلاقِيا
لَحى اللَهُ أَقواماً يَقولونَ إِنَّنا وَجَدنا طَوالَ الدَهرِ لِلحُبِّ شافِيا
وَعَهدي بِلَيلى وَهيَ ذاتُ مُؤَصِّدٍ تَرُدُّ عَلَينا بِالعَشِيِّ المَواشِيا
فَشَبَّ بَنو لَيلى وَشَبَّ بَنو اِبنِها وَأَعلاقُ لَيلى في فُؤادي كَما هِيا
إِذا ما جَلَسنا مَجلِساً نَستَلِذُّهُ تَواشَوا بِنا حَتّى أَمَلَّ مَكانِيا
سَقى اللَهُ جاراتٍ لِلَيلى تَباعَدَت بِهِنَّ النَوى حَيثُ اِحتَلَلنَ المَطالِيا
وَلَم يُنسِني لَيلى اِفتِقارٌ وَلا غِنىً وَلا تَوبَةٌ حَتّى اِحتَضَنتُ السَوارِيا
وَلا نِسوَةٌ صَبِّغنَ كَبداءَ جَلعَداً لِتُشبِهَ لَيلى ثُمَّ عَرَّضنَها لِيا
خَليلَيَّ لا وَاللَهِ لا أَملِكُ الَّذي قَضى اللَهُ في لَيلى وَلا ما قَضى لِيا
قَضاها لِغَيري وَاِبتَلاني بِحُبِّها فَهَلّا بِشَيءٍ غَيرِ لَيلى اِبتَلانِيا
وَخَبَّرتُماني أَنَّ تَيماءَ مَنزِلٌ لِلَيلى إِذا ما الصَيفُ أَلقى المَراسِيا
فَهَذي شُهورُ الصَيفِ عَنّا قَدِ اِنقَضَت فَما لِلنَوى تَرمي بِلَيلى المَرامِيا
فَلَو أَنَّ واشٍ بِاليَمامَةِ دارُهُ وَداري بِأَعلى حَضرَمَوتَ اِهتَدى لِيا
وَماذا لَهُم لا أَحسَنَ اللَهُ حالُهُم مِنَ الحَظِّ في تَصريمِ لَيلى حَبالِيا
وَقَد كُنتُ أَعلو حُبَّ لَيلى فَلَم يَزَل بِيَ النَقضُ وَالإِبرامُ حَتّى عَلانِيا
فَيا رَبِّ سَوّي الحُبَّ بَيني وَبَينَها يَكونُ كَفافاً لا عَلَيَّ وَلا لِيا
فَما طَلَعَ النَجمُ الَّذي يُهتَدى بِهِ وَلا الصُبحُ إِلّا هَيَّجا ذِكرَها لِيا
وَلا سِرتُ ميلاً مِن دِمَشقَ وَلا بَدا سُهَيلٌ لِأَهلِ الشامِ إِلّا بَدا لِيا
وَلا سُمِّيَت عِندي لَها مِن سَمِيَّةٍ مِنَ الناسِ إِلّا بَلَّ دَمعي رِدائِيا
وَلا هَبَّتِ الريحُ الجُنوبُ لِأَرضِها مِنَ اللَيلِ إِلّا بِتُّ لِلريحِ حانِيا
فَإِن تَمنَعوا لَيلى وَتَحموا بِلادَها عَلَيَّ فَلَن تَحموا عَلَيَّ القَوافِيا
فَأَشهَدُ عِندَ اللَهِ أَنّي أُحِبُّها فَهَذا لَها عِندي فَما عِندَها لِيا
قَضى اللَهُ بِالمَعروفِ مِنها لِغَيرِنا وَبِالشَوقِ مِنّي وَالغَرامِ قَضى لَيا
وَإِنَّ الَّذي أَمَّلتُ يا أُمَّ مالِكٍ أَشابَ فُوَيدي وَاِستَهامَ فُؤادَيا
أَعُدُّ اللَيالي لَيلَةً بَعدَ لَيلَةٍ وَقَد عِشتُ دَهراً لا أَعُدُّ اللَيالِيا
وَأَخرُجُ مِن بَينِ البُيوتِ لَعَلَّني أُحَدِّثُ عَنكِ النَفسَ بِاللَيلِ خالِيا
أَراني إِذا صَلَّيتُ يَمَّمتُ نَحوَها بِوَجهي وَإِن كانَ المُصَلّى وَرائِيا
وَما بِيَ إِشراكٌ وَلَكِنَّ حُبَّها وَعُظمَ الجَوى أَعيا الطَبيبَ المُداوِيا
أُحِبُّ مِنَ الأَسماءِ ما وافَقَ اِسمَها أَوَ اِشبَهَهُ أَو كانَ مِنهُ مُدانِيا
خَليلَيَّ لَيلى أَكبَرُ الحاجِ وَالمُنى فَمَن لي بِلَيلى أَو فَمَن ذا لَها بِيا
لَعَمري لَقَد أَبكَيتِني يا حَمامَةَ ال عَقيقِ وَأَبكَيتِ العُيونَ البَواكِيا
خَليلَيَّ ما أَرجو مِنَ العَيشِ بَعدَما أَرى حاجَتي تُشرى وَلا تُشتَرى لِيا
وَتُجرِمُ لَيلى ثُمَّ تَزعُمُ أَنَّني سَلوتُ وَلا يَخفى عَلى الناسِ ما بِيا
فَلَم أَرَ مِثلَينا خَليلَي صَبابَةٍ أَشَدَّ عَلى رَغمِ الأَعادي تَصافِيا
خَليلانِ لا نَرجو اللِقاءَ وَلا نَرى خَليلَينِ إِلّا يَرجُوانِ تَلاقِيا
وَإِنّي لَأَستَحيِيكِ أَن تَعرِضِ المُنى بِوَصلِكِ أَو أَن تَعرِضي في المُنى لِيا
يَقولُ أُناسٌ عَلَّ مَجنونَ عامِرٍ يَرومُ سُلوّاً قُلتُ أَنّى لِما بِيا
بِيَ اليَأسُ أَو داءُ الهُيامِ أَصابَني فَإِيّاكَ عَنّي لا يَكُن بِكَ ما بِيا
إِذا ما اِستَطالَ الدَهرُ يا أُمَّ مالِكٍ فَشَأنُ المَنايا القاضِياتِ وَشانِيا
إِذا اِكتَحَلَت عَيني بِعَينِكِ لَم تَزَل بِخَيرٍ وَجَلَّت غَمرَةً عَن فُؤادِيا
فَأَنتِ الَّتي إِن شِئتِ أَشقَيتِ عِيشَتي وَأَنتِ الَّتي إِن شِئتِ أَنعَمتِ بالِيا
وَأَنتِ الَّتي ما مِن صَديقٍ وَلا عِداً يَرى نِضوَ ما أَبقَيتِ إِلّا رَثى لِيا
أَمَضروبَةٌ لَيلى عَلى أَن أَزورَها وَمُتَّخَذٌ ذَنباً لَها أَن تَرانِيا
إِذا سِرتُ في الأَرضِ الفَضاءِ رَأَيتُني أُصانِعُ رَحلي أَن يَميلَ حِيالِيا
يَميناً إِذا كانَت يَميناً وَإِن تَكُن شِمالاً يُنازِعنِ الهَوى عَن شِمالِيا
وَإِنّي لَأَستَغشي وَما بِيَ نَعسَةٌ لَعَلَّ خَيالاً مِنكِ يَلقى خَيالِيا
هِيَ السِحرُ إِلّا أَنَّ لِلسِحرِ رُقيَةً وَأَنِّيَ لا أُلفي لَها الدَهرَ راقَيا
إِذا نَحنُ أَدلَجنا وَأَنتِ أَمامَنا كَفا لِمَطايانا بِذِكراكِ هادِيا
ذَكَت نارُ شَوقي في فُؤادي فَأَصبَحَت لَها وَهَجٌ مُستَضرَمٌ في فُؤادِيا
أَلا أَيُّها الرَكبُ اليَمانونَ عَرَّجوا عَلَينا فَقَد أَمسى هَواناً يَمانِيا
أُسائِلُكُم هَل سالَ نَعمانُ بَعدَنا وَحُبَّ إِلَينا بَطنُ نَعمانَ وادِيا
أَلا يا حَمامَي بَطنِ نَعمانَ هِجتُما عَلَيَّ الهَوى لَمّا تَغَنَّيتُما لِيا
وَأَبكَيتُماني وَسطَ صَحبي وَلَم أَكُن أُبالي دُموعَ العَينِ لَو كُنتُ خالِيا
وَيا أَيُّها القُمرِيَّتانِ تَجاوَبا بِلَحنَيكُما ثُمَّ اِسجَعا عَلَّلانِيا
فَإِن أَنتُما اِسطَترَبتُما أَو أَرَدتُما لَحاقاً بِأَطلالِ الغَضى فَاِتبَعانِيا
أَلا لَيتَ شِعري ما لِلَيلى وَمالِيا وَما لِلصِبا مِن بَعدِ شَيبٍ عَلانِيا
أَلا أَيُّها الواشي بِلَيلى أَلا تَرى إِلى مَن تَشيها أَو بِمَن جِئتُ واشِيا
لَئِن ظَعَنَ الأَحبابُ يا أُمَّ مالِكٍ فَما ظَعَنَ الحُبُّ الَّذي في فُؤادِيا
فَيا رَبِّ إِذ صَيَّرتَ لَيلى هِيَ المُنى فَزِنّي بِعَينَيها كَما زِنتَها لِيا
وَإِلّا فَبَغِّضها إِلَيَّ وَأَهلَها فَإِنّي بِلَيلى قَد لَقيتُ الدَواهِيا
عَلى مِثلِ لَيلى يَقتُلُ المَرءُ نَفسَهُ وَإِن كُنتُ مِن لَيلى عَلى اليَأسِ طاوِيا
خَليلَيَّ إِن ضَنّوا بِلَيلى فَقَرِّبا لِيَ النَعشَ وَالأَكفانَ وَاِستَغفِرا لِيا
وإن مت من داءالصبابةفأبلغا شبيهةضوء الشمس مني سلاميا
قصيدة بثينة لجميل بن معمر
ألا ليت شِعري هل أبيتن ليلة بوادي القرى إني إذاً لسعيد
وهل ألقين فرداً بثينة مرة تجود لنا من ودها ونجود
علِقت الهوى منها وليداً فلم يزل إلى اليوم ينمى حبها ويزيد
وأفنيت عمري بانتظارِ وعودها وأبليت فيها الدهر وهو جديد
فلا أنا مردود بِما جئت طالبا ولا حبها فيما يبيد يبيد
قصيدة لبنى قيس بن ذريح
وفارقت لبنى ضلّة فكأنني قُرِنتُ إلى العَيّوق ثم هويتُ
فيا ليت أني متّ قبل فراقها وهل تَرْجِعَنْ فَوْتَ القضيةِ ليتُ
فصرت وشيخي كالذي عَثَرَتْ به غداة الوغى بين العُدَاة كُمَيْتُ
فقامت، ولم تُضْرر هناك سَوِية وفارسُها تحت السنابك مَيْتُ
فإن يكُ تهيامي بلبنى غوايةً فقد، ياذُريح بن الحُبَاب، غَوَيْتُ
فلا أنت ما أَمَّلْتَ فيَّ رأيتَهُ ولا أنا بلبنى والحياةَ حَوَيْتُ
فَوَطِّنْ لِهُلْكي منك نفساً فإنني كأنك بي قد، ياذُريح، قَضَيْتُ
وإني لمفن دمع عيني بالبكى حذار الذي قد كان أو هو كائن
وقالوا غداً أو بعد ذاك بليلة فراق حبيب لم يبن وهو بائن
وما كنت أخشى أن تكون منيتي بكفيك إلا أن ما حان حائن
وفارقت لبنى ضلّة فكأنني قُرِنتُ إلى العَيّوق ثم هويتُ
فيا ليت أني متّ قبل فراقها وهل تَرْجِعَنْ فَوْتَ القضيةِ ليتُ
فصرت وشيخي كالذي عَثَرَتْ به غداة الوغى بين العُدَاة كُمَيْتُ
فقامت، ولم تُضْرر هناك سَوِية وفارسُها تحت السنابك مَيْتُ
فإن يكُ تهيامي بلبنى غوايةً فقد، ياذُريح بن الحُبَاب، غَوَيْتُ
فلا أنت ما أَمَّلْتَ فيَّ رأيتَهُ ولا أنا بلبنى والحياةَ حَوَيْتُ
فَوَطِّنْ لِهُلْكي منك نفساً فإنني كأنك بي قد، ياذُريح، قَضَيْتُ
وإني لمفن دمع عيني بالبكى حذار الذي قد كان أو هو كائن
وقالوا غداً أو بعد ذاك بليلة فراق حبيب لم يبن وهو بائن
وما كنت أخشى أن تكون منيتي بكفيك إلا أن ما حان حائن
قصيدة عزة لكثير عزة
وَلَقَدْ لَقِيتَ على الدُّرَيْجَة ِ لَيْلَة ً
كانتْ عليكَ أيامناً وسعودا
لا تغدُرنَّ بوصلِ عزَّة بعدما
أخذتْ عليكَ مواثقاً وعهودا
إنَّ المُحِبَّ إذا أَحَبَّ حَبِيبَهُ
صدقَ الصَّفاءَ وأنجزَ الموعودا
الله يَعلمُ لَوْ أَرَدْتُ زِيَادَة ً
في حبِّ عزَّة َ ما وجدتُ مزيدا
رُهبانُ مديَنَ والذينَ عهدتُهُمْ
يبكونَ مِنْ حذرِ العذابِ قعودا
لو يسمعونَ كما سمعتُ كلامَها
خَرُّوا لِعَزَّة َ رُكَّعاً وسُجودا
والميْتُ يُنشَرُ أَنْ تَمَسَّ عِظَامَهُ
مَسّاً وَيَخْلُدُ أَنْ يَرَاكِ خُلودا
قصيدة يزيد بن معاوية وامطرت لؤلؤا
نالت على يدها مالم تنله يدي نقشاً على معصمٍ أوهت به جلدي
كأنهُ طُرْقُ نملٍ في أناملها أو روضةٌ رصعتها السُحْبُ بالبردِ
وقوسُ حاجبها مِنْ كُلِّ ناحيةٍ وَنَبْلُ مُقْلَتِها ترمي به كبدي
مدتْ مَوَاشِطها في كفها شَرَكاً تَصِيدُ قلبي بها مِنْ داخل الجسد
إنسيةٌ لو رأتها الشمسُ ما طلعتْ من بعدِ رُؤيَتها يوماً على أحدِ
سَألْتُها الوصل قالتْ :لا تَغُرَّ بِنا من رام مِنا وِصالاً مَاتَ بِالكمدِ
فَكَم قَتِيلٍ لَنا بالحبِ ماتَ جَوَىً من الغرامِ ، ولم يُبْدِئ ولم يعدِ
فقلتُ : استغفرُ الرحمنَ مِنْ زَلَلٍ إن المحبَّ قليل الصبر والجلدِ
قد خَلفتني طرِيحاً وهي قائلةٌ تَأملوا كيف فِعْلُ الظبيِ بالأسدِ
قالتْ:لطيف خيالٍ زارني ومضى بالله صِفهُ ولا تنقص ولا تَزِدِ
فقال:خَلَّفتُهُ لو مات مِنْ ظمَأٍ وقلتُ :قف عن ورود الماء لم يرِدِ
قالتْ:صَدَقْتَ الوفا في الحبِّ شِيمتُهُ يا بَردَ ذاكَ الذي قالتْ على كبدي
واسترجعتْ سألتْ عَني ، فقيل لها ما فيه من رمقٍ .. و دقتْ يداً بِيَدِ
وأمطرتْ لُؤلؤاً من نرجسٍ وسقتْ ورداً ، وعضتْ على العِنابِ بِالبردِ
وأنشدتْ بِلِسان الحالِ قائلةً مِنْ غيرِ كُرْهٍ ولا مَطْلٍ ولا مددِ
واللهِ ما حزنتْ أختٌ لِفقدِ أخٍ حُزني عليه ولا أمٌ على ولدِ
إن يحسدوني على موتي ، فَوَا أسفي حتى على الموتِ لا أخلو مِنَ الحسدِ
قصيدة فوز للعباس بن الاحنف
يادار فوز ٍ لقد أورثتنى دنفا
وزادنى بعد دارى عنكم شغفا
حتى متى أنا مكروب بذكركم
أمسى وأصبح صباً هائماً دنفا
لا أستريح ولا أنساكم أبداً
ولا أرى كرب هذا الحب منكشفا
ما ذقت بعدكم عيشاً سررت به
ولا رأيت لكم عدلاً ولا نصفا
إنى لأعجب من قلب يحبكم
وما رأى منكم براً ولا لطفا
لولا شقاوت جدى ما عرفتكم
إن الشقى الذى يشقى بمن عرفا
لازلت بعدكم أهذى بذكركم
كأن ذكركم بالقلب قد رصفا
ياليت شعرى, وما فى ليت من فرج ٍ
هل ما مضى عائد منكم وما سلفا
إصرف فؤادك ياعباس منصرفا ً
عنها, يكن عنك كرب الحب منصرفا
لو كان ينساهم قلبى نسيتهم
لكن قلبى لهم والله قد ألفا
أشكو إليك الذى بى يامعذبتى
وما أقاسى وما أسطيع أن أصفا
ياهم نفسى ويا سمعى ويا بصرى
حتى متى حبكم بالقلب قد كلفا
ما كنت أعلم ما هم وما جزع
حتى شربت بكأس الحب مغترفا
ثارت حرارتها فى الصدر فاشتعلت
كأنما هى نار أطعمت سعفا
طاف الهوى بعباد الله كلهم
حتى إذا مر بى من بينهم وقفا
إذا جحدت الهوى يوماً لأدفنه
فى الصدر, نم على الدمع معترفا
لم ألق ذا صفة للحب ينعته
إلا وجدت الذى بى فوق ما وصفا
يضحى فؤادى بهذا الحب ملتحما ً
وقفا ً, ويمسى على الحب ملتحفا
ما ظنكم بفتى ً طالت بليته
مروع فى الهوى لا يأمن التلفا
يافوز كيف بكم والدار قد شحطت
بى عنكم , وخروج النفس قد أزفا
قد قلت لما رأيت الموت يقصدنى
وكاد يهتف بى داعيه أو هتفا:
أموت شوقا ً ولا ألقاكم أبدا ؟
ياحسرتا ثم ياشوقا ويا أسفا
قصيدة يا خَلِيلَيَّ تَيَّمَتْني وَحيدُ لابن الرومى
يا خَلِيلَيَّ تَيَّمَتْني وَحيدُ ففؤادي بها معنَّى عميدُ
غادة ٌ زانها من الغصن قدٌّ ومن الظَّبي مُقلتان وجِيدُ
وزهاها من فرعها ومن الخديـ ن ذاك السواد والتوريد
أوقد الحسْنُ نارَه من وحيدٍ فوق خدٍّ ما شَانَهُ تخْدِيدُ
فَهْيَ برْدٌ بخدِّها وسلامٌ وهي للعاشقين جُهْدٌ جهيدُ
لم تَضِرْ قَطُّ وجهها وهْو ماءٌ وتُذيبُ القلوبَ وهْيَ حديدُ
ما لما تصطليه من وجنتَيْها غير تَرْشافِ رِيقِها تَبْريدُ
مثْلُ ذاك الرضابِ أطفأ ذاك ال وَجد لَوْلا الإباءُ والتَّصرِيدُ
وغَريرٍ بحسنها قال صِفْها قلت أمْران هَيِّنٌ وشديدُ
يسهل القول إنها أحسن الأشْ ياءِ طُرّاً ويعْسرُ التحديدُ
شمسُ دَجْنٍ كِلا المنيرَيْن من شم سٍ وبدْرٍ من نُورها يستفيدُ
تتجلَّى للناظرين إليها فشقى ّ بحسنها وسعيد
ظبية تسكن القلوب وترعا ها، وقُمْرِيَّة ٌ لها تغريدُ
تتغنّى ، كأنها لاتغنّى من سكونِ الأوصالِ وهي تُجيدِ
لا تَراها هناك تَجْحَظُ عينٌ لك منها ولا يَدِرُّ وريدُ
من هُدُوٍّ وليس فيه انقطاع وسجوٍّ وما به تبليد
مَدَّ في شأو صوتها نَفَسٌ كا فٍ كأنفاس عاشقيها مَديدُ
وأرقَّ الدلالُ والغُنْجُ منه وبَراهُ الشَّجا فكاد يبيدُ
فتراه يموت طَوْراً ويحيا مستلذٌّ بسيطُه والنشيد
فيه وَشْيٌ وفيه حَلْيٌ من النَّغْ مِ مَصوغٌ يختال فيه القصيدُ
طاب فُوها وما تُرَجِّعُ فيه كلُّ شَيْءٍ لها بذاك شهيدُ
ثغبٌ ينقع الصدى وغناءٌ عنده يوجد السرورُ الفقيد
فلها الدَّهْرَ لاثِمٌ مُسْتَزيدٌ ولها الدهر سامع مُسْتَعيدُ
في هوى مثْلِها يَخفُّ حَليمٌ راجحٌ حلْمُه، ويَغْوى رشيدُ
ماتُعاطى القلوب الا أصابت بهواها منهُنَّ حيْثُ تُرِيدُ
وَتَرُ العَزْفِ في يَدَيْها مُضَاهٍ وَتَرَ الزَّحْف فِيهِ سهمٌ شَديدُ
وإذا أنْبَضَتْهُ للشَّرْبِ يوماً أيقن القومُ أنها ستصيد
مَعْبَدٌ في الغناء، وابنُ سُرَيْجٍ وهي في الضرب زلزلٌ وعقيد
عَيْبُها أنَّها إذا غنَّتِ الأحْـ ـرَار ظلُّوا وهُمْ لديها عَبيدُ
واستزادت قلوبَهم من هواها بِرُقاها، وما لَدَيْهِمْ مَزيدُ
وحسان عرضن لي ، قلت: مهلًا عن وحيدٍ فحقُّها التوحيد
حسنُها في العيون حسنٌ وحيد فلها في القلوب حبٌ وحيد
ونصيح يلومني في هواها ضلّ عنه التوفيق والتسديد
لو رأى من يلُوم فيه لأضحى وهو لي المستريثُ والمستزيد
ضلة للفؤاد يحنو عليها وهي تَزْهُو حَياتَه وتَكيدُ
سحرته بمقلتيها فأضحت عنده والذميمُ منها حميد
خُلِقَتْ فِتْنة ً: غِناءً وحُسْناً مالها فيهما جميعاً نديد
فَهْيَ نُعْمَى يميدُ منها كَبيرٌ وهيَ بلْوى يشيب منها وليدُ
لِيَ حيْث انصرَفتُ عنها رفيقٌ من هواها وحيث حَلَّتْ قَعِيدُ
عن يميني وعن شمالي وقُدّا مي وخلفي، فأين عنه أحيدُ
سدَّ شيطانُ حبّها كلَّ فجٌ إنَّ شيطان حبِّها لَمَرِيدُ
ليت شعري إذا أدام إليها كَرَّة َ الطَّرْف مُبدىء ٌ ومُعِيدُ
أهي شئٌ لاتسأم العين منه؟ أم لها كلَّ ساعة تجْديدُ
بل هي العيش لا يزال متى استُعْـ ـرِض يملي غرائباً ويُفِيدُ
مَنْظَرٌ، مَسْمَعٌ، مَعانٌ، من اللهـ ـوعتادٌ لما يُحَبّ عتيد
لا يَدبُّ الملالُ فيها ولا يُنْـ ـقِض من عَقْد سحْرِها تَوْكيدُ
حسنُها في العيون حسنٌ جديد فلها في القلوب حبٌ جديد
أخذ الله يا وحيدُ لقلبي منكِ ما يأخذ المديلُ المقيد
حَظُّ غيري من وصلكُمْ قُرَّةُ العيْ ن وحظيِّ البكاءُ والتَّسْهيدُ
غير أني مُعَلِّلٌ منك نفسي بعداتٍ خَلا لهنّ وعيد
ما تزالينَ نظرة ٌ منك مَوْتٌ لي مميتٌ ، ونظرة تخليد
نتلاقى فلحْظَةٌ منك وعْدٌ بوصال ولحظةٌ تهديدُ
قد تركْتِ الصِّحاح مرْضى يميدُو ن نُحولاً وأنت خُوطٌ يميدُ
والهوى لا يزال فيه ضعيفٌ بين ألحاظِهِ صريعٌ جليدُ
ضافَنِي حُبُّك الغريبُ فألوى بالرقاد النسيب فهو طريد
عجباً لي ، إنَّ الغريبَ مقيمٌ بين جنبى ّ ، والنسيب شريد
قد مللنا من ستر شيْ مليح نشتهيه، فهلْ له تجريدُ
هو في القلب وهو أبعد من نجـ ـم الثريا فهو القريب البعيد
قصيدة أرَاكَ عَصِيَّ الدّمعِ شِيمَتُكَ الصّبرُ لأبى فراس الحمدانى
أرَاكَ عَصِيَّ الدّمعِ شِيمَتُكَ الصّبرُ، أما للهوى نهيٌّ عليكَ ولا أمرُ ؟
بلى أنا مشتاقٌ وعنديَ لوعة ٌ ، ولكنَّ مثلي لا يذاعُ لهُ سرُّ !
إذا الليلُ أضواني بسطتُ يدَ الهوى وأذللتُ دمعاً منْ خلائقهُ الكبرُ
تَكادُ تُضِيءُ النّارُ بينَ جَوَانِحِي إذا هيَ أذْكَتْهَا الصّبَابَة ُ والفِكْرُ
معللتي بالوصلِ ، والموتُ دونهُ ، إذا مِتّ ظَمْآناً فَلا نَزَل القَطْرُ!
حفظتُ وضيعتِ المودة َ بيننا و أحسنَ ، منْ بعضِ الوفاءِ لكِ ، العذرُ
و ما هذهِ الأيامُ إلا صحائفٌ لأحرفها ، من كفِّ كاتبها بشرُ
بنَفسي مِنَ الغَادِينَ في الحَيّ غَادَة ً هوايَ لها ذنبٌ ، وبهجتها عذرُ
تَرُوغُ إلى الوَاشِينَ فيّ، وإنّ لي لأذْناً بهَا، عَنْ كُلّ وَاشِيَة ٍ، وَقرُ
بدوتُ ، وأهلي حاضرونَ ، لأنني أرى أنَّ داراً ، لستِ من أهلها ، قفرُ
وَحَارَبْتُ قَوْمي في هَوَاكِ، وإنّهُمْ وإيايَ ، لولا حبكِ ، الماءُ والخمرُ
فإنْ كانَ ما قالَ الوشاة ُ ولمْ يكنْ فَقَد يَهدِمُ الإيمانُ مَا شَيّدَ الكُفرُ
وفيتُ ، وفي بعضِ الوفاءِ مذلة ٌ لآنسة ٍ في الحي شيمتها الغدرُ
وَقُورٌ، وَرَيْعَانُ الصِّبَا يَسْتَفِزّها، فتأرنُ ، أحياناً ، كما يأرنُ المهرُ
تسائلني: " منْ أنتَ ؟ " ، وهي عليمة ٌ ، وَهَلْ بِفَتى ً مِثْلي عَلى حَالِهِ نُكرُ؟
فقلتُ ، كما شاءتْ ، وشاءَ لها الهوى : قَتِيلُكِ! قالَتْ: أيّهُمْ؟ فهُمُ كُثرُ
فقلتُ لها: " لو شئتِ لمْ تتعنتي ، وَلمْ تَسألي عَني وَعِنْدَكِ بي خُبرُ!
فقالتْ: " لقد أزرى بكَ الدهرُ بعدنا! فقلتُ: "معاذَ اللهِ! بلْ أنت لاِ الدهرُ،
وَما كانَ للأحزَانِ، لَوْلاكِ، مَسلَكٌ إلى القلبِ؛ لكنَّ الهوى للبلى جسرُ
وَتَهْلِكُ بَينَ الهَزْلِ والجِدّ مُهجَة ٌ إذا مَا عَداها البَينُ عَذّبَها الهَجْرُ
فأيقنتُ أنْ لا عزَّ ، بعدي ، لعاشقٍ ؛ وَأنُّ يَدِي مِمّا عَلِقْتُ بِهِ صِفْرُ
وقلبتُ أمري لا أرى لي راحة ً ، إذا البَينُ أنْسَاني ألَحّ بيَ الهَجْرُ
فَعُدْتُ إلى حكمِ الزّمانِ وَحكمِها، لَهَا الذّنْبُ لا تُجْزَى به وَليَ العُذْرُ
كَأني أُنَادي دُونَ مَيْثَاءَ ظَبْيَة ً على شرفٍ ظمياءَ جللها الذعرُ
تجفَّلُ حيناً ، ثم تدنو كأنما تنادي طلا ـ، بالوادِ ، أعجزهُ الحضرُ
فلا تنكريني ، يابنة َ العمِّ ، إنهُ ليَعرِفُ مَن أنكَرْتِهِ البَدْوُ وَالحَضْرُ
ولا تنكريني ، إنني غيرُ منكرٍ إذا زلتِ الأقدامِ ؛ واستنزلَ النضرُ
وإني لجرارٌ لكلِّ كتيبة ٍ معودة ٍ أنْ لا يخلَّ بها النصرُ
و إني لنزالٌ بكلِّ مخوفة ٍ كثيرٌ إلى نزالها النظرُ الشزرُ
فَأَظمأُ حتى تَرْتَوي البِيضُ وَالقَنَا وَأسْغَبُ حتى يَشبَعَ الذّئبُ وَالنّسرُ
وَلا أُصْبِحُ الحَيَّ الخَلُوفَ بِغَارَة ٍ، وَلا الجَيشَ مَا لمْ تأتِه قَبليَ النُّذْرُ
وَيا رُبّ دَارٍ، لمْ تَخَفْني، مَنِيعَة ٍ طلعتُ عليها بالردى ، أنا والفجرُ
و حيّ ٍرددتُ الخيلَ حتى ملكتهُ هزيماً وردتني البراقعُ والخمرُ
وَسَاحِبَة ِ الأذْيالِ نَحوي، لَقِيتُهَا فلمْ يلقها جهمُ اللقاءِ ، ولا وعرُ
وَهَبْتُ لهَا مَا حَازَهُ الجَيشُ كُلَّهُ و رحتُ ، ولمْ يكشفْ لأثوابها سترُ
و لا راحَ يطغيني بأثوابهِ الغنى و لا باتَ يثنيني عن الكرمِ الفقر
و ما حاجتي بالمالِ أبغي وفورهُ ؟ إذا لم أفِرْ عِرْضِي فَلا وَفَرَ الوَفْرُ
أسرتُ وما صحبي بعزلٍ، لدى الوغى ، ولا فرسي مهرٌ ، ولا ربهُ غمرُ !
و لكنْ إذا حمَّ القضاءُ على أمرىء ٍ فليسَ لهُ برٌّ يقيهِ، ولا بحرُ !
وقالَ أصيحابي: " الفرارُ أوالردى ؟ " فقُلتُ: هُمَا أمرَانِ، أحلاهُما مُرّ
وَلَكِنّني أمْضِي لِمَا لا يَعِيبُني، وَحَسبُكَ من أمرَينِ خَيرُهما الأسْرُ
يقولونَ لي: " بعتَ السلامة َ بالردى " فَقُلْتُ: أمَا وَالله، مَا نَالَني خُسْرُ
و هلْ يتجافى عني الموتُ ساعة ً ، إذَا مَا تَجَافَى عَنيَ الأسْرُ وَالضّرّ؟
هُوَ المَوْتُ، فاختَرْ ما عَلا لك ذِكْرُه، فلمْ يمتِ الإنسانُ ما حييَ الذكرُ
و لا خيرَ في دفعِ الردى بمذلة ٍ كما ردها ، يوماً بسوءتهِ " عمرو"
يمنونَ أنْ خلوا ثيابي ، وإنما عليَّ ثيابٌ ، من دمائهمُ حمرُ
و قائم سيفي ، فيهمُ ، اندقَّ نصلهُ وَأعقابُ رُمحٍ فيهِمُ حُطّمَ الصّدرُ
سَيَذْكُرُني قَوْمي إذا جَدّ جدّهُمْ، " وفي الليلة ِ الظلماءِ ، يفتقدُ البدرُ "
فإنْ عِشْتُ فَالطّعْنُ الذي يَعْرِفُونَه و تلكَ القنا ، والبيضُ والضمرُ الشقرُ
وَإنْ مُتّ فالإنْسَانُ لا بُدّ مَيّتٌ وَإنْ طَالَتِ الأيّامُ، وَانْفَسَحَ العمرُ
ولوْ سدَّ غيري ، ما سددتُ ، اكتفوا بهِ؛ وما كانَ يغلو التبرُ ، لو نفقَ الصفرُ
وَنَحْنُ أُنَاسٌ، لا تَوَسُّطَ عِنْدَنَا، لَنَا الصّدرُ، دُونَ العالَمينَ، أو القَبرُ
تَهُونُ عَلَيْنَا في المَعَالي نُفُوسُنَا، و منْ خطبَ الحسناءَ لمْ يغلها المهرُ
أعزُّ بني الدنيا ، وأعلى ذوي العلا ، وَأكرَمُ مَن فَوقَ الترَابِ وَلا فَخْرُ
قصيدة يا ظبية البان للشريف الرضى
يا ظَبيَةَ البانِ تَرعى في خَمائِلِهِ لِيَهنَكِ اليَومَ أَنَّ القَلبَ مَرعاكِ
الماءُ عِندَكِ مَبذولٌ لِشارِبِهِ وَلَيسَ يُرويكِ إِلّا مَدمَعي الباكي
هَبَّت لَنا مِن رِياحِ الغَورِ رائِحَةٌ بَعدَ الرُقادِ عَرَفناها بِرَيّاكِ
ثُمَّ اِنثَنَينا إِذا ما هَزَّنا طَرَبٌ عَلى الرِحالِ تَعَلَّلنا بِذِكراكِ
سهم أصاب وراميه بذي سلم مَن بالعِرَاقِ، لَقد أبعَدْتِ مَرْمَاكِ
وَعدٌ لعَينَيكِ عِندِي ما وَفَيتِ بِهِ يا قُرْبَ مَا كَذَبَتْ عَينيَّ عَينَاكِ
حكَتْ لِحَاظُكِ ما في الرّيمِ من مُلَحٍ يوم اللقاء فكان الفضل للحاكي
كَأنّ طَرْفَكِ يَوْمَ الجِزْعِ يُخبرُنا بما طوى عنك من أسماء قتلاك
أنتِ النّعيمُ لقَلبي وَالعَذابُ لَهُ فَمَا أمَرّكِ في قَلْبي وَأحْلاكِ
عندي رسائل شوق لست أذكرها لولا الرقيب لقد بلغتها فاك
سقى منى وليالي الخيف ما شربت مِنَ الغَمَامِ وَحَيّاهَا وَحَيّاكِ
إذ يَلتَقي كُلُّ ذي دَينٍ وَماطِلَهُ منا ويجتمع المشكو والشاكي
لمّا غَدا السّرْبُ يَعطُو بَينَ أرْحُلِنَا مَا كانَ فيهِ غَرِيمُ القَلبِ إلاّكِ
هامت بك العين لم تتبع سواك هوى مَنْ عَلّمَ العَينَ أنّ القَلبَ يَهوَاكِ
حتّى دَنَا السّرْبُ، ما أحيَيتِ من كمَدٍ قتلى هواك ولا فاديت أسراك
يا حبذا نفحة مرت بفيك لنا ونطفة غمست فيها ثناياك
وَحَبّذا وَقفَة ٌ، وَالرّكْبُ مُغتَفِلٌ عَلى ثَرًى وَخَدَتْ فيهِ مَطَاياكِ
لوْ كانَتِ اللِّمَة ُ السّوْداءُ من عُدَدي يوم الغميم لما أفلتِّ أشراكي
قصيدة اليتيمة لدوقلة المنبجي
هَل بِالطُلولِ لِسائِل رَدُّ أَم هَل لَها بِتَكَلُّم عَهدُ
أبلى الجَديدُ جَديدَ مَعهَدِها فَكَأَنَّما هو رَيطَةٌ جُردُ
مِن طولِ ما تَبكي الغيومُ عَلى عَرَصاتِها وَيُقَهقِهُ الرَعدُ
وَتُلِثُّ سارِيَةٌ وَغادِيَةٌ وَيَكُرُّ نَحسٌ خَلفَهُ سَعدُ
تَلقى شَآمِيَةٌ يَمانِيَةً لَهُما بِمَورِ تُرابِها سَردُ
فَكَسَت بَواطِنُها ظَواهِرَها نَوراً كَأَنَّ زُهاءَهُ بُردُ
يَغدو فَيَسدي نَسجَهُ حَدِبٌ واهي العُرى وينيرُهُ عهدُ
فَوَقَفت أسألها وَلَيسَ بِها إِلّا المَها وَنَقانِقٌ رُبدُ
وَمُكَدَّمٌ في عانَةٍ جزأت حَتّى يُهَيِّجَ شَأوَها الوِردُ
فتناثرت دِرَرُ الشُؤونِ عَلى خَدّى كَما يَتَناثَرُ العِقدُ
أَو نَضحُ عَزلاءِ الشَعيبِ وَقَد راحَ العَسيف بِملئِها يَعدو
لَهَفي عَلى دَعدٍ وَما حفَلت إِلّا بحرِّ تلَهُّفي دَعدُ
بَيضاءُ قَد لَبِسَ الأَديمُ أديم الحُسنِ فهو لِجِلدِها جِلدُ
وَيَزينُ فَودَيها إِذا حَسَرَت ضافي الغَدائِرِ فاحِمٌ جَعدُ
فَالوَجهُ مثل الصُبحِ مبيضٌ والشعر مِثلَ اللَيلِ مُسوَدُّ
ضِدّانِ لِما اسْتُجْمِعا حَسُنا وَالضِدُّ يُظهِرُ حُسنَهُ الضِدُّ
وَجَبينُها صَلتٌ وَحاجِبها شَختُ المَخَطِّ أَزَجُّ مُمتَدُّ
وَكَأَنَّها وَسنى إِذا نَظَرَت أَو مُدنَفٌ لَمّا يُفِق بَعدُ
بِفتورِ عَينٍ ما بِها رَمَدٌ وَبِها تُداوى الأَعيُنُ الرُمدُ
وَتُريكَ عِرنيناً به شَمَمٌ وتُريك خَدّاً لَونُهُ الوَردُ
وَتُجيلُ مِسواكَ الأَراكِ عَلى رَتلٍ كَأَنَّ رُضابَهُ الشَهدُ
والجِيدُ منها جيدُ جازئةٍ تعطو إذا ما طالها المَردُ
وَكَأَنَّما سُقِيَت تَرائِبُها وَالنَحرُ ماءَ الحُسنِ إِذ تَبدو
وَاِمتَدَّ مِن أَعضادِها قَصَبٌ فَعمٌ زهتهُ مَرافِقٌ دُردُ
وَلَها بَنانٌ لَو أَرَدتَ لَهُ عَقداً بِكَفِّكَ أَمكَنُ العَقدُ
وَالمِعصمان فَما يُرى لَهُما مِن نَعمَةٍ وَبَضاضَةٍ زَندُ
وَالبَطنُ مَطوِيٌّ كَما طُوِيَت بيضُ الرِياطِ يَصونُها المَلدُ
وَبِخَصرِها هَيَفٌ يُزَيِّنُهُ فَإِذا تَنوءُ يَكادُ يَنقَدُّ
وَالتَفَّ فَخذاها وَفَوقَهُما كَفَلٌ كدِعصِ الرمل مُشتَدُّ
فَنهوضُها مَثنىً إِذا نَهَضت مِن ثِقلَهِ وَقُعودها فَردُ
وَالساقِ خَرعَبَةٌ مُنَعَّمَةٌ عَبِلَت فَطَوقُ الحَجلِ مُنسَدُّ
وَالكَعبُ أَدرَمُ لا يَبينُ لَهُ حَجمً وَلَيسَ لِرَأسِهِ حَدُّ
وَمَشَت عَلى قَدمَينِ خُصِّرتا واُلينَتا فَتَكامَلَ القَدُّ
إِن لَم يَكُن وَصلٌ لَدَيكِ لَنا يَشفى الصَبابَةَ فَليَكُن وَعدُ
قَد كانَ أَورَقَ وَصلَكُم زَمَناً فَذَوَى الوِصال وَأَورَقَ الصَدُّ
لِلَّهِ أشواقي إِذا نَزَحَت دارٌ بِنا ونوىً بِكُم تَعدو
إِن تُتهِمي فَتَهامَةٌ وَطني أَو تُنجِدي يكنِ الهَوى نَجدُ
وَزَعَمتِ أَنَّكِ تضمُرينَ لَنا وُدّاً فَهَلّا يَنفَعُ الوُدُّ
وَإِذا المُحِبُّ شَكا الصُدودَ فلَم يُعطَف عَلَيهِ فَقَتلُهُ عَمدُ
تَختَصُّها بِالحُبِّ وُهيَ على ما لا نُحِبُّ فَهكَذا الوَجدُ
أوَ ما تَرى طِمرَيَّ بَينَهُما رَجُلٌ أَلَحَّ بِهَزلِهِ الجِدُّ
فَالسَيفُ يَقطَعُ وَهُوَ ذو صَدَأٍ وَالنَصلُ يَفري الهامَ لا الغِمدُ
هَل تَنفَعَنَّ السَيفَ حِليَتُهُ يَومَ الجِلادِ إِذا نَبا الحَدُّ
وَلَقَد عَلِمتِ بِأَنَّني رَجُلٌ في الصالِحاتِ أَروحُ أَو أَغدو
بَردٌ عَلى الأَدنى وَمَرحَمَةٌ وَعَلى الحَوادِثِ مارِنٌ جَلدُ
مَنَعَ المَطامِعَ أن تُثَلِّمَني أَنّي لِمَعوَلِها صَفاً صَلدُ
فَأَظلُّ حُرّاً مِن مَذّلَّتِها وَالحُرُّ حينَ يُطيعُها عَبدُ
آلَيتُ أَمدَحُ مقرفاً أبَداً يَبقى المَديحُ وَيَذهَبُ الرفدُ
هَيهاتَ يأبى ذاكَ لي سَلَفٌ خَمَدوا وَلَم يَخمُد لَهُم مَجدُ
وَالجَدُّ حارثُ وَالبَنون هُمُ فَزَكا البَنون وَأَنجَبَ الجَدُّ
ولَئِن قَفَوتُ حَميدَ فَعلِهِمُ بِذَميم فِعلي إِنَّني وَغدُ
أَجمِل إِذا طالبتَ في طَلَبٍ فَالجِدُّ يُغني عَنكَ لا الجَدُّ
وإذا صَبَرتَ لجهد نازلةٍ فكأنّه ما مَسَّكَ الجَهدُ
وَطَريدِ لَيلٍ قادهُ سَغَبٌ وَهناً إِلَيَّ وَساقَهُ بَردُ
أَوسَعتُ جُهدَ بَشاشَةٍ وَقِرىً وَعَلى الكَريمِ لِضَيفِهِ الجُهدُ
فَتَصَرَّمَ المَشتي وَمَنزِلُهُ رَحبٌ لَدَيَّ وَعَيشُهُ رَغدُ
ثُمَّ انثنى وَرِداوُّهُ نِعَمٌ أَسدَيتُها وَرِدائِيَ الحَمدُ
لِيَكُن لَدَيكَ لِسائِلٍ فَرَجٌ إِن لِم يَكُن فَليَحسُن الرَدُّ
يا لَيتَ شِعري بَعدَ ذَلِكُمُ ومحارُ كُلِّ مُؤَمِّلٍ لَحدُ
أَصَريعُ كَلمٍ أَم صَريعُ ردى أَودى فَلَيسَ مِنَ الرَدى بُدُّ
قصيدة قمر بغداد لابن زريق البغدادي
لا تَعذَلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ قَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ
جاوَزتِ فِي نصحه حَداً أَضَرَّبِهِ مِن حَيثَ قَدرتِ أَنَّ النصح يَنفَعُهُ
فَاستَعمِلِي الرِفق فِي تَأِنِيبِهِ بَدَلاً مِن عَذلِهِ فَهوَ مُضنى القَلبِ مُوجعُهُ
قَد كانَ مُضطَلَعاً بِالخَطبِ يَحمِلُهُ فَضُيَّقَت بِخُطُوبِ الدهرِ أَضلُعُهُ
يَكفِيهِ مِن لَوعَةِ التَشتِيتِ أَنَّ لَهُ مِنَ النَوى كُلَّ يَومٍ ما يُروعُهُ
ما آبَ مِن سَفَرٍ إِلّا وَأَزعَجَهُ رَأيُ إِلى سَفَرٍ بِالعَزمِ يَزمَعُهُ
كَأَنَّما هُوَ فِي حِلِّ وَمُرتحلٍ مُوَكَّلٍ بِفَضاءِ اللَهِ يَذرَعُهُ
إِذا الزَمانَ أَراهُ في الرَحِيلِ غِنىً وَلَو إِلى السَندّ أَضحى وَهُوَ يُزمَعُهُ
تأبى المطامعُ إلا أن تُجَشّمه للرزق كداً وكم ممن يودعُهُ
وَما مُجاهَدَةُ الإِنسانِ تَوصِلُهُ رزقَاً وَلادَعَةُ الإِنسانِ تَقطَعُهُ
قَد وَزَّع اللَهُ بَينَ الخَلقِ رزقَهُمُ لَم يَخلُق اللَهُ مِن خَلقٍ يُضَيِّعُهُ
لَكِنَّهُم كُلِّفُوا حِرصاً فلَستَ تَرى مُستَرزِقاً وَسِوى الغاياتِ تُقنُعُهُ
وَالحِرصُ في الرِزقِ وَالأَرزاقِ قَد قُسِمَت بَغِيُ أَلا إِنَّ بَغيَ المَرءِ يَصرَعُهُ
وَالدهرُ يُعطِي الفَتى مِن حَيثُ يَمنَعُه إِرثاً وَيَمنَعُهُ مِن حَيثِ يُطمِعُهُ
أستَودِعُ اللَهَ فِي بَغدادَ لِي قَمَراً بِالكَرخِ مِن فَلَكِ الأَزرارَ مَطلَعُهُ
وَدَّعتُهُ وَبوُدّي لَو يُوَدِّعُنِي صَفوَ الحَياةِ وَأَنّي لا أَودعُهُ
وكم تشفّعَ بي أن لا أُفَـارِقَهُ وللضروراتِ حالٌ لا تُشفّعُهُ
وَكَم تَشبَّثَ بي يَومَ الرَحيلِ ضُحَىً وَأَدمُعِي مُستَهِلّاتٍ وَأَدمُعُهُ
لا أَكُذبُ اللَهَ ثوبُ الصَبرِ مُنخَرقٌ عَنّي بِفُرقَتِهِ لَكِن أَرَقِّعُهُ
إِنّي أَوَسِّعُ عُذري فِي جَنايَتِهِ بِالبينِ عِنهُ وَجُرمي لا يُوَسِّعُهُ
رُزِقتُ مُلكاً فَلَم أَحسِن سِياسَتَهُ وَكُلُّ مَن لا يُسُوسُ المُلكَ يَخلَعُهُ
وَمَن غَدا لابِساً ثَوبَ النَعِيم بِلا شَكرٍ عَلَيهِ فَإِنَّ اللَهَ يَنزَعُهُ
اِعتَضتُ مِن وَجهِ خِلّي بَعدَ فُرقَتِهِ كَأساً أَجَرَّعُ مِنها ما أَجَرَّعُهُ
كَم قائِلٍ لِي ذُقتُ البَينَ قُلتُ لَهُ الذَنبُ وَاللَهِ ذَنبي لَستُ أَدفَعُهُ
أَلا أَقمتَ فَكانَ الرُشدُ أَجمَعُهُ لَو أَنَّنِي يَومَ بانَ الرُشدُ اتبَعُهُ
إِنّي لَأَقطَعُ أيّامِي وَأنفقُها بِحَسرَةٍ مِنهُ فِي قَلبِي تُقَطِّعُهُ
بِمَن إِذا هَجَعَ النُوّامُ بِتُّ لَهُ بِلَوعَةٍ مِنهُ لَيلى لَستُ أَهجَعُهُ
لا يَطمِئنُّ لِجَنبي مَضجَعُ وَكَذا لا يَطمَئِنُّ لَهُ مُذ بِنتُ مَضجَعُهُ
ما كُنتُ أَحسَبُ أَنَّ الدهرَ يَفجَعُنِي بِهِ وَلا أَنَّ بِي الأَيّامَ تَفجعُهُ
حَتّى جَرى البَينُ فِيما بَينَنا بِيَدٍ عَسراءَ تَمنَعُنِي حَظّي وَتَمنَعُهُ
قَد كُنتُ مِن رَيبِ دهرِي جازِعاً فَرِقاً فَلَم أَوقَّ الَّذي قَد كُنتُ أَجزَعُهُ
بِاللَهِ يا مَنزِلَ العَيشِ الَّذي دَرَست آثارُهُ وَعَفَت مُذ بِنتُ أَربُعُهُ
هَل الزَمانُ مَعِيدٌ فِيكَ لَذَّتنا أَم اللَيالِي الَّتي أَمضَتهُ تُرجِعُهُ
فِي ذِمَّةِ اللَهِ مِن أَصبَحَت مَنزلَهُ وَجادَ غَيثٌ عَلى مَغناكَ يُمرِعُهُ
مَن عِندَهُ لِي عَهدُ لا يُضيّعُهُ كَما لَهُ عَهدُ صِدقٍ لا أُضَيِّعُهُ
وَمَن يُصَدِّعُ قَلبي ذِكرهُ وَإِذا جَرى عَلى قَلبِهِ ذِكري يُصَدِّعُهُ
لَأَصبِرَنَّ لدهر ٍلا يُمَتِّعُنِي بِهِ وَلا بِيَ فِي حالٍ يُمَتِّعُهُ
عِلماً بِأَنَّ اِصطِباري مُعقِبُ فَرَجاً فَأَضيَقُ الأَمرِ إِن فَكَّرتَ أَوسَعُهُ
عَسى اللَيالي الَّتي أَضنَت بِفُرقَتَنا جِسمي سَتَجمَعُنِي يَوماً وَتَجمَعُهُ
وَإِن تُغِلُّ أَحَدَاً مِنّا مَنيَّتَهُ لا بُدّ في غَدِه الثّاني سَيَتْبَعَهُ
وإن يدم أبداً هذا الفراق لنا فَما الَّذي بِقَضاءِ اللَهِ يَصنَعُهُ
قصيدة "مجلس الحبيب" للشاعر صفي الدين الحلى
أذاب التبر في صافي اللجين /// رشا بالراح مخضوب اليدين
وطاح علي السحاب بكأس راح /// فطافت مقلتاه بأخرين
رخيم من بني الاعراب طفل /// يجاذب خصره جبلي حنين
يبدل نطقه ضاداً بدال /// ويشرك عجمة قافا بعين
يطوف علي الرفاق من الحميا /// ومن خمر الرضاب بمسكرين
اذا يجلو الحميا والمحيا /// شهدنا الجمع ين النيرين
واخر من بني الاعراب حفت /// جيوش الحسن منه بعارضين
الي عينيه تنتسب المنايا /// كما انتسب الرماح الي ردين
تلاحظ سوسن الخدين منه /// فيبدلها الحياء بوردتين
ومجلسنا الأنيق تضئ فيه /// اواني الراح من ورق وعين
فاطلقنا فم الابريق فيه /// وبات الزق مغلول اليدين
وشمعتنا شبيه سنان تبر /// توقد في اكف الساقيين
اذا ملئ الزجاج بها وطارت /// حواشي نورها في المشرقين
عجبت لبدر كأس صار شمسا /// بحف من السقاة بكوكبين
وقد صاقت يد الأزهار تاجا /// علي الأغصان فوق الجانبين
بورد كالمداهن في عقيق /// واقداح كازار اللجين
وقد جمعت لي اللذات لما /// دنت منها قطوف الجنتين
ومانا من هوي الفيحاء خال /// ولا ممن احببت قضيت ديني
تملك حبه قلبي وصدري /// فأصبح سائرا في الخافقين
وأعوز مع دنوي منه صبري /// فكيف يكون صبري بعد بين
اذا مارام ان يسلوه قلبي /// تمثل شخصه تلقاء عيني
الا يا نسممة السعدي كوني /// رسولا بين من اهوي وبيني
ويانشر الصبا بلغ سلامي /// الي الفيحاء بين القلعتين
وحي الجامعين وجانبيها /// فقد كانا لشملي جامعين
وقل لمعذبي هل من نجازٍٍِ /// لوعدي سالفيك السالفين
سميك كان مقتولا بظلم /// وانت ظلمتني وجلبت حيني
وهبتك في الهوي روحي بوعد /// وبعتك عامدا نقدا بدين
وجئتك وفي يدي كفني وسيفي /// فكيف جعلتها خفي حنين
ولم صيرت بعدك قيد قلبي /// وكان جمال وجهك قيد عيني
فصرنا نشبه النسرين بعدا /// وكنا الفة كالفرقدين
علمت ان وعدك صار مينا /// لزجري مقلتيك بصارمين
وقلت وقد رايتك خاب سعيي /// لكون البدر بين العقربين
فلم دليتني بحبال زور /// ولم اطمعتني بسراب مين
وهلا قلت لي قولا صريحا /// فكان المنع احدي الراحتين
عرفتك دون كل الناس لما /// نقدتك في الملاحة نقد عين
وكم قد شاهدتك الناس قبلي /// فما نظروك كلهمو بعيني
وطاوعت الفتوة فيك حتي /// جعلتك في العلاء برتبتين
فلما ان خلا المغني وتبنا /// عراة بالعفاف مؤزرين
اتهجرني وتحفظ عهد غيري /// وهل للموت عذرا بعد دين
وقلت الوعد عن الحر دين /// فكيف مطلتني وجحدت عيني
اذا ماجاء محبوبي بذنب /// يسابقه الجمال بشافعين
وقلت جعلت كل الناس خصمي /// لقد شاهدت احدي الحالتين
فكان الناس قبل هواك صحبي /// فهل ابقيت لي من صاحبين
بعادي اطمع الاعداء حتي /// رأوك اليوم خزر الناظرين
وهلا طالعوك بعين سوء /// وامري نافذ في الدولتين
وماخفت جناح الجيش الا /// رأوني ملء قلب العسكرين
لئن سكنت الي الزوراء نفسي /// فأن القلب بين محركين
هوي يقتادني لديار بكر /// واخر نحو ارض الجامعين
سأسرع نحو راس العين خطوي /// وأقصدها علي راسي وعيني
واسرح في حمي جيرون طرفي /// واربع في اراضي النيرين
فليس الخطب في عيني جليلا /// اذا قابلته بالاصغرين
فيا من بان لما بان صبري /// وحاربني رقاد المقلتين
تنغص فيك بالزوراء عيشي /// وبدل زين لذاتي بشين
وما عيشي بها جهما ولكن /// رأيت الزين بعدك غير زين
قصيدة اضحى التنائي لابن زيدون
أضْحَى التّنائي بَديلاً منْ تَدانِينَا، وَنَابَ عَنْ طيبِ لُقْيانَا تجافينَا
ألاّ وَقَد حانَ صُبحُ البَينِ، صَبّحَنا حَيْنٌ، فَقَامَ بِنَا للحَيْنِ نَاعيِنَا
مَنْ مبلغُ الملبسِينا، بانتزاحِهمُ، حُزْناً، معَ الدهرِ لا يبلى ويُبْلينَا
أَنَّ الزَمانَ الَّذي مازالَ يُضحِكُنا أُنساً بِقُربِهِمُ قَد عادَ يُبكينا
غِيظَ العِدا مِنْ تَساقِينا الهوَى فدعَوْا بِأنْ نَغَصَّ، فَقالَ الدهر آمينَا
فَانحَلّ ما كانَ مَعقُوداً بأَنْفُسِنَا؛ وَانْبَتّ ما كانَ مَوْصُولاً بأيْدِينَا
وَقَدْ نَكُونُ، وَمَا يُخشَى تَفَرّقُنا، فاليومَ نحنُ، ومَا يُرْجى تَلاقينَا
يا ليتَ شعرِي، ولم نُعتِبْ أعاديَكم، هَلْ نَالَ حَظّاً منَ العُتبَى أعادينَا
لم نعتقدْ بعدكمْ إلاّ الوفاء لكُمْ رَأياً، ولَمْ نَتَقلّدْ غَيرَهُ دِينَا
ما حقّنا أن تُقِرّوا عينَ ذي حَسَدٍ بِنا، ولا أن تَسُرّوا كاشِحاً فِينَا
كُنّا نرَى اليَأسَ تُسْلِينا عَوَارِضُه، وَقَدْ يَئِسْنَا فَمَا لليأسِ يُغْرِينَا
بِنْتُم وَبِنّا، فَما ابتَلّتْ جَوَانِحُنَا شَوْقاً إلَيكُمْ، وَلا جَفّتْ مآقِينَا
نَكادُ، حِينَ تُنَاجِيكُمْ ضَمائرُنا، يَقضي علَينا الأسَى لَوْلا تأسّينَا
حَالَتْ لِفقدِكُمُ أيّامُنا، فغَدَتْ سُوداً، وكانتْ بكُمْ بِيضاً لَيَالِينَا
إذْ جانِبُ العَيشِ طَلْقٌ من تألُّفِنا؛ وَمَرْبَعُ اللّهْوِ صَافٍ مِنْ تَصَافِينَا
وَإذْ هَصَرْنَا فُنُونَ الوَصْلِ دانية ً قِطَافُها، فَجَنَيْنَا مِنْهُ ما شِينَا
ليُسقَ عَهدُكُمُ عَهدُ السّرُورِ فَما كُنْتُمْ لأروَاحِنَا إلاّ رَياحينَا
لا تَحْسَبُوا نَأيَكُمْ عَنّا يغيّرُنا؛ أنْ طالَما غَيّرَ النّأيُ المُحِبّينَا!
وَاللهِ مَا طَلَبَتْ أهْواؤنَا بَدَلاً مِنْكُمْ، وَلا انصرَفتْ عنكمْ أمانينَا
يا سارِيَ البَرْقِ غادِ القصرَ وَاسقِ به مَن كانَ صِرْف الهَوى وَالوُدَّ يَسقينَا
وَاسألْ هُنالِكَ: هَلْ عَنّى تَذكُّرُنا إلفاً، تذكُّرُهُ أمسَى يعنّينَا؟
وَيَا نسيمَ الصَّبَا بلّغْ تحيّتَنَا مَنْ لَوْ على البُعْدِ حَيّا كان يحيِينا
فهلْ أرى الدّهرَ يقضينا مساعفَة ً مِنْهُ، وإنْ لم يكُنْ غبّاً تقاضِينَا
رَبيبُ مُلكٍ، كَأنّ اللَّهَ أنْشَأهُ مِسكاً، وَقَدّرَ إنشاءَ الوَرَى طِينَا
أوْ صَاغَهُ وَرِقاً مَحْضاً، وَتَوجهُ مِنْ نَاصِعِ التّبرِ إبْداعاً وتَحسِينَا
إذَا تَأوّدَ آدَتْهُ، رَفاهِيّة ً، تُومُ العُقُودِ، وَأدمتَهُ البُرَى لِينَا
كانتْ لَهُ الشّمسُ ظئراً في أكِلّته، بَلْ ما تَجَلّى لها إلاّ أحايِينَا
كأنّما أثبتَتْ، في صَحنِ وجنتِهِ، زُهْرُ الكَوَاكِبِ تَعوِيذاً وَتَزَيِينَا
ما ضَرّ أنْ لمْ نَكُنْ أكفاءه شرَفاً، وَفي المَوَدّة ِ كافٍ مِنْ تَكَافِينَا؟
يا رَوْضَة ً طالَما أجْنَتْ لَوَاحِظَنَا وَرْداً، جَلاهُ الصِّبا غضّاً، وَنَسْرِينَا
ويَا حياة ً تملّيْنَا، بزهرَتِهَا، مُنى ً ضروبَاً، ولذّاتٍ أفانينَا
ويَا نعِيماً خطرْنَا، مِنْ غَضارَتِهِ، في وَشْيِ نُعْمَى ، سحَبنا ذَيلَه حينَا
لَسنا نُسَمّيكِ إجْلالاً وَتَكْرِمَة ً؛ وَقَدْرُكِ المُعْتَلي عَنْ ذاك يُغْنِينَا
إذا انفرَدتِ وما شُورِكتِ في صِفَة ٍ، فحسبُنا الوَصْفُ إيضَاحاً وتبْيينَا
يا جنّة َ الخلدِ أُبدِلنا، بسدرَتِها والكوثرِ العذبِ، زقّوماً وغسلينَا
كأنّنَا لم نبِتْ، والوصلُ ثالثُنَا، وَالسّعدُ قَدْ غَضَّ من أجفانِ وَاشينَا
إنْ كان قد عزّ في الدّنيا اللّقاءُ بكمْ في مَوْقِفِ الحَشرِ نَلقاكُمْ وَتَلْقُونَا
سِرّانِ في خاطِرِ الظّلماءِ يَكتُمُنا، حتى يكادَ لسانُ الصّبحِ يفشينَا
لا غَرْوَ في أنْ ذكرْنا الحزْنَ حينَ نهتْ عنهُ النُّهَى ، وَتركْنا الصّبْرَ ناسِينَا
إنّا قرَأنا الأسَى ، يوْمَ النّوى ، سُورَاً مَكتوبَة ً، وَأخَذْنَا الصّبرَ تلقينا
أمّا هواكِ، فلمْ نعدِلْ بمَنْهَلِهِ شُرْباً وَإنْ كانَ يُرْوِينَا فيُظمِينَا
لمْ نَجْفُ أفقَ جمالٍ أنتِ كوكبُهُ سالِينَ عنهُ، وَلم نهجُرْهُ قالِينَا
وَلا اخْتِياراً تَجَنّبْناهُ عَنْ كَثَبٍ، لكنْ عَدَتْنَا، على كُرْهٍ، عَوَادِينَا
نأسَى عَليكِ إذا حُثّتْ، مُشَعْشَعَة ً، فِينا الشَّمُولُ، وغنَّانَا مُغنّينَا
لا أكْؤسُ الرّاحِ تُبدي من شمائِلِنَا سِيّما ارْتياحٍ، وَلا الأوْتارُ تُلْهِينَا
دومي على العهدِ، ما دُمنا، مُحافِظة ً، فالحرُّ مَنْ دانَ إنْصافاً كما دينَا
فَما استعضْنا خَليلاً منكِ يحبسُنا وَلا استفدْنا حبِيباً عنكِ يثنينَا
وَلَوْ صبَا نحوَنَا، من عُلوِ مطلعه، بدرُ الدُّجى لم يكنْ حاشاكِ يصبِينَا
أبْكي وَفاءً، وَإنْ لم تَبْذُلي صِلَة ً، فَالطّيفُ يُقْنِعُنَا، وَالذّكرُ يَكفِينَا
وَفي الجَوَابِ مَتَاعٌ، إنْ شَفَعتِ بهِ بيضَ الأيادي، التي ما زِلتِ تُولينَا
إليكِ منّا سَلامُ اللَّهِ ما بَقِيَتْ صَبَابَة ٌ بِكِ نُخْفِيهَا، فَتَخْفِينَا
قصيدة ياليل الصبّ متى غده لالحصري القيروانى
يا ليلُ الصبُّ متى غدُه أقيامُ السَّاعةِ مَوْعِدُهُ
رقدَ السُّمَّارُ فأَرَّقه أسفٌ للبيْنِ يردِّدهُ
فبكاهُ النجمُ ورقَّ له ممّا يرعاه ويرْصُدهُ
كلِفٌ بغزالٍ ذِي هَيَفٍ خوفُ الواشين يشرّدهُ
نصَبتْ عينايَ له شرَكاً في النّومِ فعزَّ تصيُّدهُ
وكفى عجباً أَنِّي قنصٌ للسِّرب سبانِي أغْيَدهُ
صنمٌ للفتنةٍ منتصبٌ أهواهُ ولا أتعبَّدُهُ
صاحٍ والخمرُ جَنَى فمِهِ سكرانُ اللحظ مُعرْبدُهُ
ينضُو مِنْ مُقْلتِه سيْفاً وكأَنَّ نُعاساً يُغْمدُهُ
فيُريقُ دمَ العشّاقِ به والويلُ لمن يتقلّدهُ
كلّا لا ذنْبَ لمن قَتَلَتْ عيناه ولم تَقتُلْ يدهُ
يا من جَحَدتْ عيناه دمِي وعلى خدَّيْه توَرُّدهُ
خدّاكَ قد اِعْتَرَفا بدمِي فعلامَ جفونُك تجْحَدهُ
إنّي لأُعيذُكَ من قَتْلِي وأظُنُّك لا تَتَعمَّدهُ
باللّه هَبِ المشتاق كَرَى فلعَلَّ خيالَكَ يِسْعِدهُ
ما ضَرَّك لو داوَيْتَ ضَنَى صَبٍّ يُدْنيكَ وتُبْعِدهُ
لم يُبْقِ هواك له رَمَقا فلْيَبْكِ عليه عُوَّدُهُ
وغداً يَقْضِي أو بَعْدَ غَدٍ هل مِنْ نَظَرٍ يتَزَوَّدهُ
يا أهْلَ الشوقِ لنا شَرَقٌ بالدّمعِ يَفيضُ مَوْرِدُهُ
يهْوى المُشْتاقُ لقاءَكُمُ وظروفُ الدَّهْرِ تُبَعِّدهُ
ما أحلى الوَصْلَ وأَعْذَبهُ لولا الأيّامُ تُنَكِّدهُ
بالبَينِ وبالهجرانِ فيا لِفُؤَادِي كيف تَجَلُّدهُ؟
قصيدة قصيدة صلوات في هيكل الحب لأبو قاسم الشابى
عذبة أنـت كالطفولـة كالأحـلام
كاللـحـن كالصـبـح الجـديـد
كالسماء الضحوك كالليلة القمـراء
كـالـورد كابتـسـام الـولـيـد
يالهـا مـن وداعــة وجـمـال
وشـبـاب مـنـعـم أمـلــود
يالها من طهـارة تبعـث التقديـس
فـي مهـجـة الشـقـي العنـيـد
يالها من رقة تكـاد يـرف الـورد
منهـا فـي الصخـرة الجلـمـود
أي شيء تراك ؟ هل أنت فينيـس
تهادت بيـن الـورى مـن جديـد
لتعيد الشبـاب والفـرح المعسـول
للعـالـم التـعـيـس العـمـيـد
أم ملاك الفردوس جاء إلى الأرض
ليحيـي روح الـسـلام العهـيـد
أنـت .. مـا أنـت رسـم جميـل
عبقـري مـن فـن هـذا الوجـود
فيه ما فيه مـن غمـوض وعمـق
وجـمـال مـقـدس مـعـبـود
أنت .ما أنت .. أنت فجر من السحر
تجـلـى لقـلـبـي المـعـمـود
فأراه الحياة فـي مونـق الحسـن
وجلـى لــه خفـايـا الخـلـود
أنت روح الربيع تختال في الدنيـا
فتهـتـز رائـعـات الـــورود
تهب الحياة سكـرى مـن العطـر
ويــدوي الـوجـود بالتغـريـد
كلمـا أبصرتـك عينـاي تمشيـن
بخـطـو مـوقــع كالنـشـيـد
خفق القلب للحيـاة ورف الزهـر
فـي حقـل عمـري المـجـرود
وانتشت روحـي الكئيبـة بالحـب
وغـنـت كالبلـبـل الـغـريـد
أنت تحيين فـي فـؤادي مـا قـد
مات فـي أمسـي السعيـد الفقيـد
وتشيديـن فـي خزائـب روحـي
ما تلاشى فـي عهـدي المجـدود
من طموح إلى الجمال إلـى الفـن
إلـى ذلــك الفـضـاء البعـيـد
وتبثين رقـة الأشـواق والأحـلام
والشـدو والهـوى فـي نشـيـدي
بعـد أن عانقـت كآبـة أيـامـي
فــؤادي وألجـمـت تغـريـدي
أنـت أنشـودة الأناشيـد غـنـاك
إلــه الغـنـاء رب القـصـيـد
فيك شب الشباب وشحـه السحـر
وشـدو الهـوى وعطـر الوجـود
وتهادت فـي أفـق روحـك أوزان
الأغـانـي ورقــة التـغـريـد
فتمايلـت فـي الوجـود كلـحـن
عبقـري الخيـال حلـو النشـيـد
خطـوات سكـرانـة بالأناشـيـد
وصـوت كرجـع نـاي بعـيـد
وقـوام يكـاد ينطـق بالألـحـان
فــي كــل وقـفـة وقـعـود
أنت .. أنت الحياة في قدسها السامي
وفـي سحرهـا الشجـي الفـريـد
أنت .. أنت الحياة في رقة الفجـر
فـي رونـق الربـيـع الولـيـد
أنـت .. أنـت الحيـاة كـل أوان
فـي رواء مـن الشبـاب جـديـد
أنت .. دنيا من الأناشيد والأحـلام
والسـحـر والخـيـال المـديـد
أنت فوق الخيـال والشعـر والفـن
وفـوق النهـى وفـوق الـحـدود
أنت قدسـي ومعبـدي وصباحـي
وربيعـي ونشـوتـي وخـلـودي
يا ابنة النـور إننـي أنـا وحـدي
من رأى فيـك روعـك المعبـود
فدعيني أعيش فـي ظلـك العـذب
وفـي قـرب حسنـك المشـهـود
عيشـة للجمـال والفـن والإلهـام
والطهـر والسـنـى والسـجـود
عيشة الناسك البتول يناجي الـرب
فـي نشـوة الـذهـول الشـديـد
وامنحيني السلام والفرح الروحـي
يـا ضـوء فـجـري المنـشـود
وارحميني فقد تهدمـت فـي كـون
مـن اليـأس والـظـلام مشـيـد
أنقذيني من الأسـى فلقـد أمسيـت
لا أستطـيـع حـمـل وجــودي
في شعب الزمان والمـوت أمشـي
تحب عـبء الحيـاة جـم القيـود
وأماشي الـورى وفسـي كالقبـر
وقلـبـي كالعـالـم الـمـهـدود
ظلمـة مالهـا خـتـام وهــول
شائـع فـي سكونهـا المـمـدود
وإذا مـا استخفـى عبـث النـاس
تبسمـت فـي أســى وجـمـود
بسمـة مــرة كـأنـي أسـتـل
مـن الشـوك دابـلات الــورود
وانفخي في مشاعري مـرح الدنيـا
وشـدي مـن عزمـي المجـهـود
وابعثي في دمـي الحـرارة علـي
أتغنـى مـع المنـى مـن جديـد
وأبـت الوجـود أنـغـام قـلـب
بلبـلـي مـكـبـل بالـحـديـد
فالصباح الجميل ينعـش بالـدفء
حـيـاة المحـطـم الـمـكـدود
أنقذينـي فقـد سئمـت ظـلامـي
أنقذينـي فقـد مللـت ركــودي
آه يا زهرتي الجميلة لـو تدريـن
مـا جـد فـي فـؤادي الموحيـد
في فؤادي الغريـب تخلـق أكـوان
مـن السحـر ذات حسـن فـريـد
وشمـوس وضــاءة ونـجـوم
تنثـر النـور فـي فضـاء مديـد
وربيـع كأنـه حـلـم الشـاعـر
فـي سكـرة الشـبـاب السعـيـد
ورياض لا تعرف الحلك الداجـي
ولا ثـورة الخـريـف العتـيـد
وطـيـور سحـريـة تتنـاغـى
بأناشـيـد حـلـوة التـغـريـد
وقصور كأنها الشفـق المخضـوب
أو طلـعـة الصـبـاح الولـيـد
وغـيـوم رقيـقـة تـتـهـادى
كأباديـد مـن نـثـار الــورود
وحيـاة شعريـة هــي عـنـدي
صورة مـن حيـاة أهـل الخلـود
كل هـذا يشيـده سحـر عينيـك
وإلـهـام حسـنـك المـعـبـود
وحـرام عليـك أن تهدمـي مــا
شاده الحسـن فـي الفـؤاد العميـد
وحرام عليـك أن تسحقـي آمـال
نفـس تصبـو لعـيـش رغـيـد
منك ترجـو سعـادة لـم تجدهـا
في حياة الورى وسحـر الوجـود
فالإلـه العظيـم لا يرجـم العبـد
إذا كـان فـي جـلال السـجـود
قصيدة القمر العاشق على محمود طه
إذا ما طاف بالشرفة ضوء القمر المُضنى
و رفّ عليكِ مثل الحلم أو إشراقة المعنى
و أنت على فراش الطهر ، كالزنبقة الوسنى
فضمى جسمك العارى ، و صونى ذلك الحسنا
. . .
أغار عليك من سابٍ ، كأن لضوئه لحنا
تدق له قلوب الحورأشواقاً إذا غنى
رقيق اللمس ، عربيدٌ ، بكل مليحةٍ يُعنى
جرىءٌ ، إن دعاه الشوق ، أن يقتحم الحصنا
. . .
أغار أغار إن قبل هذا الثغر أو ثنى
و لفَّ النهد فى لينٍ، وضم الجسد اللدنّا
فإن لضوئه قلباً و إن لسحره جفنا
يصيد الموجة العذراء من أغوارها وهنا
. . .
فردّى الشرفة الحمراء دون المخدع الأسنى
وصونى الحسن من ثورة هذا العاشق المضنى
مخافة أن يظن الناس فى مخدعك الظنا
فكم أقلقت من ليلٍ ، وكم من قمرٍ جنّا
قصيدة الأطلال لإبراهيم ناجى
يا فؤادي، رحم اللهُ الهوى كان صرحًا من خيال فهوى
اسقني واشربْ على أطلالِهِ وارو عني، طالما الدمع روى
كيف ذاك الحب أمسى خبراً وحديثاً من أحاديث الجوى
وبساطاً من ندامى حلم هم تواروا أبداً، وهو انطوى
***
يا رياحاً، ليس يهدا عصفها نضب الزيتُ ومصباحي انطفا
وأنا أقتات من وهم عفا وأفي العمر لناسٍ ما وفى
كم تقلبت على خنجره لا الهوى مال، ولا الجفنُ غفا
وإذا القلبُ - على غفرانِهِ كلّما غار به النصلُ عفا
***
يا غراماً كان مني في دمي قدراً كالموت، أو في طعمِهِ
ما قضينا ساعة في عرسِهِ وقضينا العمر في مأتمِه
ما انتزاعي دمعةً من عينِهِ واغتصابي بسمةً من فمِهِ
ليت شعري أين منه مهربي أين يمضي هاربٌ من دمِه ؟
***
لستُ أنساكِ وقد ناديتني بفمٍ عذبِ المناداة رقيقْ
ويد تمتد نحوي، كيدٍ من خلال الموجِ مُدّتْ لغريقْ
آه يا قِبلة أقدامي، إذا شكتِ الأقدامُ أشواكَ الطريقْ
وبريقاً يظمأ الساري لَهُ أين في عينيك ذيَّاك البريقْ ؟
***
لستُ أنساكِ، وقد أغريتني بالذرى الشم،فأدمنتُ الطموح
أنت روح في سمائي، وأنا لك أعلو، فكأني محضُ روح
يا لها من قمم كنّا بها نتلاقى، وبسرّينا نبوحْ
نستشف الغيبَ من أبراجها ونرى الناسَ ظلالًا في السفوح
***
أنتِ حسن في ضحاه لم يَزَلْ وأنا عنديَ أحزان الطَفَل
وبقايا الظل من ركب رحلْ وخيوطُ النور من نجمٍ أفلْ
ألمح الدنيا بعيني سئم وأرى حولي أشباحَ المللْ
راقصات فوق أشلاء الهوى معولاتٍ فوق أجداثِ الأملْ
***
ذهب العمرُ هباء، فاذهبي لم يكن وعدُك إلا شبحا
صفحةٌ قد ذهب الدهرُ بها أثبت الحب عليها ومحا
انظري ضِحكي ورقصي فرحا وأنا أحمل قلباً ذُبِحَا
ويراني النَّاسُ روحًا طائراً والجوى يطحنني طحن الرحى
***
كنت تمثال خيالي، فهوى المقادير أرادت لا يدي
ويحها، لم تدر ماذا حطمت حطمت تاجي، وهدت معبدي
يا حياة اليائس المنفرد يا يباباً ما به من أحد
يا قفاراً لافحات ما بها من نجي، يا سكون الأبد
***
أين من عيني حبيبٌ ساحرٌ فيه نبلٌ وجلالٌ وحياءْ
واثقُ الخطوةِ يمشي ملكاً ظالمُ الحسن، شهيُّ الكبرياء
عبق السحر كأنفاس الربى ساهم الطرف كأحلام المساء
مشرق الطلعة، في منطقه لغة النور، وتعبير السماء
***
أين مني مجلس أنت به فتنة تمت سناء وسنى
وأنا حب وقلب ودم وفراش حائر منك دنا
ومن الشوق رسول بيننا ونديم قدم الكأس لنا
وسقانا، فانتفضنا لحظة لغبار آدمي مسنا !
***
قد عرفنا صولة الجسم التي تحكم الحيّ، وتطغي في دماه
وسمعنا صرخة في رعدها سوط جلاد، وتعذيب إله
أمرتنا، فعصينا أمرها وأبينا الذلّ أن يغشى الجباه
حكم الطاغي، فكنا في العصاة وطردنا خلفَ أسوارِ الحياهْ
***
يا لمنفيين ضلا في الوعور دميا بالشوك فيها والصخور
كلما تقسو الليالي، عرفا روعة الآلام في المنفى الطهور
طردا من ذلك الحلم الكبير للحظوظِ السود، والليل الضرير
يقبسان النور من روحيهما كلما قد ضنت الدنيا بنور
***
أنت قد صيرت أمري عجبا كثرت حولي أطيار الربى
فإذا قلت لقلبي ساعة قم نغرد لسوى ليلى أبى
حجبتْ تأبى لعيني مأربا غير عينيك، ولا مطلبا
أنت من أسدلها، لا تدعي أنني أسدلت هذي الحُجُبا
***
ولكم صاح بي اليأس انتزعها فيرد القدر الساخر : دعها
يا لها من خطة عمياء، لو أنني أبصر شيئاً لم أطعها
وليَ الويل إذا لبيتُها ولي الويلُ إذا لم أتبعها
قد حنت رأسي، ولو كل القوى تشتري عزة نفسي، لم أبعها
***
يا حبيباً زرت يوماً أيكَهُ طائر الشوق، أغنيْ ألمي
لك إبطاءُ الدلالِ المنعمِ وتجني القادر المحتكمِ
وحنيني لك يكوي أعظمي والثواني جمرات في دمي
وأنا مرتقب في موضعي مرهفُ السمعِ لوقع القدم
***
قدم تخطو، وقلبي مشبه موجة تخطو إلى شاطئها
أيها الظالم : بالله إلى كم أسفح الدمع على موطئها
رحمةٌ أنت، فهل من رحمة لغريب الروح أو ظامئها
يا شفاء الروح، روحي تشتكي ظلمَ آسيها، إلى بارئها
***
أعطني حريتي اطلق يديّ إنني أعطيتُ ما استبقيتُ شيّ
آه من قيدك أدمى معصمي لم أبقيه، وما أبقى عليّ ؟
ما احتفاظي بعهود لم تصنها وإلام الأسر، والدنيا لديْ !
ها أنا جفت دموعي فاعفُ عنها إنها قبلك لم تبذل لحي
***
وهب الطائر من عشك طارا جفت الغدران، والثلجُ أغارا
هذه الدنيا قلوب جَمدت خبتِ الشعلةُ، والجمر توارى
وإذا ما قبس القلب غدا من رماد، لا تسلْهُ كيف صارا
لا تسل واذكر عذاب المصطلي وهو يذكيه فلا يقبس نارا
***
لا رعى الله مساء قاسياً قد أراني كلّ أحلامي سدى
وأراني قلبَ من أعبده ساخراً من مدمعي سخر العدا
ليت شعري، أي أحداث جـــر ت أنزلت روحك سجناً موصدا!
صدئت روحك في غيهبها وكذا الأرواح يعلوها الصدا
***
قد رأيت الكون قبراً ضيقاً خيّم اليأسُ عليه والسكوت
ورأت عيني أكاذيب الهوى واهياتٍ كخيوطِ العنكبوت
كنت ترثي لي، وتدري ألمي لو رثى للدمع تمثال صموت
عند أقدامك دنيا تنتهي وعلى بابك آمالٌ تموت
***
كنت تدعوني طفلا، كلما ثار حبي، وتندت مقلي
ولك الحق، لقد عاش الهوى فيّ طفلا، ونما لم يعقلِ
ورأى الطعنة إذ صوبتها فمشت مجنونة للمقتل
رمت الطفلَ، فأدمت قلبهُ وأصابت كبرياء الرجل
***
قلت للنفس وقد جزنا الوصيدا عجلي لا ينفع الحزم وئيدا
ودعي الهيكل شبت نارُه تأكل الركّعَ فيه والسجودا
يتمنى لي وفائي عودةً والهوى المجروح يأبى أن نعودا
لي نحو اللهب الذاكي به لفتة العود إذا صار وقودا
***
لست أنسى أبداً ساعة في العمرِ
تحت ريحٍ صفقتْ لارتقاصِ المطرِ
نوّحتْ للذكر وشكت للقمرِ
وإذاما طربت عربدت في الشجر
هاك ما قد صبت الريـــــ ـــح بأذن الشاعر
وهي تغري القلب إغـرا ء الفصيـح الفاجر :
" أيها الشاعر تغفو تذكر العهد وتصحو
وإذا ما التام جرحٌ جد بالتذكار جرحُ
فتعلم كيف تنسى وتعلم كيف تمحو
أو كـل الحب في رأ يـك غفـرانٌ وصفح ؟
***
هاك فانظر عدد الرمـــــــ ـــــل قلوباً ونساء
فتخير ما تشاء ذهب العمر هباء
ضل في الأرض الذي ينشد أبناء السماء
أي روحانية تعــــــ ــــصر من طين وماء؟ "
***
أيها الريح أجل، لكنما هي حبي وتعلاتي ويأسي
هي في الغيب لقلبي خلقت أشرقت لي قبل أن تشرق شمسي
وعلى موعدها أطبقت عيني وعلى تذكارها وسدت رأسي
***
جنت الريح ونادتــــ..........ــــــه شياطين الظلام
أختاماً ! كيف يحلو ..........لك في البدء الختام ؟
يا جريحاً أسلم الــــــــــجر..........ح حبيباً نكأهْ
هو لا يبكي إذا النـــــ..........ــــــاعي بهذا نبأه
أيها الجبار هل تصــــ..........ــــرع من أجل امرأه ؟
***
يا لها من صيحة ما بعثت عنده غير أليم الذكر
أرقت في جنبه، فاستيقظت كبقايا خنجر منكسر
لمع النهر وناداه له فمضى منحدرا للنهر
ناضب الزاد، وما من سفر دون زاد غير هذا السفر
***
يا حبيبي كل شيء بقضاء ما بأيدينا خلقنا تعساء
ربما تجمعنا أقدارنا ذات يوم بعدما عزّ اللقاء
فإذا أنكر خلٌّ خلَّه وتلاقينا لقاء الغرباء
ومضى كلٌّ إلى غايته لا تقل شئنا،وقل لي الحظ شاء !
***
يا مغني الخلد، ضيعت العمر في أناشيد تغنى للبشر
ليس في الأحياء من يسمعنا ما لنا لسنا نغني للحجر !
للجمادات التي ليست تعي والرميمات البوالي في الحفر
غنها، سوف تراها انتفضت ترحم الشادي وتبكي للوتر
***
يا نداء كلما أرسلته رد مقهوراً وبالحظ ارتطم
وهتافاً من أغاريد المنى عاد لي وهو نواح وندم
رب تمثال جمال وسنا لاح لي والعيش شجو وظلم
ارتمى اللحن عليه جاثياً ليس يدري أنه حسن أصم
***
هدأ الليل ولا قلب له أيها الساهر يدري حيرتك
أيها الشاعر خذ قيثارتك غنّ أشجانك واسكب دمعتك
رب لحن رقص النجم له وغزا السحب وبالنجم فتك
غنّهِ، حتى ترى سترَ الدجى طلع الفجرُ عليه فانهتك
***
وإذا ما زهرات ذعرت ورأيت الرعب يغشى قلبها
فترفق واتئد واعزف لها من رقيق اللحن، وامسح رعبها
ربما نامت على مهد الأسى وبكت مستصرخات ربها
أيها الشاعر، كم من زهرة عوقبت، لم تدر يوماً ذنبها !
قصيدة أنت دير الهوى وشعري صلاة لمحمود حسن إسماعيل
أقبلي كالصلاة
أقبلي كالصلاة رقرقها النسك
بمحراب عابد متبتل
أقبلي أية من الله علينا
زفها للوجود وحيُ مُنزَل
أقبلي كالجراح طمأي
وكأس الحب ثكلي
والشعر ناي معطل
أنت لحنُ علي فمي عبقري
وأنا في حدائق الله
بلبل
أقبلي قبل أن تميل بنا الريح
ويهوي بنا الفناء المعجل
زورقي في الوجود حيران
شاك ، مثقل باسي
شريد مضلل
أزعجته الرياح واغتاله الليل
بجنح من الدياجير مسبل
***
أقبلي يا غرام روحي فالشط
بعيد والروح باليأس مثقل
أنت نبعي وأيكتي وظلالي
وخميلي وجدولي المتسلسل
أنت لي واحة أفيء إليها
وهجير الأسي بجنبي مشعل
أنت ترنيمه الوجود بشعري
وأنا الشاعر الحزين المبلبل
أنت كأسي وكرمتي ومُدامي
والطلا من يديك سكر محلل
أنت فجري علي الحقول حياة
وصلاة ونشوة وتهلل
***
أنت طيف الغيوب
رفرف بالرحمة والطهر والهدي
والتبتل
أنت لي توبة
إذا زل عمري
وصحا الأثم في دمي وتململ
أنت لي رحمة
براها شعاع
هلي من أعين السما وتنزل
أنت صفو الظلال
تسبح في النهر
وتلهو علي ضفاف الجدول
أنت عيد الأطيار فوق الروابي
أقبلي، فالربيع للطير أقبل
أنت هولي وحيرتي
وجنوني
يوم للحسن زهوة وتدلل
أنت نبع من الحنان
عليه أطرق الفن ضارعا يتوسل
***
فتعالي نغيب عن ضجة الدنيا
ونمضي عن الوجود ونرحل
وإلي عشنا الجميل
ففيه هزج للهوي
وظل وسلسل
ووفاء يكاد يسطع الدنيا
بشرع إلي المحبين مرسل
عاد للغش كل طير
ولم يبق سوي طائر شريد مخبل
***
هو قلبي الذي تناسيت بلواه
فأضحي علي الجراح يولول
أقبلي .. قبل أن تميل به الريح
ويهوي به الغناء المعجل
أقبلي
فالجراح ظمأي
وكأس الحب ثكلي
والشعر ناي معطل
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة