من المعروف تاريخياً أن الاستعمار بكل جنونه وبشتى أساليبه دائماً ما يستغل ورقة للأقليات الدينية والعرقية بهدف التدخل فى شؤون الدول، وورقة الأقباط هى ورقة قديمة حديثة منذ الحروب الصليبية وحتى الآن، ومع تطور الأشكال الاستعمارية تطورت أساليب التحجج والتلكك فى استغلال تلك الورقة، خاصة بعد زرع الدولة الصهيونية فى فلسطين فهنا أصبح مخطط تقسيم المنطقة على أسس طائفية واردا وقائما، ولذا قد وجدنا الاستعمار الأمريكى الجديد وريث الاستعمار الاستيطانى القديم يغير طريقة التدخل المباشر إلى شكل قانونى زائف، فرأينا أمريكا بعد استغلال حقوق الإنسان ومنظماته الممولة والثابتة وبأسلوب الضغط والتهديد والإملاء كان قد صدر قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة 135/47 فى 28/2/1992 «وحتى يأخذ الشكل القانونى» بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أوإثنية أو أقليات دينية، فإذا وقع عليهم اضطهاد ممنهج من الأنظمة والحكومات هنا يحق للمجتمع الدولى التدخل لحماية هذه الأقليات، ولما كانت أمريكا هى حامى حمى الحقوق الإنسانية فى العالم، فقد صدر قانون من الكونجرس الأمريكى يعطى أمريكا الحق فى متابعة هذه الحقوق وتقوم الخارجية الأمريكية عن طريق عملائها من تلك المنظمات بكتابة تقرير نصف سنوى عن الحالة الدينية فى العالم يقدم للإدارة والكونجرس حتى يتم استغلاله ضد الدول عند اللزوم، واللزوم هنا يخضع لعلاقة أمريكا بهذه الدول وتحديد التوقيتات التى يتم فيها الضغط، ولذا وجدنا تلك الورقة وهذه الحجة السخيفة تخرج كل حين يكون هناك موقف غير متطابق مع ما تريد أمريكا أو بهدف الضغط لإملاء موقف ما على هذه الدول، وبالطبع رأينا ونرى استغلال أمريكا تلك الورقة الحقوقية بشكل عام والقبطية بشكل خاص، هنا ما هو ذلك الاضطهاد الممنهج؟ هو ذلك الاضطهاد وتلك المعاملة التى تفرق بين مواطن وآخر بسبب الدين أو الجنس أو اللون أو اللغة.. إلخ على أن يكون ذلك حسب الدستور والقانون أى أن يكون اضطهاداً ممنهجاً ومدستراً ومقنناً مثل ما كان فى أمريكا ضد السود أصحاب الأرض الأصليين.. والذى مازالت بقايا المعاملات ضد السود قائمة حتى الآن، فهل هنا فى مصر يوجد هذا الاضطهاد الممنهج والمقنن؟ منذ دستور 1923 ولا يوجد دستور أو قانون يفرق بين مصرى وآخر، فدستور 2014 يساوى بين كل المصريين ولا يميز بينهم لأى سبب كان ذلك فى مادته 53، فهل يوجد مشاكل للأقباط؟ نعم يوجد هناك مشاكل وتمييز فى بعض الحالات لا عن طريق تشريع يفرق ولكن هى تراكمات تاريخية فى الإطار الاجتماعى والثقافى متوارثة منذ مئات السنين، نتيجة لممارسات طائفية أوجدت مناخاً طائفياً أفرزت فرزاً طائفياً يميز بين مسلم ومسيحى أى أن المجتمع يعانى بلا شك بعض التمييز نتيجة لهذه الثقافة الطائفية والتى يستغلها ويسترزق منها تجار الأديان من هنا ومن هنا، ومن الطبيعى أن تخضع الأنظمة الحاكمة فى كثير من الأحيان لتلك الثقافات الطائفية والمتخلفة، خاصة عندما يوجد ما يستغل هذه الثقافات حتى تشكل رأيا عاما يصحب مواجهته، فمثلاً رأينا قانون بناء الكنائس وقلنا وسنقول إن القانون هو خطوة فى طريق شاق وطويل، فالقانون بالرغم من أهميته لا يكفى فى مواجهة تلك الثقافة الطائفية، ولكن تصبح المسؤولية مشتركة بين النظام وبين كل وجميع مؤسسات الدولة الدينية والتعليمية والإعلامية والأهلية، فهل هناك موقف واضح من الدولة؟ لا شك فإن موقف السيسى من هذه القضية واضح ويريد بكل ما يملك تحقيق المواطنة لكل المصريين على أرض الواقع تطبيقاً للدستور وتفعيلاً للقانون، فلأول مرة يذهب رئيس إلى الكنيسة لتهنئة الأقبال ومرسلاً رسالة عالية الصوت للسلفيين الذين يحرمون جهلاً المعايدة على الأقباط، رأينا الدولة تقوم بإعادة بناء كل الكنائس التى تم حرقها فى 14/8/2013 بعد فض رابعة والنهضة.
رأينا الدولة تقوم بضربة جوية ضد دواعش ليبيا الذين ذبحوا المصريين.
يقوم السيسى بتصدر جنازة شهداء البطرسية، يعامل شهداء الأقباط كشهداء الوطن دون تمييز بالرغم من تلك الأفكار المتخلفة التى تحاسب البشر وتمنح وتمنع الشهادة لمن تريد فقط.
وبالرغم من هذه الممارسات العملية لمواجهة الطائفية نقول إن الطريق طويل وتغيير تلك الثقافة شاق، ولكن هذه الممارسات وتلك السياسات هى البداية الصحيحة لتطبيق القانون بحزم وحسم على الجميع ومنع ما يسمى بالجلسات العرفية وتجديد الفكر الدينى لمحاصرة المتاجرين بالدين حتى يكون هناك قبول للآخر أى وكل الآخر، فماذا تريد أمريكا عندما ترسل بكل تبجح بنس لكى يناقش مشاكل الأقباط؟ وماذا يهدف الكونجرس بقانون حماية الأقباط؟ وما هدف تحويل منح واتفاقيات أمريكية لصالح الأقباط؟ هل هذه ممارسات تحل مشاكل الأقباط بالفعل؟ لا وألف لا.. هذه ممارسات ومقاصد تريد شق الوطن وتكريس الفتنة وتفتيت التوحد المصرى؟ أمريكا لا تملك أن تضع عسكريا على كل قبطى لحمايته حتى ولو ملكت، هذا الأسلوب يفرق بين المصريين بما يزيد من الطائفية ويُستغل من السلفيين وأمثالهم لإثارة الشباب المتحمس وغير الواعى، الأقباط رفضوا على مدى التاريخ أى تدخل من أى من كان ومازالوا وسيظلوا، ولماذا لم تتدخل أمريكا فى عام الإخوان عندما اعتدوا على الكاتدرائية وحرقوا الكنائس؟
لم نسمع صوتاً لأنهم راضون عن الإخوان.. فالمصلحة الأمريكية أهم من كل الأقباط، بدأنا طريق المواطنة وسنستمر فيه، لا يحمى ولا يحل مشاكل الأقباط غير كل المصريين وعلى أرض مصر، والأقباط غير المأجورين المتأمريكيين المتاجرين بالأقباط. حمى الله مصر وشعبها العظيم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة