دقت ساعة العمل ونقطة المواجهة وإعادة التقييم لأداء شخصيات ومؤسسات الوطن، فلا شك أننا فى مرحلة صعبة وأيام ضاغطة وحرجة، مما تجعلها تحتاج الكثير من التغيرات فى الوجوه وفى السياسات لتنسجم مع رؤية مصر المستقبلية وخطوات وأداء الرئيس عبدالفتاح السيسى، فهو يحلم ويخطط وينفذ ويراعى ويتابع من جهة، وهناك من يعرقل ويشوه ويشكك ويستعرض بجهود غير فعالة وهدامة من جهة أخرى، لذا وجب إعادة تقييم أداء بعض المسؤولين على كافة المستويات، وزير، محافظ، أو إعلامى، أو مسؤول صغير، أو كبير، هذا طبعا على المستوى الداخلى، ولا يسمح لأحد أن يتعدى الحدود فى المفردات والأداء، فلا حروب مع الأشقاء ولا تعدى بالألفاظ، ولا تخريب فى العلاقات، لأن كل وقت ومال وطاقة تهدر فى الحرب والخلاف أولى بها المواطن الغلبان أو فرصة من الاستثمار الذى يحتاج استقرارا وأمانا.
أما على المستوى الخارجى، فهذا الأسبوع مبهر من أخبار وتحركات، فقد خرج علينا الرئيس الإيرانى، حسن روحانى ليؤكد بوضوح أن إيران قد وقفت وستقف إلى جانب الحكومة القطرية، وهذا، على حد تعبيره، وذلك كان بمناسبة استقباله لرئيس البرلمان القطرى، أحمد آل حمود، وأضاف رئيس إيران روحانى: «إن إيران وقطر كانتا ولازالتا ترتبطان بعلاقات طيبة، ووقفتا جنبا إلى جنب فى مختلف الظروف»، مشددا على أن «أسلوب ممارسة الضغوط على قطر بأى شكل من الأشكال مرفوض»، وبدوره قال رئيس البرلمان القطرى إنه يدعم ويشيد بمواقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية تجاه قطر وما قدمت لها من الدعم، سيما عندما كانت تمر بظروف صعبة، وأعرب عن ارتياحه للعلاقات الودية بين قطر وإيران «القائمة على مبدأ حسن الجوار»، مؤكدا أن «قطر تقف بوجه المؤامرات بمزيد من الاقتدار، وذلك بدعم من اصدقائها تركيا وإيران.
وهنا نقف فى التحليل لتفسير أن تعدد أوجه هذه الحملة يكشف عن وجود أجندة قطرية ممنهجة ومتمثلة فى تحركات وتصريحات تستهدف استفزاز الإمارات فى مسعى لإثارة أزمة، لتعيد القضية إلى الواجهة، على أمل أن تنجح مرة أخرى للفت النظر وفى كسب تعاطف دولى فشلت عدة مرات فى الحصول عليه، بالرغم من حملاتها الإعلامية والدبلوماسية لأكثر من ستة أشهر.
إن زيارة أمير قطر تميم بن حمد آل ثانى منذ أيام إلى تركيا بالتزامن مع هذه الحملة تهدف إلى الإيهام الإعلامى بأن الدوحة مضطهدة من دول الجوار وفى خطر، ومحاولة إعطاء نوع من الشرعية داخليا على الاستنجاد بالحماية الإيرانية والتركية، وهى خطوة سبق أن لاقت معارضة من شخصيات بارزة داخل الأسرة الحاكمة، فضلا عن رفض خليجى واسع لتحويل قطر إلى ثكنة عسكرية كبرى يختلط فيها الوجود التركى بالإيرانى بالأميركى لتتحول إلى بؤرة تهديد، وهذه الزيارة هى الثانية لأمير قطر إلى تركيا فى خلال شهر بعد الزيارة التى قام بها فى الشهر الماضى، وذلك للمشاركة فى قمة التعاون الإسلامى فى إسطنبول بشأن القدس، وبعد شهرين من زيارة للرئيس التركى رجب طيب أردوغان إلى الدوحة فى منتصف نوفمبر الماضى
.
إذًا التنسيق شهرى لفتح أبواب توتر على العرب من إعلام وشائعات وتصريحات وتحركات، وباتهام لمصر والإمارات والسعودية.. فقد قادت قناة الجزيرة خلال الأسابيع الأخيرة حملة تشويه ضد السعودية من خلال نشر فبركات واعتماد تسريبات أخرى وأخبار وتحليلات وهمية ضد مصر والسعودية، فضلا عن تقارير منحازة للمتمردين الحوثيين ومن ورائهم إيران فى اليمن، وتشويه أغلب العمليات العسكرية للتحالف العربى.
وعادت قناة الجزيرة مرة أخرى خلال الأسابيع الماضية إلى الانخراط فى المطالبة بتدويل الرقابة على الحج، وبثت تقارير تتهم السعودية بتسييسه وطمس الآثار الدينية، فى مجاملة واضحة مع عدد من تصريحات ومواقف إيران.
وقامت بالتصعيد مؤخرا بأسلوب القرصنة الجوية وأعلنت الإمارات أن قطر قامت باستهداف الإمارات من خلال مقاتلة قطرية قامت بالاعتراض الجوى لطائرة مدنية إماراتية، وطائرة مدنية أخرى خلال مرحلة نزولها إلى مطار البحرين الدولى، فى تحول جديد فى الأزمة الخليجية.
إذًا استعراض بالتصريحات التركية القطرية من جهة والإيرانية القطرية من جهة، وتحرك جوى من قطر على الإمارات يتحول لصندوق رسائل مفخخة من الحلف الجديد نحو الرباعى العربى الذى استمر فى المقاطعة لقطر أمام تعنتها وتورطها فى التدخل فى الأمن والاستقرار لهذه الدول، هذا بداية تحتاج لتحول الملف إلى منطقة أخرى تجبر على الردع والحسم بخطوات احترافية.
وعلى الجانب الآخر، تتحرك مصر فى قضية فلسطين بقوة، وترسل رسائل للعالم بعدم الاستسلام لقرارات ترامب وتقف بشموخ أمام تعنت أمريكا وإسرائيل برفض إعطاء الحقوق المشروعة والمسجلة فى الأمم المتحدة للشعب الفلسطينى، وقد بدأ فى القاهرة، أمس، مؤتمر الأزهر العالمى لنصرة القدس، المنعقد بقاعة مؤتمرات الأزهر بمدينة نصر، وتصدح فيروز بأغنيتها الشهيرة للقدس داخل أروقة القاعة، وذلك بمشاركة وفد يهودى من حركة ناتورى ضد الصهيونية، وهذه رسالة واضحة مفخخة لكل صهيونى.. الجلسة الافتتاحية للمؤتمر تضمنت كلماتٍ للإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين، والرئيس محمود عباس، رئيس دولة فلسطين، والبابا تواضروس، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، والدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامى، وأحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، ومرزوق الغانم، رئيس مجلس الأمة الكويتى، والشيخ الدكتور صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، وزير الشؤون الإسلامية السعودى، والدكتور مشعل بن فهم السلمى، رئيس البرلمان العربى، والدكتور أولاف فيكس تافيت، الأمين العام لمجلس الكنائس العالمى، والدكتور محمد العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامى.
إذًا هناك موقف مصر ضمير الأمة، حيث تضع القضية الفلسطينية فى الصدارة من جديد، وليس إيران أو تركيا هما من يحمى قضية فلسطين، وهذه رسالة لمن يدركها تعنى الكثير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة