أسبوع على التسريبات الإعلامية الجديدة التى يتصدر بطولتها عزمى مجاهد، وسعيد حساسين ووليد حسنى ومفيد فوزى والفنانة يسرا، بدا الأمر فى البداية كضربة صحفية كبيرة لصحيفة النيويورك تايمز التى وصلتها التسجيلات، ثم انتهى بعد يومين إلى فضيحة كبيرة لها لأنها وقعت فى فخ وهمى لتسجيلات مضروبة نشرت تفاصيلها على صفحاتها على أنها حقيقية، وكان أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية هم من نصبوا لها هذا الفخ.
توقفت نيويورك تايمز عن النشر، وانطلقت مسيرة القنوات الإخوانية فى أسطنبول، قناتا الشرق ومكملين أذاعتا التسجيلات فى نفس يوم النشر ليلا، وقسماها لأجزاء بعد أن انتهيا من تقريغها وكتابة مضمونها على الفيديوهات وقت إذاعتها، مع استخدام جانب كبير من الإثارة من عينة إعلانات يومية لأسماء كبيرة ستظهر فى التسجيلات وتحدث مفاجأة كبرى.
5 أيام من الإذاعة المتراصلة للتسجيلات، بدا واضحا فيها عدد من الملاحظات الجوهرية، أهمها اقتطاع التعريفات المستخدمة فى بداية التليفونات بين طرفى التسجيل واستخدام الضابط المزعوم أشرف الخولى لنفس العبارات فى كل التسجيلات دون تغيير، فضلا عن جهله بميعاد برنامج أحد المذيعين فى قناة العاصمة المفروض أنه يتابعها ويراقبها بامتياز.
مع نهاية الأسبوع، تأكد الجميع أن التسجيلات مفبركة، شخص وهمى من جماعة الإخوان الإرهابية، يمتلك هاتف «رقم خاص»، اتصل بعدد من الإعلاميين الذين وقعوا فى الفخ للأسف.
السؤال هنا، لماذا تستمر قنوات الإخوان الإرهابية على استكمال إذاعة التسجيلات رغم تأكد فبركتها وعدم صحة أطرافها، وهل تحرص هذه القنوات بالأساس على تصدير رسالة إعلامية صادقة ليس للمصريين ولكن لجمهورها من قاعدة الإخوان، لماذا تحرص القنوات على تخصيص حلقات نقاشية للتعليق على التسجيلات دون النظر لما انكشف من زيفها؟
الحقيقة أن الإجابة تكمن فى أن الإعلام الإخوانى يحترف صناعة الكذب، تأليف وتنفيذ وإخراج وتصدير المنتج النهائى على أنه واقع، هم من خططوا للتسجيلات وهم من أجروها وسجلوها وأخضعوها لعمليات مونتاج وأعدوها للإذاعة تليفزيونيا، ثم قدموها على أنها تسجيلات حقيقية وصلت إليهم من مصادر موثوقة، وكل هذه المسارات ما هى إلا مراحل صناعة الكذب الإعلامى، وأعتقد أنه بنظرة واحدة لوجه محمد نصر ومعتز مطر ستكتشف كم الزيف فى برامجهما، كم التلون، الادعاء والتمثيل أيضا.
كلاهما لا يريد تقديم إعلام بمضمون لجمهوره على الأقل من الإخوان، هو يقدم إعلاما مزيفا ينشر به الحقد ومزيدا من المعلومات المضللة، إعلام محاط برائحة الكذب، ولا يفرق معه إن كان مشاهده يشعر بمصداقية أو عدم مصداقية ما يقدم، هو يكذب ويستمر فى الكذب.
واقعة التسجيلات لم تفد الإخوان بقدر ما أضرت إعلامهم، فعلا وقع عدد من إعلاميينا فى الفخ، ولكن سقطوا هم من جديد فى بئر صناعة الكذب الإعلامى، تبين أن التسجيلات مفبركة ولا يزالون يقدمونها على اعتبارها انفراد، ثبت أن الضابط المزعوم أشرف الخولى ينتمى إليهم ولا يزالون يقدمونه على أنه ضابط بجهة أمنية، وكل هذا يدفعنا لأن نؤكد أن إعلامهم لا يهتم حتى بجمهورهم من الإخوان، هم فقط يغذونهم من الجهل والكذب الإعلامى.
الحقيقة، وللإنصاف، أن التسريبات كشفت أيضا عن جانب كبير من الخلل لدى إعلامنا بقنوات محددة، ما يحتاج من الدولة والنخبة والقائمين على الصناعة التفكير من جديد عن مفهوم رسالتنا الإعلامية وقصدنا منها وعائدها على الوطن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة