- مسؤول إحدى الأكاديميات لـ«اليوم السابع» : «قول إنك أخصائى مش دكتور عشان منرحش فى داهية».. عضو نقابة الصيادلة: لا توجد مهنة اسمها أخصائى أعشاب فى مصر.. وكفاية فهلوة
«شغلتك على المدفع إيه؟».. أخصائى علاج بالنباتات الطبية.. من أين حصلت على شهادتك؟.. من أكاديمية الدكتور فلان الفلانى.. هل تملك تصريحا لمزاولة المهنة؟.. أنا أعمل كعطار.. إذًا هل لديك خبرة فى مجال العطارة؟.. لا لكن حصلت على كورس تعليمى لمدة أسبوع.
الحوار السابق يُلخص لك ما يمكن أن يطلق عليه «سبوبة العلاج بالنباتات الطبية»، من أشخاص لا ينتمون إلى عالم العطارين أصحاب الخبرات وليس لديهم مؤهل دراسى كأطباء، وهذا ما كشفته «اليوم السابع» فى التحقيق التالى..
تنتشر عبر صفحات موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» إعلانات لأكاديميات تقدم كورسات تعليمية للراغبين فى العمل بمجال الأعشاب، إحدى هذه الأكاديميات أعلنت عن دورتها فى فيديو لمدة دقيقتين وكان أبرز ما جاء فيه: «لكل من يبحث عن عمل فى مجال الأعشاب الطبية، توفر الأكاديمية فرص عمل بالخارج، أو مشروعا صغيرا فى مجال الأعشاب والعطارة، وتقوم الأكاديمية بعملية الدعم والمساعدة حتى يقف المشروع على قدميه».
وجاء فى إعلان الأكاديمية أيضًا: «وفى نهاية الدورة تعطى الأكاديمية شهادة معتمدة من الخارجية للعمل بها كأخصائى أعشاب، لكل من يريد أن يعرف طرق عمل الكريمات أو الدهانات أو النباتات العشبية»، وتم توضيح بعض النقاط كالتالى: «مدة الدبلومة شهر واحد فقط بعدها يمنح المتدرب شهادتين، الأولى موثقة ومعتمدة، والأخرى شرفية، يوجد منهج مطبوع للدبلومة، والدراسة فترة صباحية وأخرى مسائية، كما يحاضر فى الدبلومة الخبير والباحث الدولى والمدرب المعتمد»، وتم ذكر عدد من الجامعات المحلية والدولية.
كيف تصبح أخصائى أعشاب فى 7 أيام؟
وفى نهاية الإعلان تم وضع رقم للحجز والاستعلام للراغبين فى الحصول على الدبلومة، وبناء عليه اتصلت «اليوم السابع» بهدف الالتحاق بدوراتهم التدريبية، وأجاب شخص عرف نفسه أنه مدير أعمال الدكتور مالك الأكاديمية والمحاضر فى دوراتها المختلفة.
فى بداية المكالمة سأل المسؤول بالأكاديمية: أنت شفت الإعلان فين؟.. هل على فيس بوك أم مكان تانى؟.. وحضرتك منين وخريج إيه؟.. والإجابة رأيت الإعلان عبر فيس بوك، وأنا من الجيزة وخريج كلية التجارة، ليرد: لا للأسف الكورس لطلبة العلاج الطبيعى والعلوم والزراعة، وبعد إبلاغه أن الإعلان لم يتضمن أى إشارة لما يقوله، بل على العكس كان هناك تأكيد على أن الكورس متاح لكل الراغبين للعمل فى مجال العلاج بالأعشاب، استدرك المسؤول بالأكاديمية حديثه قائلا: «بالفعل هذا الكلام كان عند بداية الكورس وأقبل عليه الكثيرون من خريجى الكليات المتنوعة كالتجارة والحقوق وغيرها، وفى ظل هذا الإقبال قلنا إنه لابد أن يعمل فى المجال المتخصصون فقط»، وحول سؤال لماذا كان الإعلان من الأساس إذا كنتم تريدون متخصصين؟ أجاب: «المشكلة أن الشباب الذين حصلوا على الكورسات رغم أنهم نجحوا فى عملهم بعد الحصول على الدورات التدريبية وأصبح عليهم إقبال من الزبائن، إلا أنهم قالوا على أنفسهم أطباء مما كاد يسبب مشكلة كبيرة للدكتور».
مشكلة انتحال صفة طبيب
وحول أزمة ادعاء بعض الحاصلين على الأكاديمية أنهم أطباء يقول المسؤول بالأكاديمية: «هدفنا فى بداية الكورس كان تعليم الجميع، وبالفعل هذا ما تم ونجح الكثيرون فى اجتياز الدورات وحصلوا على شهادات، وحققوا نجاحات كبيرة فى سوق العمل، لكن المشكلة أن بعضهم غرهم النجاح والإقبال عليهم بعد نجاحهم فى علاج بعض زبائنهم وأسعدهم لقب طبيب، وللأسف بعضهم صدق نفسه بأنه طبيب بالفعل»، مضيفًا: «نجاح بعض الحاصلين على الكورس فى عملهم، ومحاولة ادعاء أنهم أطباء سواء كان بحسن أو سوء نية دفعنا للتخلص من هذه المشكلة عبر غلق الكورس على طلاب أو خريجى كليات الزراعة والعلوم والصيدلة والعلاج الطبيعى حتى نكون فى الأمان، لأن البعض سألهم من أين حصلوا على الشهادة وتم ذكر اسم الدكتور مالك الأكاديمية».
ويوضح المسؤول بالأكاديمية: «الحاصلون على الدبلومة من الأكاديمية يتخرجون كأخصائيين تغذية أو نباتات طبية لتفادى المشاكل السابقة»، مضيفًا: «للعلم نعطى خريج الأكاديمية شهادة مدرب معتمد فى مجال النباتات الطبية من أحد المعاهد الأمريكية، مع الإشارة إلى إمكان العمل بهذه الشهادة فى أى مكان بالعالم باستثناء مصر، لذا ينبغى الاتفاق مع عطار أو طبيب للعمل تحت ستارهما، بخلاف ذلك فإننا نساعدك أيضًا فى تحديد الأماكن التى ستمارس فيها عملك الجديد».
«وأريد أن أخبرك بكل صراحة حتى تكون فى الصورة».. هكذا تابع مسؤول الأكاديمية حديثه، قائلا: «كل الدبلومات التى يتم الإعلان عنها عبر شاشات التليفزيون وتقول لك الشهادات موثقة من الخارجية هى شهادات مضروبة لأنها ببساطة لابد أن تكون خاضعة لإشراف وزارة التعليم العالى، مثلما الحال عندما توثق شهادتك إذا جاءت لك فرصة سفر للخارج».
وتعليقًا على طبيعة الشهادات التى تمنحها أكاديميته يقول: «نقوم بخطوة جيدة وهى تسجيل الشهادة بالشهر العقارى على أنها شهادة خبرة وممكن تشتغل بيها يعنى مثلاً لو عملت فى محل عطارة وتم الإبلاغ عنك أنك مثلا تسببت فى موت أشخاص يمكن للشهادة الممنوحة لك من قبل أكاديميتنا أن تساعدك على إثبات عملك بالمجال وفقا لدراسة وليس مجرد هواية فقط».
وردا على الاستفسار حول مدى التحاق أحد أقاربى الطالب بكلية العلاج الطبيعى الفرقة الثالثة بالكورسات، قال مسؤول الأكاديمية: «يمكن بكل تأكيد، ويصلح له دبلومات التغذية وعلم النباتات، والميزة المهمة بالأكاديمية أنها تعرفك كيف توظف نفسك فى سوق العمل؟ وكيف تسوق لنفسك، فالتسويق مهم جدا، لأن المسألة ليست مجرد علم وخلاص»، مضيفًا: «بالنسبة لحالة قريبك يمكنه جمع عشرة من أصدقائه على الأقل ويؤجروا قاعة ليقوم الدكتور بالسفر إليهم وإعطائهم الكورس ثم يعطيهم كل الشهادات اللازمة».
وحول تفاصيل الدورات المقدمة من الأكاديمية: «فى البداية كان الكورس تتراوح مدته من 5 إلى 6 أشهر، لكن عندما وجدنا حالة من الإقبال قام الدكتور بتقديم الدورة فى شكل مستويات كل منها يستغرق 7 أيام، تتضمن الأساسيات التى يحصل عليها الطالب ثم يخرج لسوق العمل، وإذا وجد أنه فى حاجة لمعلومات أخرى يعود للحصول على مستويات أخرى متقدمة، وأيضًا هناك دورات يُعطيها أستاذ تحاليل طبية، تمكن الطالب من قراءة التحاليل الطبية، وكذلك توجد كورسات خاصة بالتغذية، مما يعنى أن خريج الأكاديمية سيكون شاملاً بعد اجتيازه الدورات».
المستوى الواحد بـ1500 جنيه
ويتابع مسؤول الأكاديمية حديثه: «الأسعار لدينا تبدأ من 1500 جنيه وانت طالع، كل سعر على حسب الشهادة، وضيف إلى اعتبارك أن مجتاز الدورات يحصل على شهادة خبرة فى الشركة التابعة لصاحب الأكاديمية، وهى شركة مصرح بها ولها سجل تجارى وشهادة مزاولة نشاط، مما يعنى أنك إذا أردت العمل فى أى شركة فإن تلك الشهادة ستفيدك».
ويختتم المسؤول بالأكاديمية حديثه قائلا: «الفرع الرئيسى لأكاديميتنا بالغربية، ولابد من حضور مقابلة شخصية مع الدكتور حتى يحدد إذا كان الشخص سيلتحق بالكورسات أم لا؟، وهذا التفصيلة أضفناها بعد أزمة إطلاق البعض على أنفسهم أنهم دكاترة، وسيشدد عليك أنك ستصبح أخصائى لا أكثر ولا أقل، وسيكون معك شهادات تثبت ذلك، وبهذا فإن الدكتور يؤمنك لأنك فى مصر مهما تكون ناجحا لابد أن تمتلك أوراقا رسمية، والشهادة نعطيها لك لتضع أصبعك فى أعين من ينكر تخصصك».
ماذا يفعل خريجو تلك الأكاديميات؟
بخلاف الأكاديمية المُشار إليها فيما سبق، يوجد العديد من الحالات الأخرى التى تنتشر إعلاناتها على السوشيال ميديا منها بعض المراكز تدعى تخصصها فى العلاج بالأعشاب والنباتات الطبية، والتى تتوسع فى نشاطها عبر إعطاء دوراتها فى الدول العربية مثل موريتانيا والمغرب.
ويستغل بعض من خريجى تلك الأكاديميات الشهادات التى يحصلون عليها لمزاولة المهنة، والدعاية لأنفسهم عبر المنافذ المختلفة، وبالتأكيد منها شبكة الإنترنت سواء فى المدونات المتخصصة أو عبر صفحات السوشيال ميديا، فتجد على سبيل المثال إعلانات لشخص يقول إنه حاصل على دبلومة العلاج بالأعشاب الطبيعية الطبية وأخصائى الحجامة، وينهى إعلانه بأن الزائرين سيجدون ما يرضيهم، بينما يُنشئ آخرون صفحات لأنفسهم يقومون بنشر الوصفات المختلفة عبرها من أجل الدعاية لأنفسهم، وأحدهم رغم ادعاءه أنه أخصائى نباتات طبية لكن فى نفس الوقت يكتب على بروفايله الشخصى أنه موظف بإحدى الجهات الحكومية، والأكثر إثارة أن بعضهم يقدم وصفات لعلاج أمراض مثل الخلايا السرطانية، والتى يعجز كبار الأطباء بالعالم أمامها حتى الآن.
ويوجد آخرون يقدمون برامج تليفزيونية على فضائيات غير معروفة، ويعلنون عن دوراتهم فى دول عربية مختلفة، ويمنحون الأشخاص الذين يتلقون لديهم الدورات شهادات معتمدة من هيئات غير معروف هويتها، فلا هى تتبع جامعة معتمدة ولا هيئة أو نقابة رسمية.
ما حقيقة مهنة أخصائى العلاج بالأعشاب؟
الإعلانات الوارد ذكرها تُثير العديد من التساؤلات مثل: هل يوجد فعلا تخصص اسمه أخصائى علاج بالأعشاب؟ هل توجد جهات رسمية تقوم بتدريس تلك المواد؟ وهل هناك جهات تمنح ترخيصا لمزاولة نشاط أخصائى العلاج بالأعشاب؟ وهذا ما أجاب عنه الدكتور خالد مصيلحى، أستاذ علوم الصيدلة والعقاقير الطبية، قائلاً: «لا يوجد فى مصر شىء اسمه أخصائى علاج بالأعشاب، ولا يوجد ترخيص يصدر لمزاولة مهنة بهذه التسمية، والجهة الوحيدة المنوط بها تدريس علوم الأعشاب هى كليات الصيدلة».
ويضيف أستاذ العقاقير الطبية: «رغم أنه فى كليات الصيدلة يتم تدرس من 7 إلى 8 مقررات دراسية متعلقة بالأعشاب فإنه لا يسمح لخريجى الكلية أو حتى من أعدوا ماجستيرا أو دكتوراه فى هذا التخصص، أن يفتحوا عيادة مستقلة للعلاج بالأعشاب، ولا يوجد هذا البند فى قانون الدولة بالأساس»، مضيفًا: «طلاب الصيدلة يدرسون المواد المتعلقة بعلاج الأعشاب حتى يكونوا على دراية بخواص الأدوية العشبية التى يصنعونها أو يبيعونها فى صيدلياتهم»، مشيرًا إلى أن كل الأعمال التى تتم فى هذا الإطار يمكن أن يطلق عليها عطارة.
وتابع أستاذ علوم الصيدلة حديثه: «كلية الطب لا يدرس بها العلاج بالأعشاب للأسف حتى الآن، والجهة الوحيدة التى يمكن الحصول منها على دبلومة أو أى دورات معتمدة فى هذا المجال هى كليات الصيدلة، وخلاف ذلك هى مراكز يمكنها تعزيز المعلومات، وشهاداتها تشبه الشهادات الممنوحة من مراكز الكمبيوتر وخلافه».
وعلى نفس المنوال، قال الدكتور ثروت حجاج، رئيس لجنة الصيدليات بالنقابة العامة للصيادلة: «لا يوجد شىء اسمه أخصائى علاج بالأعشاب قولا واحدا ليس فيه أى جدال أو مناقشة، ومن يدعون أنهم يزاولون هذا العمل كمهنة يشبهون موضة علم الأبراج والنجوم وهذا الدجل»، مضيفًا: «يوجد فقط أخصائى تغذية علاجية، وهذا الشخص تكون خلفيته العلمية إما أنه خريج كلية طب أو صيدلة وأجرى دبلومة أو ماجستير فى هذا التخصص، ويعملون فى المستشفيات لتحديد برامج الأغذية المخصصة لأصحاب أمراض مثل الضغط أو السكر أو الكلى»، مشيرًا إلى أن موضوع أخصائى العلاج بالأعشاب هو أحد أنواع الفهلوة المصرية.
وتعليقًا على الجهات المفترض تصديها لمثل هذا النوع من الأعمال، يقول عضو نقابة الصيادلة: «العلاج الحر» لديه دور كبير فى التصدى لهم، ولابد أن يعاونه التفتيش الصيدلى، لأن بعض منتجات تلك المراكز تكون مهربة مثل مواد تسمين الرياضيين، وأحيانا تكون هناك أعشاب مجهولة المصدرة»، مضيفا: «تكمن المشكلة الكبرى من وجهة نظرى فى تساهل الكثيرين فى التعامل مع الأعشاب على اعتبار أنها إذا لم تفد فلن تضر، والحقيقة عكس ذلك فهناك بعض الأعشاب السامة والخطرة على صحة الانسان، ومنها ما هو مجهول المصدر، وعلى سبيل المثال نبات مثل النعناع مثلما له فوائد قد يكون مضرًا فى بعض الأحيان»، مُشددًا على أهمية تعامل الجماهير بوعى وعدم الاستهانة فى جزئية تناول أى أعشاب مجهولة الهوية.
رد رئيس شعبة العطارة
بالنسبة لجزئية تستر الحاصلين على تلك الدبلومات والعمل فى مجال الأعشاب على أنهم عطارون، يرى رجب العطار، رئيس شعبة العطارة بغرفة القاهرة، أن تلك الدورات التدريبية قصيرة المدة ما هى إلا لعب بعقول الشباب، موضحًا رأيه: «التعامل مع الأعشاب بشكل صحيح يحتاج ما لا يقل عن 20 عامًا من الخبرة حتى يكون لديه دراية تامة بكل عشب ما فوائده وأضراره وقائمة عريضة بخواصه مستحيل تدريسها فى أسبوع واحد، كما يقال».
وأضاف رئيس شعبة العطارة بغرفة القاهرة: «المشكلة أن بعض المحاضرين فى تلك الدورات التدريبية قد لا يكونون على دراية كاملة بعالم الأعشاب، ففى بعض الأوقات يأتى إلينا بعض طلاب وخريجى كليات صيدلة للتعرف على الأعشاب عن قرب، وهذا بالنسبة للطلاب الدراسين، فما بالك بمن يزعم أنه قادر على تعليم كل هذه الأسرار أو حتى الأساسية فى أسبوع»، مضيفا: «رأيى أن هذه الدورات ليست سوى تهريج وعملية غير سليمة بالمرة، ومحاولات للحصول على الأموال».
وتعليقا على الإجراءات اللازمة لفتح محل عطارة، يقول رجب العطار: «بالنسبة لأى شخص يريد فتح محل عطارة فإنه يحصل على الترخيص من الجهة الإدارية التابعة للمحافظة، وتلك الجهة ليس لديها أى علاقة بالعمل نفسه وإمكانيات من يشرف عليها، فهى تمنح الترخيص بعد استيفاء الأوراق لأى شخص يريد فتح مشروع إذا كان علافة أو بقالة أو غير ذلك من الأعمال التجارية».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة