جيلان جبر

سياسة فوق صفيح ساخن

الخميس، 07 سبتمبر 2017 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد أن أعلنت البحرية الكورية الجنوبية أنها أجرت قبل أيام مناورات ضخمة بالذخيرة الحية، لتحذير بيونغ يانغ من الإقدام على أى استفزاز فى البحر، وذلك يأتى علينا كخبر ورد فعل على التجربة النووية السادسة والأقوى على الإطلاق للنظام الآخر فى كوريا الشمالية، وأصبح تقدم كوريا الشمالية الواضح والسريع فى تطوير صواريخ باليستية قادرة على الوصول للأراضى الأمريكية مزودة برؤوس نووية، إلى تصاعد الضغوط الأمريكية على بيونج يانج، لا سيما أن واشنطن وجدت نفسها عرضة لخطر التعرض لهجوم بسلاح نووى خلال أقل من عامين وفقًا لمسؤولين فى الاستخبارات الأمريكية، وقام «مجلس المستقبل» فى أبوظبى بتحليل للموقف وقراءة فى عمق وأبعاد هذه الأزمة، ومنها شرح وجهة نظر الرئيس الكورى «كيم جونج أون» وإيمانه دائما أن القدرات النووية هى قوة الردع الوحيدة فى مواجهة العالم الخارجى، ويرى أون وفق تصريحاته أن «الدول التى لا تمتلك أسلحة نووية سيكون مصيرها مثل العراق وغيرها». وتمثلت مؤخرا أهم السياسات التصعيدية لكوريا الشمالية فى الآتى:
 
1- التجارب الصاروخية والعروض العسكرية: أجرت كوريا الشمالية ثلاث تجارب باليستية عابرة للقارات فى عام 2017 وكان آخرها عرضًا فى إبريل 2017 لإحياء الذكرى الـ105 لميلاد مؤسس النظام الشيوعى كيم إيل سونج.
 
2 - التهديد بضرب القواعد الأمريكية: لوّحت بيونج يانج فى إبريل 2017 بتوجيه ضربة للقواعد الأمريكية فى كوريا الجنوبية واليابان، بالإضافة إلى بعض المنشآت الحيوية فى كوريا الجنوبية حال تعرضها لهجوم.
 
3 - خطط ضرب جوام: أكدت وكالة الأنباء الكورية، فى أغسطس 2017، تسلم كيم جونج من جيشه خطة إطلاق صواريخ تجاه جزيرة جوام الأمريكية بالمحيط الهادى.
 
التصعيد الأمريكى: تستند إدارة ترامب فى موقفها إلى السياسات الكورية الشمالية العدائية تجاه الولايات المتحدة، وتكرار التجارب الصاروخية بصورة استفزازية، بالإضافة إلى دور كوريا فى إمداد سوريا والعراق وإيران بصواريخ متطورة، ونقل التكنولوجيا النووية إلى دولٍ معادية للولايات المتحدة مثل إيران والعراق، وهو ما دفع الولايات المتحدة إلى اتخاذ عدة إجراءات للرد السريع على كوريا تتمثل فيما يلى:
 
1 - تحريك قطع عسكرية: وصلت حاملة الطائرات «كارل فينسن» ترافقها 3 سفن قاذفة للصواريخ توماهوك إلى سواحل شبه الجزيرة الكورية، على بعد 300 ميل فقط من المواقع النووية فى كوريا الشمالية، وفى يوليو 2017 اتفقت الولايات المتحدة مع سيئول لنشر نظام THAAD لمواجهة أية تهديدات صاروخية من كوريا الشمالية.
 
2 - التلويح بالردع النووى: «أكد الرئيس الأمريكى فى أغسطس 2017 أن «ضرب جوام سيُعرِّض بيونج يانج لحدث لم يَرَ أحد مثله من قبل».
 
3–فرض العقوبات: أدت الضغوط الأمريكية إلى إقرار مجلس الأمن فى أغسطس 2017 عقوبات جديدة بموجب القرار 2381 ضد صادرات كوريا الشمالية.
 
تكلفة التصعيد المتبادل: تتحمل الصين تكلفة اقتصادية وأمنية وسياسية ضخمة بسبب التوترات المتبادلة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، إذ باتت بكين تقوم بدور «الراعى الإقليمى» للنظام الحاكم فى بيونج يانج، وتتحمل دوليًّا تكلفة ضخمة نتيجة دفاعها عن سياساته فى مواجهة الضغوط الغربية. وفى هذا الصدد، تتمثل أهم الخسائر التى تتحملها الصين من التصعيد بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية فيما يلى:
 
1 -الخسائر الاقتصادية: ستتحمل الصين خسائر اقتصادية ضخمة نتيجة التزامها بالعقوبات الدولية المفروضة على بيونج يانج، حيث تُعد الشريك الاقتصادى الأول لبيونج يانج باستحواذها على %70 من إجمالى حجم التبادل التجارى الكورى الشمالى العالمى خلال عام 2017.
2 - التهديدات الأمنية : ترى الصين أن انهيار نظام بيونج يانج سيترتب عليه موجات نزوح محتملة على طول الشريط الحدودى مع الصين البالغ طوله 1416 كم، وهو ما يفسر إرسالها قرابة 160 ألف جندى بالقرب من الحدود الكورية الشمالية.
 
3 - تحجيم القدرات الصاروخية: أشار خبراء إلى أن نظام «ثاد» الصاروخى يستهدف الصين بالأساس، لأن الكوريتين يشتركان فى الحدود، وليست هناك حاجة لاستخدامه، وإنما يكفى إمداد الجنوبيين بالمدفعية أو منظومة صواريخ تتناسب مع المسافة.
 
4 - توتر العلاقات مع واشنطن: تمارس واشنطن ضغوطًا على بكين بتهديدها بوضع قيود على الاستثمارات الصينية بالولايات المتحدة، أو منع الشركات الأمريكية من العمل فى الصين، أو فرض عقوبات تجارية ضد منتجى الصلب الصينيين، لدفعها للضغط على بيونج يانج لوقف أنشطتها الصاروخية. ويُرجع المراقبون الضغوط الأمريكية على بكين إلى حالة التنافس الاقتصادى، ومخاوف واشنطن من زوال الهيمنة الاقتصادية الأمريكية ببدء بكين فى تنفيذ «مشروع طريق الحرير البرى والبحري» الذى يربط الصين بأكثر من 57 دولة، وتدشين بنك الاستثمار الآسيوى «AIIB»، وضم اليوان لسلة العملات الدولية، وكل ذلك يؤثر سلبًا على القوة الاقتصادية للولايات المتحدة، ويؤدى إلى وجود عملة دولية منافسة.
 
احتواء الضغوط: تتبع القيادة الصينية سياسة «الدبلوماسية الهادئة» فى مواجهة الضغوط الدولية فى الأزمة الكورية، على الرغم من اتباع الصين سياسة «التعامل مع كل الاحتمالات» بما فيها السيناريو الكارثى، وهو ما دفع إلى نشر عدد كبير من قواتها على الحدود مع كوريا الشمالية، تزامنًا مع وصول القطع العسكرية الأمريكية إلى السواحل الكورية تحسبًا لأية تطورات مفاجئة، رغم أن كل الشواهد المحيطة بالأزمة لا تُرجِّح اندلاع الحرب فى الوقت الحالى. وتركز الصين جهودها على إيجاد «حل سلمى»، وتجنب الوصول إلى مواجهة عسكرية لتجنب تأثيراتها المباشرة على أمنها القومى، لاعتبارها كوريا الشمالية «منطقة عازلة»، وخط دفاع أوليًّا لحماية حدودها بسبب محاصرة حلفاء واشنطن لحدود الصين، خاصة كوريا الجنوبية، واليابان، وتايوان، والفلبين، منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
 
وعلى الرغم من تمكن السياسات الصينية من وضع حدٍّ للتوترات الكورية - الأمريكية بصورة مؤقتة، إلا أنها لن تمنع تجدد الصدام بين الدولتين، فالتقدم فى برنامج الصواريخ الكورية، والسياسات التصعيدية لكلٍّ من الرئيس الكورى، والرئيس الأمريكى، سوف تؤدى إلى تجدد التوترات بصورة متتابعة، وهو ما يزيد من حدة الضغوط على الصين، ويدفعها للتفكير فى اتباع سياسات أكثر فاعلية لمواجهة تهديدات التصعيد الكورى - الأمريكى.
 
فهل ستكتفى الدول العربية القوية بترقب هذا الصراع الذى يشتعل فوق صفيح ساخن أم أن هامش المشاركة فى التهدئة يكون متوفرا فى المراحل المقبلة؟!









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة