يهتز الوتر، فيهتز القلب أيضا، ينطلق الصوت ليحاكى بحة أوتاره، تتعانق الآه مع شجن المقام، يقول الصوت، هنا الشرق، هنا شخصية حضارية مميزة، هنا ميراث أمة من النغم، فى هذا الصندوق الصوتى يكمن سر الغناء العربى، سر الطرب، سر "السلطنة" رحلة طويلة قطعها هذا الصندوق الذى تشبث بأوتاره ولثم ريشته واحتوى عازفه من قبل أن يتماسا، فى هذا الصندوق تختبئ شفرة الروح الشرقية، شفرة الطرب المصرى الأصيل، ولأننا نشهد الآن مرحلة تاريخة يضيع فيها هذا التراث الكبير بين شفاه تجار الموسيقى ونخاسى الأصوات، أردنا أن نتعلق بما تبقى من زمن الطرب، وأن نغرق فى عالم صنع أبطاله تاريخا للموسيقى العربية، عبر آلة العود الساحرة.
عود الحفناوى الكبير
إلى المقر التاريخى لمعهد الموسيقى العربية ذهبنا، هذا المبنى الأنيق فى وسط القاهرة، والذى يحتوى بداخله على متحفين صغيرين فى حجمهما كبيرين فى قيمتهما، الأول هو متحف الموسيقى العربية، والثانى هو متحف محمد عبد الوهاب، وقد تناولت سابقا بعض ما بمتحف محمد عبد الوهاب من أسرار احتفظت بها أعواد لعشرات السنين، واليوم نكشف عن جانب آخر من أسرار متحف الموسيقى العربية الذى أنشئ فى العام 1923، وبالتحديد عن أعواد هذا المتحف الفريد من نوعه فى المنطقة، وهنا لأول مرة نكشف عن أدق تفاصيل هذه الأعواد التى أمسك بها كبار الموسيقيين فى مصر والعالم العربي، وصنعها كبار الصناع أيضا.
عود من صتاعة نعمان إبراهيم رهبه
ستطالع هنا للمرة الأولى أهم تفاصيل ثروة مصر الموسيقية المنسية والمتجسدة فى أعواد المتحف التى لم تمتد إليها يد من قبل بالبحث أو التوثيق، وفى الحقيقية فإن هذا المجهود لم يكن ليرى النور لولا ذلك التعاون الكامل الذى لمسناه من قيادات وزارة الثقافة الواعية، وأخص بالذكر هنا الدكتورة الفنانة إيناس عبد الدايم رئيس دار الأوبرا المصرية والأستاذ محمود عفيفى مدير المعهد، وفى الحقيقة أيضا لم يكن لهذا الأمر أن يتم بالصورة التى ستراه عليها من دون هذا السعى الفنى المحموم من الموسيقى المصرى حازم شاهين ذلك الفنان الذى كتبت عنه منذ أيام مقالا بعنوان "المتوحد مع عوده" مؤكدا أنه يعمل فى صمت منذ سنوات طويلة على توثيق الأعواد المصرية وإعادة الروح إلى العود الشرقى وأنه يقف وراء حالة راقية من البحث العميق مادا يد العون إلى الكثير من الباحثين والصناع لإعادة البهاء بهذه الصناعة، وقد كانت فكرة توثيق أعواد مصر المحفوظة فى متحف الموسيقى العربية حلما راوده كثيرا وسعى إليه مجتهدا حتى حققنا هذا الحلم سويا.
حازم شاهين ووائل السمرى يفحصان أحد أعواد عبد الوهاب
هنا وقبل أن نذكر تلك المعلومات القيمة التى استخلصناها من تلك الرحلة التوثيقية يجب أن نؤكد على أمرين أولهما هو أن توثيق الأعمال الفنية ذات الأثر الفنى الكبير يعد أول خطوات بعث الروح فى أوردة الثقافة، فقد صنعت أوروبا نهضتها حينما رأى الفنانون الإيطاليون عبقرية الفن الرومانى واليونانى القديمين، وتأثروا بما رأوا من تماثيل متقنة وساحات مهيبة، وإن كنا نريد حقا أن ننهض بموسيقانا العربية مرة أخرى فلابد من توثيق أهم منجزات عصر الازدهار الموسيقى الذى شهدت مصر زروته فى العهد الملكى وما بعده، وكانت بذرته مع بداية الوعى بالموسيقى المصرية على يد الرواد الكبار أمثال عبده الحامولى ومحمد عثمان والشيخ سلامة حجازى وغيرهم أما ثانيا فلابد أن نذكر أن المتحف مازال بحاجة إلى جهد توثيقى وبحثى أكبر من مجهود فردين لا ثالث لهما يوثقان نوعا واحدا من الآلات الموسيقية بأدوات تبدوا بدائية ولا تعطى نتائج دقيقة إذا ما قارناها بالأدوات الحديثة المتطورة التى تستطيع أن توفر الجهد والوقت لتمنحنا نتائج أكثر دقة للآلة ليس من الخارج فقط وإنما من الداخل أيضا.
عود عبد الوهاب من صناعة على خليفة
ستقرأ هنا لأول مرة كل ما تريد معرفته عن أعواد متحف الموسيقى العربية، بداية من تاريخ الصنع وأسماء الصناع وحتى أطوال الأعواد وقياساتها، ستقول لى: وما حاجة القارئ العادى للتوثيق العلمى لأطوال الآلات وقياس رقبة العود وطول الوتر وعمق القصعة إلى آخر تلك التفاصيل؟ وربما ستسأل أيضا لماذا اخترتم آلة العود بالتحديد دون غيرها لتكون نواة مشروع توثيق آلات متحف الموسيقى العربية وسأقول لك إن تلك القياسات تتحكم بشكل كبير فى جودة الصوت، كما أنها تبرز الاختلافات بين مدارس الصناعة وبعضها البعض، كما أنها صاحبة الفضل الأول فى أن يصدر صوت العود بهذا القدر من التميز والخصوصية، وفى الكشف عن قياسات تلك الأعواد ونشرها فائدة كبيرة فى الحفاظ على هوية العود كآلة شرقية تعانى الآن من فوضى كبيرة فى الصناعة أدت فى نهاية الأمر إلى طمس هوية هذه الآلة التى كادت أن تتحول الآن إلى نسخ باهتة من اللوت أو الجيتار الغربيين، أما لماذا بدأنا بتوثيق آلة العود تحديدا؟ فالإجابة هى أن العود أهم آلة من آلات الشرق التى حافظت على وجودها منذ أن تم رسمها على جدران المقابر الفرعونية وحتى العصر الحديث، كما أنها الأكثر ارتباطا بإعلام الموسيقى الشرقية ورموزها الكبار أمثال سيد درويش وزكريا أحمد محمد القصبجى ورياض السنباطى ومحمد عبد الوهاب وفريد الأطرش ومحمد فوزى ومحمد الموجى وسيد مكاوى وعمار الشريعى حتى آخر هذه السلسلة الطويلة التى تستعصى على الحصر.
عود الصانع حنفى الكيال
الأسطورة حنفى الكيال
البداية ستكون مع عود موسيقار الأجيال الذى كتبت عنه سابقا لكن دون ذكر مفرداته التوثيقية، وسبب اختيارى لهذا العود كبداية لا يعود إلى موسيقار الأجيال فحسب، وإنما يعود إلى صانع هذه الآلة الذى كتب اسمه بطريقة لا ينقصها الزهو ولا الخيلاء على رقبة العود، وهذا الصانع هو حنفى الكيال الذى يعد من أهم وأكبر الصناع المصريين، والذى تتميز أعواده غالبا بوضع التاج الملكى على وجه العود، كما تتميز بدقة صناعتها وجمال زخرفتها وصوتها الشرقى المميز الذى نستطيع أن نتلمس الطريق إليه فى تسجيلات محمد عبد الوهاب القديمة وتسجيلات الرائد صفر على الذى احتفظ كتاب أعمال مؤتمر الموسيقى العربية الصادر فى عام 1932 بصورة له وهو ممسك بعود يرجح أن يكون من صناعة حنفى الكيال لوجود التاج الملكى على وجهه.
التاج الملكى المميز لأعواد حنفى الكيال
وعلى ما يبدو فإن حنفى الكيال كان من أشهر صناع العود فى العشرينيات والثلاثينيات أى فى عصر ازدهار الموسيقى العربية، فكما ذكرنا فإنه صاحب أقدم أعواد محمد عبد الوهاب، كما أنه على أرجح التقديرات صاحب عود الرائد الموسيقى صفر على أحد رواد الموسيقى العربية وملحن النشيد الوطنى المهيب "اسلمى يا مصر" كما أن لليلى مراد ابنة المطرب الرائد زكى مراد صورة وهى ممسكة بعود يحتمل أن يكون من صناعته لوجود التاج الملكى على وجهه أيضا كما يحتمل أن يكون العود من أعواد والدها، وقد سبب هذا الصانع الشهير جدلا كبيرا بسبب فقر المعلومات الواردة عنه من ناحية وتميز المقتنين لأعواده من ناحية أخرى، حتى رأينا بعض الآراء التى تدعى دون دليل مادى أو حتى دون منطق فى الطرح إن حنفى الكيال هذا هو ذاته "المرحوم المعلم حنفى الشهير" الذى ذكره الموسيقى الرائد كامل الخلعى فى كتابه الرائد أيضا "الموسيقى الشرقي" الصادر فى 1904، فقد قال الخلعى فى كتابه "إن أفضل صانع للأعواد والقوانين بعد المرحوم المعلم حنفى الشهير هو رفله أرازي" وبرغم أن الأعواد تميزت بوجود التاج الملكى على وجهها ومعروف أن مصر لم تصبح مملكة إلا فى عام 1922 لكن هذا أيضا لم يمنع البعض من الزعم بأن "حنفى الكيال" الذى صنع عود عبد الوهاب هو ذاته "المرحوم حنفي" الذى مات قبل 1904 على الرغم من وجود صانع آخر اسمه حنفى أيضا عاش قبل عام 1904 هو المعلم حنفى محمد، الذى كتب عنوانه على عود أحتفظ به بأنه بجوار قنطرة عمر شاه، ومعروف أن قنطرة عمر شاه تم ردمها تماما حينما تم ردم الخليج المصرى فى العام 1898 وهى المعلومة الموثقة التى يذكرها كلا من عبد الرحمن زكى فى موسوعة مدينة القاهرة فى ألف عام، القاهرة: مكتب الأنجلو المصرية ومحمد الششتاوى، فى كتاب متنزهات القاهرة فى العصرين المملوكى والعثمانى المطبوع فى دار الآفاق العربية.
رقبة عود حنفى الكيال ويظهر عليها اسمه
ما سبق يعنى أننا أمام صانع يدعى حنفى محمد كان معاصرا لوقت كتابة كتاب الخلعى، فلماذا يتناسى البعض الصانع المعاصر ويزيحون الزمن ليثبتوا وجهة نظر متهاوية تدعى أن أعواد حنفى الكيال المزينة بالتاج الملكى عاشت عشرات السنين حتى تصل إلى يد عبد الوهاب وصفر على؟ ويكون لها هذا الحظ الكبير من الانتشار؟.
ظهر عود حنفى الكيال
ويغفل أيضا أصحاب هذا الزعم غير العلمى عن أمر هام آخر فى مسألة الزعم بأن حنفى الكيال صاحب عود عبد الوهاب الشهير هو ذاته "المرحوم حنفى" الذى توفى قبل 1904 هو أن الصناع المصريين فى الغالب لم يرسموا التاج الملكى قبل تاريخ تحويل مصر إلى مملكة، وهذا أمر معلوم بالبديهة، وتخيل معى مثلا أن رجلا يدعى أن زخارف الأرابيسك التى تميز بها الفن الإسلامى صنعها فلاح يونانى قبل الميلاد، أو أن رسم الصليب بشكله المميز للمسيحية منسوب إلى العصر البطلمى، لكن هذا هو ما يدعيه أصحاب هذا الزعم، وإمعانا فى لوى عنق الحقيقة يزعمون أن هذا التاج هو "التاج العثمانى" وليس التاج الملكى، دون وجود أية إشارة سابقة لهذا الشكل من التيجان على الأعمال الفنية المصرية فيما قبل ودون أن يأتوا بعود واحد قبل هذا التاريخ مثبت عليه هذا الشكل، فنحن لم نر على الآثار المصرية أو المقتنيات التاريخية ما يثبت أن شكل التاج هذا كان منتشرا بشكل شعبى قبل هذا التاريخ، وسبب انتشار التاج بهذه الصورة بعد 1922 هو فرحة الصناع المصريين البسطاء بالاستقلال الوطنى بعد أن تحولت مصر إلى مملكة شبه مستقلة عن الحكم العثمانى، جعلتهم يرسمون هذا التاج على الأوانى والمباخر والآلات الموسيقية وجدران الشوارع وحتى فى فراشة الأفراح وعلب السجائر.
ظهر عود محمد عبد الوهاب من صناعة على خليفة
هل انتهى الجدل حول حنفى الكيال عند هذا الأمر؟ الحقيقة لم ينته، وأظن أنه سيكون من قبيل الافتراء العلمى أن يزعم أحد أنه يملك الحقيقة المطلقة حول هذا الصانع فى ظل ندرة المواد العلمية المتوفرة عنه، وبرغم أنى أكدت هنا أننى أحتفظ بعود لصانع يدعى "حنفى محمد" مصنوع فى أواخر القرن التاسع عشر لكنى لا أزعم أن أبدا أن "حنفى محمد" هو ذاته "المعلم حنفى الشهير" الذى ذكره الرائد "كامل الخلعى" فى كتابه، لأن ذات العود مدون عليه تاريخ باليد هو 1907 وبرغم أننا لا نعلم إن كان هذا التاريخ أضيف عند الصنع أو أضيف لاحقا لكننا لا نستطيع أن نتجاهله برغم أن عنوانه يدل على أنه عاش قبل هذا التاريخ بما يقترب من عشر سنوات، وإذا أضفنا إلى هذا وجود عود آخر منسوب للصانع المصرى "حنفى محمد" لدى مجموعة "عود بروف" بالأردن يدل عنوانه على أنه "حنفى محمد" عاش حتى أواخر الخمسينيات فهذا سبب آخر للشك فى كون أن حنفى محمد هو "حنفى الشهير" وقد كان تاريخ عود "حنفى محمد" المحفوظ لدى عود بروف مجهولا، فحاولت أن أتقصى حقيقته عن طريق العنوان تماما كما فعلت مع عودي، فوجدت أن العنوان المدون على العود يشير إلى أن ورشة حنفى محمد كانت بالقرب من المدرسة المحمدية بشارع فم الخليج بالسيدة زينب، ومن حسن الحظ أن هذه المدرسة مازالت موجودة حتى الآن فاستعنت بالزميل طه حسين مسئول ملف التعليم باليوم السابع ليكشف لنا عن طريق هيئة الأبنية التعليمية تاريخ بناء هذه المدرسة، وأفادت هيئة الأبنية التعليمة مشكورة بأن المدرسة المحمدية هذه كانت قصرا مملوكا لفهمى باشا الغنام قبل 1951 ثم تم تحويلها إلى مدرسة باسم مدرسة حسن باشا طاهر سنة 1951، ثم تم تغيير اسمها بعد ثورة يوليو فى سنة 1959 إلى "المدرسة المحمدية" وهو ما يؤكد أن حنفى محمد هذا عاش حتى أواخر الخمسينيات على أقل تقدير، فما يمكننا أن نستخلص من كل هذا؟
وجه عود محمد عبد الوهاب من صناعة على خليفة
يمكننا أن نستخلص من هذا أن "حنفى محمد" عاش قبل كتابة كتاب كامل الخلعي، بدليل الإشارة إلى عنوانه بقنطرة عمر شاه، وربما بقى هذا الرجل حتى أواخر الستينات، أو مات قبل 1904 وورث ابنه صناعته كما يحدث مع غالبية صناع الأعواد ولم يرد تغيير اسم ابيه وفاء له أو استغلالا لسمعته، ولهذا وحتى يظهر دليل واضح ومحدد على شخصية "حنفى الشهير" الذى أشار إليه الخلعى فلا نملك إلا أن نفترض أن "حنفى محمد" هو أقرب الاحتمالات لكونه "حنفى المشار إليه فى كتاب الخلعي، أما حنفى الكيال صانع عود عبد الوهاب فهو بلا شك أحد أهم وأكبر صناع الأعواد فى أوائل القرن العشرين، والذى تجلت أعمال وتألقت فى العشرينيات وما بعدها.
عود من صناعة إخوان نحات 1890
ويتميز عود الموسيقار محمد عبد الوهاب بأنه من أروع أعواد المتحف ككل، فالعود مصنوع من خشب الأبانوس المطعم بالخشب ذا اللون الذهبي، كما أن رقبته منقوشة بزخارف غاية فى الرشاقة والدقة بالعاج الأبيض، ودخلت فى صناعته جلد السلحفاة والتى صنع منها الإطار الخارجى لوجه العود "الرقمة" أى القطعة التى تكسى وجه العود من بعد الشمسية وقبل "الفرسة" التى يربط فيها الأوتار، ويصل عمق هذه القصعة إلى حوالى 18.5 سم، أما طول الرقبة فيصل إلى 19.6 سم، أما طول الوتر فهو 62 سم، وطول العود بالكامل هو 70.8 سم، أما أقصى عرض للقصعة فيبلغ 34.8 سم، ويبلغ طولها 51.2 ولا تختلف قياسات عود "حنفى الكيال" الآخر الموجود فى متحف الموسيقى العربية عن عود موسيقار الأجيال إلا فى تفاصيل بسيطة، ربما تعود إلى اختلاف يد الصانع فى التعامل مع الأخشاب، أو إلى بعض الإصلاحات التى تمت عبر الزمن، فعمق القصعة 18.5 سم، وطول الرقبة هو 19.3 أما طول الوتر فهو 62.2 أما طول العود بالكامل فهو 71 سم أما عرض القصعة فيبلغ 34 سم ويبلغ طولها 52 سم، وقد كتب الصانع على وجه هذا العود تيمنا بالصوت الحسن "يا طرب" وقد تيمز العودان بكونها سباعيان أى أن أوتارهما مكونة من سبعة أزواج من الأوتار، وهو الأمر الذى يتشابه مع أقدم عود فى العالم المصرى الصنع والمحفوظ بمتحف بروكسل للآلات الموسيقية.
عود مجهول الصانع
نأتى هنا إلى أقدم الأعواد الموجودة فى المتحف وهو عود من صناعة أخوان نحات ومؤرخ بتاريخ 1890 ميلادية، ويعد إخوان نحات من أمهر صناع العود فى سوريا والوطن العربي، وتميزت صناعتهم بالعديد من المميزات التى يصعب تكرارها، وكان أكبر "إخوان نحات" وأشهرهم هو "عبده نحات" الذى يحتمل أن يكون هذا العود من صناعته، ويبلغ طول العود بالكامل 72.1 سم أما طول الوتر فيبلغ 62.5 سم، ويبلغ طول الرقبة 19.6 سم، ويبلغ طول القصعة 52.5، ويبغ عرض القصعة 36 سم ويبلغ عمق القصعة 19 سم، أما ثانى أقدم أعواد المتحف فيعود للعام 1309 هجرية أى ما يعادل 1893 ميلادية، وقد تمير هذا العود بوجود بطاقة تعريفية داخليه مكتوبة باللغة التركية وقت أن كانت تكتب بالحروف العربية وهو ما يرحج أن يكون صانع هذا العود تركى الأصل، لكن صانعه صنعه وفقا للقياسات المصرية، وقد قام صانع العود المصرى الشهير "محمود علي" الذى أحتفظ بأحد أعواده بترميم هذا العود، وقبل أن نترك "محمود علي" يجب أن أذكر هنا أن هذا الصانع كتب فى بطاقته التعريفية الموجودة بداخل العود باللغتين العربية والفرنسية أنه حاصل على دبلوم صناعة آلات الطرب من باريس سنة 1926 كما أنه حاز على الجائزة الأولى من معرض مصر للآلات الموسيقية، وهو ما يبرز لنا جانبا مهما من تاريخ مصر التى كانت ترسل صناعها إلى فرنسا ليتعلموا أصول الصناعة كما كانت تحتفى بهم وتقيم لهم المعارض والمسابقات لكى يتطورا ويتنافسوا ويكرموا، وهو أمر أراه ضروريا لإعادة الروح إلى ثقافتنا الموسيقية.
الرقمة والشمسية لعود عبد الوهاب من صناعة حنفى الكيال
نعود إلى ثانى أقدم أعواد المتحف الذى بلغ طول رقبته حوالى 19.4 سم، كما بلغ طول وتره حوالى 62.3 كما بلغ طول العود بالكامل 70.9 سم، وبلغ طول القصعة حوالى 51.5، أما أقصى عرض لها فبلغ 34.2 أما عمقها فبلغ 17.5، ولا يفوق العودين السابقين فى الأهمية سوى عود "أحمد أفندى أمين الديك" الذى يحتفظ به المتحف ويعود تاريخ صناعته إلى العام 1924 وصانعه هو الصانع محمد عبد الهادي، وقد تميز هذا العود بوضع إشارات تعليمية على رقبته محددا مواضع اليد التى تخرج النغمات، وتبلغ طول رقبة هذا العود حوالى 19.5 ويبلع طول الوتر حوالى 64 سم أى أكبر من ضعف طول الرقبة بـ 5 سنتى متر، ويبلغ طول القصعة حوالى 53 سم أما طول العود فحوالى 72.5 وأقصى عرض للقصعة هو 33.5 سم أما عمقها فيبلغ 18.5.
ظهر العود التركى
عود آخر من أعواد "إخوان نحات" محفوظ فى متحف الموسيقى العربية لكنه هذه المرة مثبت عليه اسم الصانع وهو أنطون نحات، الغريب فى هذا العود أنه مصنوع على القالب المصرى وليس القالب السورى وهو ما يعد غريبا على أعواد "النحاتين" ويكاد يكون هذا هو النموذج الوحيد من بين أعواد النحات المصنوع على هذا القالب، وهو ما يؤكد أنه صنع خصيصا لعازف مصرى يحتمل أن يكون من أشهر الموسيقيين، وقد كتب على هذا العود تاريخ هو 1907 ميلادية ويبلغ طول العود 71.5 سم وطول الرقبة 20 سم، أما طول الوتر فيبلغ 63 سم أما طول القصعة فيبلغ 51.5 سم أما أقصى عرض للقصعة فيبلغ 33.5 سم ويبلغ عمق القصعة 18 سم، بالإضافة إلى هذا العود يوجد عود آخر لأحد النحاتين أيضا وهو عود جورجى حنا نحات، الذى يبلغ طول رقبته 20.5 سم ويبلغ عرض القصعة 36.5 سم كما يبلغ طول الوتر 63.3 سم كما يبلغ طول العود 73.3 سم ويبلغ طول القصعة حوالى 52.8 سم.
وجه العود التركى
ووآخر الأعواد سورية الصنع التى نوردها هنا هو عود موسيقار الأجيال الذى سبق وكشفت عن اسم صانعه فى تحقيق سابق مفندا الادعاءات التى صاحبت اسم صانع عود عبد الوهاب، حيث أثبت أنه يعود إلى الصانع السورى على خليفة وأنه من عمل سنة 1962 ويبلغ طول الرقبة لهذا العود 20.5 سم ويبلغ الطول الكلى للعود 71.4 كما يبلغ طول الوتر 61.4 سم، ويبلغ عرض القصعة 50.6 ويبلغ عمق القصعة 20.5، أما آخر الأعواد التى وثقناها فى المتحف فهو عود سباعى مجهول الصانع مصنوع على القالب المصرى أيضا، ويبلغ عرض قصعته حوالى 33.5 سم ويبلغ طول الوتر حوالى 63.7، ويبلغ طول الرقبة حوالى 19 سم، ويبلغ الطول الكلى للعود حوالى 72.2 سم ويبلغ طول القصعة حوالى 53.2 كما يبلغ عمقها حوالى 18.5، ولم يتبق من أعواد المتحف لم يتم توثيقه سوى عود مجهول الصانع تعذر توثيقه وقتها لوجوده فى دار الأوبرا المصرية ضمن معرض مؤقت للآلات، وعود آخر صغير الحجم من صناعة الحفناوى الكبير.
تفصيل لوجه عود موسيقار الأجيال من صناعة حنفى الكيال
بعد هذه الرحلة الممتعة مع تاريخ مصر المحنط فى المتاحف لى أن أدعو هنا وزارة الثقافة إلى توثيق كافة مقتنيات هذا المعهد حفاظا عليها من أى تغيير ودعما للباحثين والصناع على وجه سواء، كما أدعوا إلى أهمية إحياء مدارس تعليم صناعة الآلات الموسيقية التى كانت منتشرة فى فى العهد الملكى حتى أخرجت لنا العديد من الصناع المهرة، فقد كان بمصر قسما لصناعة الآلات الموسيقية بمدرسة الصناعات الزخرفية التى أنشأها محمد علي، وقد كان هذا القسم تحت رئاسة الصانع المصرى الشهير "إبراهيم خليل الجوهري" وهو ما يؤكد أن الازدهار ليس نباتا شيطانيا يظهر بلا إعداد، لكنه حصاد لما نزرعه، وأخيرا أطالب مرة أخرى بعمل معرض سنوى لصناع الآلات الموسيقية، ومسابقة سنوية أيضا بينهم لدعم روح المنافسة وإحياء العود الشرقى والوقوف ضد عوامل طمس هوية التى نشهدها الآن.
رقبة عود محمد عبد الوهاب ويظهر بها توقيع الصانع
تفصيل لشكل الرقمة
تفصيل لشكل بنجأ لعود محمد عبد الوهاب سباعى الأوتار
توقيع حنفى الكيال على رقبة عود
وائل السمرى يفحص عود من صناعة محمد عبد الهادى
حازم شاهين ووائل السمرى يفحصان العود التركى
حازم شاهين ووائل السمرى يفحصان عود محمد عبد الوهاب
حازم شاهين مع عود عبد الوهاب
حازم شاهين أثناء أخذ القياس
وائل السمرى يفحص أحد الأعواد
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة