فى أحد الاجتماعات المذاعة تليفزيونيا، جلس الرئيس التركى رجب طيب أردوغان على رأس مائدة كبيرة وحوله بعض مسؤوليه، كان أردوغان كعادته متجهما، يرغى ويزبد بكلام لا وزن له ولا قيمة، لكنى لم أنتبه لكلماته التى يؤطرها الاضطراب ويشكلها التناقض، فقط شد انتباهى شىء واحد، إطار يبدو ثقيلا فوق رأس «رجب» وبداخل الإطار صورة الزعيم التركى كمال الدين أتاتورك، مؤسس تركيا الجديدة، فماذا لو نطقت هذه الصورة؟ وماذا ترى يقول «أتاتورك لرجب»؟
من المؤكد أن أتاتورك لم يكن ليرضى عما يفعله «رجب»، ومن المؤكد أيضا أن لرجب نصيبا من نظرة الحنق التى ينظرها أتاتورك، فقد سار هذا الرجب على خطوات أتاتورك بالممحاة، نعم أحدث رجب انتعاشة اقتصادية ملحوظة، لكننا الآن لا نستطيع أن نعتبرها معجزة كما كنا نعتقد قديما، فقد بات معروفا أن أردوغان ليس بمفرده، وأن الطرق المشبوهة التى يتبعها هذا الرجل أكثر بكثير من الطرق القانونية، ولا أشك الآن فى أن نهضة تركيا التى يتحدث الإسلاميون عنها لم تأت عن علم أو نزاهة حكم، كما يدعى المدعون، لكن لأن تركيا أصبحت ملاذا آمنا لأموال الإرهاب، ومغسلة معتمدة للأموال القذرة، كما لا يستطيع أحد أن ينكر أن دولة رجب خططت منذ البداية للاعتماد على أموال الدول الحليفة واستثماراتهم لكى تتحول من دولة عادية إلى قوة إقليمية.
وضع كمال الدين أتاتورك شكلا لدولة حقيقية، تخطئ حينا وتصيب حينا، ووضع جيشها حاميا عليها، وهذا أمر مقبول فى ظرف كهذا، لكن رجب جعل من هذه الدولة «معسكر» للإرهاب فحسب، استغل ديمقراطية تركيا الكمالية حتى يصل إلى الحكم، وسرعان ما انقلب على الجميع ملقيا بالسلم الذى أوصله إلى ما هو فيه.
ما الذى يمكن أن تفعله صورة أتاتورك المعلقة فوق رأس أردوغان، إذا ما دبت فيها الحياة، خاصة بعد وضوح عداء أردوغان للحياة عامة، وللأدب والعلم والفن خاصة، ماذا سيفعل ومعاونو رجب يناقشون دعم المدارس الدينية التى تخرج إرهابيين، وماذا ستفعل حينما تعرف أن المافيا التى يعتمد عليها رجب شكلت فيما بينها جيشا شبيها بجيوش الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر؟ ماذا ستفعل تلك اليد التى تختفى تحت الإطار إذا ما أطلقت لها الحرية بثوان معدودة بعد منع تدريس نظرية التطور التى ابتكرها دارون؟
أترك الإجابة لخيالك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة