بينما أنا فى سيارتى، أتأمل جمال الاستمتاع بوقت من الأوقات النادرة لهدوء شوارع القاهرة الكبرى وبينما الشمس قد حان شروقها، وإذ بتجمع كبير من البشر، وأصوات لسيارات الإطفاء، ورجال الشرطة يلوحون بأيديهم للسيارات لسرعة المرور، وبينما هى حالة نشوب حريق تعلو نيرانه بالتدريج فيزداد الدخان المحجب للرؤية لحظة بلحظة.
وبينما يتنازع الخوف مع لحظات استمتاعى ليلهمنى بضرورة الهروب سريعاً حتى لا تقترب منى نيران الحريق، وبينما ينادينى الوسواس قائلاً ( ربما تلتمس النيران مع أحد أعمدة الكهرباء القريبة فتصيبك يارشا فابتعدى .. ابتعدى )، وبينما وبينما وإذ برجال الإطفاء يتجهون نحو النار بثقة وشجاعة وإقدام فى مشهد منعتنى صورته من عدم استكماله.. وبالفعل لقد وقفت على الجانب الأخر من الطريق، وقفت أتأمل المشهد بكل تفاصيله.. إنهم قاموا بالسيطرة على الموقف فى ثوانى معدودة، وكنت أظن مثل كثيرون أن الأمر ما هو إلا خراطيم للمياة فقط.. ولكنى اكتشفت مدى سطحية ظنى حينما تابعت تفاصيل هذا الحدث، إن السيطرة على الحرائق أعمق بكثير مما يظنه الكثيرون.. ولقد استفز هذا العمق علم النفس بداخلي، وتحمست كثيراً فى هذا الموقف للاقتراب من العالم الداخلى لرجل الإطفاء، وقررت ألا أغادر المكان إلا بعد إقامة حوار مع رجل الإطفاء لكشف ما وراء شعوره.
قررت ولكن عمقه ودقته فى عمله أخجل قرارى .. وطالبت علم النفس بداخلى بمراعاة عدم تشتيت تفكير هؤلاء، فبعد السيطرة على الحريق مازال العطاء مستمر، كلما ظننت أن الأمر انتهى، كلما أخجل صدقهم إلحاح علم النفس بداخلي.
عزيزى الإعلام، عزيزى القارئ، عزيزى الإنسان، هذه من المهن التى تستحق التقدير، فطبيعتها تستحق أن نؤكد جميعاً على أن رجل الإطفاء الصادق هو أسطورة وهضبة وجبل ونجم جماهير، و...و...و.....الخ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة