يتكدس آلاف اللاجئين على حدود أوروبا وآسيا وتركيا، فارين من الحروب والمجاعات والفقر، فى محاولات يائسة للحصول على حياة أفضل، فى الوقت الذى يدير المجتمع الغربى ظهره لهم.
ورغم أن كثير من الدول الغربية، مثل دول أوروبا وأمريكا، أعلنوا رفضهم لدخول اللاجئين بلادهم، ولكن يبدو أنهم يريدون أعضائهم البشرية فقط.
وفى هذه الحالة المآساوية التى يعيشها اللاجئين، هناك من يستغل ضعفهم وينتهكون إنسانيتهم من أجل أثرياء أوروبا الذين يحلمون بصحة أفضل ويحتاجون إلى زراعة الأعضاء مثل زرع كلى أو كبد، ويجدون فى أنسجة وفصائل دم المهاجرين تطابق بينهمن وفى مقابل الحصول على أعضائهم البشرية وبعض مئات اليوروهات، يحصل اللاجئين على تذكرة دخول إلى أوروبا.
تورط ألمانيا وتركيا فى تجارة أعضاء اللاجئين
والسؤال الذي يطرح نفسه، من هم الذين يتلقون هذه الأعضاء؟ وكيف تتم عملية النقل؟ وما دور الدول الأوروبية فى ردع تلك التجارة بطريقة فعالة؟
وفى هذا السياق، يشير رافايل ماتيسانز، رئيس المنظمة الوطنية لزرع الأعضاء فى إسبانيا -الذى قاد اتفاقية سانتياجو دى كومبوستيلا لمكافحة الإتجار بالأعضاء - بوضوح إلى إسرائيل والولايات المتحدة وكندا، وبالطبع دول الاتحاد الأوروبى كمستهلك للأعضاء البشرية المهربة بطريقة غير شرعية من الضحايا.
وطبقاً للأتحاد الأوروبى، يبلغ مجموع حالات زرع الأعضاء التى تتم بطريقة غير شرعية عن طريق الخطف والإجبار واستغلال موقف اللاجئين إلى حوالى 10 الآلاف حالة سنوياً، كما يحسب الاتحاد الأوروبى، الأرباح السنوية التى تحققت على الصعيد العالمى من الإتجار بالأعضاء تتراوح بين 600 مليون و 1.2 مليار دولار فى عام واحد.
ويقدر ماتيسانز، أن ما بين 5% و10% من عمليات زراعة الأعضاء فى العالم تتم بشكل تسويقى ماهر، على الرغم من أنها غير مقبولة أخلاقياً ولا قانونياً، حيث يعتبر الاتجار بالأعضاء البشرية وزراعتها مشكلة عالمية، وتمارس فى الخمس قارات العالمية.
ألمانيا وتاريخ من سرقة الأعضاء البشرية
وهناك قضايا موثقة فى العالم الغربى عن حالات سرقة أعضاء، وتعتبر قضية "نيت كير"، هى الأشهر على الإطلاق، حيث تمت سرقة أعضاء 5 أطفال فقراء لصالح مرضى ألمان وإسرائيلين من خلال مستفى ألمانية واخرى إسرائيلية، وتمت زراعة الأعضاء فى مستشفى "سان اوجوستين" بجنوب أفريقيا لصالح مواطنين ألمان وإسرائيلين.
بالإضافة إلى قضية "ميدكاس"، التى تورط فيها عد من تجار الأعضاء البشرية بـ"كسوفو"، مستغلين فقراء تركيا، فى عام 2008، وتم فضح أعضاء العصابة بعد أن تدهورت الحالة الصحية للضحية التركى الذى قام ببيع كليته لهم، وتم الحكم على أعضاء العصابة بثمان سنوات فقط.
تركيا الراعى الأول لسرقة الأعضاء فى المنطقة
وهناك قضايا أخرى فى الولايات المتحدة، مثل قضية عصابة روسيناباوم، التى تورطت فيها أشهر المستشفيات الأمريكية والأطباء، وكانوا يوردون الأعضاء من فقراء العالم إلى أثرياء إسرائيل والولايات المتحدة، وكانت تلك أول قضية يتم فيها الحكم على المتورطين فى 2011، ولم يسبق الحكم على أى من الإدعائات الموجهه ضد متورطين فى تجارة الأعضاء فى أمريكا.
وتقول دراسة صادرة عن البرلمان الأوروبى، إن بريطانيا اكتشفت مئات من المواطنين العائدين إليها بأعضاء حديثة الزراعة بعد سفرهم إلى الخارج، كما تم الكشف عن حالات فى هولندا تمت لها زراعة أعضاء خارج البلاد.
والسؤال الأهم هو، إلى مدى تتورط المستشفيات والأطباء الأوروبيين والأمريكان جنائياً فى تسهيل التواصل بين المريض الذى يحتاج إلى زراعة عضو، والوسطاء الذين يقوموا بإيجاد الضحايا؟ ومن المدهش أن العالم الغربى لم يحدد معايير مدى تورطهم بعد.
ليس اللاجئين فقط ضحايا التجارة بالأعضاء، بل أيضاً فقراء أوروبا، حيث أن هناك حالات لعرض بيع الأعضاء على شبكات الإنترنت فى صربيا، ففى العاصمة الصربية بيلجراد، وضع زوجان أعضائهم للبيع على مواقع الإنترنت للتغلب على أوضاعهم الإقتصادية، وتلقى كل من بافلى ميركوف، البالغ من العمر 50 عاماً، وزوجته دانييلا، عروضاً من مشتريين وراغبيين فى كلية أحدهم من مراكز طبية بألمانيا مقابل 40 ألف دولار، وكان ميركوف وعائلته يعانون من فقراً شديداً بسبب البطالة، التى تصل إلى 50% فى ضواحى بيلجراد، ولم يجد الطعام لأسرته، وهو ما دفعه لعرض أجزاء من جسده للبيع.
ومع اجتياح الأزمة الإقتصادية فى أوروبا، تنتشر عروض بيع الأعضاء بين كلى، ورئة، ونخاع العظام، أو القرنية، على مواقع الأنترنت فى أوروبا، ويستغل عديمى الضمير البؤس الإقتصادى الذى يتعرض له الفقراء من الأوروبيين.
أما إسبانيا وإيطاليا واليونان وروسيا، ظهرت إعلانات من قبل أشخاص يبيعون الأعضاء، ومن بينها الشعر والحيوانات المنوية وحليب الثدى، على الإنترنت، مع طرح أسعار للرئتين تصل إلى 250 الف دولار، وفى نهاية مايو الماضى 2016، اعتقلت الشرطة الاسرائيلية 10 أعضاء من عصابة دولية تتاجر فى الأعضاء فى أوروبا، وفقاً لما ذكر الأتحاد الأوروبى، وقال المسئولون، إن المجرمين استهدفوا فقراء مولدوفا، وروسيا، وأوكرانيا، والبيلاروس، وتركيا، والصين والهند والبرازيل ، وكوسوفو والفلبين.
وقال جوناثان راتيل، المدعى العام للأتحاد الاوروبى، إن تجارة الأعضاء تنمو والمصدر الأساسى لتوريد الأعضاء هم الفقراء والمرضى اليائسين، هذا بالإضافة إلى اللاجئين، ولكنه أجمع عن فقراء أوروبا أكثر عرضة للخطر.
أزمة اللاجئين تغذى تجارة الأعضاء
وتحذر الجمعية الدولية لزرع الأعضاء، التابعة لإتفاقية أسطنبول التى أنشئت عام 2010، من أن هذه الجرائم تتزايد في شرق أفريقيا، وبشكل ضخم فى تركيا، بسبب الوضع الإجتماعى والسياسى للأتراك، وفقر العديد منهم، بالإضافة إلى الصراعات فى المنطقة وأزمة اللاجئين.
كما يحذر جهاز الشرطة الأوروبية، الـ"يوروبول"، أيضا من الاتجار غير المشروع بالأعضاء، وخاصة بعد اختفاء 10 آلاف طفل من اللاجئين عند وصولهم إلى أوروبا، فى حين تقدر مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة عدد الاطفال المفقودين عند وصولهم إلى أوروبا إلى 17 ألف طفل.
وطبقاً للتقارير الدولية، تم الإبلاغ عن حالات بيع الأعضاء في مخيمات اللاجئين، وعلى وجه التحديد، فى تركيا، واحدة من أكبر مستوطنات اللاجئين فى المنطقة، ويقول ماتسانز، إنه "من الصعب معرفة ما يجرى هناك"، ويضيف، "ولكن هناك أدلة على أن تجارة الأعضاء تنمو دون معرفة الضحايا".
وقال رافايل ماتيسانز، إن "تجارة الأعضاء تتغذى عن طريق التخلى عن دورنا تجاه أضعف الناس، وهم الذين يفرون من بلدانهم مضطرين بسبب الحرب والمجاعات والفقر".
دور تجارة الأعضاء فى تموريل الإرهاب
أما عن دور تجارة الأعضاء فى تمويل الإرهاب، خاصة مع الصراعات المتنامية فى العالم بوجه عام وفى الشرق الآوسط بشكل خاص، يقول د. كامبل فريزر من جامعة جريفيث الأسترالية، أن لتجارة الأعضاء دور هام وكبير فى تمويل الإرهاب، حيث أن الإرهابيين يقوموا ببيع أعضاء الضحايا من المدنيين مقابل مبالغ ضخمة من الأموال، كما أنهم يعرضوا أعضاء النساء والأطفال الأصحاء علانية للبيع، ويجعلوا منهم عبيداص فى جميع المجالات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة