حصل "اليوم السابع"، على المسودة النهائية لأول كتاب لمراجعات أحد شباب الإخوان داخل سجن الفيوم العمومى، كشف فيه عن ملخصات مراجعات شباب الجماعة المتواجدين فى السجون، وأكد فيه سذاجة الإخوان السياسية والأخطاء التى ارتكبتها الجماعة خلال الفترة الماضية، دعا مؤلفه عناصر التنظيم مغادرة الجماعة والعمل داخل الإطار القانونى.
الكتاب حمل عنوان "الصدمة.. بقلم متساقط على طريق الدعوة"، ويعد أول كتاب للمراجعات الفكرية للسجناء المستقلين بسجن الفيوم العمومى، الفه حمزة محسن حسين ، حاصل على بكالوريوس العلوم، وصحاب 27 عاما من محافظة بنى سويف، وهو نزيل بسجن الفيوم العمومى منذ أربع سنوات.
ويرصد الكتاب كيف أجرى مجموعة من شباب الإخوان داخل السجون مراجعات فكرية بعد الإطاحة عزل محمد مرسى من الحكم وإسقاط حكم المرشد، وسرد الكاتب فيه تجربته فى البحث عن مواطن الخلل داخل الجماعة، والتى بسببها تلحق بالتنظيم الضخم الهزائم المتتالية، لينتهى أخيرا إلى نتيجة مفادها عدم جدوى وجود هذا التنظيم بشكله الهرمى السرى الشمولي، ويدعو فى النهاية أفراد التنظيم إلى مغادرته؛ ليعملوا داخل الإطار الدستورى والقانونى فى مؤسسات متخصصة ينفصل فيها الدعوى عن الحزبي.
ويحكى الكاتب عن رحلة بحثه فيقول: كان السجن بالنسبة لى مكانا مناسبا تماما للخلوة والهدوء بعيدا عن التزامات الحياة اليومية، وكان أيضا فرصة ملائمة جدا للمراجعة والوقوف على الأخطاء؛ سائرا على خطى كثير من الإسلاميين فى أنحاء العالم الذين أعادوا صياغة أفكارهم فى فترات تغيبهم بالسجون، مضيفًا :"ويضيف: كانت رحلتنا فى المراجعة على ثلاث محطات: وفى المحطة الأولى يقول: فترة امتعاض من ممارسات خاطئة لقيادات الجماعة فى السنوات الأخيرة غلبت عليها السذاجة السياسية.
وتابع: ميز تلك المحطة أنها كانت مجرد وقوف على الأخطاء ثم حصرها فى نقاط محددة كان من أبرزها: عدم دعوة مرسى لانتخابات رئاسية مبكرة؛ متجاهلا مطالب المعارضين، ومذعنا لتوهم جماعته أنها قادرة بأعدادها الغفيرة وبقدرتها على الحشد على مواجهة الدولة بمؤسساتها المختلفة؛ لتكون المحصلة صراعا دمويا مختل الموازين راح ضحيته الآلاف من أبناء الوطن، وزمنيا كانت تلك المحطة فى التفكير هى أقصر المراحل، كما كانت تتعلق فقط بتقييم ل"أحداث" ومراجعة لأداء "أشخاص".
وفى المحطة الثانية يقول: بدأت أبحث مع رفاقى أسباب تلك الممارسات الخاطئة؛ فوجدت كما هائلا من "القناعات" و"المفاهيم" المغلوطة التى أنتجت تلك الأخطاء الكارثية، ومنها على سبيل المثال:
*غياب مفهوم النقد الذاتى الذى يخاصم المراجعة وتصويب الأخطاء.
* الاستعلاء على المجتمع ورفض الانتصاح.
* الاهتمام بالثقات على حساب الكفاءات.
* الخلط العجيب بين نصوص الدين المقدسة التى تخص الأمة، وبين التنظيم؛ ذلك الاجتهاد البشرى المحدود.
* تقديس الأشخاص على حساب المبادئ.. وغيرها من القناعات الخاطئة التى أدت إلى تلك القرارات الخاطئة.
واستطرد : استمرت تلك المحطة فترة أطول نسبيا من سابقتها، وكنا نستعين فيها بكتب النقد الذاتى التى كتبها عشرات المفكرين والباحثين ممن غادر معظمهم التنظيم، أو من المستقلين الذين كانت تحليلاتهم ترى الصورة كاملة وتمس العمق دائما.
المحطة الثالثة يقول فيها : وهى المرحلة الأطول زمنيا، والأصعب تماما؛ فقد بدأت أغوص فى عمق "الأفكار" التى خلقت تلك "القناعات" المغلوطة والتى أدت إلى تلك "الممارسات" الكارثية؛ فكانت الصدمة!.، فصدمة حقيقية واتتنى فى أفكار الجماعة التى صاغها مؤسسها حسن البنا، والتى كنت سابقا من أشد المعجبين بها والمدافعين عنها!.
واستطرد: توصلنا بعد بحث عميق ومطول إلى أن فكرة رئيسية كانت هى الجذر الأصيل لما نتج من فشل للحركات الإسلامية فى مختلف بقاع الأرض، هى: مركزية الحكم فى مخيلة معظم الإسلاميين، ووجوب السعى لإعادة الخلافة بوصفها واجبا شرعيا محضا وليس بوصفها تجربة تاريخية خضعت لمعطيات واقع لم يعد موجودا الآن؛ ما أنتج تهميشا واضحا للمجتمع على حساب الدولة، وجعل العالم فى نظر معظم الإسلاميين دار حرب وليس دار دعوة، وأنتج محاولات غريبة منهم للتمكن من المجتمع والسيطرة عليه وليس لتمكين المجتمع ورفع شأنه، كما أنتج مفاهيم مشوهة حول أشكال التعددية وحقيقة المواطنة ومفهوم الأمة، وترتب عليه كذلك عدم الوعى بالدولة الحديثة وآليات العمل من داخل منظومتها وطريقة إنزال مقاصد الشريعة وقيمها العليا عليها.
وقال فى كتابه: آثرنا أن يأتى الكتاب مختصرا سهل التناول كوجبة سريعة التحضير تجمل أهم المراحل التى مرت بها مراجعاتنا الفكرية وأهم النتائج التى توصلنا إليها"، مشيرا إلى أن هناك مجموعة من الكتب ستصدر لاحقا بشأن لأحد القيادات التى انشقت عن الجماعة يدعى عمرو عبد الحافظ بسجن الفيوم العمومى أيضا، وستكون هذه الكتب أوسع نطاقا وأعمق تناولا وأكثر تفصيلا ومدعما بالشواهد والأدلة؛ ليتناول مراجعاتنا حول مواقف الإخوان السياسية ومنطلقاتها الفكرية.
وحول هذه الخطوة يقول خالد الزعفرانى، الخبير فى شئون الحركات الإسلامية، إن المراجعات هى الحل وهى التى ستدفع التنظيم إلى أن يحدث به انشقاقات وتصحح شباب الجماعة افكاره ومفاهيمه الخاطئة.
وأضاف الخبير فى شئون الحركات الإسلامية، لـ"اليوم السابع" : لابد لمؤسسات الدولة جميعاً أن تشارك فى تفعيلها وتشجيعها ومساعدة الأزهر وإعطائه الثقة لقيادة تلك المراجعات ورعايتها.
فيما دعا ناجح إبراهيم، المفكر الإسلامى وأهم القيادات التاريخية للجماعة الإسلامية التى أجرت مراجعات فكرية؛ أن تدعم الدولة المراجعات التى يصدرها الإخوان وأنصارهم، قائلا :": "هناك الآلاف من عناصر التنظيمات الإسلامية يردون الانفصال عن الجماعات، وهذا يتطلب من الدولة مساعداتهم فى إجراء المراجعات الفكرية، لنتفادى بذلك عدم ظهور تنظيمات مسلحة كحسم، وغيرها من التنظيمات المسلحة التى خرجت من الإخوان".
وشدد ناجح إبراهيم فى تصريحات لـ"اليوم السابع" أهمية تشجيع الدولة متمثلة فى مؤسساتها الأمينة والدينية، أبناء التيارات الإسلامية، ودعمهم فى إجراء المراجعات، وطلب السماح بدخول الكتب، وتطوير السجون، لافتا إلى أن مثل هذه الأمور تساعد على إقناع الشباب بإجراء المراجعات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة