وشيدت القاهرة منذ 1048 عاماً على يد القائد جوهر الصقلى مع بداية الفتح الفاطمى لمصر، ولكنها شهدت ثورة فى مجال التخطيط العمرانى مع بداية حكم محمد على باشا، إلى أن شيد الخديوى إسماعيل القاهرة الخديوية.
فعندما تولى الخديوى إسماعيل الحكم عام 1863، كانت حدود القاهرة تمتد من منطقة القلعة شرقاً، إلى مدافن الأزبكية وميدان العتبة غرباً، ويغلب عليها التدهور العمرانى فى أحيائها، ويفصلها عن النيل عدد من البرك والمستنقعات والتلال والمقابر، بمساحة لا تتخطى 500 فدان، وكان تعداد سكانها فى ذلك الوقت لا يتجاوز 279 ألف نسمة، وهو ما جعل الجديوى اسماعيل يفكر فى اعادة بناء القاهرة، فخلال زيارته لفرنسا من الإمبراطور نابليون الثالث أن يقوم المخطط الفرنسى «هاوسمان» الذى قام بتخطيط باريس بتخطيط القاهرة الخديوية، وفى مقابلة التكليف بين الخديوى إسماعيل وهاوسمان، طلب إسماعيل من هاوسمان أن يحضر معه إلى القاهرة كل بستانى وفنان مطلوب لتحقيق خططه.
وهناك عدة معالم تظهر الطراز المعمارى للقاهرة الخديوية منها ميدان التحرير، وكان اسمه ميدان هليوبوليس وسمى بالتحرير بعد قيام الثورة، والعقارات المحيطة به ، وكذلك ميدان الاوبر وشارع الفلكى ميدان عابدين وقصره والذى يعد اشهر القصور المصرية، ميدان وشارع طلعت حرب والذى كان اسمه ميدان سليمان باشا وسمى بعد ذلك على اسم طلعت حرب مؤسس بنك مصر، شارع هدى شعراوى، شارع عبد الخالق ثروت، وهناك ابنية يظهر بها الطراز المعمارى مثل دار القضاء العالى والمتحف المصرى وقصر عابدين وعمارة يعقوبيان ودار الأوبرا وغيرها من العقارات ذات الطابع المعمارى المتميز.
وفى 2009، أطلقت وزارة الثقافة مشروع تطوير القاهرة الخديوية وبالتنسيق مع محافظة القاهرة، واعادة المظهر المعمارى التى تتميز بها القاهرة ، وانتهت المحافظة من ترميم ٢٠٠ عقار بتكلفة ١٢٠ مليون جنية من إجمالى ٥٠٠ عقار بتمويل من اتحاد البنوك ومنظمات المجتمع المدنى، وجارى تطوير باقى العقارات.
وعاد المظهر اللائق لقلب العاصمة مرة أخرى بعد تطوير الجزء الاهم بها من ناحية الطراز المعمارى وتستكمل محافظة القاهرة ترميم باقى العقارات التراثية لتعيد لها رونقها الحضارى، كما تدرس المحافظة ترميم تلك العقارات من الداخل لتحافظ عليها، بالتعون مع اتحاد الملاك، وتبحث عن تمويل هذا الترميم.
وفى هذا السياق تقول الدكتورة سهير حواس، أستاذ العمارة والتصميم المعمارى بجامعة القاهرة، إن القاهرة الخديوية هى إحدى خزائن مصر المملوئة بأثمن الجواهر النفيسة، فهى تضم الكثير من المبانى التراثية التى عانت لسنوات من الإهمال والتعدى عليها، مشيرة إلى أنها مليئة بالقيم التاريخية والجمالية السياحية والاجتماعية وأيضا الاقتصادية، ومزيج رائع يعبر عن تاريخ مصر الحديث، مضيفة أن حكام مصر الثلاثة وهم الخديوى اسماعيل وتوفيق وعباس حلمى، تركوا بصمة معمارية وحضارية كبيرة فى مصر، فقد وضع الخديوى إسماعيل مخطط جديد وخرج من النسيج المعمارى القديم، فمن خلاله عرفت القاهرة الميادين بشكلها الحالى، وتم معرفة أن واجهات المبانى هى أحد أهم عوامل رسم خريطة المنطقة بالكامل، فقد كانت منطقة وسط البلد، التى كانت تسمى بالاسماعيلية سابقا _نسبة للخديوى اسماعيل_ تتعرض للفيضانات وتغرق حتى أعيد تخطيطها من جديد.
وأكدت الدكتورة سهير حواس، أن هناك المعماريين المصريين الذين جاءوا بعد عصر المعمار الأجنبى بمنطقة وسط البلد وبنوا بمحيط هذه المبانى العظيمة، وحرصوا على عدم المساس بهذه المناطق لأنهم اعتبروها متحفا كبيرا للمعمار.
وأوضحت أستاذ العمارة والتصميم المعمارى بجامعة القاهرة، أن كوبرى قصر النيل شهد مزيجا من التراث الفرعونى والتراث الغربى لنرى انشاء مسلات خلف أسود قصر النيل الأربعة، بالإضافة إلى عراقة المبانى التى تجلت فيها تكنولوجيا المعمار المستخدم فى بناء العمارات وتخطيط الشوارع فى هذا الوقت، مؤكدة على أن هناك تناغم كبير بين المبانى بمنطقة القاهرة الخديوية.
أحد عقارات القاهرة الخديوية قبل وبعد التطوير
الأهمال يظهر على العقار قبل تطويره
صورة توضح الطراز المعمارى لعقار قبل وبعد الترميم
فرق كبير قبل وبعد تطوير عقارات القاهرة الخديوية
قبل وبعد الترميم
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة