قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، إن المعتدة من طلاق رجعى يحرم خطبتها فى عدتها تصريحًا وتمليحًا، لأن الزواج مازال قائمًا، والزوجة فى فترة العدة باقية فى عصمة زوجها الذى يحق له أن يراجعها فى أى وقت، ويُخشى من الخطبة تصريحًا أو تعريضًا لو أبيحت فى العدة أن تُعجب الزوجة بالخاطب، وبالتالى تصادر على زوجها حقًّا من حقوقه الشرعية وهو مراجعتها بل من الممكن أن يحملها ذلك على الكذب فى عدتها فتقول: أنا عدتى انتهت، وهى تصدق فى انتهاء العدة، لأنها هى المرجع فى هذه المسألة، والخطر هنا هو عدم التيقن من استبراء الرحم، ومن أجل ذلك لا يجوز خطبة المعتدة لا تصريحًا ولا تمليحًا، لأنها ربما تريد التخلص من زوجها أو ترغب فى الخاطب، والإسلام لا يقيم الأسر على مثل هذه الرغبات أو الشهوات الطائشة ويهدم البيت ويشرد الأطفال.
وأضاف شيخ الأزهر فى حديثه اليومى الذى يذاع قبل المغرب على الفضائية المصرية طوال شهر رمضان المعظم: وأما المتوفى عنها زوجها فيحرم خطبتها تصريحًا مراعاة للميت وأهله، وتجوز خطبتها تلميحًا وتعريضًا مراعاة لحق الزوجة فى أن تقترن بزوج آخر بعد خروجها من عدتها، وكذلك لا شيء فيما لو نوى أو أسر فى نفسه أنه بعد انتهاء عدتها سوف يتقدم لخطبتها، وهذا يدل على أن الشريعة الإسلامية فى منتهى الدقة حيث تراعى البعد الأخلاقى فى كل حكم من أحكامها، حتى لا يضيع حق أحد، قال تعالى فى سورة البقرة: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا...)، ثم أتبعها بقوله تعالى: (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِى أَنفُسِكُمْ - أضمرتم فى أنفسكم فلم تنطقوا به تعريضًا ولا تصريحًا- عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَٰكِن لَّا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَن تَقُولُوا قَوْلًا مَّعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ)، فالآية الثانية راجعة على خطبة النساء المذكورات فى الآية الأولى التى تحدثت عن نوع معين من النساء وهو المرأة المعتدة من وفاة.
وأوضح الإمام الأكبر أنه لا يجوز التصريح بخطبة المرأة المطلقة طلاقا بائنا أثناء عدتها باتفاق الفقهاء، أما خطبتها بطريق التعريض فمحل خلاف بين الفقهاء, فجمهور الفقهاء على أن المرأة المعتدة من طلاق بائن يجوز خطبتها بطريق التعريض, لعموم قوله تعالى: (وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ) لكن الأحناف يرون أن المعتدة من طلاق بائن لا يجوز خطبتها بطريق التعريض، لأن الآية المبيحة للتعريض بالخِطبة إنما ورد فى المُعتدة من وفاة فلا يجوز تعديته إلى غيرها من المعتدات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة