قال الله تعالى: { وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.. [البقرة: من الآية: 237].
لا غنى للناس فى هذه الحياة الدنيا عن بعضهم البعض، فالإنسان لا يمكنه العيش بمفرده، يؤثر فى غيره ويتأثر بغيره، وينفع غيره، وينفعه غيره، والإنسان الذى يسارع فى الخيرات، ويتفاعل مع الناس من حوله، ويسعى لقضاء حوائج إخوانه، ويدفع الأذى والضرر عنهم، هو من أفضل الناس وأحبهم إلى الله عز وجل، وإذا كان الشرع الحنيف قد حث الناس من أصحاب الفضل على خدمة بعضهم بعضًا، ورتّب على ذلك مزيد الأجر والثواب، فإنه كذلك قد حث الإنسان الآخذ على أن يشكر لمن أدى إليه معروفا، أو منحه فضلا عن طيب نفس وخاطر، وأن يكافئه عليه إن استطاع.
والفضل كل ما يستطيع الإنسان أن يقدمه لأخيه الإنسان، فهو شىء زائد يفعله الإنسان إحسانا منه وفضلا، يفعله مع القريب والبعيد، ومع الصاحب والغريب، ويتسع الفضل كذلك ليشمل كل ما يستطيع قادر أن يقدمه لمحتاج.. يقدمه كواجب من واجبات الحياة، وعطاء كريم من واجبات الأخوّة الصادقة والإنسانية الراقية، وبذلك يظهر المعنى وقيمته بأن من يستطيع المساهمة فى العطاء يجب عليه أن يتجرد تماما من اعتبار هذا العطاء جميلا يستوجب الرد، فالله تعالى هو صاحب الفضل فى الأولى والآخرة، وبذلك كان التأكيد على عدم ذكر ما يُقدّم من الفضل والمعروف، فكرامة من قدم الفضل لا تسمح له بترديد ما قام به من خير أو حتى ذكره مهما كانت الظروف، ولكنه يحتّم أيضا على مُتسلّم الفضل عدم نسيانه، والاعتراف بفضل مَن أسداه.
والاعتراف بالفضل هو أن يُقرّ المُتفَضَّل عليه من الناس بفضل من يصدر عنه الفضل ولا يجحده أو يتناساه، ونهانا ربنا جل وعلا أن ننسى الفضل فى كل معاملاتنا الفردية أو الجماعية مع الأشخاص أو فى المؤسسات بقوله تعالى: (ولا تنسوا الفضل بينكم)، وعند التأمل والوقوف على ماذكره المفسرون فى ذلك نرى أنهم يكادون يجمعون على أن المقصود بالفضل هنا هو المعروف والإحسان والفعل الأكمل، لأن معاملة الإنسان لغيره لا تخلو من أمرين: درجة واجبة: وهى المعاملة بالعدل والإنصاف، بأن يُعطيَ الواجب عليه، أو يأخذ ما وجب له.
ودرجة مستحبة: وهى المعاملة بالفضل والإحسان، بأن يعطى ما ليس واجبا عليه، أو يتسامح فيما وجب له من الحقوق على الآخرين.
وهذه الدرجة الثانية هى الفضل الذى نهينا فى الآية الكريمة عن نسيانه وعدم فعله، فاعتبروا يا أولى الأبصار.
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
وقفات قرانيه
ما أعظم البر والإحسان والفضل بين الناس