قالى تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ»، وقال تعالى: «وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ».
إن الحديث عن نعم الله تعالى وما ينبغى تجاهها، وما يتعامل به المسلم معها حديث تحبه النفوس المؤمنة، وتطمئن له الأفئدة الشاكرة، المتعلقة بالمنعم سبحانه، وهذا ديدن الكرماء، فإن الكريم إذا أكرمته ملكته، فكيف وإذا كان المكرم أكرم الأكرمين، وأجود الأجودين، سبحانه وتعالى. ومن أجلِّ النعم وأعظمها بل وكثير من النعم تقوم عليها، وتؤدى من خلالها: نعمة الأمن والأمان فى الدور والأوطان، والهدوء والاستقرار، هذه النعمة لا يعرف قيمتها وأهميتها وعظم شأنها إلا من ذاق مرارة فقدانها.
هذه النعمة العظيمة نوه البارى سبحانه وتعالى بشأنها فى آياتكثيرة وفى مواضع متعددة من كتابه الكريم، حيث جعله سبحانه مطلب أبى الأنبياء إبراهيم عليه السلام فقد قال تعالى: «وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِى وَبَنِى أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ» «إبراهيم: 35»، فقدم إبراهيم عليه الصلاة والسلام فى الدعاء طلب الأمن على التوحيد.
وأشار سبحانه إلى الأمن وأهميته وخطورة فقدانه فى آيات مشابهة عند امتنانه على أهل مكة فقال: «الَّذِى أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ» ولعظمه فقد جعله الله تعالى صفة دائمة لبيته الحرام فقال: «أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ»، وقال سبحانه: «أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَىْءٍ رِزْقاً مِن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ»، ولا شكَّ أنه بالأمن تستقر الحياة، ويأمن الناس على حياتهم ويستقيم معاشهم، ويأمنون على أموالهم وأعراضهم ويتوجهون إلى العلم والعمل، والتحصيل والإنتاج فى سائر مناحى الحياة، ويشتغل الناس فى البناء والتنمية ويعبدون الله حق عبادته.
وفى ظل الأمن يقر الساكن فى بيته، ويأنس ويرتاح مع أهله وأولاده، وينام مرتاح البال مطمئن الضمير، لذلك كله وغيره جعل الإسلام الأمن من أهم المقاصد الشرعية التى يسعى إليها، فكان غاية عظمى وهدفًا أسمى، لا يجوز بأى وسيلة من الوسائل تهديه، فضلًا عن التعرض له وزعزعته. وقد توعد الله عز وجل المتعرضين له بأشد الوعيد فى الدنيا والآخرة. قال تعالى «إِنَّمَا جَزَآءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْىٌ فِى الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى الآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة