وزير الداخلية المصرى مطلوب منه بعد كل حادث إرهابى أن يرد على كلمات مثل التقصير الأمنى والخطط المتطورة، وكلام المتخصصين وغير المتخصصين وأصحاب الصوت العالى وهواة الشهرة.
وزير الداخلية الفرنسى سألوه لماذا قتل ما يزيد على مائة شخص فى أحد مسارح باريس؟ قال: ليس لدى إجابة محددة، فهذه ظاهرة نعمل جميعا على الحد منها.
وزير داخلية السويد قيل له، لماذا نتعرض لأعمال إرهابية ومجتمعنا بعيدة تماما عن السياسة الدولية ومراكز القوى والصراعات العالمية؟ أجاب أنه لا يستطيع أن يسيطر على شخص يحمل حقيبة ويتركها فى أحد الشوارع فتنفجر وتوقع ضحايا.
من القاهرة إلى باريس إلى لندن إلى نيويورك
عزيزى الإنسان أين هو المكان فى الأرض الذى تستطيع أن تقول إنك آمن فيه؟
كثير من عواصم العالم عانت وتعانى من الإرهاب، والمئات من الضحايا يسقطون يوميا فى كل شوارع العالم، وأصبح مشهدا متكررا أن نرى بيانات الشجب والإدانة أو المشاركة فى الجنازات ووضع باقات الزهور من الزعماء وفى الفترة الأخيرة فى أوروبا.
والعالم كله مازال حتى يومنا هذا يتذكر لحظة هدم برجى مركز التجارة العالمى بالولايات المتحدة، وقد ضرب بعمل إرهابى منظم أوقع المئات الكثيرة من الضحايا الأبرياء فى مشهد لم تستطع إمكانيات الولايات المتحدة وأقمارها الصناعية وطائراتها المقاتلة أن تمنعه أو أن تحمى مواطنيها والمقيمين على أراضيها منه.
من هؤلاء؟
ومن وراءهم؟
وهل يعقل أنهم مجموعات ولا توجد وراءهم قوى محركة؟
لماذا تتمدد عملياتهم فى قلب أوروبا؟
لماذا لم تستطع القوى الدولية حتى هذه اللحظة القضاء على هذه المجموعات؟
الحقيقة أنها أسئلة تحتاج إلى إجابات، لأن لو الأمر اقتصر على الشرق الأوسط، لكنا فى البحث عن السبب أعملنا نظرية المؤامرة وإسرائيل والتيارات المتطرفة، وممكن أمريكا نفسها لكن القتل فى كل شوارع أوروبا ودماء الأبرياء نراها كل يوم.
كيف استطاعت هذه الجماعات على اختلاف توجهاتها أن تتجمع وتستقطب أعضاء جددا، وتحصل على تمويلات وسيارات حديثة وأسلحة وأجهزة اتصالات؟
هل يمكن أن يقتنع عاقل أن أجهزة المخابرات فى العالم تعجز عن فك شفرة كل هؤلاء؟ هل الأقمار الصناعية والتكنولوجيا الحديثة وثورة البحث العلمى فى هذا القرن هزمت هزيمة نكراء وفشلت فى حماية الأبرياء على الأرض.
من المستحيل التصديق بهزيمة العالم أمام هؤلاء الإرهابيين، ومن المستحيل أيضا إغفال الاستمرار فى هذه العمليات فى كل الدنيا، وكل الدول تخرج وتقول نحن نحارب الإرهاب وسنقضى عليه ولا شىء يتغير.
يبدو عزيزى القارئ أننا أمام أسرار لا تعلمها إلا أجهزة المخابرات فى العالم ونتيجة لقانون القوة يسكت البعض ويرضى وعلينا نحن البشر من كل عرق ودين أن نتقبل هذا الخطر فى كل بقعة فى العالم، وأن نرضى بقضائنا، لكن تاريخ الإنسانية لن يغفر لكل هؤلاء من القوى العظمى الذين يملكون الإمكانيات ولم يفعلوا شيئا كى يحمون البشر وأولهم، مواطنيهم من خطر الموت من هذه العمليات.
كنت أتوقع أن تجتمع دول العالم وأجهزة المعلومات فى كل الدنيا اجتماعا دائما وممتدا، كى يتعاونوا جميعا فى القضاء على هذه الظاهرة.
كنت أتخيل أن تسخر كل الإمكانيات المادية من كل الدول للمشاركة فى تحالف كبير ضد الإرهاب على اختلاف أنواعه.
كنت أرى أن كل يوم تأخير هو أمر غير مبرر، وأن هناك رئيسا سيخرج علينا ليدعوا باقى الرؤساء لهذا الاجتماع.
لكن عزيزى القارئ يبدو أن الدول اختلفت فى تعريف الإرهاب، ومن ثم فما تراه أنت إرهابا قد لا يراه البعض هكذا وقد يشجعه ويموله.
أحيانا أسأل نفسى من هؤلاء الذين يحاربونا فى سيناء؟ ولماذا لا ينتهون؟ وكيف استطاعوا تهيئة كل هذه الظروف لصالحهم؟ ومن الذى يمولهم بالمال والسيارات والسلاح؟
إنها دول وأجهزة مخابراتها لا يريدون خيرا لبلادنا ويعتمدون أو لديهم أملا على أن كثر هذه العمليات وسقوط الكثير من الضحايا بشكل مستمر سيحدث ارتباكا بين القيادة المصرية والشعب، ويحاولون ليل نهار إما بث الفيديوهات أو الأخبار أو الشائعات التى من شأنها النيل من القيادة المصرية وتشويه صورتها أمام المجتمع الدولى، وسبحانك يا رب جاءت بالعكس مع المصريين، وازدادوا التفافا حول قيادتهم.
أى قارئ عادى سيجد بلدين اثنين فى العالم هما اللذان يجاهران بعداوتهما للقيادة المصرية وللشعب المصرى قطر وتركيا.
وأنا لا يمكن أن ألغى عقلى، أكيد جهاز المخابرات المصرية ورجالته عندهم كل حاجة، بس فى حكمة أو فى توقيت أو فى خطة أو فى شىء نحن لا نعلمه، يجعل وقت الحساب متأخرا، لكننى أثق أن الحساب قادم حتى وإن تأخر، والجميع فى الوطن العربى يعلم قوة جهاز المخابرات المصرى التى لا تحتاج إلى تأكيد.
لكن ما تبقى لنا باسم الإنسانية مجتمعة أن نوجه نداء لكل زعماء العالم بحق هذه الدماء التى نراها كل يوم، ألم يحن الوقت للتحرك؟ ألا ترون سببا حتى الآن كى تنتفضوا للقضاء على هؤلاء؟
إن كل ساكت على هذا الخطر هو مشارك فيه، وسيأتى يوما ويدفع الثمن من حياته وحياة أولاده وأحفاده.
وعلى الشعب المصرى أن يعلم أنه إذا كان هناك قانون فلابد أن تكون هناك قوة لتطبيق القانون فأحكام المحاكم فى العالم كله هى جمل وعبارات تمثل قرارات على أوراق، إما أن أردنا أن نحولها إلى حقيقة، فعلينا أن نستخدم القوة لتنفيذها.
وإذا كنا جميعا أعضاء فى الأمم المتحدة وفى مجلس الأمن فتذكروا أنه بسبب القوة أقر حق الڤيتو، وأصبح ميزة للأقوياء يتلقى ردود أفعالها الضعفاء.
أن تصبح قويا هو الأمر الوحيد الذى يغنيك عن الناس ويحمى مجتمعك ولا يجعلك عرضة للفتن.
أن تتماسك وتعرف أنك تحارب وأن أمامك عدو لا يرحم ولا يعطيك رفاعية التفكير أو الاختلاف.
أن تتفق أننا لن نتفق على كل القضايا فأنت تريد التعليم والصحة، وغيرك يرى المشاريع الجديدة للمستقبل، وآخر يرى التسليح والاستعداد وهذا الاختلاف طبيعى جدا، لكننا جميعا بكل اختلافنا لا نريد أن نموت ويموت أولادنا، ولا أستخدم هذه الجمل كما يفعل البعض لمحاولة الرضاء بالأمر الواقع، بل والله استخدمها لشرح مرارة الواقع.
وأخيرا... لن تسامح الإنسانية مجتمعة هؤلاء الذين كان بوسعهم أن يفعلوا شيئا لحفظ دماء الأبرياء ولم يفعلوا فهم شركاء فى القتل، سيأتى يوما وسيدفعون الثمن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة