فى يوم الصحة العالمى، 7 أبريل 2017، تدعو منظمة الصحة العالمية الأفراد والمجتمعات إلى التحدث عن الاكتئاب ومحاربة الوصم المحيط به، وشعار هذا العام "الاكتئاب: دعونا نتحدًّث عنه". فالتحدُّث عن الاكتئاب يساعد على تحطيم ممارسات الوَصْم ويشجِّع المزيد من المصابين به على طلب المساعدة.
أكد الدكتور محمود فكرى، مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، أنه «برغم ما يَشيع من مفاهيم خاطئة، فإن الاكتئاب ليس دليلًا على الضعف، ولكن الوَصْم والتمييز يمنعان المصابين من طلب الرعاية التى يحتاجون إليها» ويتوافر العلاج الفعّال من خلال جلسات العلاج الاستشارية أو الأدوية المضادة للاكتئاب أو باستعمال مزيج منهما.
وقال إن الاكتئاب يمكن علاجه وعدم الاستجابة له أمر مكلف، ويقل الدعم المتاح للمصابين باضطرابات الصحة النفسية أو ينعدم فى بلدان كثيرة حول العالم. وحتى فى البلدان المرتفعة الدخل، لا يحصل 50% تقريبًا من المصابين على العلاج، وللاستثمار فى مجال الصحة النفسية جدوى مالية واجتماعية، أما عدم الاستجابة له فتترتب عليه تكلفة بالغة. وقد يكون الاكتئاب، إن لم يُعالج، مرضًا مسببًا للوهن وقد يفضى حتى إلى الانتحار، الذى يعَدُّ السبب الرئيسى الثانى للوفاة فى الفئة العمرية 15-29 عامًا.
وشدَّد الدكتور فكرى على أن "الحكومات بإمكانها أن تحسّن خدمات الصحة النفسية، والأسر والمجتمعات يمكنها أن تقدِّم الدعم الاجتماعى، والمجتمع المدنى بوسعه أن يعمل على إذكاء الوعى بالاكتئاب، والمصابين أنفسهم يمكنهم طلب المساعدة للحصول على العلاج المناسب، وألا يجدوا حَرَجًا فى الإفصاح عمّا يجيش فى صدورهم من مشاعر وأحاسيس."
ويتولى تقديم خدمات الصحة النفسية فى بعض البلدان أيضًا ممارسون عامون غير متخصصين تحت إشراف أخصائيين وطنيين ممن تدرَّبوا ضمن برنامج منظمة الصحة العالمية للعمل على رأب الفجوة فى الصحة النفسية؛ وهو البرنامج الذى دخل حيِّز التنفيذ فى أكثر من 90 بلدًا من البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل حول العالم. ومن الأهمية بمكان التوسُّع فى نطاق تقديم خدمات الصحة النفسية، ولاسيَّما تلك التى تستهدف الفئات السكانية الأشد تأثرًا ممن يعانون تحت وطأة الأزمات الإنسانية والصراعات والتشريد.
ويرجع الاصابة بالاكتئاب إلى أسباب كثيرة، وهناك مزيج من العوامل الجسدية والنفسية والاجتماعية التى تقف وراء الإصابة به. ومن بين هذه العوامل
:
أولا: وجود تاريخ من الإصابة بالاكتئاب فى العائلة
ثانيا: فقدان أحد الوالدين أو الأطفال أو الأقرباء أو الأصدقاء المقربين
ثالثا: الاعتلالات الجسدية المزمنة
رابعا: تعاطى الكحول أو المخدرات
خامسا: عوامل الضغط الشديد مثل الحروب والصراعات والكوارث الطبيعية
سادسا: التعرض لمحنَة أو إيذاء فى مرحلة الطفولة
سابعا: التغيُّر السريع فى مواقف حياتية مثل الزواج أو الولادة أو فقدان وظيفة
ثامنا: المشاكل المالية
تاسعا: الانتماء إلى إحدى الأقليات
عاشرا: صعوبات مرتبطة بالزواج
وأضاف أن الدعم الاجتماعى القوى يمكن أن يخفف من وطأة الآثار الناجمة عن هذه العوامل وانخفاض مستويات الاعتراف بالاكتئاب وغيره من الاضطرابات النفسية الشائعة مثل القلق، وكذلك مستويات الحصول على خدمات الرعاية
وأضاف غسان حاصبانى، نائب رئيس الوزراء وزير الصحة العامة فى لبنان: "نحن نتبنَّى رؤية واضحة فى لبنان حول كيفية الاستمرار فى توسيع نطاق العمل فى مجال رعاية الصحة النفسية لكى نضمَن تمتّع الجميع بمستويات جيدة من الصحة نفسية والعافية، ونعمل لبلوغ هذه الغاية حتى يتسنّى لكل من يحتاج إلى خدمات الصحة النفسية أن يحصل عليها فى الوقت المناسب ودونما خوف من الوَصْم المرتبط بها وأن يتلقَّى أفضل رعاية ممكنة بطريقة توفر له أقصى قدر ممكن من الاحترام".
وأضاف لقد كانت الصحة النفسية، لفترة طويلة، لا تلقَى إلا تجاهلًا، ولكن الأمر لم يعد كذلك، فقد بدأت حقبة جديدة من التعامل مع الصحة النفسية فى لبنان، وهى حقبة يُنظر للصحة النفسية فيها على أنها حاجة أساسية وحق أصيل."
وفى لبنان، تعمل الوزارة على دمج الصحة النفسية فى خدمات الرعاية الصحة الأولية، وتقوم فى سبيل ذلك بتدريب ما يزيد على 75 موظفًا من موظفى مراكز الرعاية الصحية الأولية. واعتبارًا من عام 2018، سوف يجرى دعم تدخلات الصحة النفسية المسنَدَة بالبيِّانات التى تستهدف الفئات الأكثر تعرُّضًا لاضطرابات الصحة النفسية فى إطار التغطية الصحية الشاملة، ذلك على الرغم من أن الرعاية الداخلية فى مستشفيات الصحة النفسية والمستشفيات العامة وأدوية الأمراض النفسية طالما تم توفيرها إلى المصابين ممن لا يمتلكون الموارد المالية الكافية للحصول على تلك الخدمات".
وقالت منظمة الصحة العالمية فى تقرير لها، إن هناك حاليًا أكثر من 300 مليون شخص حول العالم يتعايشون مع الاكتئاب، أى بزيادة تزيد نسبتها عن 18% وقعَت بين عامَى 2005 و2015، والاكتئاب هو حالة مرضية يشعر المصابون بها بالحزن الشديد ولا يجدون متعة فى ممارسة الأنشطة، التى تُدخِل عليهم عادةً الفرح والسرور، بَل ويستصعبون أداء مهام حياتهم اليومية، ومن الممكن أن يصيب الاكتئاب أى شخص أينما كان، وخصوصًا الفئات السكانية التى تمر بأزمات إنسانية، وفى إقليم شرق المتوسط، يتأثر شخص من بين كل 5 أشخاص بالاكتئاب والقلق جراء وقوعه فى براثن الصراعات المسلحة وانعدام الأمن والتشرد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة