" اللى ما يشوفش من الغربال يبقى أعمى" ، والذى لا يرى تجليات مؤتمر الشباب الثالث ، والفرص الحقيقية التى أتاحها ، والخبرات التراكمية التى نتجت عنه ، إما أن يكون هوائياً ذا غرض ، والغرض مرض كما يقولون ، أو يكون ممن يبخسون الناس أشياءهم ، وهو أمر منهى عنه دينياً وخلقياً ، وعلمياً كذلك .. مؤتمر الشباب الثالث ، والتالتة تابتة ، كان عرساً للشباب ، وكان نجاحهم فى التنظيم والعرض والتقديم ، والأهم فى التفكير والتخطيط ، نجاحاً له حلاوة ، وتفوقاً له أكثر من دلالة ، وتقدماً فى طريق بدأوه وبدأناه معهم فى الطريق إلى مصر الجديدة .
وبداية لابد من الاعتراف بأن الرئيس عبد الفتاح السيسى قد نجح وبجدارة فى أن يكون له ظهير من شباب مصر ، بعد أن كانت هناك مشكلة أساسية فى بداية حكمه .. مشكلة تبدت أعراضها فى إعراض الشباب عن كثير من الفعاليات السياسية والمجتمعية ، وفى تعالى الأصوات بأن هناك انفصاماً بين الشباب والدولة .. الآن ، نستطيع أن نقول وبمنتهى الثقة ، لقد توحدت الدولة والشباب ، واجتمع الرئيس معهم ، وأصبح صوته لهم ، وصوتهم له .. صوتان اجتمعا فى حب مصر ، وفى العمل على تنميتها وتقدمها ..
ولابد من الاعتراف كذلك ، بأن المؤتمر كان خطوة إلى الأمام .. ولم يكن "سيراً فى المحل" ، أو وقوفاً فى النقطة ذاتها .. حركة المؤتمر ، وحرارة أفكاره ، وسخونة المناقشات حول قضاياه ، وحضوره الأعلى تمثيلاً ، وحواراته الصريحة جداً ، والمنفتحة للغاية ، وتنوع اتجاهات المتحاورين ، واختلاف رؤاهم وخلفياتهم ، كل هذه الأشياء جعلت من المؤتمر مثالاً لما يجب أن يكون عليه التنظيم ، ولما يجب أن يكون عليه الإعداد .. لا فائدة من أصوات متشابهة تكرر نفس اللحن .. جمال الأوركسترا فى تنوع الآلات ، وفى اختلاف النغمات .. هكذا كان المؤتمر سيمفونية فكرية وحضارية كاملة..
وكانت نقطة الذرورة فى المؤتمر أو ما يطلق عليه Climax هى حوارات الرئيس السيسى ، ووصلات الصراحة والشفافية المتناهية التى أبداها .. حديث الرئيس السيسى عن خطوات الإصلاح الاقتصادى وحتميتها فى الوقت الراهن ، وعن المفاضلة بين "مستقبل مصر" وشعبيته الشخصية ، واختياره وانحيازه لمصر مهما كان الثمن السياسى لهذا الاختيار، حديثه عن الفجوة الهائلة بين التخطيط والتنفيذ على مستوى الوزارات ككل ، وعن الفرق بين النظرية والتطبيق ، بين "ريس الشط" وبين "ريس البحر" ، وكيف أن التنظير سهل والواقع معقد.. حديثه كذلك عن الفصل بين السلطات ، وضرورة أن تحترم كل سلطة الأخرى ، حتى نكون فى دولة مؤسسات ، ودولة دستورية..
والحق أقول لكم ، لقد وضعت أمامى عناوين الموضوعات التى تحدث عنها الرئيس السيسى فى المؤتمر ، ووجدت أنها وكأنها "ميثاق عمل" ، ومبادىء يجب التركيز عليها فى وسائل الإعلام باعتبارها "مانيفستو" العمل الوطنى فى مصر الجديدة .. لقد وضع النقاط على كثير من الحروف ، وأسس لكثير من قواعد الحوار الذى بلا ضفاف تحده ، وبلا قيود تقيد حركته .. هل كنا نحلم بأن يأتى زمان يتم فيه توجيه الحوار للرئيس ، ويقال له "غير عشان تتغير" وهى الصيحة التى أطلقها الكاتب الصحفى المخضرم والحكيم مكرم محمد أحمد..
أما درة الدرر وذرة السنام فى هذه الحوارات جميعها ، فكانت نصيحة الرئيس السيسى للشباب " خدوا تاركم بشغلكم" .. الشغل والعمل هما ما يجب أن يكون استغراق الشباب فيه ، وانتقامهم من الأيام من خلاله .. وبه سوف تتحقق كل الأحلام إن شاء الله..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة