- ريجا أكبر شريك تجارى للقاهرة بين دول البلطيق ..و51 مليون يورو حجم الصادرات اللاتفية لمصر فى 2016
- مصنع RVR
لتصنيع القطارات عرض على الحكومة إنشاء شركة مشتركة باستثمارات نصف مليار دولار أمريكى
- والقاهرة ستصبح موردا للمرة الأولى فى تاريخها لـ"قطارات مصنعة فى مصر" إلى الشرق الأوسط وأفريقيا حال تم التوصل لاتفاق
ـ 11 ألف سائح من لاتفيا زاروا منتجعات البحر الأحمر فى 2016
قالت سفيرة لاتفيا بالقاهرة "إيفت شولتا"، إنها جاءت إلى مصر فى 2012، معربة عن إعجابها بالتحول السريع الذى شهدته القاهرة، إذ تمكنت خلال فترة وجيزة من تبنى دستور جديد، وإجراء انتخابات برلمانية ديمقراطية، وتطبيق إصلاحات اقتصادية طموحة، كانت البلاد فى حاجة لها من أجل مستقبل مستقر وقوى اقتصاديا ومزدهر.
وأعربت خلال حوارها مع "اليوم السابع" عبر البريد الإلكترونى، عن ثقتها أن مصر ستتغلب بنجاح على التحديات التى تواجهها سواء على الصعيد الاقتصادى أو الاجتماعى ببذل الجهود المستمرة والعزم، معتبرة أن أولويات الشراكة بين الاتحاد الأوروبى ومصر يمكنها أن تكون فعالة فى هذا الإطار.
الرئاسة المصرية ورثت مشكلات عديدة
وبسؤالها عن إجراءات الإصلاح الاقتصادى التى تبنتها مصر، قالت "شولتا"، إن مصر تعمل بجدية لإعادة إحياء اقتصادها والثقة فيه، مؤكدة أن "الرئاسة الحالية ورثت العديد من المشكلات طويلة الأمد مثل زيادة الإنفاق الحكومى، وتضخم القطاع العام، وضعف جمع الضرائب، وعدم توازن الهيكل الاقتصادى وضعف قطاع التصدير، ولكن مصر لديها فرصة اليوم لتحسين ذلك".
وأوضحت أن قوة اقتصاد أى دولة سواء كبيرة أو صغيرة يمكن قياسه وفقا لـ3 مؤشرات، عجز الميزانية والتضخم والدين الخارجى، مؤكدة أن أكبر خطوة اتخذتها الحكومة المصرية كان تعويم الجنيه، واصفة القرار بـ"الشجاع للغاية".
وأضافت فى حديثها لـ"اليوم السابع"، أن الحكومة المصرية أمامها العديد من التحديات، أبرزها التضخم، مؤكدة "بغض النظر عن الصعوبات الحالية، يجب على المصريين الاستمرار فى الإصلاحات الاقتصادية، لأنها ضرورية لتعزيز القدرة التنافسية للسلع المصرية وزيادة الصادرات وتحسين مناخ الأعمال وتقليل البيروقراطية".
واعتبرت أن مستقبل مصر وثروتها يتحكم فيه حرفيًا ملايين الموظفين الحكوميين، لأنهم المسئولين عن تفعيل قرارات الوزارات، فضلًا عن أنهم مواطنون وفى خدمة الشعب، مشيرة إلى أن ثروة مصر هى الشعب، والاستثمار فى الموارد البشرية من شأنه أن يلعب دورا مهما فى تنمية مصر الاقتصادية، موضحة أن الدول الصناعية المتقدمة مثل اليابان والولايات المتحدة تخصص ما يقرب من 4 % من ناتجها المحلى الإجمالى المحلى للتعليم والبحث العلمى.
تجربة لاتفيا الاقتصادية
وتحدثت السفيرة "إيفت شولتا" عن الأزمة الاقتصادية القاسية التى ألمت بلاتفيا فى 2008، وكيف اختارت الحكومة ألا تخفض العملة، وأن تحتفظ بمعدلات الضرائب دون تغيير، فى محاولة لتشجيع المستثمرين والنشاط الاقتصادى ودعم الفقراء، مشيرة إلى أن الإصلاح الرئيسى ركز على خفض الإنفاق فى القطاع العام، وجعل حجم الخدمة المدنية أصغر بنسبة 30٪ وأكثر كفاءة.
وأضافت أن مصر دائمًا ما تثير إعجابها بأفكار أعمال مبدعة، ومساعدة الناس ببيئة قانونية مريحة ودعم مالى من خلال سياسة قوية وحديثة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة من شأنه أن يعزز وتيرة التوظيف ويساهم فى ميزانية الدولة.
وبسؤالها عن عدد الشركات التى تعمل فى مصر، وحجم التبادل التجارى، أوضحت "شولتا"، أن لاتفيا دولة صغيرة لا تمثل سوى 2.2% من حجم تعداد سكان مصر، ونصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى أعلى بثلاث مرات تقريبًا من نصيب الفرد من مصر، مشيرة إلى أن عدد السكان فى لاتفيا التى انضمت للاتحاد الأوروبى فى 2004، حوالى 2 مليون نسمة.
وأكدت أن التجارة مع القاهرة تضاعفت بمعدل ثلاث مرات خلال السنوات الأخيرة، لتصبح لاتفيا أكبر شريك تجارى بين دول البلطيق الثلاث، وخلال 2016، صدرت ريجا إلى القاهرة بمقدار 51 مليون يورو، وعادة تشكل المنتجات الخشبية 98% من الصادرات اللاتفية لمصر، ولكن فى عام 2016، أصبحت أكثر تنوعًا، وباتت المنتجات الخشبية تشكل 61% من إجمالى الصادرات، بينما تشكل المنتجات الغذائية 35% منها.
50 شركة لاتفية تتعامل مع مصر
وأوضحت أن هناك ما يقرب من 50 شركة لاتفية تتعامل مع مصر، خاصة فى مجال تكنولوجيا المعلومات، مشيرة إلى أن الشركات اللاتفية التى تعمل فى هذا القطاع ساعدت عدد من البنوك المصرية على تأمين البطاقات ومنع تعرضها لأى محاولات سرقة أو احتيال، موضحة أن الشركات اللاتفية مهتمة للغاية بالسوق المصرى.
ومن ناحية أخرى، قالت إن عدد الطلاب المصريين الذين يدرسون فى لاتفيا فى تزايد مستمر، لاسيما وإن الشهادة الجامعية معترف بها فى كل دول الاتحاد الأوروبى، مشيرة إلى أن هناك 44 طالبًا يدرسون الهندسة وتكنولوجيا المعلومات.
أبرز قطاعات الاستثمارات
أما عن القطاعات الرئيسية التى تركز عليها الاستثمارات اللاتفية فى مصر، أوضحت السفيرة "شولتا" أن إمكانيات التعاون تكمن فى الاستثمارات المتعلقة بالخبرة، لاسيما وإن الدول الأوروبية الصغيرة لديها الخبرة والتخصص، وريجا تتمتع برابع أسرع انترنت فى العالم، كما أنها توفر ثلث حاجتها من الطاقة، من الطاقة الخضراء، لافتة إلى أن قوة لاتفيا تكمن فى قطاع التكنولوجيا الخضراء، لاسيما وإن الكتلة الحيوية والوقود الحيوى يتم استخدامها على نحو متزايد فى توليد الكهرباء والحرارة.
وأوضحت أن لاتفيا كذلك لديها خبرة واسعة فى مجال تصنيع القطارات والترام ويعد مصنع RVR أبرز المصانع، ولديه خبرة أكثر من 120 عامًا، إذ كان أكبر مورد فى الاتحاد السوفيتى، قائلة إن هناك اقتراح قُدم للحكومة المصرية فى يونيو الماضى، ولا يزال قائمًا لنقل خبرة تصنيع القطارات مع الاحتفاظ بحق التصدير. ويعرض مصنع RVR إنشاء شركة مساهمة مشتركة فى مصر باستثمارات تقدر بنصف مليار دولار أمريكى، الأمر الذى سيسمح للقاهرة أن تصبح للمرة الأولى فى تاريخها لاعبا رئيسًا، وموردا لـ"قطارات مصنعة فى مصر" إلى الشرق الأوسط وأفريقيا، فى الوقت الذى توسع فيه نطاق قطاع الهندسة الميكانيكية وتخلق الكفاءات الهندسية الحديثة.
وأوضحت فى حوارها لـ"اليوم السابع" ، أن قطاع النقل بمصر فى حاجة للتحديث، ولاتفيا لديها خبرة واسعة فى هذا المجال، لاسيما وإن نظام التذاكر الإلكترونى فى لاتفيا هو الأكثر حداثة فى أوروبا الشرقية، لأنه ليس فقط بطاقة ذكية تستخدم فى وسائل النقل العامة، وإنما بطاقة متعددة التطبيقات، مؤكدة أن "شركاتنا على أتم استعداد لمشاركة خبراتها فى هذا المجال وأيضًا مجالات تكنولوجيا المعلومات المتقدمة".
ومن القطاعات الأخرى التى يمكن أن تتعاون فيها كلا من القاهرة وريجا، قطاع الأدوية وأيضًا الزراعة، إذ أن صناعة الغذاء والمشروبات تشكل ثانى أكبر قطاع صناعى فى لاتفيا، ويعمل به خُمس القوى العاملة.
السياحة من لاتفيا إلى مصر
وبسؤالها عن حركة السياحة من لاتفيا إلى مصر، وما إذا كانت عدلت نصائح السفر إليها، أوضحت شولتا، أن مصر كانت الوجهة السياحية الأولى فى موسم الشتاء للسائح اللاتفى، وبدأت حركة السياحة تعود تدريجيا إلى البلاد فى 2015، إذ زار 19 ألف سائح منتجعات البحر الأحمر، ولكن للأسف تراجعت الأعداد إلى 11 ألف فى 2016.
وأشارت إلى أن إرشادات السفر يتم تعديلها بانتظام وفقا لتغير الأوضاع، ولكن نصيحة وزارة الخارجية اللاتفية لا تحذر السفر إلى الوجهات السياحية المعروفة فى مصر، مثل منتجعات البحر الأحمر.
ومن ناحية أخرى، قالت سفيرة لاتفيا لدى مصر بسؤالها عن التقارير التى تحذر من الخطر الروسى على دول البلطيق، إنها قرأت تقرير فى مركز "كارنيجى" للأبحاث يقول إنه بعد 25 عامًا على انتهاء الحرب الباردة، عاد التوازن العكسرى بين روسيا والناتو إلى بؤرة الاهتمام والقلق مرة أخرى، بعدما استخدمت موسكو قوة متنوعة كأداة لسياستها الخارجية، مشيرة إلى أن خمسة أعضاء من الناتو، يتشاركون الحدود مع روسيا وهم لاتفيا واستونيا وليتوانيا والنرويج وبولندا.
واعتبرت السفيرة شولتا أن أفعال روسيا ليست مفاجئة، بالأخذ فى الاعتبار التدريبات العسكرية بالقرب من حدود لاتفيا، وانتهاك مجالها الجوى، ووضع القذائف الباليستية فى منطقة كالينينجراد المجاورة، مشيرة إلى أن هذه التصرفات ليست جديدة، ولا تمثل تهديدا متزايدا على ريجا، إذ "نعتقد أن المواجهة العسكرية مع الغرب ليست فى مصلحة روسيا".
وعن تحرك الحكومة اللاتفية لمواجهة هذا التهديد، خاصة على ساحة الفضاء الإلكترونى، قالت "شولتا" إن بلادها مطمئنة حيال أمنها، لاسيما مع قرارات تعزيز القدرات الدفاع الجماعية، بما فى ذلك الدفاع الإلكترونى التى تبنتها قمم الناتو فى ويلز ووارسو.
وأضافت فى حوارها مع "اليوم السابع" أنه من المهم تفعيل القرارات المتعلقة بتواجد القوات المتحالفة فى دول البلطيق، وتلتزم لاتفيا بزيادة ميزانية الدفاع الخاصة بها بنسبة 2% من الناتج الإجمالى المحلى فى 2018، واضعة فى الحسبان منع الجرائم السيبراتية.
مبادرة "أوروبا متعددة السرعات"
وبالنسبة للوضع فى أوروبا، ومحاولة بعض الدول الكبرى تبنى مبادرة "أوروبا متعددة السرعات"، للحفاظ على وحدة الاتحاد الأوروبى بعد عدد من التحديات التى واجهها خلال السنوات الأخيرة أبرزها خروج بريطانيا والإرهاب والهجرة، قالت "شولتا" إن هذه المبادرة فعالة للغاية، وتنطوى هذه المبادرة على أن أجزاء مختلفة من الاتحاد الأوروبى تندمج على مستويات مختلفة وبسرعات متفاوتة معتمدة على الوضع السياسى لكل دولة، فمثلًا إذا أرادت بعض الدول التركيز على جهود الدفاع والأمن ومواجهة التطرف والإرهاب يمكنها أن تتعاون معًا دون انتظار قرار من الدول المترددة.
وأوضحت السفيرة أن الدول الأعضاء فى التكتل اجتمعت فى 25 مارس الماضى للاحتفال بالذكرى الـ60 لمعاهدة روما، والتى كانت نواة لتشكيل الاتحاد، مشيرة إلى أن مفهوم الاتحاد ضمن انتشار أطول سلام دائم فى تاريخ أوروبا للمرة الأولى، الأمر الذى زاد من جاذبية هذا المفهوم وجعل المزيد من الدول تريد الانضمام له.
وبالنسبة للاتفيا، تضيف السفيرة، كان الانضمام للاتحاد حلم يتعلق بالحرية، لأنها ظلت خاضعة لاحتلال القوات السوفيتية بعد الحرب العالمية الثانية حتى 1991، عندما حصلت على استقلالها، موضحة أن أحد أهم أهداف السياسة الخارجية بعد الاستقلال كان الانضمام للتكتل الأوروبى.
واعتبرت أن الاتحاد الأوروبى مجتمع ناجح من القيم، لديه القدرة على التوافق بشأن موضوعات مختلفة ومتنوعة، وبالنسبة لى فكرة أوروبا متعددة السرعات تعكس حرية اختيار الدول الأعضاء للتعاون فى السياسات المشتركة واحترام سيادة وقرارات كل دولة عضو.
وشرحت بعض الأمثلة على هذه المبادرة، قائلة : إن 22 دولة من 28 دولة أعضاء فى الاتحاد الاوروبى انضمت إلى اتفاقية الشنجن، التى تسمح بالحركة الحرة، بينما وافقت 19 دولة من 28 على استخدام اليورو كعملة مشتركة، ومن ثم هم أعضاء فى منطقة اليورو. وانضمت لاتفيا إلى اتفاقية الشنجن فى 2008 وإلى منطقة اليورو فى 2014.
وقالت إن جامعة الدول العربية مؤسسة أقدم من الاتحاد الأوروبى، وأنشأت من أجل نفس الهدف للحفاظ على استقلال وسيادة الدول العربية. وأعربت عن أملها أن تبنى الدول العربية على أسس الجامعة العربية، وأن يتعلموا من أخطاء الماضى وأن يتبنوا شعار نجاح الاتحاد الأوروبى "موحدون فى التنوع"، وليس "اتفقنا على ألا نتفق".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة