ارتفاع سعر الدولار من جديد يسبب الإحباط، حتى للذين لم يسعدهم الحظ باقتنائه، فقد ارتبط فى الأذهان بأنه سر السعادة أو سبب الشقاء، وحقيقة الأمر أنه أصبح الحاكم الفعلى للأسعار والغلاء والارتفاع والانخفاض، ابتداءً من الخضراوات حتى السيارات والسلع المعمرة، وأصبحت العبارة التقليدية كلما سألت بائعًا عن سبب ارتفاع الأسعار هى «شوف الدولار بكام النهارده».
كهنة الاقتصاد الحر منذ سنوات طويلة، هم الذين أوصلونا لهذا الوضع، لأنهم أطلقوا حبل الحرية لدرجة الخنق، وأخذوا منها الـ«نص» الذى يخدم مصالحهم ويحقق أهدافهم ويضخّم ثرواتهم، وتركوا الـ«نص» الذى يكبح جماح الجشع والاستغلال والاحتكار، فأصبحت رأسمالية متوحشة لا تعرف الرحمة ولا العدل، وجعلوها بقرة مقدسة لا يجوز الاقتراب منها أو الحد من نفوذها، مع أن الدول التى اخترعت الرأسمالية، تحيطها بسياج آمن من الإجراءات المشددة، التى تحميها من نفسها وتحمى الناس من شرورها.
فى ظل هذا الداء المستشرى منذ سنوات طويلة، خرج الدولار عن نطاق السيطرة، ولا يخضع لقوانين العرض والطلب، ولا يعترف بآليات السوق ويرتفع وينخفض بـ«مزاج» اللاعبين الأشرار، الذين عاودوا الظهور بشدة فى الأيام الأخيرة، بعد أن فُضحوا وانكشفوا أمام الرأى العام، بسبب تبجحهم وإصرارهم عدم خفض الأسعار، بعد انخفاض سعر الدولار «منشار طالع واكل نازل واكل»، ويلعبون بالحجج والمبررات لعبة الثلاث ورقات.
ما صدقنا.. الدنيا بدأت تهدأ والأسعار «محلك سر» دون زيادات جنونية كل يوم، حتى عاد الأشرار يعبثون بالدولار والأسعار، فى وقت حرج مع اقتراب شهر رمضان وزيادة معدلات الاستهلاك، ورغبة الدولة فى توفير السلع وفتح مزيد من منافذ التوزيع، حتى يجد الناس احتياجاتهم بأقل قدر من المعاناة، فالهدف الثابت لعصابات قوت الشعب هو مزيد من المكاسب، ويظهرون فى الفضائيات يبكون دموع التماسيح على الفقراء والغلابة، ويخفوّن وراء كلامهم المخادع ثعالب ماكرة.
الاقتصاد المصرى على المحك، وأعداؤه فى الداخل مثلهم فى الخارج، فى الداخل لوبى امتصاص الثروة حتى تستمر الفوضى، وفى الخارج لوبى إضعاف الدولة حتى لا تتنامى القوة، ومعلوماتى المؤكدة أن الدولة متيقظة لألاعيب الداخل ومؤامرات الخارج، ولكنها تصبر على أهل السوء حتى يرحلوا، أو «تجيلهم مصيبة تاخدهم».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة