أعجب معادلة هى التى تمر بها مصر فى هذه الأيام، الطبيعى واللى فى كل البلاد اللى شبهنا، أن الدول النامية لا تجد أموالا لتمويل المشروعات العملاقه، وإنه بيتم إنجاز هذه المشروعات على مدد زمنية طويلة المدى، وإنه بيتم الإعلان عن المشروعات بمجرد وضع حجر الأساس «وده اللى إتربينا عليه»، وعادة النكت بتطلع على الحكومات والرؤساء على أنهم واكلين خير البلد وده اللى عشنا فيه سنين.
الحقيقة الرئيس السيسى عمل معادلة جديدة.. جاب فلوس كتير جدا ونفذ مشاريع عملاقة جدا، ولا يعلن عنها إلا بعد افتتاحها لدرجة أنى أحيانا فى زيارات عمل للخارج أقابل بعض الاستشاريين الأجانب الذين يعلمون عن مشاريع أقيمت فى مصر وأنا شخصيا لا أعلم عنها شيئا، مع أنه فى علم السياسة من مصلحة أى رئيس أنه يعلن عن المشاريع عشان يثبت للناس أنه بيشتغل!! لكن الرئيس السيسى واضح أن اللى فارق معاه هو الشغل وليس إثبات الشغل.. والرك على النتيجة.
ولأول مرة فى تاريخ مصر تطلع النكت على حرص الرئيس على المال العام، زمان كانت النكت على الناس اللى فوق إنهم إزاى بيقسموا فلوس البلد على بعض، اليومين دول النكت على أن السيسى مش هيسيب مناسبة ما يخدش فيها فلوس لصالح البلد، والنكتة هى مقياس للمزاج الشعبى، ومن غير ما حد يقول إننا بنافق «لأن لسه الانتقاد جاى» الرئيس السيسى لم يجرؤ حتى أعداؤه على مجرد بث شائعة ولو بكملة واحدة عن طهارة يده، واسألوا أهلكم اللى بيشتغلوا فى الأجهزة الرقابية، هو أخبار الرئيس إيه فى موضوع مكافحة الفساد؟ هل مثلا أعطى تعليمات أن فى كام واحد محدش يقرب لهم؟ هل مرة عرضت عليه قضية فساد وقال احفظوها لاعتبارات مواءمة؟ الحقيقة دى حضراتكم تقدروا تعرفوها بمنتهى السهولة، ودى حاجات فى بلدنا ما بتستخباش، أنا شخصيا فى فترة من الفترات كنت أعتقد أن الناس اللى بتطلع فى الصور كتير كان ليهم ميزة، طلعوا أول ناس بتدفع ولا حد يقدر يديهم حاجة، لذلك تستطيع أن تقول وبكل ضمير مرتاح ودون نفاق، أن عهد الرئيس السيسى حتى الآن هو أكثر العهود قوة فى محاربة الفساد.
طيب، بما أن الرئيس فى الاتحادية وفر الأموال وأقام المشاريع ونفذها وهى جاهزة الآن للإنتاج، كيف تدار هذه المشاريع؟ وإلى من أسند إدارتها؟ وأين هى نتائجها؟ هنا سننزل إلى طبقة المسؤولين من الشعب، يعنى حضرتك موظف فى الحسابات أو فى المراجعة أو فى التراخيص، وجالك ملف للاستثمار بحكم تخصصك، إما أنك تراعى ضميرك وتخلصه بسرعة عشان البلد معندهاش وقت لأمثالك يفقرونا، وإما أنك توقف الحال وتروح فرص الاستثمار على البلد.
وهذا هو ما قصدته من عنوان المقال، أنه عند درجة معينة لا تستطيع اى قيادة سياسية فى العالم أن تعمل مكان الملايين من الشعب، نعم تستطيع مراقبتهم وتحفيزهم على العمل، لكن لو أن هناك حالة من الكسل والخمول وعدم تحمل المسؤولية وبلادة فى الأداء، دى أمور تحتاج إلى حلول من السماء وليس من عند البشر.
يا مصريين المشاريع الكبيرة اللى اتعملت السنتين اللى فاتوا اتفقتم أو اختلفتم عليها إنتو أصحابها ودى فلوسكم، لكن للأسف فى ناس مننا وبينا الجهل وقلة الضمير والبلادة خلوهم بقوا سبب فى تعطيل كل شىء، الناس دول فى كل مصلحة وكل إدارة وكل مبنى حكومى فى مصر، الناس دول سبب خراب حقيقى، ومهما أنتجنا واتقدمنا هما بتصرفاتهم هيرجعونا للخلف، ومش ممكن ترد عليا وتقولى ده كمان دور الدولة، ياسيدى طبعا كله على الدولة لكن إحنا عاوزين نتقدم بسرعة عشان الأجيال دى تلحق تشوف خير.
فعلى ما الرقابة الإدارية تخلصنا من الفاسدين وعلى ما ييجى كام وزير عليهم العين يراقبوا جوه وزارتهم بضمير، هنحتاج لوقت، فى حين لما تم إنجاز المشاريع لم نحتج إلى هذا الوقت.
أنا هكتب وسأظل أكتب للرئيس السيسى نفسه وأقول: أرجوك ياريس، إلا المشاريع الجديدة، بلاش تسلمها للعقليات القديمة، دى مشاريع اتبنت بدم ولادنا اللى راحوا، والعقليات القديمة دى محتاجة تتنسف، ملهاش حل، ابعد الناس دى ياريس عن تعبك اللى تعبته فى السنتين اللى فاتوا، المسؤول أو الموظف التقليدى يصلح فى بلد ظروفها طبيعية والأمور فيها مستقره منذ سنوات، إحنا شيلنا الإخوان وبنحارب الإرهاب وضربولنا السياحة وعندنا مشاكل عشرات السنين فاتت وقررنا ننهض ببلدنا بسرعة اللى ناقصاه المعلومات اللى فاتت دى يبعد من طريقنا، لا نملك رفاهية الوقت والاختيارات ليست متاحة، فإما أن ننتبه فننجو، وإما نبقى فى غفوتنا فنهلك.
هناك فارق فى السرعات والطموحات بين الاتحادية والمؤسسات التنفيذية، ونظرية التقارير والأواراق مش هتمشى مع الرئيس السيسى، وسياسة البلادة اللى عند البعض مننا مش هتمشى فى ظروف البلد الحالية.
وعلى الجانب الآخر، لو لم تحل مشاكل قوانين الاستثمار بشكل سريع، فلن تقوم لهذه المشاريع العملاقة قائمة، نريد القانون ولائحته التنفيذية وشرحا لمواده كى لا يترك فهمه وتنفيذه لكل موظف على مزاجه، لابد أن تكون الدعوة للاستثمار بلغة يفهمها العالم، لابد ألا يقف المستثمر أمام الحكومة بل تذهب الحكومة بأكملها للمستثمر.
إننى أدعوا الرئيس السيسى لعمل مؤتمر لمدة ثلاثة أيام على غرار مؤتمر الشباب يحضره كبار وصغار المستثمرين يناقش فيه الرئيس مشاكل الاستثمار فى مصر، ويجلس الرئيس ويستمع إلى المشاكل، كما فعل مع الشباب، وتكون الحكومة حاضرة وتشكل لجنة لمتابعة التوصيات وتتعهد أمام الرئيس بالحل. كما أننى أدعو الوزيرة سحر نصر، وزيرة الاستثمار الجديدة، لعمل دراسة كاملة عن كيفية التسويق عالميا لهذا الكم الهائل من المشروعات الواعدة، ولها من العلاقات الدولية ما يساعدها على ذلك، لابد أن نجيد لغة العالم فى الدعوة للاستثمار، لابد ألا نسمع أنفسنا لكن نسمع العالم عنا.
أما بعض المواطنين المصريين الذين يعملون فى الحكومة والذين غابت ضمائرهم فلابد أن تتعامل معهم الدولة بكل حسم، فلا وقت للتهاون ولا وقت للبلادة، اتق الله فى بلدك ده لو وقعت هتقع على دماغك.
عارفين: نخلص الحرب على الإرهاب، والسياحة ترجع، ونقضى على الفساد، وشوية استثمارات من الخارج، واتفرجوا على بلدكم دى هتبقى شكلها إيه؟
ده لو إنتو عاوزين تتقدموا بيها، لكن لو مش ناويين انسوا الكلام اللى فات ده كله.
والسلام عليكم
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة