علا الشافعى تكتب: مخرج الجوائز أصغر فرهادى ممنوع من الأوسكار.. فيلمه البائع يثقل الروح بكثرة الأسئلة.. العمل يعرى المجتمع الإيرانى.. والسيناريو يدرس تبادل الأدوار بين الضحية والجلاد والشك واليقين

الأربعاء، 01 فبراير 2017 03:00 م
علا الشافعى تكتب: مخرج الجوائز أصغر فرهادى ممنوع من الأوسكار.. فيلمه البائع يثقل الروح بكثرة الأسئلة.. العمل يعرى المجتمع الإيرانى.. والسيناريو يدرس تبادل الأدوار بين الضحية والجلاد والشك واليقين شهاب حسينى فى مشهد من فيلم البائع

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يبدو أنه كتب على مبدعى منطقة الشرق الأوسط الحصار أيا كان نوعه سواء حصار سياسى ورقابى ومجتمعى من البلدان التى ينتمون إليها ويحاولون أن يقدموا إنتاجات سينمائية عنها بل إنهم رغم الحصار يحصدون الجوائز باسمها، المخرج الإيرانى أصغر فرهادى واحد من هؤلاء المبدعين الذين باتوا يعانون الأمرين ليس فقط داخل بلده، لكن بعد القرارات العنصرية التى اتخذها ترامب ضد مسلمى عدد من الدول أو المواطنين الذين ينتمون لبلاد ذات أغلبية مسلمة.. فرهادى المرشح للفوز بجائزة أحسن فيلم أجنبى عن آخر إبداعاته فيلم "البائع" أعلن المخرج مقاطعته لحفل لتوزيع جوائز الدورة الـ89 من الأوسكار بعد قرارات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ضد المهاجرين.

 

 بوستر فيلم البائع

بوستر فيلم البائع

 

فيلم المخرج أصغر فرهادي (1)
فيلم المخرج أصغر فرهادى

 

فيلم المخرج أصغر فرهادي (1)
فيلم المخرج أصغر فرهادى

 

أصغر فرهادى من أهم المخرجين الإيرانين على الساحة العالمية، ليس ذلك فقط بل أن اسمه ومشاركته فى كبريات المهرجانات العالمية بدءا من كان وبرلين صار يعنى للكثيرين اقتناصه لجائزة بمجرد أن نقول أن فرهادى يشارك فى مسابقة كان السينمائى أو غيره بات الكثيرون يدركون أن هناك جائزة كبرى فى انتظاره.

 

فرهادى الذى يعد من أهم المخرجين الذين يناقشون المشاكل السياسية الكبرى من خلال حكاية اجتماعية تروي تفاصيلها بسهولة وقد تكون أنت أو أنا أحد أبطالها.. كما فى فيلميه "انفصال" عام 2011 و"الماضى" عام 2013.. وفى فيلمه الجديد "البائع" الذى تمكنت أخيرا من مشاهدته فى سينما زاوية مع جمهور عاشق للسينما غير التجارية، والتجارب المميزة لمخرجين صاروا من أيقونات الإخراج فى العالم ولهم مدارسهم الخاصة ذات الملامح المحددة.

 

فيلم المخرج أصغر فرهادي (2)
فيلم المخرج أصغر فرهادى

 

فيلم المخرج أصغر فرهادي (3)
فيلم المخرج أصغر فرهادى

 

فيلم المخرج أصغر فرهادي (4)
فيلم المخرج أصغر فرهادى

 

البائع.. وموت بائع متجول
 

تبدأ اللقطات الأولى لفيلم "فرهادى" من منزل متصدع على وشك الانهيار، والشروخ تصيب زجاج إحدى شرفاته، وأهل المنزل يهرعون فى النزول منه، شرائح اجتماعية متباينة.. وعماد بطلنا يساعد جيرانه وهو الرجل الذى يعمل مدرسا فى الصباح وممثلا فى فرقة مسرحية  ليلا وهو متزوج من رنا - حياتهما تبدو شديد التقليدية والرتابة أيضا وكأن الشروخ ليست فى الزجاج فقط، حيث نشاهدهما فى لقطات تفاصيل بحثهما عن مسكن بديل.

الحال لا يختلف كثيرا عن الشخصيتين اللتين يجسدهما فى المسرحية حيث إن (الربط موجود وبقوة بين بناء الفيلم والعرض المسرحى الذى يقدمه عماد ورنا وهو مأخوذ عن نص "موت بائع متجول" للكاتب الامريكى أرثر ميلر لومان بطل مسرحية "وفاة بائع متجول"، ينتهى أخلاقياً الآن أمام ولديه، وقد اكتشفا علاقته بامرأة أخرى، هكذا يبدأ الفيلم، حيث تقام بروفة العرض المسرحى، ويقوم عماد بطل الفيلم بدور لومان، المسرحية من أكثر أعماله التى تم تقديمها على المسرح وأيضا فى معالجات سينمائية آخرها فيلم لـ داستن هوفمان.

بطل العمل بالمسرحية يسقط أخلاقيا فى نظر ولديه ويحاول مداراة فضيحته عندما يشاهده ابنه مع امرأة فى أحد الفنادق، وتنهار صورته وسطوته، تماما مثل انهيار المبنى الذى يسكنه عماد ورنا، الذى تأثرت أساساته نتيجة للحفارات التى تعمل بجواره وتستعد لتشيد مبنى جديد، ليأتى المشهد الأخير فى المسرحية أمام الجمهور، وهو الموت الحقيقى لبطل أرثر ميلر كما قدّر له أن تكون نهايته فى تابوت، بعدما سعى طوال حياته لامتلاك بيت، وبمجرد دفع قسطه الأخير تنتهى حياته، ويصبح البيت هو مقبرته) - الحال لا يختلف كثيرا بين عماد ورنا واللذان ينتقلان لشقة جديدة يملكها ممثل زميل لهما فى الفرقة.. الأحداث يغزلها فرهادى صاحب السيناريو - (حصل على جائزة أحسن سيناريو من مهرجان كان فى دورته الماضية) - بدقة شديدة وعلى مهل هو لا يتعجل شيئا، بل يجعلك دائما فى حالة تساؤل "ماذا سيحدث بعد؟" ما كل هذه الرتابة في العلاقة بين الزوجين؟ ماذا بعد أن نشاهد عماد بين طلابه فى المدرسة وبين أعضاء فرقته المسرحية؟ أو عماد فى التاكسى وهناك سيدة تلمح بافتراء بأنه تحرش بها؟ والواقعة أمام أحد تلاميذه كان يشاركهم التاكسى؟؟ ماذا؟؟ وماذا؟ وهو ما يجعله فيلم يثقل الروح بكثرة الأسئلة وفجأة يقع حدث يقلب الأحداث ويعري المشاعر ويخرج كل ما هو باطنى إلى السطح حيث يعود الزوج ذات ليلة ليجد آثر دماء فى الحمّام وحتى السلم الخارجى، فالضحية هى زوجته وقد أنقذها الجيران وذهبوا بها إلى المستشفى، وجهها مشوّه إثر الضرب الشديد.

 

مشهد من فيلم البائع (1)
مشهد من فيلم البائع

 

مشهد من فيلم البائع (1)
مشهد من فيلم البائع

 

مشهد من فيلم البائع (2)
مشهد من فيلم البائع

 

مشهد من فيلم البائع (3)
مشهد من فيلم البائع

 

مَن الفاعل؟ وهل جاء للسطو أم وصل الأمر إلى مداه واغتصب المرأة؟ لتبدأ رحلة بحث الزوج، الذى تتكشف أمامه التفاصيل التى يجهلها شيئاً فشىء فالمُستأجرة السابقة بائعة هوى، وكثيرون يعرفونها ويقصدون بيتها دوماً وهو ما كان يُخفيه عنه مدير الفرقة وفى النهاية سيصل الزوج إلى الفاعل، وهو رجل تعدّى الخمسين كان على علاقة وهذه المرأة يُنكر الرجل اغتصاب الزوجة، ولا تقر هى بذلك، فلا يجد سوى وسيلة وحيدة للانتقام، هى أن يجعل الرجل يعترف أمام زوجته وابنته وخطيبها بأنه كان يتردّد على منزل المرأة التى تعمل فى الدعارة.

 

أجمل ما فى فيلم "فرهادى" البائع أنه يواصل الألعاب مع المتفرج مع تبدل الأدوار بين الضحية والمجنى عليه فالزوجة هى الضحية والزوج بين نار الشك فى أن تكون زوجته قد اغتصبت؟ ويرغب فى الانتقام والرجل العجوز هو المذنب، لكنه سرعان ما يتحول إلى ضحية تتعاطف معه الزوجة عندما يوشك على الموت، المشاعر المرتبكة والحائرة والتى زلزلت حياتهما المليئة بالشروخ والتى عرتها تلك الواقعة الفيلم يحتاج إلى مقال تحليلى أكبر لكل عناصره.

 

فعماد ورنا يؤديان دورين فى مسرحية أرثر ميللر الشهيرة، وهى ليست تفصيلة عادية، بل إن حال إيران اليوم من وجهة نظر فرهادى لا يختلف كثيرا عن حال أمريكا الرأسمالية التى أدانها أرثر ميلر فى مسرحيته بل أنها تحتاج إلى الهدم والبناء من جديد مثل حال المبنى المتصدع وحال حياة عماد ورنا وحال بطلى المسرحية.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة