مصر تبحث عن أوراق قوتها وتحاول أن تستثمرها بأقصى درجة ممكنة، لم تعد الدولة المنكسرة التى تمد يدها انتظارا لمساعدات أو معونات من الأصدقاء أو الأشقاء، مصر شطبت كلمة مساعدات من قاموسها الاقتصادى واستبدلتها بمشروعات كبرى، ستظهر نتائجها على ارض الواقع خلال الشهور المقبلة، وتسترد الثقة والسمعة الدولية تدريجيا، بما يمكنها من اعادة جذب الاستثمارات، وكان مستحيلاً أن يحدث ذلك إلا باستقرار الأوضاع الأمنية والثقة فى النظام السياسى.
مصر ليس لديها آبارا من البترول، ولا مناجم ذهب ومعادن نفيسة، ولم تجود عليها الطبيعة بثروات خارقة، فهناك دول تستيقظ كل صباح، فتمطر لها السماء بترولاً ودولارات، دون تعب أو عرق أو مجهود، وهناك دول تشقى وتكد وتعمل ليل نهار من أجل لقمة العيش، ويجب أن ندرك أن مصر دولة من النوع الثانى، ولكن هكذا «الدنيا أرزاق قسمها الخلاق»، والحمد لله على نعمته.. مصر راضية بعيشتها وتستكمل مسيرة تثبيت دعائم الدولة، ثم تنطلق فى ماراثون بناء الدولة العصرية الحديثة، وتزيل آثار سنوات الفوضى والقلق والخراب.. مصر لا تحتمل العودة إلى الفوضى، لأن ربيع المتآمرين حفرة فى قاع جهنم، اكتوت البلاد بنارها ويقف الشعب لهم بالمرصاد.
مصر تحفر فى الصخر، فالسعودية، مثلا، تنتج كل يوم 10 ملايين برميل بترول، تضخ فى خزائنها 400 مليون دولار مع كل طلعة شمس، والعراق 4.5 مليون برميل بترول كل يوم، وروسيا تنتج 11 مليون برميل ثمنها 500 مليون دولار، حتى دولة قطر تنتج يومياً ما قيمته 105 ملايين دولار، أما مصر فلم تولد وفى فمها برميل بترول، ولا يتجاوز إنتاجها اليومى 50 مليون دولار، تُستهلك فى الداخل، وتتكبد الدولة 65 مليار جنيه سنوياً دعماً للمنتجات البترولية، عدد سكان مصر ثلاثة أضعاف سكان السعودية، وعدد سكان قطر «750 ألف نسمة»، مثل شارعين أو ثلاثة فى شبرا، ورغم ذلك تعانى تلك الدول ظروفا اقتصادية صعبة، وفرضت إجراءات صارمة انعكست على المستويات المعيشية لشعوبها.
مصر كانت راضية بعيشتها رغم افتقاد معايير العدالة الاجتماعية، حتى هبت عليها أعاصير 25 يناير التى تجىء ذكراها الشهر المقبل، فجذبت البلاد والعباد إلى الوراء، وتولى أمرها جماعة إرهابية أرادت ابتلاعها، وعصابات من نشطاء الخيانة والتآمر والتسريبات، ولا يزال هؤلاء يعيشون حتى الآن، على أمل أن تتعثر البلاد، فتسوء أحوال الشعب وتعم الفوضى والخراب فيعودون من جديد فوق الحطام والأشلاء، ويتضاعف يأسهم كلما انفرجت أزمة أو ارتفع بناء.
عدد الردود 0
بواسطة:
إبراهيم
مقال رائع
تحليل رائع