جولة جديدة لكاميرا اليوم السابع فى الشوارع المصرية، ورصد مميز لمشاهد وقصص لن تجدها إلا فى قلب الشارع المصرى، وكواليس لعوالم خاصة، وجوه مصرية تسجل حضورها يوم تلو الآخر بين الوجوه المصرية المزينة بسمار شمسها.
على مدار الأسبوع الماضى التقطت عدسة كاميرا "اليوم السابع" مشاهد عديدة، كان أبرزها إعلان الشتاء عن قدومه بهطول الأمطار، كما تنقلت بين الأحياء المختلفة ورصدت كفاح المرأة المصرية بأشكال مختلفة، وجولة خاصة بين مريدى موالد أولياء الله الصالحين، فلنستعرض سويًا أبرز ما جاء من لقطات فريدة من حصاد ثمار عدسة الكاميرا على مدار الأسبوع:
يا بحر.. دا اللى جراحه هوى ملوش غيرك طبيب
على شاطىء الإسكندرية التقطت عدسة الكاميرا هذا المشهد لصديقين وقفا فى رحلة صيد اعتادا عليها ،"رحلة الصبر". وقف هذان الرجلان وألقيا بالسنارة فى جوف مياه البحر لصيد الأسماك، تركا أدواتهما خلفهما ببعض الخطوات، فبحقيبة تضم أغراضهما والطُعم لصيد السمك مع "كولمن" لحفظ الأسماك انطلقا ووقفا بذلك الشكل.
فى اللحظة التى التقطت عدسة الكاميرا ذلك المشهد انهمك كل منهما فى الصيد والنظر على مد البصر فى البحر الشاسع، فيم فكرا؟ وماذا ائتمن كل منهما الأمواج على أسرار خاصة به؟ لحظة خاصة ورحلة قصيرة المدة ولكنها ثرية الأثر بصيد السمك وتعلم الصبر وصفاء الذهن، فصورة اليوم شاركت هذين الرجلين لحظة تركيزهما فى الصيد وإلقاء كل ما فى قلب وبال كل منهما للبحر، عله يرق ويجود عليهما بالأسماك.
اضحك يا صبى واملأ الدنيا براح
تحولت عدسة الكاميرا فى هذه الصورة نحو براءة الأطفال، وابتسامتهم التى ترسم عالما واسعا من الأمل والنقاء، صورة من أحد الحقول المصرية بزهورها الرائعة، ولكن تلك الصورة نبت فيها "زهرة خاصة"، زهرة مختلفة فاح عطرها من ضحكة ذلك الطفل الذى وقف وسط الخضرة، وكأنه أحد الزهور التى كبرت وسط الزرع، تتدبر ملامحه فتعرف جيدًا المعنى الحقيقى لأن تنسيك ملامح شخص همومك أو ما تعانيه، فلوح لرؤية عدسة الكاميرا وهلل وشاور لها تاركًا زمام الأمر للضحكة تفوح بالمكان فيخرج المشهد بهذا الشكل.
براءة خاصة وتدبر فى ملامح طفل تجعلك تفكر فى ذكريات طفولتك، وتذكرك بالابتسامة والضحك الذى كان يخرج منك دون أن تبالى لشىء، فمقابلة مثل تلك الوشوش النقية تبعث بالأمل، وتدعوك لتتذكر ما فاتك من فرح تلخص فى بهجة تركتها ضحكة ذلك الطفل.
جدو يا طيب يا أبو عصاية
وفى أحد الشوارع الجانبية من أحياء القاهرة العتيقة، التقطت عدسة الكاميرا هذا المشهد لرجل كبير نقل وجهًا أصيلًا من وجوه رجال مصر، جلس على العربة الكارو الخاصة به وبجانبه عصاه التى ترافقه فى تحركاته، فبجلبابه المصرى الخالص وعمامته البيضاء نظر لعدسة الكاميرا وسمح لها بتسجيل وجهه وسط آلاف الصور التى تمر علينا على مدار اليوم، لم يعتدل فى جلسته بل فضل الظهور بطبيعته، وجوه ونفوس نقية تملأ البيوت بركة، بصمت خبرة الحياة على ملامحهم فزينوا حياة كل المحيطين بهم.
أسكن بيوت الفرح آه ممكن.. أسكن بيوت الحزن لا يمكن
وفى أحد الشوارع السريعة المزدحمة بالسيارات التقطت الكاميرا تلك الصورة التى لا يمكن التعبير عنها فى ألف كلمة، ففى أحد الشوارع ووسط زحام السيارات وآلاف الوجوه التى تسير فى كل مكان، كان ذلك الشاب على كرسيه المتحرك يتجول يبيع الفرحة بغزل البنات الذى يحمله، سار فى نفس طريق السيارات، ولم يفرق المشهد بينه وبين ما يأتى خلفه من سيارات، يتجول بين الناس بالفرحة، فثمة سعادة خاصة ترتبط بوجود بائع غزل البنات فى الشارع، ولكن البائع هذه المرة خرجت الفرحة من قلب الحزن والوجع، وكأنه يثور على جرحه وفقده لإحدى ساقيه معلنًا عن طاقة من الأمل والفرحة تسرى فى دمائه والتى دفعته للنزول للشارع وشق مشواره مع تلك المهنة.
تحت الغيوم.. الرضا بيقتل الهموم
"لما الشتا يدق الببان"، هطلت الأمطار وأعلن الشتاء عن قدومه، فالتقطت عدسة الكاميرا تلك الصورة تحت الأمطار، وجه من الوجوه المصرية التى تخرج متوكلة على الرزاق متمنية عبور يومها بسلام، ذلك الرجل بمجرد أن لمح عدسة الكاميرا شاور لها ولسان حاله يقول"كله تمام وعال العال"، برغم الطقس السىء وهطول الأمطار، وغيوم أعباء الحياة إلا أنه يقابل كل ذلك بالرضا.
الرضا الذى يمتلك بالغ الأثر فى تخطى عقبات كثيرة فى الحياة، فبعمامته البسيطة وعربته الحديدية استكمل طريقها تحت المطر، هازمًا سوء الطقس بالتحمل والصبر والرضا الذى يملأ نفسه.
الجودة بالموجودة والرزق كثير
وحولت عدسة الكاميرا الدفة تماماً لتدخل إلى كواليس عالم مريدى موالد أولياء الله الصالحين وخدامهم، الذين يفنون حياتهم فى تنظيم الموائد وتقديم الاطعمة لضيوف المساجد، يأتون من كل مكان فى الموالد والمناسبات الكبرى، مناجين الله بالرزق والرضا بالحال، تنصب الشوادر وتضاء الأنوار، ويتوافد خدام المريدين من كل صوب وحدب، رزق وفير وموائد تنصب على مدار اليوم.
"كله من خير ربنا".. كلمات قد تسمعها إذا سألت أحد المتواجدين فى المولد عن مصدر تحضيرهم للموائد، والذين خصصوا من أنفسهم خدام لضيوف التقرب والمناجاة، فهى لامرأة دلت هيئتها على قضائها وقت طويل فى خدمة مريدى هذا المكان، واكتست ملامحها بصفاء مرافقة المريدين وخدمتهم، تعد عدتها من طعام و"نفحات" تقدم للناس فى المولد قبل كل مناسبة، وتذهب لتقتطع لنفسها مكان وسط مئات الوجوه التى أتت لهذا المكان، جلست تجهز ما أعدت من طعام واستعدت لطلب أحد المريدين أن يتذوق من كرم خدام ضيوف الرحمن، لقطة لامرأة تجد سلواها ورضا نفسها فى خدمة مريدى الموالد، بدون انتظار أى مقابل، بل كل ما تنتظره ثواب وعمل صالح فى سجل أعمالها.
أمى.. لا تزل يداكِ أرجوحة و لا أزل ولد
واختتمت عدسة الكاميرا جولتها الأسبوعية خير ختام بتلك الصورة، فمن احد الشوارع المزدحمة فى القاهرة التقطت الكاميرا تلك الصورة لأم مصرية لخصت تفاصيل كثيرة لعطاء الأم، ففى وسط الشارع الواسع الذى ضج بالسيارات والأقدام فى كل مكان، كل فى عالمه الخاص، كانت بطلة الصورة فى طريقها، أم مصرية بسيطة احتضنت طفلها، وتشبث هو بها فى مشهد لخص الارتباط الوثيق بين الطفل وأمه، ولكن ما يجعلك تقف لتدبر المشهد هى"الحُمول" التى حملتها تلك الأم وسارت فى الشارع متحملة ذلك كله.
فبالحقائب الثقيلة فى يديها وفوق رأسها بجانب احتضانها لطفلها، أعطت مثالا بسيطا لما تعطيه الأم لأطفالها، فلم تترك تلك الأم وليدها يبعد عنها لحظات نزولها للشارع، بل حملته وخاضت به رحلة شرائها لتلك الأشياء، عدسة الكاميرا وقفت والتقطت تلك الصورة مسجلة مشهد رائع من المشاهد والقصص التى يحتضنها الشارع المصرى دائمًا ولم تكشف عن بقية أسرارها بعد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة