نسطيع أن نلاحظ فى الفترة الماضية كثرة الروايات الأدبية التى اتخذت من أحداث الماضى ومن الشخصيات التاريخية مادةً للإبداع، مثل رواية "موت صغير" للسعودى محمد حسن علوان والتى فازت بجائزة الرواية العربية "البوكر" هذا العام، ورواية "خبيئة العارف" لـ عمار على حسن، والتى تقدم سيرة شبه ذاتية للشيخ محمد ماضى أبو العزائم مؤسس الطريقة العزمية الصوفية.
كما يمكن أيضا ملاحظة اتجاه عدد من الجوائز مثل جائزة البوكر العربية لمنح جوائزها لرواية تاريخية مثل "موت صغير، مصائر (كونشرتو الهولوكوست والنكبة)"، بجانب تخصيص جائزة الدولة التشجعية فى الرواية للكتابة التاريخية، كما يتبين من خلال إعلان شروط المسابقة، وذلك لثلاث سنوات متتالية. والسؤال: هل اتجاه المبدعين إلى الروايات التاريخية الغرض منه البحث والإسقاط أم الفوز بالجوائز؟
حسين حمودة: الماضى غنى ومغرٍ
يقول الدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب العربى بكلية الآداب جامعة القاهرة، إن الرواية التاريخية مثلت خطًا، أو مسارا أساسيا فى تاريخ الفن الروائى كله، سواء فى الأدب الغربى أو فى الأدب العربى.
وأضاف "حمودة"، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن التاريخ يقدم مادة غنية للكتاب الروائيين دائما، كما أنه يسمح لهم بالعثور على وقائع وأحداث كبيرة ومهمة، وشخصيات غنية.. ويسمح لهم أيضا باكتشاف الروابط بين الماضى والحاضر، وهذا كله جعل الرواية التاريخية جزءا أساسيا فى الكتابة الروائية عير تاريخها كله، وأتصور أن هذا المعنى هو الذى لا يزال يجذب الكتاب الروائيين إلى التاريخ، ويصعب تفسير ازدهار الرواية التاريخية الآن من خلال الرغبة فى الحصول على الجوائز.
وأوضح الدكتور حسين حمودة أن الرواية التاريخية فرع أدبى كان مهما ولا يزال، ولعله سوف يظل فرعا أدبيا مهما فى المستقبل.
صلاح السروى: ازدهرت فى مصر بعد نكسة 1967
من جانبه قال الدكتور صلاح السروى، أستإذ الأدب العربى الحديث بكلية الآداب جامعة حلوان، إن كتابة التاريخ تأتى دائما نتيجة لشيئين، إما الهزيمة التاريخية للأمة، أو غموض الحاضر، ويكون الواقع غير محدد المعالم، مشيرا إلى أنه فى هذه الحالة يتجه الكتّاب إما إلى كتابة التاريخ أو القصة القصيرة.
وأضاف السروى، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن الكتابة التاريخية ظهرت بعد هزيمة 1967 مثل رواية الزينى بركات لجمال الغيطانى، أو مثل ثلاثية نجيب محفوظ التاريخية "عبث الأقدار، رادوبيس، كفاح طيبة" التى كتبها تأثرا بما حدث مع ثورة 1919.
ويعتقد السروى أن الكتابة التاريخية الآن تأتى بعد ثورات الربيع العربى، لتبصر المواقع الأقدام عبر الماضى، مشيرا إلى أنه لا يرى الاتجاه للكتابة التاريخية الآن بغرض الجوائز، موضحا: "الجوائز لا تخلق الحالة الأدبية".
أحمد حسن عوض: ما يكتب حاليا وجهة نظر وليس تأريخا
وقال الناقد أحمد حسن عوض إن التاريخ يظل منبعا أساسيا من منابع الإبداع عبر الزمان، وكان يظهر حينما كان يستلهم المبدعين القدامى من الإغريق الأحداث الكبرى، وبمرور الوقت ظل هذا المنبع مستمرا حتى فى العصور الحديثة، وعربيا نلاحظ ذلك بقوة فيما كتبه جرجى زيدان وأحمد شوقى فى مسرحياته ورواياته.
وأضاف أحمد حسن عوض، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن كتابة التاريخ الآن لم تعد لتوظيف التاريخ كما كان، لأن المبدع حاليا يطرح أسئلته الخاصة على المدى التاريخى ويحاول أن يعيد إنتاجه وفقا لوجهة نظره ورؤيته الخاصة، ومن ثم ما يكتب الآن ليس التاريخ لكنه فهم المبدع للتاريخ أو تأويله وتفسيره الخاص.
وأوضح الناقد أحمد حسن عوض أن كتابة التاريخ من المسائل الضرورية لدى المبدع، وليست بالضرورة من أجل الفوز بالجوائز الأدبية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة