إسلام الغزولى

دور منظمات المجتمع الأهلى فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة

الجمعة، 10 نوفمبر 2017 11:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
 شرفت بالمشاركة بالحضور فى منتدى شباب العالم فى دورته الأولى والتى استضافتها مدينة شرم الشيخ فى الفترة من الرابع إلى العاشر من نوفمبر 2017، وسعدت بالمشاركة كمتحدث بجلسة دور منظمات المجتمع الأهلى فى تحقيق اهداف التنمية المستدامة بحضور الدكتورة غادة والى وزيرة التضامن الاجتماعى وعدد من المهتمين بالعمل الأهلى فى العالم أجمع .
 
ولا شك أننى يجب أن أشكر القائمين على تنظيم هذا المحفل الشبابى الدولى المتميز والذى تم تنظيمه بمعايير دولية، كما أود أن أشكرهم على اتاحة الفرصة لى لكى أكون من المشاركين فى هذه الجلسة . 
 
وخلال كلمتى أشرت إلى أننى أميل إلى تسميتها بدور المجتمع الأهلى وذلك لقناعتى بقيمة وأهمية ودور العمل الأهلى فى الإسهام فى حل المشكلات التى يعانى منها أى مجتمع وصولا لتحقيق الطموحات والأهداف التى يتطلع إليها.
 
وإذا عدنا بالذاكرة إلى نشأة العمل الأهلى بجمهورية مصر العربية نجد أن الدولة المصرية لها باع طويل فى العمل الأهلى والذى نشأ منذ ما يزيد عن المائتى عام بمبادرات أهلية منذ تأسيس الجمعية اليونانية بمحافظة الإسكندرية فى العام 1821 وجمعية المعارف 1868 والجمعية الجغرافية عام 1875 كما اتسمت بعض المساهمات الاخرى بطابع العمل الخيرى الذى كانت تبادر بها الطبقات القادرة بوازع الخير والبر والإسهام فى تحسين نوعية الحياة للطبقات غير القادرة.
 
تطور هذا الدور فيما بعد لينتقل إلى مؤسسات كبرى مثل الهلال الأحمر المصرى وجمعية المبرة وغيرها من المؤسسات الخيرية التى تطور دورها وتعاظم، وسيظل مشروع إنشاء جامعة القاهرة المصرية إحدى العلامات البارزة والمبادرات الكبرى التى تضع أمامنا نموذج لما يمكن تحقيقه دون مشاركة المجتمع الأهلى .
 
ومع تطور المفاهيم العالمية لما يمكن أن يسهم به القطاع الأهلى فى تحسين نوعية الحياة ظهرت بقوة فكرة ضرورة تنظيم اسهام هذه الكيانات الأهلية فى عملية التنمية، وتسابقت الدول والمنظمات الدولية فى عقد المنتديات والمؤتمرات لبلورة صورة مكتملة يتفق عليها المجتمع الدولى فى الأنشطة والمجالات التى يمكن للقطاع الأهلى أن يكون لاعب رئيسى فيها، وخاصة فى المجالات التى طالما تسابقت الحكومات من أجل النهوض بها وطالما واجهت تحديات اقتصادية من أجل أن تحقق طموح المواطنين فيها فجاءت مجالات التعليم والصحة والنهوض بالمرأة والطفولة على رأس قائمة تلك الأولويات . 
 
المؤكد أنه مهما تعاظمت القدرات الاقتصادية للدول ستظل طموحات المواطنين وتوقعاتهم ورغبتهم فى الوصول لأفضل تعليم وأفضل رعاية صحية ورغبتهم فى تحقيق مفاهيم العدالة الإجتماعية من الضرورات التى يصعب على الحكومات أن تحققها بمفردها .
لقد تغيرت المفاهيم السائدة فى العالم حول دور الحكومات والمنظمات الحكومية، وأصبح المجتمع الأهلى شريك رئيسى فى النهوض بهذه النوعية من الخدمات ليس فقط من خلال اسهامه المادى أو دعمه الاقتصادى لمبادرات بعينها وإنما أيضا من خلال الأفكار والمبادرات التى تسهم فى طرح حلول غير تقليدية للعديد من المشكلات التى تواجه المواطن فى أى مجتمع، ومن هنا ظهر دور القادة الطبيعيين فى المجتمع وأصبح هناك منهج حاكم لعمل المجتمع الأهلي.
 
وعلى مدار عدة عقود تنوعت الاسهامات وظهرت العديد من المبادرات وصار المجتمع الأهلى شريك فاعل ومؤثر فى حركة تطور المجتمع أدركت أهمية وخطورة دور المجتمع الأهلى العديد من الكيانات والتى أعتقدت أنها تستطيع توظيف هذا الدور فى خدمة أغراض تتعلق بطوحاتها وأهدافها فرأينا فى جمهورية مصر العربية نموذجا لمحاولات متعددة لتوظيف العمل الأهلى فى خدمة أغراض تيارات إعتقدت أنها تستطيع من خلال جمعيات ذات طابع خيرى يحمل راية أو لافتة دينية أن تتقرب للمجتمع وأن تستقطب الشباب وأن تصل إلى عمق القرى والمناطق المحرومة لتحولها إلى ساحات تنشر من خلالها أفكارها وتستقطب الشباب ليكونوا منحازين لأفكارهم، وبدا ذلك واضحاً فى محاولة الجماعات الإسلامية أن تنافس الدولة فى الوصول إلى المواطن مستترة براية الدين، مستغلة ضعف أو نقص الموارد فى بعض المجتمعات المحلية محاولة أن تقدم نفسها كبديل للدولة، وللأسف نجحت فى استقطاب بعض الشباب والسيدات لتجعل منهم ما أطلق عليه فيما بعد المحبين، وتحول دور هذه الجماعات إلى تهديد داخلى واختراق للمجتمع.
 
تزامن ذلك مع مشروع خارجى أكبر لما أطلق عليه نشر الديمقراطية فى الشرق الأوسط، وما سمى فيما بعد بالدبلوماسية الشعبية التى إتخذت من دور بعض الجمعيات الأهلية منصات لنشر أفكار وإستقطاب فئات من المجتمع لتحقيق أغراض خارجية.
وخرجت بعض منظمات المجتمع الأهلى عن النسق المألوف لدورها فصارت تمثل اما تهديد داخلى للمجتمع أو محاولة لتأثير خارجى فيه.
 
وكان من الضرورى أن تقوم الدولة بوضع الأطر التشريعية والقانونية التى تضمن سلامة المجتمع وتعود بمنظمات المجتمع الأهلى التى خرجت عن الإطار الذى نشأت من أجله لدورها ونصابها القانونى الإجتماعى الطبيعى .
 
ومن المؤكد أن تلك الممارسات السلبية التى شهدتها تجربة المجتمع الأهلى فى مصر لم تهدد أو تؤثر فى قناعة الدولة وإيمان صناع القرار فى الدولة المصرية بأهمية دور المجتمع الأهلى وضرورة إسهامه فى عملية التنمية ولكن من خلال أطر قانونية تضمن تصحيح المسار واستمرار الأهلى فى القيام بدوره ولكن فى اطار صحيح يلتزم بالدور والرسالة والمفهوم الذى نشأ من أجله، ألا وهو الإسهام فى تحسين نوعية الحياة للمواطن .
 
وأحسب أن المجتمع الدولى قد أدرك طبيعة الدور الذى ينبغى ألا يخرج عنه نشاط المجتمع الأهلى، وتبلور ذلك بوضوح فى الأهداف النبيلة التى وضعتها الأطر والمقررات الدولية لدور المجتمع الأهلى ومنظماته فى الإسهام فى تحقيق الأهداف الإنمائية .
 
إن العالم يشهد تطورات وتحديات معرفية كبرى تتطلب من منظمات المجتمع الأهلى أن يكون لها اسهامها الأكبر فيها فلم يعد مقبولاً فى ظل الثورة التكنولوجية التى يشهدها العالم أن يكون هناك من لايزال يعانى من أمية القراءة والكتابة، ولم يعد مقبولاً فى ظل التطور العلمى الهائل فى مجال الصحة أن يكون هناك مواطن لايتمتع بالحد الأدنى من خدمة الرعاية الصحية .
 
وتستوقفنى هنا مبادرة جديرة بأن تكون نموذج لإسهام المجتمع الأهلى فى حل المشكلات الكبرى وهى التجربة الرائدة التى تشهدها جمهورية مصر العربية فى القضاء على فيروس C .
 
كما تستوقفنى مبادرات المجتمع الأهلى فى الاسهام فى حل مشكلة قومية كبرى ظللنا نعانى منها لسنوات طويلة ألا وهى مشكلة المناطق السكانية داهمة الخطورة .
 
إن ما حققه صندوق تحيا مصر مع المجتمع الأهلى فى انجاز واضح فى مواجهة قضية العشوائيات وفى القضاء على فيروس C يمثلان نموذج واضح للإسهام الايجابى للمجتمع الأهلى فى تقديم حلول جذرية لمشكلات يعانى منها المجتمع.
 
ولكن يظل أمامنا تحديات كبرى فى أن نقتحم مجالات أخرى ترتبط بتحقيق أهداف الألفية الجديدة وخاصة فى مجالات القضاء على الأمية والمساواة وتمكين المرأة وتحفيز الشباب على الاسهام فى حركة تطور المجتمع ونماءة.
 
من المؤكد أن المجتمع الأهلى المصرى لا يزال بخير، رغم ما قد يكون قد شاب بعض الممارسات من سلبيات، الا أن إيماننا بدروه لا يجب أن يتزعزع .
 
وسيظل المجتمع الأهلى المصرى قادر على الاسهام بدور إيجابى مؤثر وفاعل فى حركة التنمية خاصة مع تعاظم فهم وإدراك المؤسسات الاقتصادية الكبرى لأهمية اسهام مجتمع الأعمال فى حل المشكلات التى تؤرق المجتمع. لذا تتزايد توقعاتنا لما يمكن أن يسهم به مجتمع الأعمال من دور فى التنمية من واقع فهمه لمسئوليته تجاة المجتمع، فالأمر لم يعد يتوقف كما كان عند مفهوم التطوع أو التبرع أو فعل الخير وإنما صار مسئولية مجتمعية تقع على عاتق هذا القطاع. إلا أننا سنظل نتطلع لمزيد من المبادرات ولمزيد من الإسهامات لمواجهة المشكلات التى لاتزال بعض المجتمعات المحلية فى الدولة المصرية تعانى منها.
 
والحقيقة أننى أود أن أنتهز الفرصة لأن أشير لقضية بالغة الخطورة تهدد المجتمع المصرى وتقضى على أى فرص للنمو وتحسين نوعية الحياة للمواطن المصرى وهى تفاقم الزيادة السكانية، والتى أصبحت تمثل خطرا حقيقيا ونذير خطر لتآكل ثمار أى جهد تنموى يمكن أن تقوم به الدولة .
 
ولعلنا نتفق أنها فى المقام الأول قضية وعى وتعد من أكثر المجالات التى يمكن أن يسهم المجتمع الأهلى فى تنمية الوعى بها وفى تصحيح المفاهيم وفى المواجهة هى القضية السكانية . لذلك أدعو منظمات المجتمع الأهلى أن تشارك فى مبادرة قومية كبرى للتوعية بمخاطر الزيادة السكانية الهائل التى يشهدها المجتمع المصرى الآن.
وأخيراً، أود أن أوكد على ضرورة تعظيم فهم وادراك المجتمع لمفهوم التنمية بالمشاركة فنظرية الدولة الكفيلة لم تعد تحكم العالم بعد اليوم . 
 
ولن تستطيع أية حكومة فى أية دولة أن تحقق بمفردها كل ما يتطلع إليه المواطن من حقوق فى الرعاية والصحة والتعليم وقبل كل ذلك الحق فى العمل الذى يعادل الحق فى الحياة.
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة