صدر حديثًا كتاب "الميتا لغة فى شعر أمل دنقل"، للدكتور حسن عزوز، أستاذ النقد الأدبى المعاصر بجامعة الشهيد حمة لخضر الوادى بالجزائر، عن دار عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع بالأردن.
وقال الدكتور لحسن عزوز فى كتابه إن "اختيارى لشعر أمل دنقل موضوعًا لهذا الكتاب والبحث، يرجع إلى علاقتى الحميمة بشعر هذا الشاعر وولعى المفرط بما فيه من خصوصية فى الأداة وعبقرية فى المعنى أتاحت له القدرة على الإبداع والشمولية فى النظرة، تدعمها بصيرة ودقة فى رصد الظواهر الاجتماعية والثقافية والسياسية، كما أن هذا الشاعر على الرغم من تفرده بالنظرة إلى الأشياء وقدرته التخيلية البارعة لم يحظ باهتمام حقيقى من النقاد والدارسين خاصة من الناحية التطبيقية للنص، باستثناء بعض الدراسات السريعة التى لا تنهض فى جملتها دليلًا على أصالة وعبقرية الإبداع لدى هذا الشاعر فى مجلات ودوريات مختلفة، وارتأيت أن يكون موضوع البحث "الميتا لغة فى ديوان "أوراق الغرفة 8" دراسة سيميائية جمالية، لما يتمتع به الشاعر من ثقافة نقدية فكرية وفلسفية واقعية فى الكتابة وإحساس منتج بقضايا العصر".
وأكد فى دراسته أن أمل دنقل شاعر وفنان تشكيلى مبدع وحيوى متقد ومستغرق فى الفن حتى الثمالة وهو فى حركية الإبداع والإيقاع والموسيقى، فى حمحمة الخيول وتموج البحار ورقرقة الينابيع وشفافية الهواء وكثافة الروح الزرقاء، ورشة فنية بأكملها، ومؤسس الحروفية العربية والمحاصر بالذهب المعتق حتى نخاع عظامه والمحاط بأقواس قزح الألوان المختلفة والأصوات المتعددة، بالرقص والدراويش والدوران واللولبية والمولوية والتلاشى فى الأبعاد وفضاءات التشكيل المستمر والمتواصل حتى الحلم والإشراق وغيبوبة الغياب فى حضور فيضى عارم، وبحران ورائى لا نهائى أيضًا.
وأوضح أن نصه التشكيلى لا يقال فى اللغة فقط، فالتصورات أقوى وحرائقه الفكرية المظطرمة المصطرخة لا تهدأ ولا تكن ولا تستكين، معبأة دائمًا بجمار الألوان ومجروحة بالنور الذى يشرق من أعماقه متزاوجة مع ضياءات الخارج، وحده الإنسانى والروحى، غاية أمل، فى هذا الفن، إنه مختبر فنى شاسع الأصداء وجسد متوتر، متوفز وروحه ثملة سكرى، بالوجد والجوى وهو فى المتحول والمختلف دائمًا لا يبدأ من بدء ولا ينتهى إلى نهاية، إنه فى الصيرورة الجمالية الممتعة وفى الرؤى الفلسفية الفكرية يغتبق خمرة الإيمان وينهل من ماء الخلود، وهو فى هذا المناخ الغرائبى المدهش الرائع، شاعر يسكنه هم قومه لذلك فإنه لا يمكن بأى حال من الأحوال إلا أن يرتبط برصيد قومه الحضارى وبتحولاتهم فى الحاضر والماضى، وإن ارتباطه بقومه وتاريخهم جعل نصوصه التشكيلية الهندسية يمكن تحميلها بيئات ومناخات وقراءات مختلفة فى مثاقفة تشكيلية بديعية مع التراث وتناصية شفيفة سميكة مع نصوص يستحضرها هو من ذاكرته، لكن الاهتمام بماضى قومه وحاضر مجتمعه، جعل العلاقة متجددة أكثر عن طريق الرمز فى أسس جمالية إشارية سيميائية تنعكس على أسلوب النص ومعماريته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة