مبان عالية وناطحات سحاب اكتسى كل شبر فيها بالمرايا وأفخم السيارات تركن أمامها بداخلها عالم آخر وحياة تسير بسرعة البرق آلاف البشر يدخلونها ويخرجون منها كل يوم، ولكن هناك على إحدى واجهاتها رجلاً "يطير" ويتشبث بحبال تحمله ليلمع المرايا ويحافظ على "الوجاهة" التى صمم المبنى من أجلها.
"عامل بسيط" رسم له قدره امتهان تلك المهنة، يصعد كل صباح متوكلاً على الله ومتمسكاً بتلك الحبال لتلميع المرايا والتى يختبر نظافتها من مدى وضوح وجهه فيها، ولكن عندما ينظر فيها ماذا سيرى، وما هو شعوره، إجابة قد تجدها فى شعر الأديب الكبير أحمد عبد المعطى حجازى الذى قال فى قصيدته "مرثية لاعب السيرك"
في العالم المملوءِ أخطاءَ
مطالبٌ وحدكَ ألا تخطِئ
لأن جسمكَ النحيلْ
لو مَرة أسرعَ أو أبطأَ
هوى، وغطى الأرضَ أشلاءَ
صورة اليوم
ربما يرى ملامح وجهة التى كاد ينساها من السعى على لقمة العيش، أو يبحث عن بريق أحلام الشباب التى أراد تحقيقها، أو يفكر فيما تبقى من مرايا عليه الانتهاء من تلميعها.
أو ربما يفكر فى أشياء أخرى كثيرة ولكن ما يصل لدرجة اليقين هو أنه لا يفكر أبداً فى العالم الذى يمشى على قدميه، فهو "رجل خلق ليطير" ويستقبل نسمة الهواء فى صدره وامتداد السماء من فوقه، يحتمى بستر الخالق ممسكاً بـ"ريشة" رسام محترف، رسام من نوع آخر وجد فى هذا المكان ليزيل الغبار عن حقيقة رؤيتنا للعالم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة