يدور شريط الحياة أمام أعيننا ليرينا ما تخبئه لنا أقدارنا، مواقف مختلفة ومشاعر عصيبة نمر بها جميعا ولكن وسط كل الزحام تظل الغربة والبعد عن الوطن من أكثر المواقف واللحظات الصعبة التى قد يقابلها أى إنسان فى رحلة قدره، ما حدث لـ"ريهام الشامى" فى طريق حياتها خير دليل على أن الغربة سلاح ذو حدين يمكنها قتل أفضل ما فيك وتحويلك لماكينة عمل بلا شعور، ويمكنها أيضا إخراج ما فى روحك من زهور وتجعل عبيرها يفيض على ملامح حياتك بالكامل.
ريهام الشامى
فبعد أن تخرجت ريهام من كلية التجارة كأى فتاة من بنات جيلها تزوجت وكونت أسرة، وكان أكبر همها هو الحرص على بيتها، لم يكن للرسم مكان فى حياتها بل تعثرت فى اجتياز اختبار القدرات بكلية فنون جميلة، ولكنها كانت دائمة الانجذاب للوحات الفنية وحريصة على متابعة فنون الرسم.
تمر الأيام ويرتب القدر أن تسافر ريهام بصحبة زوجها وأسرتها لدولة الجزائر لظروف ترتبط بعمل شريك حياتها، فبرغم فراق الوطن والبعد عن الأهل إلا أن هدايا القدر كانت تنتظر ريهام فى رحم الغربة.
ريهام
تتحدث ريهام لـ"اليوم السابع"، عن بداية رحلتها مع رسم تراث مصر الشعبى فتقول، الغربة طلعت أحلى ما فيا وهزمت الوحدة والاكتئاب بالفرشاة والألوان"، إذ أن وسط رتابة الحياة العملية بالخارج اجتاح ريهام شعور كبير بالوحدة وشعرت أنها بصدد الدخول فى حالة من الاكتئاب، ولكنها رفضت ذلك بشدة ولم تكن تعلم ما هو الطريق الذى عليها أن تسلكه.
الست المصرية
الأراجوز فى لوحات ريهام
حتى جاء اليوم الذى ساورتها فيها ذكريات زمان وعادت ريهام تبحث عن الرسم وكيفية تعلمه، فرمت الصدفة فى طريقها فنان تشكيلى فى إحدى المدن بالجزائر طلبت منه أن يعلمها الرسم فوافق بشدة واتفق معها أن يكون المقابل "طبق كشرى" أو أى أكلة مصرية فى كل حصة لتعليم الرسم، إذ أنه زار مصر قبل ذلك وأعجب بالأكلات المصرية كثيراً.
فرح مصرى
ريهام الشامى1
وبالفعل بدأت ريهام رحلة تعملها الرسم مقابل طبق الكشرى، فبدأت من الشخبطة ورسم الجمادات حتى تطور أدائها ووجدت الطريق الذى يسمو بروحها ويساندها فى التغلب على وحدتها.
"عرفت اكتشف نفسى من الوحدة" هكذا لخصت ريهام رحلة بدايتها مع الرسم، فبعد أن أتقنت بدايات الرسم رشح لها معلمها البدء فى رسم شوارع أو حوارى فوجدت نفسها تصمم لوحات للتراث الشعبى المصرى، حوارى مصر القديمة ومجالس الستات وأحاديثهم ورجل البيانولا الذى تربينا على قصصه فى طفولتنا جميعاً.
لوحات ريهام
أم مصرية
"أهم حاجة اللوحة توصل لقلب الناس" هذا هو منهج وطريق ريهام وإطارها الخارجى الذى تبنى على أساسه لوحاتها، فمع مرور الوقت أصبحت ريهام سفيرة التراث الشعبى المصرى بالجزائر وبدأت تشارك لوحاتها على صفحتها الخاصة على فيس بوك حتى تنال تشجيع أصدقائها.
وذات يوم فوجئت بمكالمة من المغرب يدعوها أحد المسئولين بالمشاركة بلوحاتها عن التراث المصرى فى مهرجان فاس، شاركت ريهام وبيعت لوحاتها وكانت تلك أسعد لحظات حياتها عندما يمتلك أحد المصريين أو العرب لوحات للتراث الشعبى المصرى فى بيته.
لوحات ريهام
لوحات ريهام
لوحات ريهام
"بحلم أسيب لأولادى ميراث على لوحات" بتلك الكلمات ظللت ريهام حلم حياتها بترك أثر فى نفوس الناس إذ لخصت حلم حياتها فى ترك ميراث من اللوحات المصرية الأصيلة والتى تفوح منها رائحة سمعة مصر الحلوة، فما رسمته ريشة ريهام بث الذكريات بداخلنا وجذب أذهاننا لجانب جميل من تراث مصر الشعبى الذى لن يغيب عنا ولا ينفصل عن وجداننا مهما فات من الزمن.
مجالس الستات فى لوحات ريهام
لوحات ريهام
لوحات ريهام
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة