القضية الفلسطينية هى القضية الأم والأهم لمصر قولاً وعملاً. فلسطين والبوابة الشرقية هى صمام الأمان للأمن القومى المصرى على مدى التاريخ. مصر لم تتاجر يوماً بالقضية مثل كثيرين كانوا ومازالوا يتاجرون بها، مصر دفعت الغالى والثمين وهو الدم المصرى الذى دفع فى حروب كانت وجهتها البوابة الشرقية، مصر بالرغم من معاهدة السلام مازال الشعب لا يؤمن بالتطبيع ومازال الجميع يعلم أن زرع إسرائيل فى المنطقة ما هو إلا مخطط استعمارى يستهدف تفتيت المنطقة وإسقاط التوحد العربى، وعلى ذلك وبالرغم من الممارسات الحمساوية التى يعلمها الجميع ضد النظام المصرى سواء فى 25 يناير أو بعد سقوط الإخوان، ولكن مصر لم تغلق كل الأبواب لأهمية القضية، ولذلك وجدنا السيسى يعلن مبادرة سلام من أسيوط فى يونيو 2015 تلا ذلك تحركات ولقاءات نحو الحل على أرضية المبادرة العربية فى بيروت 2002 التى تعنى إقامة الدولتين مقابل السلام.
فمن المعروف أن الخلاف الفلسطينى الفلسطينى الذى كان دائماً خلافاً فى إطار الوحدة قد وجدناه لأسباب كثيرة ولتدخلات من دول عربية ودول مجاورة سعياً وراء مصالحها أخذ الخلاف الفلسطينى مسارات ساعدت على إجهاض القضية وتعنت إسرائيل حيث الحجة كيف تكون هناك مفاوضات وحلول فى إطار هذه الخلافات، وقد كان هذا صحيحاً.
هنا أدركت مصر ذلك فكان الدور المصرى والمخابرات المصرية ذات الخبرة فى القضية الفلسطينية، كما أن هناك ظروفا ومتغيرات كانت مع الربيع العربى لم تكن فى صالح فتح ولا حماس، فأصبحت الظروف مهيأة لهذه المصالحة، وأمس كان هناك اجتماع بين فتح وحماس فى القاهرة لمناقشة القضايا المطلوب حسمها وبمشاركة وضمانه مصر، وهنا نريد بكل موضوعية أن نقرأ الواقع قراءة موضوعية، حيث إن هناك واقعاً فلسطينياً وإسرائيلياً ودولياً غير مواتى للحل المأمول حتى الآن. هناك قضايا لم تحسم بين فتح وحماس لابد من إيجاد حلول لها حتى تكون اللحمة الفلسطينية صحيحة قادرة على الصمود فى مواجهة تلك التحديات. هناك مشكلة المعابر ومن سيكون مسؤولاً عنها والأهم قضية الأنفاق.
نعم مصر قامت بالدور الأهم لعملية الأنفاق لحماية أمنها القومى، ولكن الأنفاق ستظل مصدراُ اقتصادياً غير شرعى لكثيرين فى غزة.فماذا ستكون النتيجة ورد الفعل بعد غلق كل الحنفيات؟ هناك ما يسمى بقبول تعيين أكثر من 40 ألف غزاوى فى الإدارة مطلوب اعتماد موازنة لهم والأهم هو كيف كان التعيين ولمن وما تبعياته.
هناك مشكلة الانتخابات حماس تريد انتخابات تشمل المجلس التشريعى والسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير مع مشاركة كل التنظيمات. فى الوقت الذى أعلن فيه أبو مازن أن الانتخابات ستكون للمجلس التشريعى فقط، وهذا يعنى أن الصراع على السلطة والمواقع مازال وسيظل أكبر وأهم من التوحد والنضال الفلسطينى، من أجل القضية ولنا فى انتخابات 2007 مثالاً، فمازلنا نعانى نتائجها وآثارها، أما المشكلة الأهم فهى مشكلة السلاح.
أبو مازن أعلن أنه لن يكون هناك سلاح فى غزة غير سلاح السلطة ولا سلاح آخر حتى لا يتكرر نموذج حزب الله فى لبنان، على الجانب الأخر حماس تقول إن هناك سلاح مقاومة وسلاح إدارة المقاومة لسلاح حماس وسلاح السلطة للإدارة، مع العلم أن هناك بجانب فصائل القسام الحمساوية سراى القدس الجهادية غير باقى التنظيمات المسلحة، فى الوقت نفسه وجدنا نتنياهو يعلن صراحةً لا مفاوضات قبل إسقاط سلاح حماس والمقاومة واعتراف حماس بإسرائيل دولة يهودية مع قطع علاقتها بإيران.
ناهيك عن مشاكل المستوطنات التى وصلت لأقصى مساحات من الضفة وغزة حيث سيكون هناك مشكلة الهدم والتشريد وهى سياسة أستعمارية مقصودة، ذلك غير مشكلة المياه والأسرى، أما مشكلة الموافقة على الدولتين على أن تكون الدولة الفلسطينية عاصمتها القدس الشرقية كما جاء فى المبادرة العربية ومازال هذا فى العقل الجمع العربى الذى تأكد بخطاب السيسى أمام الأمم المتحدة.
فى مقابل هذا هناك إصرار إسرائيلى صهيونى بالتمسك بكل ما تصل إليه إيديهم من أرض فحدود إسرائيل من النيل إلى الفرات، أما على المستوى الأمريكى فلا أهمية للتصريحات الشعاراتية الترمباوية، ولكن الأهم هو موقف الإدراة الأمريكية، وجدنا الأسبوع الماضى سفير أمريكا فى إسرائيل يعلن أن ترامب فى طريقه إلى إصدار أوامره بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وأضاف أن حل الدولتين لم يصبح ذات جدوى، هذه بعض التحديات التى تواجه مشكلة القرن حتى نكون مدركين لهذا الواقع السياسى الذى يتطلب الكثير والكثير ليس على المستوى الفلسطينى الفلسطينى، ولكن على المستوى العربى، مع عدم إغفال الدور التخريبى لقطر وتركيا، حيث لا يعنيهم المصالحة خاصة أن تأتى عبر مصر.
هنا نرى أن المتغيرات الدولية المتسمة بالسيولة الآن تجعلنا نؤكد أن التوحد العربى وإعادة اللحمة العربية فى ظل الكيانات الكبرى التى تسيطر على العالم هو الطريق لإعادة الزخم للقضية الفلسطينية حتى نحقق الدولة التى عاصمتها القدس الشرقية وإلا فالتحديات قادمة ليس على فلسطين فحسب لكن ضد العرب والمنطقة كلها، هل نعى أم نتغافل فلا نجد وقتاً للندم؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة