- هبة يناير تم اختطافها من جماعة الإخوان فتحولت إلى روح مهمة تبحث عن جسد تتقمصه
غدا الأربعاء 25 يناير، يمر على أحداث يناير 6 سنوات، وما زال وسيظل الحوار والجدل دائراً بين هل تلك الأحداث هى ثورة بالفعل أم أنها كانت مؤامرة؟ ما حدث يوم 25 يناير لم يكن منفصلاً البتة عن مجمل الأحداث المتراكمة، التى اجتاحت الوطن طوال فترة حكم مبارك، ومن الملاحظ أن العشر سنوات الأخيرة من حكم مبارك، كان ذلك الحكم قد فقد بالفعل شرعيته الجماهيرية وذلك لانحيازه السافر لصالح الجماعة المتحلقة حول مبارك، سواء فى الحكومة أو فى الحزب الوطنى أو من كانوا يسايرون الأجواء، ويبررون الأفعال وينافقون الوريث، كانوا يتحدثون عن ارتفاع فى معدلات النمو، وليس التنمية تلك المعدلات وثمارها لم تكن من نصيب الأغلبية الشعبية، التى عانت اقتصادياً وهمشت سياسياً، وتفسخت اجتماعياً وانحدرت ثقافياً وتراجعت فنياً، لقد تغول نظام الحكم تحت حماية نظام العادلى الأمنى، فكان هناك رفض جماعى وجماهيرى تمثل فى المظاهرات السياسية والاحتجاجات الاجتماعية حتى قام مواطن بإشعال النار فى نفسه أمام البرلمان فى 23 يناير 2011، كان هناك نخب سياسية بعضها وليست كلها قد آمنت بالجماهير، ودافعت عن الشعب وشاركت فى رفض النظام وتمثل ذلك فى حركة كفاية التى كسرت حاجز الخوف من النزول إلى الشارع.
هنا قد كان ما يسمى بالظرف الموضوعى قد نضج تماماً، أى أن فشل الحكم وفساده وتراكم المشاكل، وكم السيطرة وتفشى الاستبداد ومحاولة التوريث كل هذا جعل مقدمات الثورة قائمة، ولكن الظرف الذاتى وهو التنظيم الثورى الذى يمتلك الأجندة الثورية ولديه الوسائل التى تمكنه من إسقاط النظام لم يكن موجوداً، ذلك لأن تلك النخبة لم تكن ساعية لغير مصلحتها الذاتية، فتلك الأحزاب الورقية الديكورية التى تحولت إلى مبرر للسلطة بادعاء التعددية والديمقراطية لم تكن غير جمعيات دفن موتى لغياب العلاقة الجماهيرية، لكل هذا غاب التنظيم أو الحزب أو الجماعة التى تقود الجماهير لتحقيق الثورة، وهى التغيير الجذرى لكل مناحى الحياة للأحسن، ولكن حضر الشعب وسانده الجيش الذى ترجم تلك الهبة غير المسبوقة وسقط مبارك، أيضاً ولغياب هذا التنظيم تم اختطاف الهبة من جماعة الإخوان، فتحولت الثورة إلى روح مهمة تبحث عن جسد تتقمصه، لذا كان طبيعياً أن نشاهد تلك الصراعات بين الشباب وبين هذه النخبة، الذين ادعوا أنهم الثوار، وأنهم من قاموا بالثورة، لذا وفى هذا المناخ وفى ظل تلك الممارسات وفى غياب ذلك الظرف الذاتى، وجدنا حالة الفوضى التى مازلنا نعانى منها، وهنا يكون الاختراق لتحقيق المؤامرة، فالمؤامرة لا يتم تحقيقها بعيداً عن ذلك الاختراق وبعيدا عن تلك الشخصيات التى تلعب الأدوار المرسومة لها بشكل مباشر أو غير مباشر.
هنا لا نستطيع أن نقول إن 25 يناير ثورة، فهى لم تحقق التغيير الثورى المطلوب وفى ذات الوقت لا يجب أن نقول إنها مؤامرة حتى لا نسقط حق الشعب فى هيبته التى عبر فيها عن نفسه بلا رقيب أو وسيط، فهذا الشعب قد خرج يكمل مسيرة يناير فى 30 يونيو وما زال يكمل، وإن كان نظام يونيو يقوم الآن بتحقيق مبادئ الثورة على الطريقة الإصلاحية المتراكمة فطريق الثورة هو تحقيق الحرية الحقيقية وتجسيد العدالة الاجتماعية واقعياً، وتطبيق القانون بلا استثناءات وتوزيع عادل للثروة وإيجاد حياة حزبية وتعددية حقيقية حتى يشارك الشعب فى صنع القرار، وهذا هو طريق تحقيق الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة دولة كل المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة