كنت سأواصل اليوم، الحديث عن مهاترات البوب محمد البرادعى، ولسانه القذر، ولكن جاء حكم الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا «فحص طعون»، برئاسة المستشار أحمد الشاذلى، نائب رئيس مجلس الدولة، برفض الطعن المقام من هيئة قضايا الدولة، ممثلة عن رئاسة الجمهورية والحكومة، وتأييد الحكم الصادر من محكمة أول درجة «القضاء الإدارى»، ببطلان اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية، والتى بموجبها كانت جزيرتا تيران وصنافير ستنتقلان من السيادة المصرية إلى سيادة السعودية، ليكون بمثابة فخر جديد ليس للقضاء المصرى فقط، بل للنظام الحالى، ويؤكد على أن الرئيس عبد الفتاح السيسى لا يتدخل فى أحكام القضاء، وأن مصر لديها قضاء نزيه لا يحكم إلا بما يراه، هذا الحكم يرسخ قاعدة حقيقية أنه لاصوت يعلو فوق صوت نزاهة القضاء، وأن حكم «تيران وصنافير» شهادة فخر لعهد عبد الفتاح السيسى الذى يرفض مبدأ التدخل فى أحكام القضاء، أو يهين القضاء، كما كان يفعل مرسى وعصابته والذى يحاكم الآن بتهمة إهانة القضاء، فالرئيس السيسى يؤمن بأن مصر لديها قضاء نزيه، وهو ما ظهر فى حكم مصرية الجزيرتين.
وعكست حيثيات الحكم، كل معانى استقلال القضاء، والفصل بين السلطات، حيث قالت الحيثيات، إن الدستور استولد عنه نظام قانونى جديد، ألبس الفصل بين السلطات ثوبًا جديدًا، وتحددت فيه حدود سلطات الدولة، دون تغول من سلطة على أخرى، وأعلى من شأن حق الإنسان المصرى فى المشاركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية لبناء دولته الجديدة، مصطحبًا تاريخ مصر الخالد وحضارتها العظيمة وموقعها الجغرافى المتميز، وقدم وعراقة شعبها وأصالته، وطبيعته وطبيعة تكوينه الفريد والمتنوع، الذى يمثل سمةً من سماته ويستعذب أصالته كل من سرى فى شرايينه مياه النيل مسرى الدم.
وأضافت الحيثيات، أن الإجراء الإدارى الذى سمته الحكومة المصرية فى تقرير طعنها اتفاقًا مبدئيًّا بترسيم الحدود، وما نتج عنه من تنازل عن الجزيرتين، أيًّا كانت المبررات الدافعة إليه، حال كونهما ضمن الإقليم المصرى، مخالف للدستور والقانون، لوروده على حظر دستورى، مخاطبة به السلطات الثلاثة، والشعب ذاته، ولانطوائه على خطأ تاريخى جسيم، وغير مسبوق، يمس كيان تراب الوطن المملوك للشعب المصرى فى أجياله السابقة، وجيله الحالى والأجيال القادمة، وليس ملكًا لسلطة من سلطات الدولة، ولذا فإن الحفاظ عليه والدفاع عنه فريضة مُحكمة وسُنّة واجبة، فهذا التراب ارتوى على مر الزمان بدماء الشهداء التى تُعيّن وتُرسِّم حدوده، باق وثابت بحدوده شمالًا وجنوبًا، شرقًا وغربًا، وسلطات الدولة متغيرة، خاصةً أن التنازل عنه، على النحو المتقدم، سيفقد مصر حقوقها التقليدية على مياهها الإقليمية التى مارستها عبر قرون، فضلًا عما يشكله من تهديد دائم للأمن القومى المصرى، وإضرار بمصالحها الاقتصادية فى مياهها الداخلية الإقليمية.
ولا جدال فى أن الدستور تضمن أحكامًا، بعضها له مردود سابق بالدساتير المصرية المتعاقبة، وأحكامًا جديدة على النظام القانونى المصرى، تستوجب كما سلف البيان فهمًا قانونيًّا جديدًا، فمن سابق الأحكام أن إبرام المعاهدات سلطة بين رئيس الجمهورية والسلطة التشريعية، ممثلة فى البرلمان، على اختلاف مسمياته، أما الأحكام الدستورية الجديدة بشأن المعاهدات تجلت فى أمرين: الأول أن معاهدات الصلح والتحالف وكل ما يتعلق بحقوق السيادة لا يتم التصديق عليه إلا بعد استفتاء الشعب، وهو أمر واجب، لا تقدير فيه لسلطة من سلطات الدولة، وهذا القيد الواجب لا يخاطب فقط السلطة التى تبرم المعاهدة أو السلطة المقرر لها الموافقة فيما يدخل فى اختصاصها الدستورى.
إذًا الحكم للشعب والاستفتاء ربما يكون الحل لمثل هذه الاتفاقيات ونحن هنا لا نشيد بالحكم، ولكن نشيد بالقضاء صاحب الحكم والقيادة السياسية التى وفرت مناخًا لكى ينتصر شعار لاصوت يعلو فوق صوت نزاهة القضاء المصرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة