فى وقائع «التسريبات».. اقتحام مقر أمن الدولة كلمة السر.. طباخ السم يذوقه.. النشطاء أشعلوا حرب التسريبات ويكتوون بنارها.. شباب 6 إبريل والإخوان والسلفيون حاولوا إخفاء ملفاتهم الخاصة وتصفية الحسابات

الإثنين، 16 يناير 2017 07:39 م
فى وقائع «التسريبات».. اقتحام مقر أمن الدولة  كلمة السر.. طباخ السم يذوقه.. النشطاء أشعلوا حرب التسريبات ويكتوون بنارها.. شباب 6 إبريل والإخوان والسلفيون حاولوا إخفاء ملفاتهم الخاصة وتصفية الحسابات اقتحام مبنى أمن الدولة
محمود عبدالراضى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- التحقيقات رصدت سرقة عدد من النشطاء للملفات واتصالاتهم بالخارج لعرضها للبيع

- «الجزيرة» استولت على عدد ضخم من المستندات

- شاب سلفى قاد أول هجوم على مقر أمن الدولة بمدينة نصر بهتاف: «أسقطوا صنم العادلى»

- تزوير مستندات تحت شعار «سرى» لابتزاز الشخصيات العامة

 
6 سنوات مرت على بداية حرب التسريبات المشتعلة، والتى انطلقت شرارتها مع اقتحام مبانى أمن الدولة، وتداول تسجيلات تكشف الكثير من أسرار وعلاقات عدد من النشطاء والسياسيين والإعلاميين، الذين برز دورهم منذ قيام ثورة 25 يناير وحتى الآن، وأظهرت جوانب تتنافى وتتناقض مع ما يدور أمام الكاميرات وفى دائرة الضوء.
 
فكيف انطلقت هذه الشرارة، ومن الذى أشعلها وخطط لانطلاقها، سعيًا لتصفية الحسابات واستخدامها ضد الخصوم السياسيين.
 
بدأت الحرب بدعوات على موقع التواصل الاجتماعى، «فيس بوك»، انطلقت فى 4 مارس 2011، تطالب بالنزول لمحيط مقار أمن الدولة واقتحامها فى اليوم التالى 5 مارس، للاستيلاء على الملفات الموجودة بالمبانى، انتقامًا من وزارة الداخلية ووزيرها إبان ثورة 25 يناير، اللواء حبيب العادلى.
 
وبالرغم من أن هذه الدعوات كان ظاهرها الانتقام من حبيب العادلى، وضبط الملفات التى تدينه، تمهيدًا لتقديمه للمحاكمة وقتها، إلا أن بواطن الأمور كانت تشير إلى شىء آخر، وأهداف أخرى.
 
وكشفت الأحداث فيما بعد أن حركة 6 إبريل وعناصر جماعة الإخوان وغيرهم ممن أطلقوا على أنفسهم «نشطاء سياسيون» خططوا للتسلل إلى هذه المقار الأمنية، بهدف الحصول على الملفات والتسجيلات التى تخصهم، فضلًا عن الحصول على معلومات أمنية للاتجار بها لاحقًا.
 
واستغل المطالبون باقتحام مبانى أمن الدولة، حالة الغضب الشعبى تجاه الشرطة وقتها، خاصةً أن جمعة الغضب لم يمر عليها أكثر من 37 يومًا، ونجحوا فى حشد آلاف المواطنين فى وقت زمنى قصير من خلال «السوشيال ميديا»، التى كان لها مفعول السحر، ولها الدور الأكبر فى انطلاق شرارة 25 يناير.
 
وفى مشهد لا ينسى تجمع الآلاف بمحيط مقر أمن الدولة بمدينة نصر من القاهرة والمحافظات المجاورة، وأظهرت التحقيقات والوثائق أن محاولات الاقتحام بدأت بهتافات أطلقها شاب سلفى اعتلى أكتاف الشباب، وظل يخطب فيهم، مرددًا هتافات وقصصًا تؤكد تعرضه وعدد من الشباب للتعذيب داخل هذا المبنى، مشيرًا إلى ضرورة اقتحامه والحصول على كل الأوراق الموجودة به، مدعيًا أن هذه المستندات تساهم فى سرعة محاكمة حبيب العادلى.
 
كلام الشاب السلفى الذى قاد الاقتحام، بهتاف «اسقطوا صنم العادلى» كان له مفعول السحر لدى المتجمهرين أمام مقر أمن الدولة بمدينة نصر، فيما كان شباب جماعة الإخوان خلفه يرددون عباراته ويؤكدون عليها.
 
وفى مشهد حماسى سجلته الكاميرات، اقتحم الشباب مبنى أمن الدولة، ودخلوا إلى كل الممرات والسراديب الأرضية والمكاتب، وحطموا كل محتوياته، وتم جمع كل الأوراق والملفات الموجودة.
 
وسجلت كاميرات المراقبة الموجودة قيام عدد من شباب 6 إبريل والإخوان ومن يطلقون على أنفسهم «النشطاء السياسيون»، بجمع الوثائق والملفات والأسطوانات، بحثًا عن ملفات تخصهم ومكالمات مسجلة لهم.
 
ولم يكتف هؤلاء الشباب والنشطاء بسرقة الملفات والتسجيلات، وإنما أجروا مكالمات من هواتفهم المحمولة لأشخاص بالخارج، أكدوا فيها أنهم نجحوا فى اختراق مقر أمن الدولة، ووجدوا ملفات تخصهم وتخص زملاءهم، وكميات كبيرة من التسجيلات لمكالمات هاتفية تم استخدامها فيما بعد.
 
وتسابق شباب الإخوان و6 إبريل والسلفيون فى الحصول على أكبر عدد من الملفات والأسطوانات، للاستفادة بها لاحقًا سواء ببيعها للخارج أو مساومة آخرين بها مقابل أموال، واستعان كل منهم بأصدقائه، وتم تحميل الملفات والأوراق فى سياراتهم تمهيدًا للتحرك بها نحو منازلهم، لفحصها بهدوء، وتحديد كيفية الاستفادة منها.
 
وبينما كان بعض الشباب المُغرر بهم مشغولون فى التقاط الصور التذكارية داخل مقر أمن الدولة، كان شباب الإخوان و6 إبريل والسلفيون والنشطاء يجمعون أكبر عدد من الملفات والتسجيلات، ويحطمون ما لم يستطيعوا سرقته حتى لا يستخدمه غيرهم.
 
وتزامن مع اقتحام مقر أمن الدولة بالقاهرة، اقتحام كل مقار أمن الدولة بالمحافظات على مستوى الجمهورية، ونجح المقتحمون فى الاستيلاء على معظم الأوراق والملفات، دون أن يعلموا أن كل ما سرقوه يوجد منه نسخ إلكترونية أخرى.
 
وفى 6 مارس، دعا المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، عبر وسائل الإعلام، إلى تسليم مستندات أمن الدولة فورًا، من منطلق المسؤولية الوطنية من جهة وتجنبًا للمساءلة القانونية من جهة أخرى، لاحتواء هذه الوثائق على أسماء وقضايا يشكل الكشف عنها خطورة على أمن الوطن وسلامة أفراده، وبالطبع لم يستجب من خططوا للحصول على هذه الملفات ويعرفون مكاسبهم منها لهذه النداءات.
 
وأمر النائب العام عبدالمجيد محمود، وقتها بوضع المقار التى اقتحمها المتظاهرون تحت حراسة الجيش، كما كلف فريقًا من محققى النيابة بالانتقال إلى مقار جهاز مباحث أمن الدولة، لاتخاذ إجراءات الحفاظ على ما تبقى من مستندات واستلام ما تمكن بعض المتظاهرين من أخذه من حيازة الجهاز.
 
فى 15 مارس، أعلنت وزارة الداخلية المصرية إلغاء جهاز مباحث أمن الدولة بكل إداراته وفروعه ومكاتبه فى جميع محافظات الجمهورية، وأنشأت قطاعًا جديدًا بالوزارة بمسمى قطاع الأمن الوطنى، ويختص حسب بيان الداخلية، بالحفاظ على الأمن الوطنى والتعاون مع أجهزة الدولة المعنية لحماية وسلامة الجبهة الداخلية ومكافحة الإرهاب، وذلك وفقًا لأحكام الدستور والقانون ومبادئ حقوق الإنسان وحريته.
 
ومع انتهاء مشهد اقتحام مقار أمن الدولة، بدأ من أطلقوا على أنفسهم «نشطاء»، فحص الملفات التى حصلوا عليها، لمعرفة كيفية الاستفادة منها.
 
وأشارت التقارير، إلى أن عددًا من النشطاء باعوا بعض هذه الملفات لجهات خارجية، فى مقابل الحصول على مبالغ طائلة، فيما استفاد آخرون بتسجيلات لخصومهم السياسيين أو بعض الشخصيات العامة واستخدموها فى تصفية الحسابات، حيث شهدت هذه المرحلة عددًا ضخمًا من المساومات بين النشطاء وخصومهم باستخدام التسجيلات والأوراق التى سرقوها من داخل مقار أمن الدولة.
 
وأشعلت هذه التسجيلات والملفات التى تم سرقتها من مقار أمن الدولة، الحرب بين الخصوم السياسيين والعديد من الأطراف، وظهرت العديد من التسجيلات الصوتية التى تدين أطرافًا كثيرة، وتظهر ما خفى خلال هذه الفترة، وبدأت حالة الانتقام والاستغلال باستخدام هذه التسجيلات، واشتعلت حرب التسريبات.
وأكدت التقارير، أن شباب 6 إبريل وشباب جماعة الإخوان وبعض العناصر السلفية ومن أطلقوا على أنفسهم لقب «نشطاء» استولوا على ملفات وتسجيلات ضخمة من مقار أمن الدولة، وأنهم خططوا جيدًا قبل اقتحام مقار أمن الدولة، وتوجهوا بعناية إلى المكاتب لجمع الأوراق والأسطوانات، لأنهم يعلموا خطورتها والمكاسب التى تدرها عليهم لاحقًا سواء ببيعها أو مساومة الخصوم بها.
 
وأكدت التحقيقات والمصادر، أن قناة الجزيرة القطرية لعبت دورًا محوريًا فى اقتحام مبانى أمن الدولة بمصر، سواء عن طريق شحن الشباب لتنفيذ الاقتحام قبل أيام من الواقعة، وذلك من خلال تسليط الضوء على دعوات التظاهر والاقتحام فى 5 مارس 2011، وكذلك وجود مراسلين للقناة القطرية لحظات الاقتحام والبث المباشر الذى قامت به القناة لكل التفاصيل، وحصول مراسليها على العديد من الوثائق التى كانت بأيدى المواطنين البسطاء وإقناعهم بتسليمها لهم لفضح نظام مبارك وقتها، حيث حصلت القناة القطرية على عدد ضخم من هذه الوثائق.
 
ومن أبرز الوثائق التى تم تسريبها، الاتصالات بين القيادات الأمنية وبعض الشخصيات التى كانت يظهرون قبل 25 يناير ، على أنهم معارضون، فى حين أنهم كانوا يتلقون تعليماتهم من الأمن، فضلاً عن وثائق تجسس على عدد من الصحفيين والإعلاميين، والدور الخفى لبعض الشخصيات فى الانضمام للحزب الوطنى المنحل.
 
وظهرت مكالمات هاتفية فى وقت لاحق لاقتحام مقار أمن الدولة بين نشطاء سياسيين وأشخاص بالخارج، يتم خلالها التفاوض على إرسال وثائق تم الاستيلاء عليها أثناء اقتحام مبانى أمن الدولة، وتهريبها للخارج.
 
من ناحية أخرى، لجأ البعض إلى تزييف عدد من الوثائق والملفات تحت اسم «سرى»، والادعاء بأن مصدرها أمن الدولة، للضغط على خصومهم السياسيين، إلا أن الدقة فى التواريخ الزمنية لهذه الوثائق والتوقيع بأسماء أشخاص لم يكونوا موجودين خلال هذه المرحلة، كشف تزييف هذه المستندات، وأكد أن الهدف منها تشويه بعض الرموز والشخصيات العامة، للتأكيد على أنهم كانوا عملاء للأجهزة الأمنية.
 
وقامت بعض القنوات الفضائية بتداول عدد من هذه الملفات على أنها انفرادات، دون النظر إلى كونها حقيقية أم مزيفة، وهو ما تسبب فى أزمات سياسية واجتماعية خلال الفترة الماضية.
 
وبالرغم من أن عددًا من النشطاء السياسيين وقفوا ضد إذاعة التسريبات والملفات، باعتبار أن هذا الأمر يتناقض مع الحرية والشخصية، إلا أن هؤلاء الأشخاص أنفسهم تاجروا بهذه التسريبات والملفات ضد خصومهم.
 
وبالرغم من مرور سنوات على اقتحام مبانى أمن الدولة، إلا أن هناك عددًا ضخمًا من الملفات والوثائق المهمة لازالت فى أيدى النشطاء يساومون بها غيرهم، ويشعلون بها حرب التسريبات التى نالت الكثيرين.
 
ونالت التسجيلات التى تم تسريبها أسماء سياسيين ورجال أعمال وإعلاميين، وأكدت وجود علاقات وثيقة لجهار أمن الدولة قبل ثورة يناير بعدة جهات، منها قنوات تليفزيونية ومؤسسات وإدارات محلية، وجود تسجيلات وتنصت على شخصيات بارزة.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة