هو خبر مثله مثل بقية الأخبار، التى تمر علينا دون أن ننتبه أو نلقى لها بالا، فما الجديد فى ذلك؟ وكالة ناسا الأمريكية للفضاء تطلق مسبارا إلى كويكب «بينو»، الذى يدور فى نفس مدار الأرض لتكتشف أصل الحياة فى مهمة تستغرق حوالى سبع سنوات، أملا فى معرفة المزيد عن أصل الحياة على كوكب الأرض وربما فى أماكن أخرى بالنظام الشمسى، وهذا الخبر ينتمى إلى نوعية من الأخبار لا تهمنا على الإطلاق، ولا تثير فضولنا لأن بعضنا حتى الآن لا يعتقد أن الأرض تدور حول الشمس، متخيلا أن النظريات العلمية الحديثة «رجس من عمل الشيطان»، وبالمصادفة فإن المسبار، الذى ستطلقه ناسا اسمه «ريكس»، ولكن ليس من عمل الشيطان وإنما «ريكس أوزوريس».
نعم، اسمه (ريكس- أوزوريس) فى استغلال واضح للاسم الفرعونى المهيب «أوزوريس»، ذلك المعبود الشهير، الذى وضعه المصرى القديم كأهم وأرفع المعبودات أو قل «القديسين»، والذى فيه جسد المصرى القديم حكمة الحياة والموت ووضعه كدليل أسطورى مقدس على إمكانية الحياة بعد الموت، فاختارت «ناسا» أن تطلق اسمه على هذا المسبار، الذى تأمل فى أن يساعدها فى اكتشاف «أصل الحياة»، وليس هذا فحسب، بل الأهم من هذا هو أنها أطلقت اسم « Bennu» أو «بينو» على اسم الكوكيب، التى تريد اكتشافه، و«بينو» هذا هو أيضا أحد المعبودات المصرية القديمة، حيث كان يمثل على هيئة طائر طويل الأرجل والمنقار ويؤكد «هيرودوت» أنه أصل أسطورة طائر الفينيق الشهير، الذى يحترق ويولد من رماده من جديد، بينما تقول الأساطير المصرية: إنه لعب دورا كبيرا فى خلق العالم كما كان يرمز دائما إلى العودة إلى الحياة، وبالتالى فقد كان مرتبطا أشد الارتباط بـ«أوزوريس»، أما معنى اسمه فهو «المتألق».
أرأيت إلى أى مدى تمجد «ناسا» الحضارة المصرية، وتعيد إليها الاعتبار وتستخدم أساطيرها «الغابرة» كأساس لاكتشاف العالم والبحث فى أصوله؟ بينما نحن فى التفاهة غارقون؟. اسمح لى هنا أن أذكرك بمقالى «الثفافة سفير مصر الدائم»، الذى أكدت فيه أن العالم لا يستطيع أن ينتزع مصر من مخيلته، وأنها رغما عن الجميع مغروسة فى عمق الوعى العالمى، وأن الطريق الأمثل لمخاطبة العالم هو طريق الاعتماد على الثقافة، فما فعلته «ناسا» بإطلاق أسماء فرعونية على مسبارها وكويكبها يعد أكبر خدمة لمصر وتاريخها وشعبها، بينما أشهر شىء يحمل اسما «تاريخيا» فى مصر هو سجائر «كليوباترا».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة