"لا تثق بالمرأة حتى وإن ماتت"،هذا المثل الدارج عند اليونانيين ، يبدو من الوهلة الأولى وكأنه مجرد مقولة عابرة لا أساس لها فى الواقع، وحقيقة الأمر أن الواقع نفسه لا يثق بالمرأة ،حتى أن شاعر المرأة نزار قبانى لم يثق فيها وقال شعره الشهير:" كل النساء عاهرات إلا أمى ليس احتراما لها ولكن تقديرا لأبى" وليس معنى ذلك أننى أتفق مع ما قاله نزار ، لا على الإطلاق ولكن نأخذ منه فقط أن المرأة كائن من الصعب أن نثق فيه.
ومن يمعن فى خريطة العالم حاليا ويرى كيف يتحول الحكام إلى حاكمات، وكيف يخرج الملك من بوتقة الرجل ويهرع لتقتنصه المرأة يوقن بلا شك أن النساء قادمات لا محالة ، وأن المرحلة التى يعيشها الإنسان حاليا هى مرحلة فارقة بالنسبة للمرأة ، فقديما كان النساء يطلبن فقط مجرد الخروج من بيوتهن ثم جاءت الفرصة مواتية للمرأة بعد ذلك لتتمكن من العمل بل واخترقت جميع المهن ، والآن تتحول المرأة حاليا لتحكم العالم كله.
فى انجلترا تحكم سيدة ،واحدة من أكبر الدول والإمبراطوريات التاريخية وهى تيريزا ماى رئيس الوزراء، وفى الولايات المتحدة نالت هيلارى كلينتون ثقة الحزب الديمقراطى وتعد المرشح الأقوى حاليا لتولى رئاسة أقوى دولة فى العالم عسكريا فى ظل منافسة هى الأسهل مع دونالد ترامب المرشح الأضعف من وجهة نظرى، وفى ألمانيا نجد المرأة الحديدية أنجيلا ميركل،وفى كوريا الجنوبية تترأس الدولة بان غن هى وهى واحدة من الدول الاقتصادية والعسكرية الكبرى فى آسيا.
وفى الدنمارك تترأس الوزراء هيلى تورنينج شميت وفى كرواتيا تتولى رئاسة الوزراء كوليندا غرابار كيتاروفيتش وفى النرويج تتولى رئاسة الوزراء إرنا سولبرغ وفى ليتوانيا تتولى رئاسة الدولة داليا جريبوسكايتى،كما تتولى رئاسة دولة مالطة لويز كوليرو بريكا ، وفى كوسوفو تترأس الجمهورية ، سيدة مسلمة تدعى عاطفة يحيى أغا، وفى أفريقيا الوسطى تترأس الدولة حاليا كاثرين سامبا بانزا، وهذا فقط على مستوى الرئاسة ورئاسة الوزراء حاليا أما إذا تحدثنا فى السنوات العشر الأخيرة سنجد كثيرة من النساء اللاتى تولينا أعلى المناصب فى دول العالم وعلى سبيل المثال لا الحصر آخر رئيسة للبرازيل ديلما روسيف التى عزلها البرلمان منذ أيام قليلة وكذلك رئيسة الأرجنتين السابقة كرستينا فيرنانديز.
وعلى المستوى النيابى تتواجد المرأة بشكل قوى فى مجالس العموم فى دول أيسلندا والسنغال وفنلندا وجنوب أفريقيا ورواندا وكوبا واندورا ونيكاراجوا وسيشل، وفيما يخص المناصب القيادية فى كبرى مؤسسات العالم حاليا نجد الهولندية خديجة غريب فى منصب رئيس البرلمان فى هولندا،كرستين لاجارد فى منصب مدير عام صندوق النقد الدولى.
وتطور الأمر كثيرا ليس فى العالم المحيط بنا فحسب وإنما فى مصر ، إذ نجد كثيرا من النساء اللاتى يشغلن مناصب قيادية فهناك وزارة تتولاها المرأة مثل سحر نصر فى التعاون الدولى وغادة والى للتضامن الاجتماعى ونبيلة مكرم وزيرة الهجرة ، ولا يقتصر الأمر على المناصب التنفيذية إذ نجد فى البرلمان ولأول مرة 87 نائبة .
ولا يبدو الأمر غريبا الآن إذ نجد ان كل بيت مصر حاليا قد يحتوى على سيدة طموحة تسعى وبقوة لتولى مناصب قيادية كبيرة فى الدولة، فعلى سبيل المثال فى بيتى الصغير أيضا المكون من ثلاثة أفراد هم انا وزوجتى وولدى الصغير، تتعدد الاهتمامات إذ يسعى رب الأسرة فى مهمته للعمل بينما ولدى الصغير يحاول أن يتعلم حاليا كيف يحبو، فى حين ان زوجتى تخطط وبقوة للوصول الى منصب قيادى بالدولة لاسيما وأنها التحقت بالبرنامج الرئاسى لإعداد الشباب وتقدم اوراق اعتمادها لتولى حقيبة وزارية ألا وهى وزارة التعليم هذا الى جانب نشاطها الحزبى والسياسى الذى بدأ مبكرا داخل أروقة حزب الوفد، وهذا المثال خير دليل على تحديد اهتمامات الرجل والمرأة فى زماننا هذا.
كل هذا التحول والذى يسير بخطوات سريعة يؤكد تماما أن النساء سيحكمن العالم كله قريبا، ويؤكد أيضا أنه على الرجال أن يتخذوا خطوات جادة لوقف هذا الزحف النسائى نحو السلطة ، فإذا حكمن النساء لن يجد معشر الرجال إلا التصفيق والتطبيل ، وبذلك يكن أسمى أمانينا ان نحصل على رضا المرأة وهذا أمر صعب على الإطلاق إذ لن ترضى المرأة عن الرجل حتى وإن اتبع ملتها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة