لا شك أن الولايات المتحدة الأمريكية قوة عظمى كبيرة، لكن بالقطع لم تعد القطب الأوحد، بل يرى الكثيرون، حتى فى واشنطن، أنها لم تعد الدولة الأقوى فى العالم، وعندما وقف الرئيس أوباما ليقول أن الولايات المتحدة هى الأقوى وأنها دولة استثنائية، فإنه لم يكن يوجه كلامه للخارج، بل للداخل الأميركى الذى تتردد فيه الأقاويل حول تراجع قوة الولايات المتحدة ومكانتها الدولية، أما الخارج فإن غالبية دول العالم باتت على قناعة بأن الولايات المتحدة لم تعد الأقوى وأن مكانتها تراجعت سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، وربما أيضاً إنسانياً وأخلاقياً، بعد أن زادت حدة الاتهامات الموجهة إليها بأنها تدعم الإرهاب والتنظيمات الإرهابية المتطرفة، وبات السياسيون الأمريكيون أنفسهم ومرشحو الرئاسة الأمريكية يتبادلون التهم بدعم الإرهاب والتطرف، ودعم تنظيم "داعش" الذى يحاربه العالم كله.
لقد كشفت الأزمة السورية على مدى الأعوام الخمسة الماضية الكثير من عورات السياسة الأميركية، وكشفت بوضوح الازدواجية الأمريكية التى يعانى العالم كله منها فى التعامل مع واشنطن التى تدعم الإرهاب والتطرف وتدعى مكافحته، وتغزو الدول وتقتل الشعوب وتدمر وتنشر الخراب وتدعى أنها تنشر الديمقراطية والحرية، وباتت حربها على الإرهاب منذ أحداث 11 سبتمبر عام 2001 وغزوها العراق وأفغانستان نماذج واضحة على هذه الازدواجية، وجاءت الأزمة السورية لتسقط الأقنعة وكل أوراق التوت، خاصة بعد التدخل العسكرى الروسى لمحاربة الإرهاب فى سوريا، هذا التدخل الذى لم تستطع واشنطن أن تدينه وتراجعت عن مهاجمته وانتقاده، وذهبت مضطرة للاتفاق والتفاهم مع موسكو على تسيير الأمور فى سوريا ضد الإرهاب، وربما يأتى كدليل على ذلك اتفاق الهدنة الأخيرة الذى تم بين موسكو وواشنطن ووافقت عليه كافة الأطراف السياسية ورحبت به، والذى لم يمضى على إطلاقه يومين حتى خرقته الولايات المتحدة نفسها بغاراتها الجوية على دير الزور وقتلها أكثر من ستين عسكريا سوريا، ثم ذهبت كالعادة تعتذر عن الخطأ.
اتفاق الهدنة الهش أكد بوضوح على الازدواجية الأمريكية عندما رفضت واشنطن الاستجابة لطلبات الكثير بالكشف عن بنود الاتفاق التفصيلية، وتساءل الجميع "لماذا ترفض واشنطن الكشف عن البنود التفصيلية للاتفاق؟"، ثم اتضح بعد ذلك أن وزارة الخارجية الأمريكية تخشى اعتراضات البنتاغون واليمين المحافظ الأميركى على الاتفاق، وذلك بسبب موافقة الخارجية على تصنيف جهات تعتبرها البنتاغون واليمين المحافظ من المعارضة، بينما وافقت الخارجية الأمريكية "تحت ضغط الخارجية الروسية" على اعتبارها تنظيمات إرهابية.
وزير الخارجية الأميركى جون كيرى علق على الغارة الأمريكية على دير الزور قائلا أنها وقعت بطريق الخطأ، وقال أنه ليس من المعقول أن نقصف بشكل متعمد بعد أيام قليلة من توقيع الاتفاق مع موسكو، كلام كيرى لا يصدقه عاقل، حيث أن الغارات على دير الزور استمرت أكثر من ساعتين، كما أنه لم يحدث من قبل على مدى سنوات الحرب فى سوريا أن قصفت واشنطن مواقع للجيش السورى ولا حتى بنايات حكومية مدنية أو عسكرية، فلماذا الآن بالتحديد وقعت الغارة القوية التى قتلت وأصابت المئات من أفراد الجيش السورى؟، الإجابة فى الازدواجية الأمريكية، فالغارة تمت بأوامر من اليمين الأمريكى المحافظ من داخل البنتاغون، وبدون علم البيت الأبيض ولا الخارجية الأمريكية، والهدف منها إفشال اتفاق الهدنة "الأمريكى – الروسى".
الازدواجية ألأمريكية ليست فقط بين مؤسسات وجهات صناعة القرار فى واشنطن، بل أيضا داخل الجهات الحاكمة نفسها، بل وأكثر من ذلك داخل نفوس الأشخاص الذين يديرون الأمور، سواء فى البيت الأبيض أو الخارجية أو جهات أخرى، ونتذكر كيف بدأ الرئيس أوباما ولايته الأولى فى الحكم بالتقارب مع روسيا ونال عن ذلك جائزة نوبل، ثم ذهب فى ولايته الثانية ليهاجم روسيا ويعتبرها العدو الأكبر وأنها أخطر من "داعش"، وحتى جون كيرى صاحب الزيارات والحوارات الماراثونية الطويلة مع موسكو، والذى يتوسل فى كل زيارة أن يحظى بلقاء خاص مع الرئيس بوتين حتى تزداد شعبيته وأهميته فى أميركا والعالم، مثله مثل قادة الدول الذين يهاجمون روسيا بشدة ثم رأيناهم يهرولون يرجون لقاءات خاصة ثنائية مع الرئيس بوتين فى قمة العشرين فى الصين، وعلى رأسهم أوباما ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، وبديهى أن بوتين لم يطلب اللقاء معهما، لكنهما هما اللذان طلبا اللقاء معه لعلمهما ويقينهما بأنه الشخص الأقوى فى العالم الآن.
جون كيرى الذى أرهق وزير الخارجية الروسى لافروف لساعات طويلة من أجل الوصول لاتفاق الهدنة، وهو يشيد بدور روسيا فى محاربة الإرهاب فى سوريا، لم يستحى كيرى عند عودته إلى واشنطن من أن يهاجم روسيا والصين يوم الاثنين 19 سبتمبر، فى حديث صحفى مثير للدهشة والسخرية فى نفس الوقت، حيث اعتبر كيرى أن بلاده تغزو العالم بقيمها، خلافا لروسيا والصين، وقال كيرى "لا أعتقد أن روسيا والصين يستوليان على العقول والقلوب، بل أرى أنهما يستخدمان القوة من جهة، ويضخان مبالغ مالية طائلة من جهة أخرى بهدف تطبيع علاقاتهما فى منطقتى الشرق الأوسط وبحر الصين الجنوبى، فيما تستند الولايات المتحدة إلى قيمها فى التعامل مع البلدان الأخرى". وأضاف: "حينما يتاح للناس اختيار القيم، فإنهم سيختارونها بلا تردد"، معتبرا أن الفضاء السياسى لروسيا والصين يضيق باستمرار.
صدق أو لا تصدق، أمريكا التى تخوض على مدى 15 عاما حروب عدوانية بعيدة آلاف الكيلومترات عن حدودها، وتقتل وتشرد الملايين وتدمر المدن التاريخية، وتقتل غاراتها الأطفال والنساء، يقول كيرى أنها تغزو العالم بقيمها التى يفضلها الناس على قيم روسيا والصين. هل هناك ازدواجية وانفصام فى الشخصية أكبر من ذلك.
عدد الردود 0
بواسطة:
ماهر
فعلا هى دولة عظمى
سيدى الفاضل , فعلا امريكا دولة عظمى ولكن فى المؤامرات وتخريب الدول والكيل ليس بميكيالين بل بمائة مكيال , هى دولة كبرى ولكن فى الكذب , لقد تلقى السلاح لداعش ثم تقول بطريق الخطأ وتقصف الجيش العربى السورى وتقول أيضا خطأ رغم أن أقمارهم تصور كل شبر ,تدعم الأرهاب وتقول أنها تقاومه ,تنشر الفوضى والدمار وتقول فوضى خلاقة وللان لا أستطيع أن أفهم كيف تكون الفوضى خلاقة وقد رأينا نتائجها فى سوريا وليبيا واليمن وحمى الله مصر وشعبها ,هى دولة عظمى فى عدم الأخلاق وهى تتجسس حتى على أصدقائها .
عدد الردود 0
بواسطة:
سعد
ننعت امريكا باقبح اوصاف
امريكا ارهابيه **امريكا هى المسؤله عن دمار وفساد العالم ودول الوطن العربى **امريكا هى الشيطان الاعظم***درسنا هذا الكلام ومنذ نعومة اظفارنا ونحن نسمعه من نظام الى نظام **توارثنا هذا الكلام جيلا بعد جيل ورعيلا بعد رعيل***ولكن مانراه من ممارسات لرؤساء العرب مع الجانب الامريكى وجلوسهم معه واعلانهم ان امريكا حليف استراتيجى مهم وصديق لابد منه وبيننا وبينهم عقود واتصالات ومباحثات وتفاهمات واتفاقيات الخ الخ الخ الخ **جعلنا فى حيرة من امرنا هل هى عدو ام صديق***ولماذا نعول جميع ونعلق جميع مايدور بنا الى امريكا**واذا كانت عدوه وشيطانه فلماذا نجلس مع الشيطان ولماذا لانقول للشيطان انت شيطان فى عينه***(لست هنا مدافعا عن امريكا بل متعجبا من تصرفاتنا نحن) لماذا اذا اردنا حل مشكلة فلسطين نذهب لامريكا واذا اردنا تهدئه سوريا نلجا لامريكا حتى اذا اردنا ان نقول ان لدينا ديمقراطيه حقيقه يهمنا بالمقام الاول ان نقول ذلك لامريكا***الايعنى ذلك ان امريكا فعلا هى اسوء دول العالم وانها المتحكمه فيه***وان دورنا فقط مخاطبة ومناجاة امريكا فى كل صغيره وكبيره****متى يكون القرار قرارنا دون الرجوع لامريكا **متى تانى الينا امريكا وتجلس هى معنا
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال الدين حسن
الزوجه الثانيه
حال امريكا ومعظم العالم باستثناء الدول الكبرى بالضبط هو حال العمده فى فيلم الزوجه الثانيه مع اهل القريه***فاهل القريه من وراء العمده يسبونه ويلعنونه **اما اذا وقفوا امامه فالكل انتباه ****يرون العمده رجل ظالم ومفترى وضلالى وعندما تحدث لهم مصيبه ورغم ان المصيبه لم تخرج عن تدبير العمده ومع ذلك يهرولون بخطى سريعه لنفس ذات العمده يشكون له من مصيبتهم **