منذ حوالى ثلاثة أشهر، وقبل أن تتضح المعالم كتبت مقالا قلت فيه، إن «ترامب» أصبح أمرا واقعا فى السياسة العالمية، ولهذا يجب أن نقلب زوايا النظر إلى الوضع العالمى، خاصة بعد أن أصبح وضعا محليا، وأصبح ما يحدث فى كرداسة يؤثر فى أوروبا، ولذا رجوت أن تضع فى اعتبارك انتشار حركة التطرف المضاد التى وصلت إلى مداها فى أوروبا وأمريكا حتى إن «هيلارى كلينتون» خرجت عن لياقتها، واتهمت دولا بتمويل الإرهاب فى بلادها ومن بين هذه الدول حلفاء أقوياء مثل قطر والسعودية والكويت، وهنا يتأكد لنا أن الفروق التى يتوهمها البعض بين كلينتون وترامب ليست حقيقية تماما، وأنه حتى لو أن «هيلارى» كانت فعلا معتدلة فإنها لا تقدر على اتباع سياسة معتدلة مع العرب والمسلمين بعد كل هذه الحوادث الإرهابية.
ومن ينظر إلى الوضع الانتخابى الآن سيتأكد من أن ترامب يحقق فى كل يوم تقدما سياسيا على كلينتون، حتى إن لم يكن لهذا التقدم صدى واسع على الفارق بين استطلاعات الرأى، ولذا يجب علينا أن نسأل: هل نخاف من ترامب؟ أو بمعنى آخر: هل ترامب «شر كامل»؟ وفى الحقيقية فإننى أعتقد أن ترامب برغم ما يمثله من همجية وعشوائية وتطرف فإنه ربما يصبح إذا ما تولى حكم أمريكا أكثر اعتدالا، بل وربما تثبت الأيام أنه أفضل من هيلارى، والشواهد على هذا كثيرة، فاتفاقيات السلام الحقيقية بين العرب وإسرائيل لم يبرمها إلا أحزاب اليمين، وفى الغالب فإن وصول المتطرفين إلى الحكم يبرز الأصوات المعتدلة، كما أن وصول الأصوات المعتدلة يبرز المتطرفين، فى الحقيقة أيضا فإن مصالح «ترامب» تتلاقى كثيرا مع مصالح مصر الآن، فهو الشرس على الإرهاب، الشجاع حتى الحماقة فى فتح الملفات المسكوت عنها، والقادر على إسكات المتطرفين الأمريكيين، لأنه واحد منهم.
هذا ما قلته منذ ثلاثة أشهر قبل أن يعلنها ترامب صراحة بأنه على استعداد أن يتعاون مع السيسى من أجل مكافحة الإرهاب، وقلت وقتها أيضا إن «ترامب» رجل أعمال ورجال الأعمال غالبا ما يتقنون الحديث بالمصالح المباشرة وليس بالشعارات السياسية، وهذا فى اعتقادى ما سهل فى وصوله إلى الأمريكيين وجعله رقما كبيرا فى الانتخابات المقبلة، فكونه رجل أعمال فإنه يعرف ما لا يعرفه السياسيون من وسائل محاورة السوق وطرق عرض الذات وأساليب المناورة فى اللحظات الأخيرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة