محمد حبوشه

بلد غنى بثرواته.. فقير بمواطنيه

الخميس، 01 سبتمبر 2016 09:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
البلد غنى .. لكن المصرين فقراء، تلك حقيقة واضحة للعيان، فالثابت أن هناك ثروات باهظة وملايين ومليارات من الدولارات والجنيهات، لكنها تذهب لجيوب فئة من الناس دون غيرهم، ما يعنى أن الخلل يبدو واضحا فى طريقة توزيع تلك الثروات.
 
أول أسباب هذا الخلل بالطبع هو ارتفاع معدلات الفساد فى مصر خلال الفترة الأخيرة، والأخطر من ذلك هو سيطرة الفساد على الوزارات والهيئات الحكومية، من قضايا الفساد الإدارى والمالى التى يرتكبها كبار وصغار الموظفين وحتى فساد بعض الوزراء أنفسهم، مما يشير إلى خطورة تفشى الفساد كظاهرة تكشف غنى هذا البلد، فى ظل غياب منظومة العدالة الاجتماعية التى يمكن أن تخفف من معاناة الغالبية العظمى من المصريين الذين يزدادون فقرا على فقرهم.
 
تم الكشف مؤخرا عن تفاصيل كثيرة فى وقائع الفساد فى الحكومة فى عدد من الوزارات، وكان على رأسها وزارة التموين، وذلك بعدما طفح الكيل فى قضية التلاعب بالقمح، والتى كان للبرلمان دور مشهود فى كشفها ، من خلال لجنة تقصى الحقائق التى عاينت عددا من الشون على الطبيعة، وأحالت عددا من القضايا للنيابة العامة، وتفاعل معها الإعلام لتعرية من يعبثون برغيف العيش الذى يمثل العمود الفقرى فى منظومة غذاء البسطاء من الشعب، فضلا عن حصر آلاف الأفندة من الأراضي، بحسب تصريحات لجنة المهندس إبراهيم محلب، والتى تبذل هى الأخرى جهودا مضنية لاسترداد أموال الدولة المنهوبة طوال العقود الماضية، وهى مليارات كثيرة ذهبت للأسف الشديد فى جيوب حفنة من رجال الأعمال الذين استباحوا المال العام فى غيبة من الوعى وبعيدا عن القانون.
 
نحن نرى ثروات وهدر أموال لم تشهده مصر فى تاريخها، وهناك شعور جارف بالخوف يعترى كثير من المصريين فى تلك اللحظة الراهنة، فمنا من يهمسن فى صمت، ومنا من يصرخ فى ألم من أحوال المعيشة القاسية، والتى تبدو آثارها الوخيمة أكثر فى مختلف أقاليم مصر من الدلتا شمالا وإلى الجنوب فى الصعيد، ومع ذلك نحن لا نريد أن نقوم بثورة، ولا حتى نريد أن ننزل إلى الشارع، ولا نريد تدمير البلد، إنما نريد أن نُقَوّم طريقة إدارة البلد ونجعل مؤسسات الدولة تعكس مطامع ومصالح وأغراض وأحلام القطاعات الأكبر من سكّان هذا البلد وليس فئة صغيرة فقط تحتكر ثرواتنا فى تحد صارخ للقانون.
لقد قال الرئيس السيسى فى حوار السبع ساعات للصحف الثلاث القومية الكبرى : لا أعتبر نفسى رئيسا أو حاكما. أنا أنظر لنفسى كمواطن يحب بلده، وخاض من أجلها ثلاثة تحديات ضخمة: مرة فى عهد المجلس العسكرى حتى لاتسقط الدولة، بالعمل على محاولة استيعاب الحالة. ومرة فى عهد الإخوان بممارساتهم التى تكشف عن عدم تفهمهم لحجم التحدى والمسئولية الوطنية، ومرة ثالثة حين لبى نداء استدعاء المصريين.
 
وأشار فى نفس الحديث إلى أن حجم التحدى فوق التخيل، ومسئولية مجابهته لاتقع على عاتقى وحدى إنما هى مسئولية المصريين جميعا، بل إنه قال وبوضوح إن التحدى هائل, وإننا نعيش وقتا من أصعب الأوقات, وإن مستقبل الأمة على المحك.
 
وبدورنا كإعلام لابد أن نسأل الأسئلة الكبرى: ماذا يحاول الرئيس أن يبني؟ نحن أمام ماذا تحديداً، بعيداً عن الخوف؟، نحن أمام رئيس أخذ شرعية ثلاث مرات فى أقل من سنتين، شرعية التفويض، ثم شرعية الانتخابات الرئاسية، ثم شرعية قناة السويس، حين طلب من الناس النزول لإعطائه من جيوبهم من أجل أن يبنى القناة الجديدة، نحن أمام ثلاثة مشاهد أكدت شرعيته، ومن ثم لا نريد وعودا موضوعية عقلانية لمستقبل يرى الناس أنفسهم فيه فحسب، بل نريد ثورة حقيقية على الفساد الذى غطى على كل الإنجازات العظيمة التى تحققت خلال السنين الماضيتين.
 
"مصر قد الدنيا" شعار جميل، لكن ماذا يعنى هذا الشعار تحديداً؟ إنه يعنى أن تمتد مظلة رعايتك وحنوك أكثر إلى مخلتف بقاع المحرسة، فى صورة حقوق للفلاحين الذين ضاق بهم الزرع والدرع، والعمال الذين عصفت كوابيس أسعار السلع، وفواتير الحياة اليومية من الكهرباء والمياه والغاز؟ ومن قبل كل ذلك لابد من حلول عملية لمسألة القطاع التعليمى فى مصر، ووضع تصورات عملية للحد من مأساة القطاع الصحي، وعدم وجود نظام تأمين صحى لملايين من المصريين.
 
التركة ثقلية بلاشك، لكن البلد غنى بثرواته .. فقير بمواطنيه الذين يطمعون ويثقون فى حكمتك وصبرك.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة