نقلا عن العدد اليومى...
أكد الدكتور صلاح فوزى، أستاذ ورئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق بجامعة المنصورة، وعضو لجنة الخبراء العشرة لإعداد الدستور المصرى، أن هناك تخمة فى التشريع فى مصر، وأن مجلس النواب لم يحقق حتى الآن الحد الأدنى مما يطمح إليه المواطن الفقير من تشريعات، مؤكدا فى حوار خاص لـ«اليوم السابع» أن الدستور به مواد حالمة، وفى حاجة إلى تعديل، مؤكدا أنه مع زيادة فترة الرئاسة من 4 إلى 6 سنوات، وأن محكمة القضاء الإدارى قد أخطأت فى حكمها الصادر بحق اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، وغيرها من القضايا المهمة التى تطرق إليها الحوار.
هل لدينا تخمة فى التشريعات بالشكل الذى نجد معه تكرارا للقوانين أو تضاربا فيما بينها؟
- بالطبع، فالمشرع المصرى أفرط بشكل جعل لدينا تشريعات كثيرة، لكن هذا يمكن معالجته، عن طريق إزاحة التناقض وإزالة المتعارض، وإلغاء المتكرر، وإحكام الصياغة، وأن يتم إسناد الأمر إلى المتخصصين والمدققين فى إحكام الصياغة، وهذا الأمر يتطلب عدم السرعة والاستعجال فى التشريع، وألا يكون «رد فعل» كأن يأتى مشروع قانون خاص بإلغاء العقوبة الخاصة بازدراء الأديان ردا على حدث معين، ويكون «فعل» يتم التريث والتأنى فى دراسة فلسفته، سواء كان إلغاءً أو اقتراحاً جديداً.
وكيف ترى الآن عملية التشريع بعد وجود البرلمان؟
- الملاحظ على العملية التشريعية فى الفترة من 11 يناير 2016 وحتى الآن أن البرلمان قام بالانتهاء من لائحته الداخلية، وناقش القرارات بقوانين التى صدرت فى غيبته، وهذا أمر يحسب له، إلا أن هذا ليس المأمول ويقل عن سقف توقعات المواطن البسيط بكثير، ولاسيما أنه ينتظر قوانين تنحاز له، ولا يجد نفسه محملاً بأعباء جديدة، بفرض رسوم عليه من خلال تشريعات جديدة، كالرسوم القضائية على سبيل المثال.
هل معنى هذا أنك ترفض صدور تشريع يقر دفع رسوم 10 جنيهات على كل ورقة يستخرجها المواطن من المحكمة لصالح صندوق رعاية القضاة؟
- بالطبع هذا عبء على المتقاضين، ومن يقل غير ذلك فعليه زيارة محكمة زنانيرى، حيث الأرامل والمطلقات والثكالى، وسيجد أن الجنيه الواحد الزيادة على رسم استخراج أى أوراق يشكل عبئا عليهم، كما أن النص الدستورى يقضى بأن يكون الرسوم مقابل خدمات تؤدى، والرسم هنا يذهب لوزارة العدل، لصالح صندوق الرعاية الصحية والاجتماعية للقضاة.
هل هناك شبهة مخالفة دستورية فى هذا التشريع؟
- يقيناً ستكون هناك إشكالية دستورية إذا ما صدر هذا التشريع، لأن الأصل أن الرسم يكون مقابل خدمة، وهنا الرسم ليس مقابله خدمة للمتقاضى، إنما أيلولة هذه المبالغ تذهب إلى وعاء آخر، وهو أمر يحمل شبهة عدم الدستورية.
وماذا عن القوانين الأخرى المكملة للدستور مثل الإدارة المحلية والهيئة الوطنية للانتخابات؟
- البرلمان ملزم حتمياً بإصدارهما، فالإدارة المحلية بلا جناح شعبى منذ عام 2011، ولابد من صدور القانون، لأن المحليات هى الجناح الشعبى الذى يتولى أمور الرقابة على الجناح التنفيذى، لكن أعتقد أن البرلمان لن ينتهى من القانون خلال دور الانعقاد الحالى، ومتوقع أن يصدره فى دور الانعقاد الثانى، لأن قانون الإدارة المحلية يحتاج إلى نقاش كبير، وهناك معضلة فيما يتعلق برؤساء وحدات الإدارة المحلية.
كيف ترى السيناريو المرسوم لاتفاقية تيران وصنافير بعد الحكم ببطلانها وفى ظل الطعن عليه أمام «الإدارية العليا»؟
- أتحدث هنا فى الإجراءات وليس فى الموضوع، فالإجراءات هى أن الحكومة وقعت على الاتفاقية، ومن المفترض أن تحال إلى البرلمان، وإذا ما وافق عليها البرلمان يصدق رئيس الجمهورية عليها وتنشر ويصبح لها قوة القانون، وإذا كانت الاتفاقية تتعلق بالصلح أو تحالف أو حقوق سيادة لابد أن يجرى عليها استفتاء، ولا يجوز التصديق عليها إلا بعد نتيجة الاستفتاء بالموافقة، والأمر هنا يؤول إلى البرلمان، وهو صاحب الموافقة عليها، وهو صاحب قرار دعوة الشعب للاستفتاء عليها.
أما فيما يتعلق بالدعوى المنظورة، فإننى أرى أن حكم القضاء الإدارى مخالف لقواعد الاختصاص النوعى لمجلس الدولة، بمعنى أن التوقيع على الاتفاقيات الدولية عمل من أعمال السيادة ووفقاً لقانون مجلس الدولة والسلطة القضائية، ولا يجوز النظر فى أعمال السيادة، وقد استشهدت محكمة القضاء الإدارى بحكم أصدرته المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 10 لسنة 14 ق دستورية، والقياس على هذه الدعوى غير صحيح.
وماذا عن حكم محكمة النقض الخاص ببطلان عضوية أحمد مرتضى منصور؟
- المادة 107 من الدستور واضحة، وتنص على أن تبطل العضوية بمجرد إخطار المجلس.
لكن الحكم لم ينفذ حتى الآن وهناك خلاف قانونى حول حق المحكمة فى تصعيد الشوبكى؟
- النص الدستورى يقول: تختص محكمة النقض بالفصل فى صحة عضوية أعضاء مجلس النواب، ولم يقل النص هنا «فقط» وما يقال من أن المحكمة ليس لها الحق أنها تنجح «حد» أو تصحح نتيجة، هذا كلام غير دقيق، كما أن القانون رقم 24 لسنة 2012 فى المادة 12 منه قال: «إن المحكمة تقضى بصحة العضوية أو ترفض الدعوى» ومع ذلك إذا تبين للمحكمة وجود أخطاء مادية فإنها تقوم بتصويب الخطأ المادى، وفى هذه الحالة تعلن نجاح من كان يلزم إعلان نجاحه.
هل يقع البرلمان فى مخالفة دستورية لعدم تنفيذه الحكم؟
- المجلس يقيناً يقع فى مخالفة دستورية، فحكم محكمة النقض نافذ وبات، ومجلس النواب عليه أن يضرب المثل فى الالتزام بسيادة القانون، ويقدم القدوة قبل الدعوة، وآمل أنه ينتصر لحكم القضاء.
كيف ترى بعض الدعوات التى تنادى بتعديل الدستور؟
- أى عمل إنسانى ممكن يكون عرضة للتعديل، ومن ذلك الدساتير، ودلالة ذلك أننا وضعنا آلية لتعديل الدستور، فمبدأ التعديل قائم وجائز وطريقته وآليته مذكورة فى الدستور.
وهل يحتاج الدستور إلى تعديل بالفعل؟
- لا يوجد ما يمنع من تعديله، خاصة أن الدستور الحالى به نصوص حالمة تحلق فى الفضاء، منها أن يخصص 10% من الدخل القومى للتعليم والصحة والبحث العلمى، ولم يطبق هذا الأمر لصعوبته، فإذا خصصنا 350 مليار جنيه وهذا نصف الموازنة، ماذا سيتبقى للبنود الأخرى؟ هذه من النصوص الحالمة.
ماذا عن مدة الرئاسة التى يطالب البعض بتعديلها أيضاً؟
- القيد الموجود فى مدة الرئاسة هو فى إعادة انتخابه، وليس داخل الولاية نفسها، بمعنى النص يقول «ينتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة» إذًا القيد على إعادة الانتخاب، لكن ممكن يتم التغيير داخل الولاية وهى الأربع سنوات، ووجهة نظرى أن الأربع سنوات غير كافية ويمكن زيادتها إلى 6 سنوات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة