عاد رجال نظام مبارك للأضواء، والعمل العام، وإبداء رأيهم فى السياسة مجددًا، كان آخرهم كاتب معروف بأنه قومى، أى ينتمى لجريدة مملوكة للدولة، «محمد على إبراهيم» رئيس تحرير جريدة الجمهورية الأسبق، الذى أُقيل من منصبه عقب قيام ثورة 25 يناير، واُتهم آنذاك بالتربح والكسب غير المشروع من منصبه، ليتوقف حينها عن الكتابة.
ولفتت الظاهرة انتباه الكثيرين، بعد أن لعب إبراهيم دور الواعظ والمعارض الشرس حد التطرف، لدرجة دفعته للتصريح وقت افتتاح الرئيس مجمع البتروكيماويات، للتعليق، قائلًا «الحقيقة الوحيدة التى أصبحت أخرج بها من أحاديثه الأخيرة هو «أننا شعب من الشياطين، وهبنا الله حكومة ملائكة ولكننا «نرفس» النعمة و«نتبطر» عليها»، مشبهًا الحكومة بحكومات الجباية فى عصر المماليك الذين فرضوا على المواطنين ضرائب لا قبل لهم بها بعد هزيمة التتار فى عين جالوت.
ويتساءلون لماذا لم يقل مثل هذا الكلام فى عصر الرئيس الأسبق مبارك، ألم يكن للريس السابق فى تقديره الشخصى، أخطاء سياسية تسببت فى سوء الأوضاع الاقتصادية، برزت بصورة جالية فى شعارات 25 يناير التى نادت أول ما نادت بكلمة «العيش» و«العدالة الاجتماعية» ألم يكن الكاتب وقتها يرى؟! وإذا كان يرى فلماذا صمت حينها؟!
ولم يكن محمد على إبراهيم هو الوحيد، فبجانبه ظهر محمد نصر الدين علام، وزير الموارد المائية بعهد الرئيس الأسبق مبارك، الذى صار معارضًا واعظًا بعد خروجه من منصبه، ففى إحدى تدوينته على حسابه الشخصى «فيس بوك» قال: «دائمًا ما أتساءل ماذا حدث فى مصر وحولها لنصبح على هذا الحال من محاصرة الوطن بالأعداء، وتحول كثير من الوجوه التى كنّا نحسبها وطنية إلى معاول هدامة، وتدهور اقتصادى ملحوظ، وأداء سياسى داخلى وخارجى غير فعال، وسوء اختيار القيادات.. وبلا شك أن ثورة يناير كانت حتمية والتغيير كان ضروريًا، ولكن تم تغيير فى الوجوه والقيادات ولكن أسباب التغيير من فساد وعفونة وتدهور أحوال الطبقة الوسطى مازالت بل وتفشت، والظلم استمر ومع هذا زاد الاقتصاد تدهورًا والتعليم تأزمًا والقطاع الصحى تخلُّفًا والبرلمان فشلًا واختيار القيادات سوءًا».
وتساءل البعض إذا كان الوزير الأسبق يرى أن الثورة كانت حتمية والتغيير ضروريًا بسبب الفساد وتدهور الأوضاع لماذا وافق آنذاك قبل قيام الثورة بأن يكون جزءًا من هذا الفساد المتعفن حسب وجهة نظره.
ويأتى فى ذيل تلك القائمة «آسفين ياريس» الذين يرون فى شخص «مبارك» كائنًا أسطوريًا سرمديًا يستطيع أن يحكم مصر ألف عام دون أن يتقدم به العمر كباقى خلق الله، ويصاب بالأمراض الحياتية التى تصيب كل الناس، والمدهش فى عقلية المواطن المعروف بـ«إحنا آسفين يا ريس» أنه معترض طوال الوقت على كل ما هو ليس مباركيًا، ومشغول طوال الوقت بعقد مقارنات بين مواقف مبارك وأى رئيس آخر، متناسيًا ربما عن- جهل- طبيعة كل ظرف زمنى، وإن الرئيس السابق كان يتخذ موقفه فى إطار المناخ الزمنى الذى كان يحكم فيه، الذى هو بطبيعة الحال هادئًا كليًا عما يجرى على الساحة السياسية الآن. من جانبه، علق اللواء حمدى بخيت عضو لجنة الدفاع والأمن القومى على تلك الحالات، قائلًا: رجال مبارك الذين يلبسون الآن ثوب الواعظين، هم مجموعة من الفشلة المرتزقة الذين يلعبون على مشاعر البسطاء.
وأوضح «بخيت» لـ«اليوم السابع» أن الرئيس السابق مبارك لم يكن يواجه المشكلات، ويرتكن إلى أسلوب التسكين وليس المواجهة والحل، مشيرًا إلى أن سوء الأوضاع الاقتصادية التى تشهدها مصر ناتجة من إدارة مبارك. فيما قال الكاتب الصحفى مصطفى بكرى، عضو مجلس النواب، إنه فى زمن مبارك لم نكن نسمع أصوات هؤلاء ينتقدون إلا فيما ندر، مشيرًا إلى أنهم كانوا يهاجمون من يحاول تبنى مواقف واضحة لترشيد الأوضاع التى استهدفت محاولة تجنب ما حدث فى 25 يناير. وأوضح «بكرى»، لـ«اليوم السابع»، أن بعض هؤلاء من الذين يحاولون لعب دور البطولة، لم يكن يجرؤ أحد منهم على الخروج من بيته وقت 25 يناير وحتى وقت حكم جماعة الإخوان لمصر، مشيرًا إلى أنه ليس لديه أى اعتراض فى أن يعبر أحد عن رأيه، لافتًا إلى اعتراضه أن يتحول هؤلاء إلى أداة لهدم الدولة المصرية، بقصد التحول إلى أبطال فى زمن بلا بطولة.
العدد اليومى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة