الشباب هم نصف الحاضر وكل المستقبل، لذا نرى الرئيس السيسى يهتم بالشباب، ويتحدث عنهم ويصطحبهم فى جولاته، حتى أنه أعلن أن هذا العام هو عام الشباب، لكن هل الاهتمام بالشباب والإعداد الجيد له واستفادة الوطن منه يقتصر على تلك الممارسات، وذلك الاهتمام، فالإعداد الجيد والاهتمام الأمثل يتمثل فى الرؤية الوطنية والإرادة السياسية والمنهج العلمى والبرامج العملية التى توضع وتمارس مع الشباب لإعدادهم، بل الأهم لغرس قيم الانتماء لهذا الوطن عن طريق التعليم والإعلام وأداء وزارات الشباب والتعليم والثقافة، إضافة إلى العمل الأهلى الاجتماعى والرياضى.
وهنا نركز على الانتماء، حيث إن الانتماء هو البنيان الراسخ والطريق الأمثل لإعداد الشباب واستفادة الوطن من طاقاتهم الخلاقة، فالانتماء يبدأ ويربى منذ الولادة، فالانتماء للأسرة والحى والمدرسة والأصدقاء ثم نرى وهذا هو بيت القصيد الانتماء بالكنيسة والمسجد ليس فى إطار دورهم الدينى والروحى فقط، وهذا هو الواجب والمأمول، ولكن ولغياب دور الدولة فى كل المجالات ولأسباب كثيرة وجدنا أن الكنيسة والمسجد هما البديل الموازى للدولة وللوطن وللانتماء بصورة أو بأخرى. فنجد وتحت ستار الدور الدينى تقوم الكنيسة والمسجد «باستغلاله من التيارات الإسلامية» بكل الأدوار النشاطية الشبابية. فمن الطبيعى أن يرتبط الشاب فى مراحله السنية بتلك الأنشطة وبعلاقاته الإنسانية مع رفقائه فى هذه الأنشطة، وبالطبع يكون الارتباط الأكبر والانتماء الأكثر لذلك المكان المقدس ورجاله المقدسين، فيتم الخلط بين المكان بقدسيته وبين الأنشطة فيتم استغلال هذا الانتماء وباسم الدين للمكان وللأشخاص وللتنظيمات وكله باسم السمع والطاعة وعلى ابن الطاعة تحل البركة. فالكنيسة وحتى العقد الثالث من القرن العشرين لم تكن تقوم بغير النشاط الدينى حتى تم إنشاء مدارس الأحد التى كانت تقوم بتعليم الدين للأطفال منذ الصغر وفقط، لكن ولنتيجة لتغيرات سياسية دراماتيكية بين شنودة – السادات تحولت مدارس الأحد والكنيسة إلى منبع نشاط متكامل وموازى للدولة بل أكثر إمكانية وعمقًا وانتماءً من الدولة. فأصبح الفرد ومنذ الطفولة مرتبطًا بالكنيسة على كل المستويات.
وفى ذات التاريخ، وبنفس التوازى نشأت جماعة الإخوان المسلمين معتمدة على الشباب وإعدادهم دينيًا وفى كل الاتجاهات فكان الانتماء الأقوى والمستمر للجماعة أكثر من الدين، وباسم الدين ولذا نجد أن الكنيسة والإسلام السياسى خاصةً الإخوان قد اعتمدوا على المعسكرات الصيفية للشباب بهدف إعداد الشباب بقصد مزيد من الانتماء الطائفى والدينى على حساب الانتماء الوطنى، فهل هناك قسمة وفرقة وتشرذم أكثر من ذلك؟ وهنا لا تقل لى أن هدف الكنيسة فى هذا غير هدف الإخوان. أقول إن الهدف الذى أقصده لا يعنينى الاستراتيجيات النهائية لكل منهما، لكن الأهم أن المسار والهدف والنتيجة واحدة وهى الفرقة وخلق مجتمعات وانتماءات موازية للدولة.
وعلى غرار المعسكرات الشاطئية التى كان يعقدها الإخوان وجدنا وزير الشباب يلبى دعوة البابا لحضور معسكر للشباب المسيحى يضم ألف شاب، فما هى النتائج المترتبة على هذه الممارسات الفاشلة والتى لا تدرك قيمة الانتماء للوطن؟ أليس حضور الوزير يسرب إحساسًا لدى الشباب القبطى أن مجتمع الكنيسة هو الموازى الفعلى بل الرسمى بخاتم الوزير للدولة؟ وهل نشاط الوزير مع الشباب هو تكريس الفرز الطائفى وإعطاء المؤسسات الدينية دورًا غير دورها الروحى وبديلًا عن الدولة؟ وهل هذا يصب فى خلق توحد وطنى يقضى على الفرقة ويمنع المشاكل ويزيل المناخ الطائفى أم أن هذا تأكيد وتسليم بالفرز الطائفى وقسمة الوطن؟ وأى الحديث عن تفعيل مواد الدستور عن الدولة المدنية؟ ولماذا تتحدثون زورًا عن الدولة الدينية وترفضونها، وأنتم تؤسسون وتكرسون الدولة الدينية قولًا وفعلًا؟ هذه ممارسات لا تفيد الوطن ولا تخلق «توحد» فلتعمل الدولة سريعًا بضم واحتواء شبابها عن طريق وزاراتها ومؤسساتها لاحتضانهم وتربيتهم حتى يكون الانتماء لمصر وطن كل المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة