فى ركن من العالم المتناقض، الضاحك تارة والباكى تارة أخرى، حيث تحيا طوائف من خلق الله حيث كل ينظر للحياة بمعياره ويقيس الأخلاق بمقياسه.
يوجد مجوعة من البشر وهبوا الصفاقة ففقدوا نعمة الشعور بالحياء، وجردوا من الشعور بالحق، فاستمرأوا متعة الدفاع عن الباطل، إرضاء لشهواتهم المخبوءة فى أنفسهم السقيمة وانحيازا لأفكارهم المسمومة.
قرروا ممارسة أقذر المناورات الفكرية والتراشق بالأدلة المنطقية لاستمالة العقول والقلوب كل لفريقه.
ففريق منهم كانت نظرته للمرأة هى النظرة الدونية واصفا إياها بضعف التفكير والتدبير واحتقار عملها وإنجازاتها، مع رفض فكرة التعليم العالى لها والاكتفاء بالقدر الأدنى منه، كما فرض عليها أن تتشح بالسواد الفكرى والبدنى، ولذا فرض عليها الختان والزواج المبكر متى بلغت مبلغ النساء.. وزعموا إن أفكارهم مستمدة من تعاليم الدين الإسلامى، والعالم ببواطنهم يعلم إنه إدعاءا بالكذب والبهتان لطلاء العقول بالتخلف والرجعية، والدين منهم براء، فهو دين كرم المرأة وشد من أزرها وضمن لها كل حقوقها.
وفريق على الجانب الآخر قام بعملية الربط بين الحرية والانحلال الأخلاقى، وقام ب تقديم الحرية على أنها امرأة عارية وجسد ممشوق مثير !
مع النداء بحرية وهمية محصورة المقصد فى انتهاك حرمة جسدها ودعاوى السفور الأخلاقى وارتداء كل ما هو خليع ومثير، وتاجروا بجمالها وميوعتها لمكسب عن إعلان تجارى أو فيلم سينمائى.
لقد عانت المرأة معاناة مريرة على مدار العصور، بل أكاد أجزم أنها كانت ضحية كل نظام وحسرة كل زمان، صفحات من الحرمان ومنابع الأحزان، ظلمت ظلما وهضمت هضما لم تشهد البشرية مثله أبدا.
فعند الإغريقيين قالوا عنها إنها شجرة مسمومة، وتباع كأى سلعة متاع.
أما عند الرومان قالوا عنها ليس لها روح، وكان من صور عذابها أن يصب عليها الزيت الحار، وتسحب بالخيول حتى الموت.
وفى الصين كان للرجل الحق أن يدفن زوجته حية.
وعند الهنود ليس للمرأة الحق أن تعيش بعد ممات زوجها، بل يجب أن تحرق معه.
وعند الفرس أباحوا الزواج من المحرمات دون استثناء، ويجوز للفارسى أن يحكم على زوجته بالموت.
وعند اليهود وصفوها باللعنة لأنها سبب الغواية، ويجوز لأبيها بيعها فى سوق النخاسة.
وعند العرب قبل الإسلام يحق للأب دفنها حية أو قذفها فى بئر بصورة تذيب القلوب الميتة.
حتى جاءت رحمة الله المهداة إلى البشرية جمعاء، بصفات غيرت وجه التاريخ القبيح، لتخلق حياة لم تعهدها البشرية فى حضاراتها، وتمنح المرأة حقوق مسلوبة وتحفظ لها كرامة مهدرة تصونها بخدر العفة والشرف.
إن من صفحات العار على البشرية، أن تظلم المرأة بنظرة الرجل لها من آى الفريقين وأن تحصر حرية المرأة وتنويرها وعفتها فى ملبسها وتكوينها الجسمانى وأن تكون هذه هى الحرية المنشودة.
إن التواجد النسائى الزخم والمبهر فى التواجد فى ميادين الغضب الثائرة فى ثورتى 25 يناير و30 من يونيو وأمام مراكز التصويت أثبت بالدليل القاطع والبرهان الساطع أن مشكلة مصر ليست فى نسائها، وإنما فى رجالها.
إن تنوير المرأة الحق وتأجج الصحوة النسائية وإخراجها من كهوف الظلام لساحات النور يبدأ من عقلها الواعى ومداركها ومن ثم تتوسع دائرة تأثيرها سواء فى داخل أسرتها أو فى المجتمع النسائى.
فبالرغم من أن الدستور يشمل النصوص التى تحفظ للمرأة حقوقها، إلا انه مازال وضع المرأة مماثلا لوضعه التاريخى المتخاذل خلال العصور السابقة، بسبب الموروث الثقافى المهين عن المرأة وبسبب التمييز المجتمعى الذكورى.
إن المطالبة الحقة لاسترداد حقوقها تكون بالمطالبة بتحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور. وتوليها المناصب السياسية والإدارية تزاحم بها الرجل الشرقى.
والعمل على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسباً فى المجالس النيابية، على النحو الذى يحدده القانون.
وحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتوفير عمل للمرأة يحقق لها الاستقلال الاقتصادى والمادى فلا يكون احتياجها للرجل من أجل الإنفاق بل احتياج طبيعى لتكوين أسرة على المودة والحب والرحمة.
وتقديم حلول للمرأة المهدرة كرامتها على أعتاب المحاكم فى قضايا الخلع والطلاق التعسفى والنفقة التى لا تقيم أود طفل والإسراع بالأحكام القضائية.
وتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجا.
هذه هى الحرية الحقة والمطالب المشروعة، لتعديل النظرة إلى المرأة بعيدا عن زاوية مجرد أنها أنثى النوع جميلة التكوين حسنة المنظر والهندام.
اننا اليوم فى القرن الواحد والعشرين وفى صميم الحياة المتحضرة وقد نلنا حظنا من الثقافة والتحضر.
ومع ذلك مازال البعض ينظر للمرأة من خلف مقصورات الحريم.
فالحرية ليست حجابا ينزع أو يرتدى.. وفستان يقصر أو يطول.. وملبس يظهر أو يخفى مفاتن وأنوثة.
الحرية رقى فكر واحترام عقل وبناء مستقبل، وتثقيف وتنوير وحقوق محفوظة ومناصب تتزعمها وعقيدة تتمسك وتعتز بها !
مها حامد تكتب: حرية المرأة بين نقاب أسود وفستان شفاف
السبت، 02 يوليو 2016 11:00 م
امرأة - أرشيفية
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة