كنت سأصفق كثيرا للسادة النواب إذا هبوا لرفع الظلم عن أى مواطن مصرى
حادث الاعتداء على النائبة «زينب سالم» فى قسم شرطة مدينة نصر، يجب أن يوضع فى إطاره الصحيح، ولا ينجرف إلى إعلان الحرب بين البرلمان ووزارة الداخلية، أن يكون الحكم والفيصل هو القانون، وأن يُعلى البرلمان مبدأ الدفاع عن كرامة أى مواطن مصرى بسيط، على قدم المساواة مع أصحاب الحصانات والنفوذ.. الشرطة ليست عدوا للشعب ولا خصما لأى طرف، ولم تقبل فى حكم المعزول أن تكون عصا غليظة فى يد الإخوان، واستردت كثيرا من الثقة وأزالت بعض البقع السوداء من ثوبها، ولدى اقتناع أنها تبذل جهدها لاستكمال إزالة رواسب الماضى، لكن من فترة لأخرى تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، ويقع حادث فردى يعكر الأجواء ويثير القلق.
لست نائبا فى البرلمان ولا أستطيع أن أبعث استغاثة على « واتس أب»، فيهرع زملائى النواب لنجدتى فى قسم شرطة مدينة نصر، وينتفض رئيس المجلس الدكتور على عبدالعال، لمتابعة الموقف أثناء زيارته لموسكو، ويتصل بوزير الداخلية الذى يبادر بوقف الضابط المتهم بالاعتداء ثم يعيده إلى العمل، ويهدد زملاؤها باستجواب الوزير رغم ازدحام الجدول بالقوانين العاجلة والمؤجلة، ومناقشة الحادث فى الجلسة العامة، أى مواطن عادى يدين بشدة المساس بكرامة أى إنسان بسيط، ولا نلوم أعضاء البرلمان فى دفاعهم عن كرامة زميلتهم.
لكن.. لماذا لم ينتفضوا ويعلنوا حالة الاستنفار القصوى، إزاء حوادث مشابهة يتعرض لها مواطنونا فى أقسام الشرطة؟.. أليست كرامة الإنسان العادى مثل كرامة سيادة النائب؟ وكان من واجب البرلمان أن يستعجل التشريعات التى طلبها الرئيس منذ أكثر من ستة أشهر، لوقف بعض التجاوزات التى تقع فى حق المواطنين، ليجدوا ظهرا يستندون عليه اسمه «القانون» وليس «القبيلة»؟.. وإذا وقع الاعتداء على مواطنة عادية، هل كان البرلمان سيقيم الدنيا ولا يقعدها؟ وهل كان الدكتور على عبدالعال سيتابع الحادث، بعد منتصف الليل؟.
المحامون لهم «ظهر»، وعند حدوث اعتداء على أى محام فى قسم شرطة، تهرع السيارات والميكروباصات من كل فج عميق، تحمل زملاء المهنة سواء يعرفون زميلهم أو لا يعرفونه، لكنهم يحتشدون بمنطق «اسندنى النهارده تلاقينى بكرة»، فأصبح كل مأمور وضابط وأمين شرطة، يفكر ألف مرة قبل الاحتكاك بمحام، ولكن لم تسفر المناوشات الأخيرة عن بلورة نظام قانونى يحكم العلاقة بين الطرفين، فيعرف كل طرف حقوقه وواجباته ويلنزم بها، لتنتهى مرحلة فاعلى الخير الذين يتدخلون للوساطة، ويحل محلها إنفاذ القانون.
الفنانون أيضا لهم «ظهر» ويهب نقيبهم أشرف زكى، إلى أى قسم شرطة حتى بعد منتصف الليل، وتوكل النقابة أمهر المحامين لمتابعة الموقف أولا بأول، وتفتح الفضائيات الهواء ويتنعش التوك شو، وهذا فى حد ذاته ليس عيبا، ولكن نحن نطلب العدل والمساواة للمواطنين العاديين، وغيرهم من نجوم المجتمع، فالأولى بالرعاية هو الشخص المغلوب على أمره، ولا سند له فى الحياة.
لا أريد أن أزين المقال بعبارات عن تضحيات الشرطة، ودورها البطولى فى مكافحة الإرهاب، وشهدائها الذين يتساقطون فى معركة إنقاذ البلاد، فالتجاوزات الصغيرة رغم صخبها وضجيجها، لا تنال الأعمال الكبيرة، الصحفيون يتجاوزون والأطباء يخطئون والتجار يغشون، وكما الكون فيه ملائكة وشياطينا، لا توجد مهنة خالية من العيوب.
المساواة فى العدل «وليس الظلم» عدلا، وكنت سأصفق كثيرا للسادة أعضاء مجلس النواب، إذا هبوا عن بكرة أبيهم، لرفع الظلم عن أى مواطن مصرى، وأن تأخذهم العزة بالنفس من أجل جموع الناس، على قدم المساواة مع النائبة المحترمة التى أستنكر وأدين بشدة الاعتداء عليها، لكونها امرأة مصرية وليس مجرد نائبة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة