اختتم الرئيس الفرنسى فرنسوا هولاند زيارته إلى مصر التى استمرت على مدار يومين بحضور حفل فنى مرموق على شرف زيارته فى قصر "عابدين" الذى لاقى إعجاب ملايين المصريين الذين تابعوا فقرات الحفل عبر شاشات التلفزيون، وكان الإعجاب لجمال وفخامة ورقى وعراقة القصر الذى يحتفظ بمكانه خاصة فى قلوب المصريين وبالطبع أوجد حالة من الزهو والفخر لدى كل منا خاصة أمام الرئيس الفرنسى ومرافقيه القادمين من بلد الجمال والثقافة والفن وقصر الإليزيه.. ويعكس قصر "عابدين" حالة مرحلة مهمة من تاريخ مصر تميزت بالبناء والتشييد والرقى والفن والعمارة التى فاقت الدول الأوروبية نفسها وكانت لمصر الريادة فى مجالات كثيرة نتباكى عليها الآن كلما نظرنا حولنا الآن ورأينا مساحات القبح تزداد من حولنا فى المبانى والعشوائيات والقمامة التى أصبحت معلمًا أساسيًا فى أبجديات الحياة المصرية وأيضًا السلوك البشرى المصرى الذى وللأسف أسهم فى زيادة القبح الإنسانى.. وإذا عودنا للجمال ولقصة هذا القصر الذى يضاهى بل ويتفوق على الكثير من القصور التاريخيه فى العديد من الدول مثل "قصر الإليزيه" و"الكرملين" و"قصر باكنجهام" وغيرها فسنجد تاريخ تشييد القصر يعود إلى الخديو إسماعيل الذى أمر ببناء القصر فور توليه الحكم فى مصر عام 1863 وتعود تسميته بهذ الاسم إلى أحد القادة العسكريين فى عهد "محمد على" يدعى "عابدين بك" حيث كان يمتلك قصرًا صغيرًا فى مكان القصر الحالى حيث اشتراه الخديو "إسماعيل" من أرملته وقام بهدمه وضم إليه أراضى واسعة ثم قام بعد ذلك بتشييده ويعد هذا القصر من أهم وأشهر القصور التى شيدت فى عهد أسره "محمد على" كما يعتبر تحفة تاريخية نادرة من حيث الفخامة والفن الذى يحتوى على كل مكوناته ومحتوياته وشهد القصر أحداثًا كثيرة موثقة فى تاريخ مصر الحديث والمعاصر كما أنه يعتبر بداية تشييد وظهور القاهرة الحديثة حيث كان تخطيط وبناء القاهرة على النمط الأوروبى من ميادين وشوارع وكبارى وجسور ومبان كبيرة واسعة وتحتوى على العديد من الفن وجمال ورقى التصميم.. ويضم القصر متحفًا تاريخيًا لكل مقتنيات أبناء وأحفاد الخديو "إسماعيل" الذين حكموا مصر من بعده، بالإضافة إلى متحف آخر مخصص لمقتنيات أسرة محمد على من أدوات وأسلحة وأوان من الذهب والفضة والكريستال والتحف والمقتنيات الفنية.. كما يحتوى القصر على قاعات وصالونات تتميز بلون جدرانه إضافة إلى مكتبة القصر الذى تحتوى ما يقرب من 55 ألف كتاب بالإضافة إلى مسرح يضم المئات من الكراسى الذهبية وهو المسرح الذى قدم العرض الفنى الأوبرالى للرئيس الفرنسى ومرافقيه.. ولقد كان قصر "عابدين" مقرًا لحكم البلاد من الفترة 1872 حتى قيام ثورة 23 يوليو 1952.. وضم القصر منذ إنشائه 500 غرفة وقاعة بخلاف الممرات والمداخل.. واكتسب قصر عابدين "أهمية كبيرة فى قلوب المصريين من كونه كان مقرًا للحكم وكان وللمرة الأولى يترك فيه الحاكم برجه بالقلعة لقلب العاصمة وبدأ التعامل المباشر مع الشعب بعد سقوط حكم الأتراك والمماليك ما يعتبر نقطة تحول خطيرة فى حياة المصريين.. وشهد قصر "عابدين" أحداثًا مهمة ومؤثرة فى تاريخ مصر مثل مظاهرة 9 سبتمبر علم 1881 بقيادة الزعيم أحمد عرابى الذى قدم فيها مطالب الأمة والجيش ونزل الخديو "توفيق" على سلالم القصر وطلب كبير اليوران أن يترجل عرابى عن حصانه فرفض وقال كلمته "الماثورة" لقد خلقنا الله أحرارًا ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا"..
وحادث 4 فبراير 1942 حين أصر السفير البريطانى على تولى مصطفى النحاس رئاسة مصر ووجه إنذارًا للملك "فاروق" بتدخل بريطانيا فى شئون مصر إذا لم يعينه قبل الـ6 مساءً أو التنازل عن العرش فما كان من فاروق إلا أنه أمر بتعيين النحاس رئيسًا للوزراء.. ثم الأزمة التى نشبت بين محمد نجيب وعبد الناصر والمعروفة بأزمة مارس 1954 حيث قدم نجيب استقالته فى 25 فبراير ولما تراجع عنها عاد للقصر ووقف بالشرفة والتف حوله المتظاهرون.. وبالطبع وصلت يد الإهمال إلى القصر الذى عانى لسنوات كثيرة إلا أنه أواخر عهد الرئيس السادات أعيد ترميمه واعتباره.. هذا هو جزء من تاريخ وعظمه "قصر عابدين" الذى تحول من الملكية إلى الجمهورية وتعاقب عليه 6 ملوك واتخذه الرئيس السادات مقرًا للحكم وجدده الرئيس "مبارك" ليشهد بعظمة وتاريخ مصر القديم والحديث وأصبح كنزًا نفتخر به وسط العالم كما كنا ونحن نتابع مراسم الاحتفال الفنى على شرف زيارة الرئيس الفرنسى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة