• باحث أثرى يفند افتراءات الأساطير الشعبية على الشيخ "أبى الحجاج" وعلاقته "بالسيدة تريزة"
يستحيل أن تتجول فى شوارع الأقصر دون أن يشير أحدهم إلى مئذنته ويقول لك "دا مسجد سيدى أبو الحجاج الأقصرى.. لازم تزوره". تلبى الدعوة عاجزًا عن مقاومة إغراء مشاهدة هذا الامتزاج الفريد بين الحضارة الفرعونية والإسلامية.
صورة نادرة لمسجد أبى الحجاج فى أحضان معبد الأقصر
تتجول داخل المقام الذى يشبه غالبية أضرحة أولياء الله الصالحين فى جميع أنحاء مصر، وكأنها نسخة طبق الأصل يتم استنساخها فى كل مقام، إلا أن ما تراه على يمينك فى هذا المقام من الصعب أن تراه فى أى مقام آخر، ففى حجرة صغيرة ترى ضريحا ثانيا مزينا بالأقمشة الزاهية، وإلى جوارها لافتة "حجرة السيدة تريزة رضى الله عنها".
صورة نادرة للمقام من منطقة الآثار الإسلامية القبطية بالأقصر (يمين)
تعجز عن إخفاء اندهاشك وقبل أن تسأل تجد مرافقك يجيبك مستمتعًا بالدهشة فى عينيك "السيدة تريزة كانت راهبة عاشت فى عصر سيدى أبو الحجاج، كانت راهبة فى الكنيسة اللى تحت الجامع وحبته فأسلمت علشان تتجوزه، لكن ما اتجوزوش وهى فضلت مسلمة لحد ما ماتت"، هذه الرواية الشعبية التى يحكيها أهل الأقصر، والتفسير الذى يتناقلونه حول سر وجود ضريح "السيدة تريزة رضى الله عنها" فى هذا المكان. وقال يوسف عبد الله أحد أبناء المدينة: "دى الحكاية اللى نعرفها من صغرنا عنها وعشان كدة الجامع دا بيجمع 3 حضارات، الفرعونية والقبطية والإسلامية، لأنه مبنى على كنيسة وجنب معبد".
صورة قديمة لمسجد أبى الحجاج ومعبد الأقصر
رواية أخرى يتداولها أهل الأقصر عن "السيدة تريزة" وهى أنه عندما قدم "أبو الحجاج" إلى الأقصر طلب من أميرة المدينة الراهبة "تريزة بنت القيصر" مقدار جلد بعير من الأرض يتعبد فيه، فاستجابت لطلبه فى وثيقة مكتوبة وفى الليل جعل جلد البعير على شكل سير طويل ربط طرفه بأحد أعمدة معبد الأقصر وأحاط به المدينة فتملكها بموجب الوثيقة. ثم تقول الأسطورة إن الراهبة من إعجابها بذكاء الشيخ أسلمت وتزوجته.
هذه الرواية يفندها الباحث الأثرى عبد الجواد الحجاجى - أحد أحفاد الشيخ "أبو الحجاج الأقصرى" - ويقول لـ"اليوم السابع": "خصصت فصلا كاملا فى كتابى (الأقصر فى عهد الشيخ أبو الحجاج) عما يروى عن علاقته بالراهبة تريزة، والافتراءات بأنه استولى على المدينة بهذه الحيلة، وذلك بالأدلة التاريخية، وأهمها أنه كيف كانت هذه الأميرة الراهبة ذات النفوذ عاجزة عن التظلم واسترداد حقها فى ذلك العصر الذى كان فيه الأقباط يتمتعون بحقوقهم كاملة ويتولون الدواوين والمناصب العليا فى مصر، وكيف يعقل أن يفعل ذلك الشيخ أبو الحجاج وهو رائد مدرسة فى الزهد والتصوف فيما يملك، فهل يطمع فيما لا يملك؟".
وأضاف عبد الجواد: "الدليل الآخر على كذب هذه الأسطورة هو أنها تكررت بأكثر من شكل فى قصص إنشاء العديد من المدن منها الفسطاط بالمغرب وقرطاجة التونسية، وهو أقوى دليل على أنها مجرد قصة يتم تناقلها دون سند حقيقى".
صور قديمة ونادرة لمسجد أبى الحجاج فى الأقصر
وعن السر فى وجود مقام السيدة تريزة يقول "الحجاجى": "هناك حكايات متداولة حول دفنها فى المسجد، ولكن أثناء ترميمه عام 2007 لم نعثر على أى أثر لها أو لجثمانها، فقد يكون الأمر غير صحيح وهى ليست مدفونة هنا، وقد تكون مدفونة بمكان عميق ونحن لم نتعمق فى الحفر".
وتابع عبد الجواد: "حين بحثت فى التاريخ لم أعرف عنها أكثر من أنها كانت راهبة رومانية ذات نفوذ كبير فى الأقصر وتسيطر على المدينة، وتعرف باسم (تريزة بنت القصير)".
موضوعات متعلقة..
بالصور.. "محراب علم يتحول إلى مقلب زبالة".. معهد زغلول الأزهرى بأرمنت الحيط فى الأقصر صدر له قرار إحلال وتجديد منذ 5 سنوات وتم هدمه ولم ينفذ حتى الآن.. والأهالى يناشدون شيخ الأزهر لحل الأزمة
4984 سائحًا يزورون المناطق الأثرية فى الأقصر خلال 48 ساعة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة