فى الفترة الأخيرة توالت الحوادث الإرهابية فى تركيا، لدرجة أن شابا لم يتجاوز الـ22 عاما من عمره تورط فى اغتيال سفير روسيا فى أنقرة، وبقراءة بسيطة يتضح أن هذا الشاب هو نتيجة طبيعية لزمن أردوغان الذى غير هوية تركيا العلمانية وانقلب عليها واستقبل عددا كبيرا من الإرهابيين والمتطرفين دينيا إضافة إلى التركيز الزائد على التعليم الدينى، وها هو يجنى ثمار ما فعله.
فى 3 مارس عام 1924 أصدر مصطفى كمال أتاتورك، رئيس تركيا الأسبق قانوناً رقم "431"، يقضى فيه بإلغاء الخلافة العثمانية، تمهيداً لتطبيق منظومته الفكرية والتى كانت العلمانية إحداها، بعد أكثر من عدة عقود على تطبيق العلمانية فى تركيا والتى رسخت فى الدولة وخصوصا داخل المؤسسة كالعسكرية والقضاء والتعليم والإعلام.
وظلت تركيا هكذا حتى مجىء حزب العدالة والتنمية إلى حكم تركيا فى العام 2002م، والذى قام بتأسيسه رجب طيب أردوغان الرئيس الحالى لتركيا، بعدما انشق عن حزب الفضيلة بسبب اتهامه بالتحريض على الكراهية الدينية تسببت فى سجنه ومنعه من العمل فى الوظائف الحكومية، ومنها الترشيح للانتخابات العامة بسبب اقتباسه أبياتاً من شعر تركى أثناء خطاب جماهيرى يقول فيه: مساجدنا ثكناتنا/ قبابنا خوذاتنا/ مآذننا حرابنا/ والمصلون جنودنا/ هذا الجيش المقدس يحرس ديننا
ويبدو أن هذه الطريقة فى التفكير لا تزال تسيطر على فكر أردوغان بعد كل هذه الفترة، ففى مارس 2003 تولى رجب طيب أردوغان رئاسة الوزراء وعمل على ترويض العلمانية، وادعى أنه يسعى لإعادة الشعب التركى إلى جذوره العثمانية، وبالفعل عادت كثير من المظاهر الإسلامية التى وبدأت الدولة تخسر كثيرا من الأشياء التى اكتسبتها فى الفترات الماضية.
قام أردوغان بإنشاء العديد من المدارس الدينية حيث قام بافتتاح 73 فرعا من مدرسة "إمام خطيب" الإسلامية، التى تخرج منها، وذلك حسب تقرير صادر فى 2014، مما أثار مخاوف المواطنين من كثرة المدارس الإسلامية، كما أوضحت تقارير أخرى أنه يتم قبول خريجى المدارس الدينية بشكل كثيف، عن غيرهم من المدارس الأخرى.
كما أن احتواء تركيا لعدد كبير من الإخوان والسلفيين الفارين من البلاد ومنها مصر، ترك أثره أيضا فى الشارع التركى، وانعكس كل ذلك على طريقة الحياة اليومية، خاصة أن كثيرا من المساجد أصبحت تدار بشكل غير رسمى، وفى النهاية على أردوغان أن يعترف بأنه شوه الهوية التركية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة